الثورة نت:
2025-12-04@08:21:27 GMT

شرم الشيخ ومفهوم بناء السلام

تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT

إن مفهوم بناء السلام يشير إلى تحديد البنى ودعمها، في حين أن هذه البنى مهمتها ترسيخ وتفعيل السلام وتمكينه حتى نكفل عدم الانجرار إلى صراعات جديدة، ومثل ذلك يتطلب نشوء ما يعرف بالدبلوماسية الوقائية، وأساس هذا المطلب تعاون عدة جهات للعمل كفريق سياسي دولي واحد بشكل دائم وواضح المعالم لحل الصعوبات والمعضلات التي تواجه الدول سواء كانت تلك الصعوبات إنسانية أم ثقافية أم اجتماعية أم اقتصادية كون هذه المشكلات مجتمعة أو منفصلة هي السبب المباشر في الصراع والحروب .

ويبدو أن الواقع يستدعي في مرحلته الراهنة لجنة من الحكماء وأصحاب الرأي والفكر والتجربة لإدارة الأزمات لاضطراب بناء السلام فيه، وهذه اللجنة تأخذ على عاتقها التدخل عبر الوساطات والمصالحات والمفاوضات لتقريب المفاهيم وتقديم الحلول المرضية من أجل البناء وإحلال السلام .

ولن يتحقق البناء وإحلال السلام إلا من خلال البعد الثقافي ومن خلال الحوار وتصحيح المفاهيم والمعتقدات عند الجماعات والكيانات وكل ذلك يتطلب تشذيب التراث من كل شوائبه التي فرضتها الضرورات التاريخية والسياسية , فذلك هو البداية المثلى لصناعة المشروع السياسي الذي يتفاعل مع العالم ليكون مؤثرا فيه لا متأثرا به , والآخر كما تدل الوقائع يخاف من المشروع السياسي الإسلامي المتجدد ولذلك سعى إلى اغتيال رموز النقد والتنوير واستمال العلماء اليه ومن رفض نالته يد الغدر , ولو جال البصر في الزمن المتأخر منذ عقد الثمانينات لرأينا هذه السياسة بشكل جلي وواضح , لكنه لا يخاف الفكرة الدينية الجامدة بل يتعامل معها بقدر من التفكيك والتشويه وشواهد ذلك كثيرة بدءا من أفغانستان ولا نقول انتهاء بداعش فالقائمة ليست محددة بزمن .

في المستوى الحضاري الذي نعيشه اليوم خيار الفناء موجود في مقابل خيار البقاء، والبقاء فيه ليس وفق المعادلة القديمة للأقوى بل للأكثر فهما وتوظيفا لسيل المعلومات التي كانت تصنع، وأضحت في مراتب التوظيف لها من خلال القدرة على إدارتها وتحقيق مصالح الشعوب من خلال حسن الدراية والوعي المتفاعل مع مجريات الأحداث .

الاستثمار اليوم أضحى في الأفراد وفي الجماعات من خلال تنمية القدرات وتفجير الطاقات، والتفاعل مع قيم الإنتاج، وليس من خلال حالة الترهل في مؤسسات التكاثر الثقافي .

لابد من الوعي بالمرحلة وصياغة مجموعة أهداف والقيام بالتحديث في بناء الكيانات والمؤسسات حتى تواكب المرحلة من أجل التحكم بمسارات المستقبل .

فمنذ كتب بريجنسكي كتابه «بين عصرين» والذي تحدث فيه قائلاً: إن الرأسمالية تواجه هزيمة ايديولوجية وفكرية كبيرة جداً، ويقول في سياق كتابه ذلك أن الحل الوحيد هو احياء ما أسماه «الأصوليات الدينية» ودفعها للتصادم مع المنظومة الشيوعية والاشتراكية وحركات التحرر عندها – حسب رؤيته في مضمون كتابه الصادر في مطلع عقد السبعينيات- سوف تهزم الشيوعية والاشتراكية بقوة الأصوليات الدينية، وهزيمة تلك المنظومة سيوفر للرأسمالية الأمريكية فرصاً استراتيجية كبرى لإعادة تنظيم العالم تحت قيادتها.. ووفقاً لهذا المنطلق النظري تبنت السياسة الأمريكية منذ عهد كارتر الذي رأس أمريكا في الفترة من «1977م-1981م» خطة استراتيجية لدعم الأصوليات الدينية، ليس حباً في الدين وإنما من باب كراهية الشيوعية وحركات التحرر، ورغبة في حماية المصالح الاستراتيجية لأمريكا.

