أكد سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى، أن دولة قطر، بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله ورعاه"، تنتهج مقاربة شاملة في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ترتكز على معالجة جذور هذه الظاهرة من خلال التنمية والعدالة واحترام القانون الدولي.
وأوضح أن دولة قطر جعلت من دعم التعليم وتمويل برامج التنمية وتوفير فرص العمل للشباب في مناطق الأزمات أولوية أساسية في جهودها لمواجهة الفكر المتطرف.


جاء ذلك في كلمة سعادته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر البرلماني العالمي حول مكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف، الذي تستضيفه مدينة إسطنبول التركية، بمشاركة عدد من رؤساء البرلمانات والمجالس التشريعية وممثلي المنظمات الدولية.
ولفت سعادة رئيس مجلس الشورى إلى أن هذا المؤتمر ينعقد في وقت دقيق تتزايد فيه الحاجة إلى توحيد الجهود وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، والتعاون لمواجهة آفة الإرهاب التي تهدد استقرار المجتمعات وتقوض فرص التنمية.. مشيرا إلى أن دولة قطر تتبنى سياسة راسخة في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، تقوم على عدم الاكتفاء بالجوانب الأمنية وحدها، بل تمتد إلى معالجة العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تفضي إلى التهميش والإقصاء، باعتبارها البيئة التي ينمو فيها الفكر المتطرف.
وبين سعادته أن الدوحة تستعد، ضمن جهودها في دعم التنمية المستدامة وتعزيز العمل البرلماني الدولي، لاستضافة القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في شهر نوفمبر المقبل، والتي ستتضمن منتدى برلمانيا يعقد بالشراكة بين مجلس الشورى والاتحاد البرلماني الدولي تحت عنوان "الاستثمار في الأفراد والمؤسسات: دور البرلمانيين في التنمية الاجتماعية".
وأوضح أن المنتدى سيمثل منصة برلمانية لتبادل الخبرات والتجارب ومناقشة السياسات والتشريعات الداعمة للتنمية الاجتماعية، بما يعزز دور البرلمانات في النهوض بالمجتمعات وبناء القدرات البشرية والمؤسسية.
ونبه سعادة رئيس مجلس الشورى في كلمته إلى أن ما تشهده المنطقة من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي يعكس وجها آخر للإرهاب، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال ارتكبت مجازر دامية في قطاع غزة راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والقيم الإنسانية.
وأوضح أن العدوان الإسرائيلي امتد ليطال دولة قطر التي تقوم بالوساطة، وترعى الجهود الدولية الهادفة إلى وقف إطلاق النار، وإنهاء معاناة المدنيين في قطاع غزة، مشددا على أن استهداف الوفد المفاوض في موقع مدني آمن في الدوحة يضم مدارس وسفارات يمثل إرهاب دولة وتهديدا مباشرا لأرواح المدنيين، وانتهاكا واضحا للقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية.
وأكد سعادته أن الصمت عن مثل هذه الانتهاكات يشجع على إفلات الجناة من العقاب ويقوض منظومة القانون الدولي، مشيرا إلى أن السياسات التعسفية للاحتلال لا تهدد الأمن والسلم الدوليين فحسب، بل تسهم في تغذية بيئة خصبة لانتشار العنف والتطرف، وتفاقم حالة عدم الاستقرار في المنطقة والعالم.
ودعا سعادة رئيس مجلس الشورى المجتمع الدولي وجميع البرلمانات إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، وإدانة هذه الجرائم، ومساءلة إسرائيل ومحاسبتها، والعمل على تعليق عضوية الكنيست الإسرائيلي في المنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية إلى حين التزامها بالقانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية، لا سيما بعد التصريحات التي نشرها رئيس الكنيست والتي اعتبر فيها العدوان "رسالة للشرق الأوسط"، في تحد سافر للمجتمع الدولي وللقيم البرلمانية.
