أثارت التسريبات التي انتشرت اليومين الماضيين حول محاولة العقيد الراحل معمر القذافي الاستغاثة بإسرائيل لإنقاذه من الثورة التي خرجت عليه في 2011 بعض الأسئلة عن دلالة التسريب وما إذا كان هدفه تخفيف الهجمة على "الدبيبة" بعد تورط وزيرة خارجيته بالتطبيع مع الاحتلال.

وانتشر تسريب صوتي لمكالمة بين القذافي وسفيره في إيطاليا وقتها، حافظ قدور، يطلب من الأخير التواصل مع مسؤولين في إسرائيل واستغلال استياء تل أبيب من الثورات العربية ضد الأنظمة وتوظيف ذلك الاستياء في الدفاع عن نظام القذافي، موجها أوامره له: "تحرك أنت أكثر".



كما أعاد ناشطون ليبيون وعرب تسريبات صحفية سابقة عن زيارة قام به العميد صدام نجل خليفة حفتر إلى "تل أبيب" لطلب الدعم لوالده وتوثيق علاقتهم بأميركا عبر دعم اللوبي اليهودي هناك.



وكذلك تصريحات لوزير الخارجية في حكومة البرلمان، عبدالهادي الحويج لصحيفة "معاريف" بأنه يود إقامة علاقات طيبة مع إسرائيل من أجل السلام، وهو ما تنصل منها الوزير بعد الحملة ضده.

وبالتزامن لاتزال المظاهرات في المدن الليبية مستمرة ضد لقاء وزيرة الخارجية المقالة بنظيرها الإسرائيلي، وسط دعوت حاشدة لجمعة "الأقصى" في ليبيا للمطالبة برفض التطبيع وإقالة حكومة الدبيبة.

فهل تسريبات الإعلام العبري لتطبيع القذافي أو تواصل حفتر هدفها تخفيف الضغط على حكومة الدبيبة؟ أم تسريبات لكشف باقي الأطراف في ليبيا وفضح تعاملهم مع دولة الاحتلال أمام الرأي العام؟

"التطبيع والبقاء في المنصب"

من جهته، قال وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر إن "المتطلعون للحكم أو الاستمرار فيه يرون في التطبيع وسيلة للوصول إلى دعمهم إما للاستمرار على الكرسي كما حاول القذافي ويحاول الدبيبة أو للمساعدة في الوصول للحكم كما يحاول حفتر وسيف القذافي وآخرون".



واكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "ما يجهله هؤلاء هو أن إسرائيل لا تكرم عملاءها ولا تحرص على بقائهم بعد أن يقوموا بمهمتهم وعادة ما تعمل على إزاحتهم ليأتي من هو مستعد لتقديم الجديد، ولنا في رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية خير مثال وكذلك التخلي عن عملائها في عدة دول مثل مصر وتونس وليبيا بعد أن لفظتهم شعوبهم"، وفق قوله.

"الوصول لدعم أمريكا"

في حين قال السفير الليبي السابق، إبراهيم قرادة إنه "من الوهم الشائع في منطقتنا أن التطبيع مع إسرائيل يسهل ويوفر فرص البقاء في الحكم، ويبدو أن هذا استشرى لدى بعض القادة الليبيين، وبعض سبب ذلك هو ساسة الصدفة، صحيح أن التطبيع يساعد في تحسن العلاقات مع أميركا لكن واشنطن توجه سياساتها شبكة معقدة من أولويات المصالح الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية، أي أنها متغيرة التوجه".

وأشار خلال تصريحه لـ"عربي21" إلى أنه "لو كان التطبيع مع إسرائيل ينفع لأنقذ شاه إيران أو السادات، وفي ليبيا توازنات الحكم معقدة المعادلة بين لاعبين دوليين وأطراف محلية في رقعة ملتهبة ومأزومة تحيط بها"، وفق تعبيره.

وبخصوص التسريبات الأخيرة، قال الدبلوماسي الليبي: "الإعلام الإسرائيلي متنوع حزبيا وأيديولوجيا وهو بالنسبة لدولنا حر نسبيا، أي أنه أقرب لتصفية حسابات إسرائيلية داخلية، ضمن ما يرونه مصلحة عليا لتل أبيب، وربما يعتبر بعض الإعلام الإسرائيلي ما حدث مع ليبيا يعرقل ويؤخر مسار التطبيع مع دول أخرى"، كما رأى.

