تعتبر سيراليون بمنزلة جوهرة غرب أفريقيا، حيث إنها تتمتع بطبيعة خلابة تأسر الألباب، والتي تتنوع بين غابات مطيرة كثيفة وشلالات متدفقة وسواحل بكر وشواطئ ذهبية.

ومع تزايد الوعي العالمي بأهمية الاستدامة والحفاظ على البيئة، برزت السياحة البيئية كفرصة محورية لسيراليون لتحقيق التنمية الاقتصادية مع حماية تراثها الطبيعي والثقافي للأجيال القادمة.

ويتعين على السياح، الذين يصلون إلى مطار "لونجي" الدولي ويتجهون إلى العاصمة "فريتاون"، ركوب العبّارات القديمة أو أحد القوارب السريعة الصغيرة، وقطع بضعة كيلومترات في المحيط الأطلسي.

بعض المدن تضم متاحف بسيطة ومطاعم وحانات لطيفة على طول الشواطئ (شترستوك)

وعند الوصول إلى الرصيف يخطو السياح في مدينة خلابة تقع على طرف شبه الجزيرة، وتضم بعض المتاحف البسيطة والمطاعم والحانات اللطيفة على طول الشواطئ. ويكتشف السياح أعظم كنوز سيراليون خارج حدود المدينة، ألا وهي الطبيعة الخلابة.

مشروع حماية الشمبانزي

يقع مشروع حماية الشمبانزي "تاكو جاما" على مشارف العاصمة فريتاون، ويعيش في هذه المنطقة أكثر من 100 حيوان، ويتمكن السياح من سماع أصوات القردة من مسافة بعيدة.

وأوضح مؤسس المشروع "بالا أماراسيكاران" قائلا "في السابق كان يتم صيد قرود الشمبانزي لأغراض التسلية والترفيه، ولا يزال هناك بعض الأشخاص يأكلون لحوم القرود حتى الآن". وقد قام مدير المشروع مع فريقه بإنقاذ العديد من هذه الحيوانات.

على مشارف عاصمة سيراليون يوجد مشروع حماية الشمبانزي من الصيد بغرض التسلية والترفيه (شترستوك)

ويشاهد السياح صغار الشمبانزي وهي تلعب في حظيرة صغيرة وتتسلق الحبال وجذوع الأشجار، وتراقب الزوار باهتمام. وتعيش قرود الشمبانزي الأكبر سنا في حظائر كبيرة ذات أشجار كثيفة، وعادة لا يتمكن السياح من مشاهدتها إلا أثناء فترات التغذية.

إعلان

ويعتمد مشروع حماية الشمبانزي "تاكو جاما" في تمويله على السياحة البيئية إلى جانب مصادر تمويل أخرى. وبالإضافة إلى الجولات السياحية المصحوبة بمرشدين في الموقع، يُنظم "بالا أماراسيكاران" وفريقه العديد من الفعاليات الأخرى مثل جلسات اليوغا وحفلات الجاز، وبطبيعة الحال يتم توفير خدمات المبيت في أماكن إقامة بسيطة وصديقة للبيئة.

ودائما ما تظهر الأراجيح المعلقة بين الأشجار، والتي تدعو السياح للاسترخاء بها، ولا يسمع السياح سوى صوت الشمبانزي وأصوات الغابة، وأضاف مؤسس المشروع قائلا: "من خلال وجودنا هنا تمكنا من حماية المنطقة، لأن كل من يأتي إلى هنا يعارض التدمير".

ونظرا لأن السياحة البيئية تعد من الأمور بالغة الأهمية لمشروع "تاكو جاما"، فإن "بالا أماراسيكاران" يعمل على توسيع المشروع من خلال إنشاء مركز تدريب وقاعة سينما ومسرح في الهواء الطلق، ومن المتوقع أن تعود مثل هذه المشروعات على السكان المحليين بمكاسب مالية.

جزيرة "تيواي"

وعلى هذا النهج يسعى "بالا أماراسيكاران" إلى التعاون مع وزارة السياحة في سيراليون لإنشاء مسار متكامل للسياحة البيئية في جميع أنحاء البلاد، لأن الحماية لا تقتصر على قرود الشمبانزي، ولكن هناك العديد من الحيوانات الأخرى المهددة بالانقراض بشدة مثل فرس النهر القزم.