وشدد سعادته على أن دولة قطر وضعت مكافحة الإرهاب في صدارة أولويات سياستها الخارجية من خلال انخراطها الفاعل في التحالفات الدولية، ومساهمتها في صياغة الاستراتيجيات العالمية، ودعم البرامج التنموية التي تعالج الأسباب العميقة للإرهاب، مشيرا إلى أن الدوحة تستضيف المكتب المعني بالمشاركة البرلمانية في منع الإرهاب ومكافحته بالشراكة مع الأمم المتحدة، والذي يعد منصة جامعة للبرلمانات من مختلف أنحاء العالم لتنسيق الجهود البرلمانية الدولية وتنظيم المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تعزز التعاون التشريعي والرقابي في هذا المجال.
ودعا سعادة رئيس مجلس الشورى البرلمانات الوطنية والجمعيات البرلمانية الإقليمية والاتحاد البرلماني الدولي إلى تكثيف الجهود والتنسيق الوثيق مع المكتب المذكور دعما لبرامجه وأهدافه، وتفعيلا لدوره في بناء شراكات عملية تسهم في تحقيق الأمن والسلم الدوليين، وترسيخ قيم العدالة واحترام حقوق الإنسان.
وأعرب سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم، في ختام كلمته عن تطلعه، إلى أن يسفر المؤتمر عن نتائج فاعلة في مواجهة الإرهاب والتطرف العنيف، من خلال التوافق على تعريف دولي جامع ودقيق للإرهاب، يضع حدا للخلط بين كفاح الشعوب المشروع ضد الاحتلال باعتباره حقا أصيلا، وبين الأعمال الإرهابية التي تمارسها بعض الدول والتنظيمات، مؤكدا أن وحدة الكلمة البرلمانية تبقى السبيل الأنجع لتعزيز التعاون الدولي وتحقيق الأمن والسلم وصون مستقبل الأجيال القادمة.
من جانبه، أكد سعادة البروفيسور نعمان كورتولموش، رئيس مجلس الأمة التركي الكبير، في كلمته، على عمق العلاقات الأخوية والتعاون الاستراتيجي بين قطر وتركيا، مشيدا بجهود مجلس الشورى في مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.
وشدد في سياق ذي صلة على أن الإرهاب ظاهرة إنسانية معقدة، لا يمكن لأي دولة مواجهتها منفردة، بل تتطلب عملا جماعيا وتنسيقا دوليا شاملا.
كما انتقد ازدواجية بعض الدول التي تدعي محاربة الإرهاب فيما تدعمه عبر "حروب الوكالة"، لافتا إلى أن أخطر صور الإرهاب هي إرهاب الدولة الذي يمارسه الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في ظل صمت المجتمع الدولي.
وختم سعادته كلمته بالإشارة إلى تجربة تركيا في مواجهة الإرهاب، مؤكدا أنها نموذج يمكن تقاسمه مع الدول الأخرى.
وينظم المؤتمر بالشراكة بين مجلس الشورى ومكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب المعني بالمشاركة البرلمانية في مكافحة الإرهاب ومنعه، (مقره الدوحة)، بالتعاون مع مجلس الأمة التركي الكبير ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
ويهدف المؤتمر إلى تعزيز دور البرلمانات في دعم الأطر التشريعية والرقابية الخاصة بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وتنسيق الجهود بين البرلمانات والمنظمات الدولية المعنية في صياغة سياسات متكاملة تستند إلى احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان.
ويتضمن جدول أعمال المؤتمر جلسات نقاشية تبحث قضايا متعددة، من أبرزها غياب التعريف الدولي الموحد للإرهاب وتداعياته، والعلاقة بين الإرهاب والجريمة المنظمة، وأثر الاحتلال والنزاعات المسلحة في تغذية التطرف، إضافة إلى محاور تتعلق بدور الرقابة البرلمانية في تعزيز الشفافية، وضمان التوازن بين الأمن وحماية الحقوق والحريات العامة، وصولا إلى اعتماد بيان ختامي يضم توصيات عملية لتطوير الاستراتيجية الأممية المقبلة لمكافحة الإرهاب.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: أخبار مقالات الكتاب فيديوهات الأكثر مشاهدة مکافحة الإرهاب والتطرف العنیف سعادة رئیس مجلس الشورى فی مکافحة الإرهاب الأمن والسلم مشیرا إلى أن أن دولة قطر