والملاحظ أنه في فترة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان والممتدة من «81م-1989م» تعاظم المد الأصولي وقويت الحركات الأصولية الدينية «الإسلامية واليهودية والمسيحية والهندوسية» في العالم كله، وذلك النشاط المستعر والمحموم أدى إلى تحقيق أهم الخطوات التمهيدية للسيطرة على العالم وتمثلت في تفكيك المنظومة الاشتراكية وإزالة العقبة الشيوعية، وإشعال أو استنزاف وشرذمة حركات التحرر في الأقطار العربية، وفرض شروط الاستسلام للصهيونية في فلسطين.

ومن نافلة القول أن الهدف من تلك الاستراتيجيات التي كانت تتبناها دوائر صنع القرار الأمريكي «الكونجرس والبنتاجون بكل منظومته الأمنية والعسكرية والاستخبارية» هو تفتيت وتفكيك العرب على أسس ما قبل الدولة الوطنية لتسهيل السيطرة عليهم، وذلك عن طريق العصبيات الطائفية والعرقية والحضارية كون أمريكا وصلت إلى مرحلة الشيخوخة وأصبح نظامها الرأسمالي عاجزاً عن توفير احتياجات إمبراطوريتها ومالم يتم تمزيق العرب لتغذية الخلافات والصراعات بينهم فهي تدرك أنها ستكون عاجزة عن السيطرة على الموارد وبالتالي تزداد أزمتها البنيوية اتساعاً، ولذلك سعت على القضاء على محركات الثورة كالحركة القومية «حزب البعث»، وأعلنت حربها على العراق في مطلع عقد التسعينيات وكان حزب البعث هو حركة التحرر التي تهددها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لذلك أشعلت الفتن الطائفية في العراق وحروب الأديان حتى تستطيع فرض نمط يخلّصها من الصراعات ويبعدها عن شبح الانهيارات، وهي اليوم كما هو واضح للعيان قد ساهمت في خلق إسلام سني يواجه بكل رباطة جأش الإسلام الشيعي ولم نعد نسمع عن الأزمات الاقتصادية التي كانت تبدو كشبح يهدد بنيتها الإمبراطورية بالفناء والتلاشي والاضمحلال بل كادت أن تتجاوز تلك الأزمات بفضل حركة الدمار الشامل التي يقودها المسلمون ضد بعضهم بعضا , وبعد أمد لن يطول يصبح التوفيق بين المسلمين مستحيلاً، وتسعى الصهيونية العالمية إلى أن تكون المواجهة بين المعسكرين السني والشيعي أبدية لتصل إلى مرحلة التدمير الشامل وبحيث يتحول العرب والمسلمون إلى كتلة تاريخية محاربة لا تحب السلام والاستقرار تحركهم الأحقاد والعصبيات والثارات وهي حالة لا تنسجم مع حالة العالم ولا مع مصالحه، وعند هذه النتيجة قد ينشأ توافق عالمي على ضرورة القضاء على الإسلام باعتباره الحل الوحيد لإنقاذ العالم من شروره، ولعل ما تم تداوله من مقاطع مصورة منسوبة إلى حماس تظهر حركة إعدام جماعي لما سموهم بالعملاء والترويج لتلك المشاهد على نطاق واسع يُظهر الهدف المضمر .

مثل هذه الرؤى ليست من نسج الخيال ولكنها استراتيجيات معلنة ، بيد أن العرب قوم لا يفقهون ولا يقرأون وهم يتعرضون لتلك المؤامرات، بل نراهم اليوم يحتفلون في شرم الشيخ بنمط من السلام وفق مفهوم رأسمالي بحت لا يضمر سلاماً حقيقياً في المنطقة بقدر الحرص الشديد على تنفيذ الاستراتيجيات وضمان تدفق المصالح , بل ومحاولة تشويه الإسلام باعتباره نمطا ثقافيا يهدد الإنسان بالفناء ويشكل خطرا على الحضارة المعاصرة .

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

محافظ جنوب سيناء: شرم الشيخ ستظل مدينة السلام والإبداع ووجهة للفنون العالمية

أكد اللواء دكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء، أن مدينة شرم الشيخ ستظل مدينة عالمية للسلام والإبداع، وقِبلة للفنانين والمبدعين من مختلف دول العالم، لما تتمتع به من أمن وأمان وجمال طبيعي فريد، جعلها حاضنة للفعاليات الثقافية والفنية الكبرى. جاء ذلك خلال كلمته في حفل ختام الدورة العاشرة من مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي الذي أقيم، مساء اليوم، بقصر ثقافة شرم الشيخ.