"تسريبات وأخبار مرسلة"

في المقابل، رأى عضو مجلس النواب الليبي، صالح افحيمة أن "تسريبات القذافي مع سفيره في إيطاليا لا تحمل أي تأكيدات أو أدلة على تطبيع العقيد الراحل مع إسرائيل، هو أراد فقط استغلال استياء الاحتلال مما أسماه القذافي الفوضى في المنطقة لخدمة نظامه".

وأضاف: "وكذلك ما نشر عن لقاءات تجمع مسؤولين في الكيان المحتل والمشير حفتر هي مجرد أخبار مرسلة لا تحمل أدلة ولا يوجد تسريبات صوتية مثلا، كما أنه لم يخرج أحد من مسؤولي الكيان ليتحدث عن هذه اللقاءات مثلما فعلوا مع الدبيبة، وهناك أخبار ترددت عن زيارة صدام نجل حفتر لتل أبيب أو لقاء مسؤولين وهذه أيضا تكهنات مرسلة لم تثبتها أي أدلة حتى الآن"، بحسب كلامه.



وتابع لـ"عربي21": "لكن لقاء وزيرة خارجية حكومة الدبيبة مع نظيرها الإسرائيلي فقد تأكدت ولم تنفها الحكومة ولن تسطيع، وهذا الأمر ليس للمساومة، فالشارع خرج ليرفض التطبيع مع إسرائيل، هذه هبات شعبية وليست أطراف سياسية ضد الحكومة أي أنها تحركات شعب كون التطبيع تأكد"، كما قال.

"تغير ديناميكي"

لكن أستاذ علم الاجتماع السياسي والأكاديمي الليبي، رمضان بن طاهر رأى من جانبه أنه "في السنوات الأخيرة، شهدنا بعض الدول العربية تتخذ مبادرات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل ما يشير إلى تغير في الديناميكية السياسية في المنطقة، وهذا التغيير غير منعزل عن المشهد السياسي في ليبيا بسبب الارتباطات الإقليمية والدولية للأطراف المتنازعة".

وأكد أن "هذه الارتباطات تستخدم في صراع الأطراف الدولية من أجل البقاء والتأثير في المشهد الليبي، ويعتقد بعض المتنفذين في السلطة أن بناء العلاقات والتواصل مع إسرائيل يمكن أن يسهم في الحصول على دعم من الولايات المتحدة، التي تلعب دورًا رئيسًا في الشأن الليبي".

واستدرك قائلا: "ومع ذلك، لا يمكننا أن نقول بثقة أن جميع السياسيين في ليبيا يسعون للتطبيع بهدف البقاء في السلطة، فهناك تباين في الآراء والمواقف بين السياسيين في البلاد، وهناك من يعارضون هذا التطبيع بشدة ويعتبرونه خيانة للقضية الفلسطينية والمبادئ العربية، لذا يعصب الحكم دون توفر تفاصيل ومعلومات مؤكدة"، بحسب تصريحاته لـ"عربي21".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الدبيبة الاحتلال حفتر ليبيا التطبيع ليبيا احتلال تطبيع حفتر الدبيبة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع إسرائیل التطبیع مع فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

الضربة الإسرائيلية لإيران.. التوقيت والدلالات والتداعيات

القدس المحتلة- فجر الجمعة، تغير المشهد في المنطقة فجأة، مع تنفيذ إسرائيل سلسلة ضربات جوية مركزة داخل العمق الإيراني، استهدفت مواقع شديدة الحساسية، أبرزها منشآت نووية وقيادات رفيعة في الحرس الثوري والبرنامج النووي الإيراني.

ورغم التكتم الرسمي، سرَّبت مصادر أمنية إسرائيلية معلومات تفصيلية عن 3 عمليات نفذها "الموساد" بالتزامن مع الهجمات الجوية ضمن العملية التي سمتها إسرائيل "الأسد الصاعق"، مما يشير إلى أن ما جرى لم يكن مجرد قصف جوي عابر، بل عملية متعددة الأذرع وواسعة النطاق، تهدف إلى شلّ مفاصل القوة الإيرانية من الداخل.