ولا تزال هذه الحيوانات تعيش في المنطقة المحيطة بجزيرة "تيواي"، وتستغرق الرحلة من فريتاون بالسيارة نحو 5 ساعات حتى الوصول إلى هنا، وتفتقر سيراليون إلى وجود شبكة مواصلات عامة جيدة، وغالبا ما تكون الطرق في حالة سيئة خارج المدن الكبرى، ويمكن للسياح هنا معايشة مغامرات مثيرة.

جزيرة تيواي للحياة البرية تقع بين نهرين على حافة غابة مطيرة (شترستوك)

وتقع جزيرة "تيواي" بين نهرين على حافة غابة مطيرة، وتبرز الأشجار الضخمة نحو السماء، وتصدح أصوات الحشرات في كل مكان، وتعتبر هذه الجزيرة مقصدا لعشاق الطيور في المقام الأول، نظرا لأنه يعيش بها أكثر من 135 نوعا، كما أنها تضم أحد أعلى تجمع الرئيسيات في العالم، ويمكن للسياح أثناء التجول في الجزيرة سماع أصوات القرود ورؤيتها وهي تقفز بين قمم الأشجار.

وتعتبر جزيرة "تيواي" محمية طبيعية وتضم محطة أبحاث ملحقة بها، وتُدر دخلا من خلال السياحة البيئية، ولكن تجهيزاتها ومرافقها أكثر بساطة من مشروع "تاكو جامع".

وتنتشر بالجزيرة عدة أجنحة تضم عدة أسرة بدون بطانيات أو وسادات، بالإضافة إلى الكبائن المشتركة للدش والمرحاض، ولا يوجد بها كهرباء ولا تغطية لشبكات الاتصالات الهاتفية الجوالة.

وعلى الرغم من انعدام وسائل الراحة، فإن السياح ينعمون بالطبيعة الخلابة، حيث يمكنهم هنا الانطلاق في جولات التجول في الغابة أو الاستمتاع برحلات بالقارب في النهر المحيط بالجزيرة.

الغابة المطيرة "جولا"

ويمكن للسياح بعد ذلك الذهاب إلى الغابة المطيرة "جولا" الواقعة على الحدود مع ليبيريا، وتعتبر هذه الغابة موطنا لفيلة الغابات وظباء الحمار الوحشي، وهي عبارة عن ظباء صغيرة في الغابات، وسُميت بهذا الاسم بسبب الخطوط الموجودة على فرائها، ولكن يصعب على السياح أيضا مشاهدة هذه الحيوانات النادرة في الغابة المطيرة ذات الأشجار الكثيفة.

يمكن الاستمتاع بتجربة أكثر استرخاءً على الشواطئ الحالمة ذات المياه الصافية الرقراقة (شترستوك)

ولكن حتى مع اختباء ظباء الحمار الوحشي أو فرس النهر القزم فإن الطبيعة البكر في سيراليون تبهر السياح، ولكن الأمر قد يحتاج إلى بعض الرحلات الشاقة في بعض الأحيان.

إعلان

كما يمكن الاستمتاع بتجربة أكثر استرخاءً على الشواطئ الحالمة ذات المياه الصافية الرقراقة، والتي تمتد على طول الساحل جنوب العاصمة، وقد يتواجد السائح على هذه الشواطئ بمفرده، ومن ضمن هذه الشواطئ "بلاك جونسون بيتش" أو "بوريه بيتش".

جزر الموز

بالإضافة إلى وجود الكثير من الجزر الصغيرة، والتي تروي تاريخ سيراليون مثل جزر الموز "بانانا آيلاندز"، وهي عبارة عن 3 جزر متصلة، وأفضل وسيلة للوصول إليها استخدام القوارب من بلدة "كينت" الصغيرة.

3 جزر متصلة تروي تاريخ سيراليون مثل جزر الموز "بانانا آيلاندز" (غيتي)

وقد كانت هذه الجزر من أهم مراكز تجارة الرقيق في الفترة بين القرن السادس عشر والتاسع عشر، حيث كانت السفن تنطلق من هنا محملة بالعبيد إلى أميركا، وخلال الجولات السياحية يشاهد السياح الآثار التاريخية لتلك الحقبة، بالإضافة إلى آثار التاريخ الاستعماري.