إقرأ أيضاً:

مستشار أردوغان: حلّ مشكلة الأكراد الداخلية “أمر منتهٍ”

أنقرة (زمان التركية) – صرّح محمد أوغوم، كبير مستشاري الرئيس التركي ونائب رئيس مجلس السياسات القانونية بالرئاسة، بأن مشكلة الأكراد في تركيا لم تعد مشكلة داخلية، بل أصبحت “مشكلة أكراد خارجية”.

وخلال كلمة ألقاها في جامعة مودانيا ببورصة تحت عنوان “عملية الانتقال إلى تركيا خالية من الإرهاب”، قال أوغوم: “لقد حلت تركيا مشكلة الأكراد الداخلية إلى حد كبير في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، تحت إدارة الرئيس أردوغان، من خلال إصلاحات قانونية وديمقراطية كبيرة”.

وأكد أوغوم أن الهدف الحالي من عملية “تركيا خالية من الإرهاب” لا يرتبط بـ “حل مشكلة الأكراد”، بل يتعلق بإنهاء الإرهاب المنهجي وإلغاء منظمة حزب العمال الكردستاني (PKK) ورفع وصاية الإرهاب عن السياسة الديمقراطية.

وانتقد أوغوم بشدة من يحاولون ربط “هدف تركيا خالية من الإرهاب بمشروع حل مشكلة الأكراد” أو التفاوض على حقوق الهوية، واصفاً هذه المحاولات بأنها “تخريب فكري” و “تلاعب مقصود” لا يرى الفرق الجوهري بين الأمرين. وأشار أوغوم إلى أن الفرق الرئيسي بين المبادرات السابقة (مثل الانفتاح الديمقراطي وعملية السلام) والعملية الحالية هو أن الهدف الحالي انطلق كـ “مبادرة وسياسة دولة” وليس مجرد مبادرة حكومية.

وتحدث أوغوم عن التقدم الملموس الذي تحقق في هذا الإطار، مشيراً إلى أن عمليات إلقاء السلاح من جانب حزب العمال الكردستاني بدأت في 11 يوليو الماضي بعد قرارهم بحل التنظيم. ولفت إلى أن هذه هي أطول فترة يُنهى فيها نشاط غير قانوني ممنهج على أساس الإرهاب في تاريخ الجمهورية.

وأضاف: “لقد انخفضت تكلفة مكافحة الإرهاب بشكل كبير، وزاد الأمل في مدن الشرق والجنوب الشرقي… حتى لو ظهر إرهابي جديد مرة أخرى، فإن عودة الوضع إلى ما كان عليه سابقاً أمر مستبعد، فقد أصبح ما كسبناه جزءاً من تراكمنا الذي لا رجوع عنه”.

وأشار أوغوم إلى الدور التاريخي الذي لعبته اللجنة البرلمانية المشكلة لتحقيق هدف “تركيا خالية من الإرهاب”، مؤكداً أنها اكتسبت شرعية عالية لضمها جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان باستثناء حزب واحد. وأوضح أن اللجنة، بعد الانتهاء من أنشطة الاستماع التي شملت 134 شخصاً ووفداً من ثلاثة نواب زار إمرالي، انتقلت الآن إلى مرحلة إعداد التقرير.

وتوقع أوغوم أن تُنشأ “تنظيمات قانونية على فئات مختلفة” بعد التقرير، حيث سيتم التمييز بين أعضاء المنظمة الإرهابية الذين لم يرتكبوا جرائم أو ارتكبوا جرائم خفيفة أو جسيمة، وبين القادة رفيعي المستوى والأعضاء العاديين.

واختتم أوغوم حديثه بالتأكيد على أن “مشكلة الأكراد الداخلية قد انتهت” من خلال الإصلاحات القانونية والديمقراطية، وأن أي مطالب لتطوير الديمقراطية هي مطالب مشتركة لكل مكونات الأمة التركية.

لكنه أكد أن تركيا تواجه الآن مشكلة “أكراد خارجية” تفرضها القوى الإمبريالية المدعومة من إسرائيل، ومفادها أن “الأكراد أمة منفصلة تحتاج إلى دولة خاصة بها، وربما دولة توحد الأجزاء الأربعة”. ووصف هذا بأنه “مشروع إمبريالي” و “دولة كردية تابعة تخضع لسيطرة الإمبريالية”.

وختم أوغوم بالقول: “دولة الأكراد هي موجودة. دولة الأكراد في تركيا هي الجمهورية التركية… وبمجرد الانتهاء من عملية الانتقال إلى تركيا خالية من الإرهاب، سيتم تقليص الإملاءات المتعلقة بمشكلة الأكراد الخارجية وحلها إلى حد كبير”.

Tags: أردوغانأكرادإرهابالعمال الكردستانيتركيا

مقالات مشابهة

  • سعادته ومعاليه.. علاقة تكاملية أم خلافية؟
  • رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة عبد الفتاح الماوري
  • كلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة تفتح ملف العدالة التاريخية والتعويضات نحو مقاربة شاملة لإنصاف إفريقيا
  • مكافحة الإرهاب والتهريب وحماية الممرات البحرية.. أولويات زيارة وفد التحالف إلى عدن
  • مستشار أردوغان: حلّ مشكلة الأكراد الداخلية “أمر منتهٍ”
  • ترحيب فلسطيني بالإجماع الدولي على تنفيذ فتوى محكمة العدل الدولية بشأن "أونروا"
  • الوفد السعودي ومحافظ حضرموت يلتقيان قيادات الكتلة البرلمانية واعضاء مجلس الشورى ومرجعيات القبائل
  • الرئيس عباس: سنعقد انتخاباتنا البرلمانية والرئاسية خلال سنة بعد انتهاء الحرب
  • الجامعة العربية: قضايا الإرهاب والتطرف أصبحت ورقة في أيدي الساعين لتشويه هويتنا
  • بث مباشر|رئيس الوزراء يفتتح الجمعية العامة للشراكة بين الأكاديميات ويحضر المعرض الدولي لمخرجات البحوث