وشهد الحفل حضور كلٍ من الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، والدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، والمخرج مازن الغرباوي رئيس ومؤسس المهرجان، إلى جانب نخبة من الفنانين وصنّاع المسرح من مصر والدول العربية والدول الصديقة.

وأشاد المحافظ بما شهده المهرجان من عروض مسرحية مبتكرة وتجارب شبابية عالمية تجسّد شعار "المسرح من أجل السلام"، مؤكدًا أن المحافظة ستظل داعمًا رئيسيًا للمهرجان، ولجميع الأنشطة الثقافية التي تعكس الوجه الحضاري لمصر.

وخلال الاحتفال، كرّم محافظ جنوب سيناء وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، ووزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، تقديرًا لجهودهما في دعم الفعاليات الثقافية والفنية والشبابية، والمساهمة في تعزيز مكانة شرم الشيخ كوجهة دولية للسلام والفنون.

كما شمل الحفل تكريم عدد من نجوم الفن الذين أسهموا في دعم الحركة المسرحية، ومن أبرزهم: إلهام شاهين، هالة صدقي، صابرين، هاني رمزي، سهير المرشدي، سامح الصريطي، ومحمد رضوان، إضافة إلى تكريم المخرج مازن الغرباوي رئيس المهرجان. وتم أيضًا منح شهادات تقدير لرؤساء لجان التحكيم: سهير المرشدي، صابرين، سامح الصريطي، وحسام داغر.

وحصل الفنان هاني رمزي على جائزة سميحة أيوب التقديرية، التي تحمل اسم سيدة المسرح العربي، حيث قال عقب تسلّم الجائزة:"أهدي الجائزة لوالدتي… الإنسانة التي كانت سبب حبي للمسرح، وهروح أديها الجائزة وربنا يفرّحها بيها".

وأقيمت فعاليات الدورة العاشرة للمهرجان تحت إشراف رئيس المهرجان المخرج مازن الغرباوي، ومديرته الدكتورة إنجي البستاوي، وبدعم من عدد من المؤسسات الوطنية، وبرعاية:

وزارة الثقافة

وزارة السياحة والآثار

الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي

محافظة جنوب سيناء

وتحمل هذه الدورة اسم الفنانة الكبيرة إلهام شاهين تقديرًا لمسيرتها الفنية ودعمها للحركة المسرحية.

واختتم محافظ جنوب سيناء كلمته بالتأكيد على أن المهرجان، بمشاركة فنانين من مختلف دول العالم، يُجسّد قوة مصر الناعمة ورسالتها الحضارية الداعية إلى الحوار والسلام، مشيرًا إلى إشادة الضيوف بما لمسوه من أمن وأمان وجمال طبيعي في مدينة شرم الشيخ.

وانتهى الحفل بإطلاق الدعوة لانعقاد الدورة الجديدة للمهرجان، على أرض جنوب سيناء… أرض والمحبة والتلاقي.

طباعة شارك جنوب سيناء مسرح الشباب شرم الشيخ المحافظ ختام

مقالات مشابهة

  • البيت الأبيض: المحادثات بين واشنطن وروسيا بشأن السلام في أوكرانيا "كانت مثمرة"
  • جائزة أبوظبي.. «رحلة العُمر» التي يُلاحقها «عُشّاق الفورمولا-1»
  • رئيس حي السلام أول: لا بناء مخالف بعد ديسمبر 2023.. ونفذنا 250 حملة إزالة خلال شهرين
  • نتنياهو يسعى إلى عفو رئاسي.. عمرو موسى: جهود السلام متوقفة منذ مؤتمر شرم الشيخ
  • تركي آل الشيخ يزور استديوهات الحصن والقدية لمتابعة تحضيرات فيلم خالد بن الوليد
  • منتخب "بناء الأجسام" يحصد 7 ميداليات فضية وبرونزية في "بطولة العالم" بالدمام
  • الإمارات تحصد 6 ميداليات في بطولة العالم لبناء الأجسام
  • في اليوم العالمي لمكافحة الإيدز.. ما هي المصاعب التي تواجه المرضى في العالم العربي؟
  • محافظ جنوب سيناء: شرم الشيخ ستظل مدينة السلام والإبداع ووجهة للفنون العالمية
  • ختام أول بطولة للبلياردو الصيني هيبول في مصر والشرق الأوسط بشرم الشيخ