فقد دمرت إسرائيل قطاع غزة بشكل شبه كامل، وارتكبت إبادة جماعية ضد أكثر من مليوني فلسطيني، ولا تزال حتى اليوم تعمل على تهجيرهم وتطهيرهم عرقيا بدعم أميركي كامل.

وعلى صعيد ما يمكن اعتباره مكسبا فلسطينيا، فلم تكن القضية الفلسطينية قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أفضل حالا مما هي عليه اليوم، لكنها حصَّلت زخما عالميا غير مسبوق في حين أصبحت إسرائيل منبوذة كما لم تكن من قبل، كما يقول محللون.

بيد أن الفاتورة التي دفعها الفلسطينيون من دمائهم ومستقبلهم الذي بات مرهونا بقرار أميركي، تجعل -برأي البعض- ما جرى نوعا من المقامرة غير المحسوبة وربما التآمر بنظر آخرين.

هجوم استباقي أم فخ؟

فخلال برنامج "حالة حوار" -الذي يمكن مشاهدته على هذا الرابط– قال استشاري الإعلام الرقمي خالد صافي إن الهدف من طوفان الأقصى كان إسقاط ماكينة الدعاية الإعلامية الإسرائيلية التي كانت تسيطر على السردية بطريقة تجعلها فوق العقاب.

لذلك، فإن من خطط لهذه العملية كان يستهدف إسقاط إسرائيل من الداخل وتدميرها أخلاقيا على المستوى العالمي، وهو ما تحقق إلى حد كبير حيث أصبح قادة إسرائيل ملاحقين دوليا، برأي صافي.

أما الصحفية المصرية إنجي عبد الوهاب، فترى أن وجود احتلال للأرض لا يترك مجالا للحديث عن سوء التقدير، لأن من حق المقاومة أن تقاوم بالطريقة التي تريد، وأن ما جرى "كان هدفه تحرير آلاف الأسرى الذين يعذبون ويقتلون في سجون العدو"، وذهبت إلى كون أن العملية "كشفت عورة إسرائيل التي أصبحت رمزا للتطهير العرقي، ومن ثم فهي التي ابتلعت الطعم ووقعت في الفخ وليست المقاومة".

في المقابل، يرى مؤسس مبادرة "نحو الإنقاذ"، اللبناني محمد بركات، أن ما قامت به حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حمل سوء تقدير يرقى لدرجة التآمر على القضية الفلسطينية، لأنه منح إسرائيل شرعية ما كانت تملكها من قبل للقتل والتدمير بحجة السعي لاستعادة أسراها.

إعلان

واتفق الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أمجد عوكل، مع حديث بركات بقوله إن ما جرى كان شركا وقعت به المقاومة من أجل الوصول بالأمور إلى ما هي عليه اليوم.

فمن غير الممكن -برأي عوكل- أن إسرائيل لم تكن مستعدة للهجوم كما يشاع، بدليل أن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي اجتمع مع قادة المعارضة ومع الأميركيين قبل أسابيع قليلة من الهجوم، وهذا ما تؤكده شهادات الجنود الإسرائيليين الذين كانوا على الحدود، بل إن زوجة رئيس الأركان الإسرائيلي السابق هرتسي هاليفي، قالت إن زوجها كان يعرف موعد الهجوم بالضبط، كما يقول عوكل.

فرضية غير منطقية

بيد أن حديث عوكل وبركات ليس منطقيا برأي الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني إبراهيم حمامي، الذي يرى أن العودة لتصريحات إسرائيل السابقة تكشف أن طوفان الأقصى لم يقع بعلم إسرائيل كما يشيع البعض، وإنما كان هجوما استباقيا من جانب المقاومة.

ففي يناير/كانون الثاني 2024، أكدت "تايمز أوف إسرائيل"، أن قائد منطقة الجنوب إليعازر توليدانو وضع خطة من 5 مراحل لاحتلال غزة، وهو ما تحدث عنه أيضا وزير الدفاع السابق يوآف غالانت -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– في أغسطس/آب 2023 أي قبل هجوم حماس.

كما أشار حمامي إلى حديث الإعلام العبري عن أطروحة قدمها رونين بار لقتل كل قادة المقاومة واجتياح غزة في يوم واحد، مما يعني أن طوفان الأقصى استبق كل هذه المخططات.

ولو كانت العملية بتخطيط إسرائيلي لما وصلت إسرائيل إلى هذه الحالة التي أفقدتها الركيزتين اللتين قامت عليهما طيلة 75 عاما وهما صورة الردع والجيش الأكثر أخلاقية، برأي حمامي.

لكن الخبير الإستراتيجي الأردني عمر الرداد يرى أن ما جرى يحتمل الأمرين، ويقول إن الحديث عن وجود معلومات لدى إسرائيل بالهجوم قبل وقوعه يتطلب مزيدا من التدقيق.

ومع ذلك، يرجح الرداد أن حركة حماس أساءت تقدير ردة الفعل الإسرائيلية والتي كسرت كل الأنساق العسكرية التي شهدها الصراع في السابق، لأن الحركة برأيه كانت تتوقع عملية من شهر أو شهرين لكنها فوجئت بما جرى طيلة عامين كاملين.

بيد أن عوكل يرد على هذا الكلام بقوله إن إسرائيل مستعدة لتقبل هذه الخسائر من أجل تحقيق مكاسب إستراتيجية، لأن الأهداف الكبرى تتطلب أحداثا كبرى، بدليل أن جيش الاحتلال شارك في قتل بعض الإسرائيليين لكي يبرر حربه.