وشملت الضربات منشآت نووية بالغة الأهمية، في مقدمتها منشأة "نطنز" التي تعد القلب التقني للمشروع النووي الإيراني، إلى جانب اغتيال شخصيات قيادية وازنة، منها رئيس الأركان، وقائد فيلق بالحرس الثوري، وعلماء بارزون في المجال النووي.

الضربة، كمرحلة أولى من عملية أوسع، حملت طابعا استخباراتيا دقيقا، لتحقيق أهداف معنوية وإستراتيجية، لإظهار اختراق عميق للنظام الإيراني وتقويض ثقته بقدراته الدفاعية.

خطة تضليل

لم يكن عنصر المفاجأة صدفة، بل نتيجة خطة تضليل محكمة اعتمدت على تسريبات مدروسة عن خلافات مع واشنطن، وتصريحات إسرائيلية موجهة توحي بعدم نية التصعيد، تزامنا مع انشغال طهران بالمفاوضات النووية، مما عزَّز شعورها بالأمان الزائف.

إعلان

ورغم نفيها الرسمي، تشير التحليلات إلى أن واشنطن قدَّمت دعما استخباراتيا ولوجيستيا للعملية، في إطار تفاهم غير معلن بين واشنطن وتل أبيب لتحجيم إيران دون التورط في مواجهة مباشرة.

ويذهب محللون إلى القول: إن إيران تقف اليوم على حافة منعطف تاريخي، قد يؤدي إلى تصدع داخلي، إن فشلت في ترميم هيبتها أو تثبيت قدرتها على الردع.

وعليه، فإن أي رد قوي ومباشر من إيران قد يستدرج الولايات المتحدة إلى مواجهة مفتوحة، مما سيفضي إلى تداعيات كارثية على الداخل الإيراني.

وترى بعض التحليلات أن ما جرى ليس مجرد هجوم، بل اختبار إستراتيجي قد يمهد لتغيرات جوهرية في توازن القوى بالمنطقة، إذ تتوافق القراءات أن الضربة أبرزت عمق الاختراق الاستخباراتي الذي وصل إلى كبار القيادات والهيئات الحساسة.

وزير الحرب الإسرائيلي يجتمع بقيادة رئاسة الأركان بمقر الوزارة بتل أبيب عقب ضرب إيران (الجيش الإسرائيلي) بموافقة أميركية

ويرى الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن ما جرى لم يكن ليحدث دون تنسيق مسبق مع أميركا، رغم نفي الأخيرة المتكرر مشاركتها في العملية.

ويوضح شلحت للجزيرة نت أن سياق العملية جاء في وقت حساس، تزامنا مع مباحثات نووية بين طهران وواشنطن، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول التوقيت، ويعزز فرضية وجود تفاهم غير معلن بين تل أبيب وواشنطن.

ويشير إلى أن تسريبات إسرائيلية وأميركية تؤكد تنسيقا كاملا مع واشنطن في تنفيذ الضربة، رغم نفيها الرسمي، معتبرا أن الإنكار الأميركي محاولة لتفادي التورط العلني في التصعيد.

ويعتقد أن توقيت الضربة مرتبط بدوافع إسرائيلية داخلية، أبرزها احتجاجات متصاعدة، وفشل عسكري في غزة، وضغوط أميركية، مما دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- لتوجيه الضربة بهدف إنقاذ حكومته، وإعادة ضبط المشهد السياسي الداخلي والحفاظ على تماسك الائتلاف.

إعلان

ولم تقتصر الضربة -حسب شلحت- على استهداف منشآت نووية أو مواقع عسكرية فحسب، بل أرادت خلق حالة من الفوضى القيادية داخل النظام الإيراني، وذلك باغتيال قيادات عسكرية وأمنية بارزة وعلماء في البرنامج النووي، الأمر الذي يشير إلى سعي إسرائيلي واضح لشلّ قدرة إيران على التحكم بالردّ الميداني.

وبشأن الرد الإيراني، يتوقع شلحت أن يكون قويا ومباشرا، وليس رمزيا، نظرا لحجم الخسائر التي تكبدتها طهران، ولأن إسرائيل تجاوزت كافة الخطوط الحمراء، ويرى أن أي رد إيراني محدود سيكون بمثابة اعتراف غير مباشر بنجاح إسرائيل في تحقيق أهدافها الإستراتيجية.