ويعتمد سكان جزر الموز "بانانا آيلاندز" في معيشتهم على صيد الأسماك والنشاط السياحي، وهنا ينعم الزوار أيضا بالتجول وسط الغابات الكثيفة ومشاهدة القرود والطيور، إلى جانب أنشطة السياحة البيئية فائقة الجودة، حيث يقدم منتجع "بافا ريزورت" خياما كبيرة وفاخرة مع شرفات خشبية تطل على البحر.

وأوضح ساهر بويا، مدير منتجع "بافا ريزورت" قائلا: "يتعلق الأمر هنا بحماية البيئة والعمل مع السكان المحليين، حيث نقوم بشراء الطعام منهم، ويعمل الكثير منهم لدينا في المنتجع". وتبلغ تكلفة المبيت في هذا المنتجع الفاخر 100 دولار أميركي لليلة الواحدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات السیاحة البیئیة

إقرأ أيضاً:

الكاف يرد على احتجاجات المغرب الرافضة لاستضافة أمم أفريقيا

أعلن باتريس موتسيبي، رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، دعمه الكامل لاستضافة المغرب لنهائيات كأس الأمم الأفريقية المقبلة، رغم موجة الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدن مغربية كبرى مثل الرباط والدار البيضاء، رفضًا لما وصفه المتظاهرون بـ"الأولويات الحكومية الخاطئة".

ومن المقرر أن تُقام النسخة الـ35 من البطولة خلال الفترة من 21 ديسمبر/كانون الأول 2025 إلى 18 يناير/كانون الثاني 2026، في 6 مدن مغربية هي الرباط والدار البيضاء وطنجة وفاس وأغادير ومراكش.

المغرب يستضيف كأس أفريقيا ومونديال 2030

وشهدت الأيام الماضية مظاهرات شارك فيها مئات المواطنين الذين أعربوا عن رفضهم لاستضافة بطولات كبرى مثل كأس العالم 2030 وكأس الأمم المقبلة، مطالبين الحكومة بالتركيز على تحسين الخدمات الصحية وبناء المستشفيات.

وقال موتسيبي، خلال مؤتمر صحفي عقده في العاصمة الكونغولية كينشاسا، على هامش اجتماع الجمعية العمومية رقم 47 للكاف، إن الموقف من المغرب "واضح للغاية".

وأضاف: "المغرب هو الخطة الأولى والثانية والثالثة لاستضافة البطولة، ونحن على ثقة تامة بأننا، من خلال التعاون مع الحكومة المغربية والشعب، سننظم أنجح كأس أمم أفريقيا في التاريخ".

وأشار موتسيبي إلى أن حدثًا كبيرًا سيُقام في المغرب يوم 20 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بمشاركة مستثمرين ورعاة لتبادل الأفكار بشأن تطوير كرة القدم في القارة، مؤكدًا أهمية الشراكات المالية لدعم الأندية والدوريات المحلية.

واختتم رئيس الكاف تصريحاته قائلاً: "يجب على شركائنا والرعاة وأصحاب المصلحة دعم كرة القدم الأفريقية، للرجال والشباب والفتيات على حد سواء، لتحقيق نجاح مستدام في المستقبل".

مقالات مشابهة

  • نشر قرار لمخالفة نظام حماية حقوق المؤلف
  • مهرجان المانجو يجذب السياح بالغردقة
  • سفير كازاخستان في السعودية: نتوقع تضاعف عدد السياح السعوديين هذا العام لأكثر من 20 ألفا
  • بنك ABC يعزز جهوده البيئية بزيارة محمية غابات دبين لمتابعة الطاقة الشمسية
  • إقبال السياح العراقيين على إيلام الفيلية: انتعاش اقتصادي وفرص جديدة لا تخلو من التحديات
  • كيف خدع السادات الإسرائيليين مستخدما "جوهرة التضليل والذئب الكذاب"؟.. (قراءة غربية جديدة)
  • الكاف يرد على احتجاجات المغرب الرافضة لاستضافة أمم أفريقيا
  • الاستحمام في الغابة أغربها.. 10 طقوس يابانية يومية تعزز طول العمر والشباب
  • عاصفة ثلجية تحاصر مئات السياح قرب جبل إيفرست والصين تواصل عمليات الإنقاذ