ماذا يفعل الاحتلال في بلدة يعبد شمال الضفة؟
تاريخ النشر: 4th, December 2025 GMT
جنين- قبل شهر اقتحم جنود الاحتلال الإسرائيلي منزل أبي يوسف الكيلاني في بلدة يعبد إلى الجنوب من مدينة جنين شمال الضفة الغربية، وبعد تفتيشه أجبروه وعائلته وأسرة ابنه الذي يسكن في الطابق الثاني على المغادرة تحت تهديد السلاح.
غادروا من دون أن يتمكنوا من حمل أي من ممتلكاتهم وأغراضهم الشخصية، وعلى الفور تحول المنزل إلى ثكنة عسكرية ومركز للتحقيق يستخدمه الاحتلال خلال وجوده في البلدة، لاعتقال المواطنين واستجوابهم.
وفي المنطقة ذاتها، إلى الجنوب من البلدة، أجبر الاحتلال 11 عائلة أخرى على مغادرة منازلها، من دون إبداء الأسباب وتحت تهديد السلاح ومن دون إعطاء موعد لإمكانية عودتها إليها.
ويصف أبو يوسف (60 عاما) للجزيرة نت كيف طرد من بيته، وفقد مصدر دخله، فيقول "قال لي الضابط: معك فقط 10 دقائق لتغادر بشكل كامل، حملنا الأطفال وخرجنا كلنا من دون أن نأخذ حتى ملابسنا، تركت منزلي المكون من طابقين مع 6 أفراد، كان الوقت متأخرا، لجأت إلى أخي وأنا أقيم عنده منذ ذلك الحين".
ويضيف أن جنود الاحتلال الذين حوّلوا المنزل إلى مكان لراحتهم، ونقلوا أمتعتهم فيه، استولوا على المخازن في الطابق الأرضي والتي كانت محلا لتصنيع الألمنيوم والزجاج يعمل فيها وأولاده، وصارت نقطة تحقيق واستجواب لمن يُحتجز من أهالي يعبد.
وطوال الشهر الماضي، لم يتمكن أبو يوسف من العودة إلى بيته إلا مرة واحدة بعد محاولات مع الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية "الارتباط" للحصول على تنسيق، للدخول ونقل أغراضه الشخصية منه.
ويؤكد "كانت صدمة كبيرة لي حين رأيت ما أحدثه جيش الاحتلال من خراب في الشقتين، كنت أحاول أن أتماسك أمام زوجتي وزوجة ابني وأطفاله الذين سألوني: ماذا يفعل الجنود في غرفتي؟ لماذا أخذوها؟ الدمار والأوساخ في كل مكان، لكن الصدمة الأكبر كانت في المحل الذي وجدته فارغا من كل آلات القص وتصنيع الزجاج، سرقت كلها، معدات بقيمة 600 ألف شيكل (الدولار يساوي 3.23 شيكلات) لم يبق منها شيء".
إعلانوأخبر الجيران في المنطقة أبا يوسف أن عائلات المستوطنين يدخلون المنزل بشكل شبه يومي منذ الاستيلاء عليه.
ووفقا لأبي يوسف، فإن "الراعي"، وهو مستوطن قدم قبل 20 عاما إلى المنطقة الجنوبية الغربية من البلدة برفقة عدد من المواشي وبدأ بالرعي في أراضيها، وبعدها أسس بؤرة رعوية واستولى وحده على 8 آلاف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع) من سهل يعبد، هو من يقوم بعمليات العربدة والاعتداء على منازل المواطنين وممتلكاتهم في البلدة ومنها منزله ومحله.
ويوضح "هذا المحل يعيل 6 أسر في البلدة، ومنذ اقتحام يعبد وطردنا منه فقدت هذه العائلات مصدر دخلها، حتى الآن أقدر خسارتي بـ80 ألف شيكل، وهي مجموع أعمال الألمنيوم والزجاج التي كانت ستسلم للزبائن في هذه الفترة، اليوم اضطررت إلى شراء مواد خام جديدة واستئجار محل آخر للالتزام بتسليم الطلبات".