ويختم قائلا: إن نتائج الضربة الأولية تؤكد وجود اختراق إسرائيلي عميق داخل المنظومة الإيرانية، وأن طهران تقف اليوم أمام لحظة فارقة، حيث سيحدد شكل ردّها ما إذا كانت لا تزال قادرة على فرض معادلات ردع، أم أنها دخلت مرحلة تراجع إستراتيجي في ظل مفاوضات نووية شائكة مع واشنطن.

جانب من أسراب طائرات سلاح الجو الإسرائيلي التي ضربت مواقع ومنشآت في إيران (الجيش الإسرائيلي) بين الضغط والرد

من جهته، يقارب الكاتب والمحلل السياسي طه إغبارية، الضربة الإسرائيلية لإيران من زاوية التوقيت والبعد الإستراتيجي، مؤكدا أنها جاءت في لحظة حساسة من مسار المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، حيث كانت تستعد لجولة مفصلية من المحادثات.

وقال للجزيرة نت: إن التصعيد الإسرائيلي لم يكن مفاجئا، بل سبقه تمهيد إعلامي وتصريحات متكررة عن الجهوزية والنية لضرب إيران، مما عكس استعدادا نفسيا وميدانيا لدى الرأي العام الإسرائيلي.

ويجزم إغبارية بأن مثل هذه الضربة لا يمكن تنفيذها دون تنسيق مع أميركا، قائلا: إن واشنطن وإن لم تشارك بشكل مباشر في العملية العسكرية، فإنها مستفيدة منها سياسيا، وتستخدمها كورقة ضغط على إيران لدفعها نحو تقديم تنازلات في المفاوضات النووية وقبول الشروط الأميركية.

إعلان

أما على المستوى الداخلي الإسرائيلي، فيرى إغبارية أن نتنياهو، المعروف بسعيه للهروب إلى الأمام عند الأزمات، وجد في هذه العملية فرصة لتعزيز موقعه السياسي، بعد سلسلة إخفاقات في غزة وفشله في وقف معركة "طوفان الأقصى".

ويعتقد أن الضربة قد تكون جزءا من مخطط عسكري أُعد له مسبقا، واستثمره نتنياهو في وقت حساس لحصد مكاسب سياسية داخلية، لا سيما في ظل تصاعد الغضب الشعبي وضعف حكومته.

ويضيف أن تداعيات هذه الضربة قد تتجاوز الأهداف العسكرية المباشرة، لتفتح الباب أمام تحولات سياسية داخل إسرائيل والمنطقة، خصوصا إذا اتضح لاحقا أن إسرائيل نجحت في تحقيق أهدافها الإستراتيجية من الضربة.

ويخلص الكاتب إغبارية إلى أن الرد الإيراني سيكون العامل الحاسم في تحديد مسار الأحداث، مشيرا إلى أن ردا محدودا سيمنح إسرائيل تفوقا سياسيا ومعنويا، في حين يفتح أي رد قوي الباب أمام مواجهة شاملة، مما قد يستدعي تدخلا أميركيا ودوليا سريعا لاحتواء التصعيد ومنع اندلاع حرب إقليمية واسعة.

مقالات مشابهة

  • الرقابة النووية: لا خطر على مصر من أي تسريبات إشعاعية في إيران
  • التاجوري: ليبيا تُدار بحكومة أمر واقع و”الفتوى” تحوّلت إلى سلاح سياسي بيد الدبيبة
  • الدبيبة: دور الأمم المتحدة في ليبيا مهم لكنه يجب أن يكون متوازناً ويحترم السيادة الوطنية
  • المثلث الحدودي بين ليبيا والسودان ومصر.. صهر الجغرافيا في أتون الحرب
  • تسريبات جديدة تكشف مفاجآت Galaxy Tab S11 و S11 Ultra قبل الإطلاق الرسمي
  • بلقاسم حفتر في فاليتا.. تعزيز التعاون الليبي – المالطي لإعادة الإعمار
  • الرقابة الإشعاعية: مصر بعيدة تماما عن أي تسريبات إشعاعية قد تحدث بالمنطقة
  • عاجل. الناطق باسم قافلة الصمود المتجهة لغزة: حكومة حفتر في شرق ليبيا منعتنا من المرور وقطعت عنا الإنترنت
  • إيران تزعم إسقاط طائرتين إسرائيليتين وأسر طيارة.. والاحتلال ينفي
  • الضربة الإسرائيلية لإيران.. التوقيت والدلالات والتداعيات