واتفق معه بركات في هذا الكلام، بقوله إن بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- كان قاب قوسين من السقوط ثم أصبح اليوم متماسكا ولديه شعبية كبيرة داخل إسرائيل بسبب هذه العملية.

ولا يتفق حمامي مع حديث المحللين السابقين، لأن هذه هي المرة الأولى -من وجهة نظره- التي تنقسم فيها جبهة إسرائيل الداخلية، ويصبح نتنياهو مطلوبا قضائيا، و"حتى حكومة الطوارئ انفرط عقدها، وكلها أمور تنفي فرضية وقوع المقاومة في فخ إسرائيلي".

Published On 6/10/20256/10/2025|آخر تحديث: 19:55 (توقيت مكة)آخر تحديث: 19:55 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

حماس: طوفان الأقصى.. عامان من الصمود الأسطوري والمواجهة

أحيت حركة المقاومة الفلسطينية حماس الذكرى  الثانية لطوفان الأقصي حيث، قالت: طوفان الأقصى.. عامان من الصمود الأسطوري والمواجهة .

وأضافت الحركة : يوافق اليوم الذكرى الثانية لمعركة طوفان الأقصى المباركة، السابع من أكتوبر، يوم العبور المجيد، يوم خط أبناء فلسطين، أبناء مقاومتنا الباسلة السطر الأول على طريق حرية فلسطين.

وتابعت : تمر الذكرى الثانية للعبور المجيد، ولا تزال المعركة متواصلة، وتداعياتها مستمرة تُلقي بظلالها السياسية والعسكرية على المنطقة والإقليم، إذ شكلت نقطة تحول كبيرة في المشهد السياسي والعسكري للمنطقة.

وزادت : عامان والعدو لا يزال يمعن في حربه الوحشية ضد شعبنا الفلسطيني الصامد، ومجازره ضد المدنيين  العزل، وسط صمت وتواطؤ دولي مخزٍ، وخذلان عربي غير مسبوق.

وواصلت حماس قائلة:  عامان من الوجع والظلم والقهر والآلام الكبيرة، والأثمان العظيمة، وعين المقاومة ترنو نحو حرية القدس والأقصى وفلسطين كل فلسطين.

وأردفت : عامان من الصمود الشعبي، والالتفاف حول المقاومة، واستبسال أبناء البلاد وأصحابها، في مواجهة غرباء الأرض المحتلين شذاذ الآفاق.

وتابعت : عامان وشعبنا متجذر في أرضه، متمسك بحقوقه المشروعة، في وجه مخططات التصفية والتهجير القسري.

وقالت أيضا : عامان قدم شعبنا كوكبة كبيرة من أبنائه وقادته شهداء على طريق الحرية، تقدمهم جنبا إلى جنب مع أبناء شعبنا، قادة المقاومة الباسلة، على رأسهم القادة الشهداء، الشهيد الكبير إسماعيل هنية، وقائد الطوفان العظيم الشهيد يحيى السنوار، وصالح العاروري، ومحمد الضيف، وغيرهم من الشهداء العظام على طريق الحرية.

وأكملت : عامان من الثبات والصمود الأسطورى للمقاومة الفلسطينية الباسلة، في وجه أعتى احتلال إحلالي عرفته البشرية وعامان وراية شعبنا لم تسقط، عامان ولم تخترق الحصون، ولم تنتزع منا المواقف.

وزادت : عامان وشعبنا يمتشق سلاحه المشروع دفاعا عن ثوابته وحقوقه الوطنية، في وجه الظلم والاستكبار الصهيوني.

كما واصلت :  عامان، وبعدها، صمود فوق الصمود، عامان وشعبنا متجذر في أرضه، ملتف حول مقاومته، متمسك بثوابته الوطنية، وحقه في تقريره مصيره بعيدا عن مشاريع الوصاية غير المشروعة، وعينه ترنو نحو القدس والأقصى وفلسطين كل فلسطين.

وختمت حماس بيانها قائلة : عامان نحمل غزة، وفلسطين كل فلسطين، بشعبها العظيم، ووجعه، وقهره، وآلامه، وآماله، في عقولنا وقلوبنا، وفوق رؤوسنا، نمضي به إلى رحاب القدس الشريف والأقصى المبارك.


‌‌

ترامب يطالب الاحتلال بوقف الحرب في غزة.. وفرنسا والنمسا وهولندا وإيطاليا وبريطانيا وتركيا يدعمون خطته.. مصر : نعتزم القيام بأقصى جهد لإعادة الإعمار طباعة شارك طوفان الأقصي حماس الشعب الفلسطيني المقاومة الفلسطينية القدس

مقالات مشابهة

  • بعد عامين على طوفان الأقصى…غزة التي غيرت العالم
  • "سرايا القدس":طوفان الأقصى محطة مفصلية والمقاومة مستمرة
  • حزب الله يطالب بوحدة الموقف وخيار المقاومة في ذكرى طوفان الأقصى
  • بيان صادر عن حزب الله حول الذكرى الثانية لطوفان الأقصى
  • "حماس" في الذكرى الثانية لـ"طوفان الأقصى": العدوان على غزة فشل في تحقيق أهدافه
  • حماس: طوفان الأقصى.. عامان من الصمود الأسطوري والمواجهة
  • عامان على "طوفان الأقصى".. وما تزال المعركة مستمرة
  • فصائل المقاومة: معركة طوفان الأقصى محطة تاريخية بمشروعنا المقاوم
  • "طوفان الأقصى".. حين انقلبت الموازين وكتب الدم فصول الحقيقة