حاله يوازي أوضاع بقية الأسر التي طردت خلال هذه العملية العسكرية في يعبد منذ 7 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث سرق جنود الاحتلال ومستوطنو مستوطنة دوتان القريبة من البلدة محل المواد التموينية الخاص بجاره بعد طرده من منزله.
ويقول الأهالي إنهم "كالأيتام" في مواجهة ما يحدث، وإنهم "بلا ظهر ولا سند أمام هذا الظلم الذي يعيشونه"، فقد سرقت أراضيهم ومنعوا من دخولها، ثم أغلقت المنافذ المؤدية من البلدة وإليها، واليوم يواجهون تهجيرا من منازلهم دون أي تحرك يذكر.
وبحسب بلدية يعبد، فإن العدوان الإسرائيلي المتواصل على البلدة يفقد الناس إحساسهم بالأمان، ويخلق حالة من الترهيب، خاصة أنها تقع في منطقة إستراتيجية تربط الداخل مع شمال الضفة وتصل بين جنين وطولكرم.
ويشرح أمجد عطاطرة رئيس البلدية -للجزيرة نت- الآثار المترتبة على مواصلة اقتحام يعبد والاستيلاء على منازلها، فيقول: "تردنا بشكل يومي شكاوى من الأهالي باعتداء مستوطنين في الأراضي والمناطق القريبة، إلى جانب سرقة البيوت التي أجبر سكانها على إخلائها، ووجود آليات الاحتلال في البلدة يحد من حركة المواطنين ويؤثر بشكل سلبي على أعمالهم اليومية والحركة الاقتصادية والتعليم، حيث يخشون إرسال أبنائهم إلى المدارس".
تحليل عسكري للواء فايز الدويري حول العملية الواسعة التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية#الأخبار pic.twitter.com/7lGnE5N7kG
— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 26, 2025
إستراتيجية أوسعويضيف "منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 زادت وتيرة اقتحام البلدة وحالات الاعتقال والتحقيق، وحتى مصادرة الأراضي من سهلها ارتفعت بشكل كبير، إضافة إلى إغلاق حاجز دوتان الذي يصل أهالي الـ48 بيعبد ومدينة جنين، كما أن الاحتلال أغلق الطريق الواصل بين مدينة طولكرم وجنين والذي يمر من أراضي البلدة".
وبحسب عطاطرة، استولى الاحتلال على قرابة 22 ألف دونم من أراضي يعبد المقدرة بـ37 ألف دونم. وأقام المستوطنون بؤرا استيطانية فيها، أخذت بالتوسع بشكل كبير بعد الحرب على غزة، وتشكل الأراضي المصنفة "أ" 6 آلاف دونم فقط من مساحة يعبد البالغ عدد سكانها 23 ألف نسمة ويعتمدون على الزراعة.
إعلانمن جانبه، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي ياسر مناع أن تحويل المنازل الفلسطينية إلى ثكنات عسكرية في بلدات مثل يعبد، وجنين، وطوباس، لا يُعد مجرد إجراء أمني ظرفي، بل يمثل آلية ممنهجة للسيطرة المكانية وإعادة تشكيل المجال المدني الفلسطيني، ويعكس التمركز العسكري داخل الأحياء السكنية انتقال الاحتلال من سياسة الاقتحام إلى التموضع، بما يعنيه ذلك من تثبيت الوجود العسكري في قلب الحياة المدنية وتحويل البيوت إلى أدوات مراقبة وحصار وإخضاع.
وأكد للجزيرة نت أن هذه الأفعال تبرر بذرائع أمنية لكنها تحمل طابعا عقابيا جماعيا، وتسهم في تفكيك البيئة الحضرية الفلسطينية وتحويلها إلى مسرح عمليات مفتوح. ومع تكرارها في مدن وقرى متعددة، يتضح أنها جزء من إستراتيجية أوسع تهدف إلى تفريغ المجال الفلسطيني من معناه المدني وإخضاعه لمنطق السيطرة العسكرية الدائمة.
ووفق مناع، فإن اختيار بلدات بعينها يعكس اعتبارات أمنية وردعية في وقت واحد، فهي غالبا مناطق نشطة في المقاومة أو تقع في مواقع إستراتيجية قريبة من مستوطنات أو محاور و طرق عسكرية، وذلك ما يجعلها هدفا لسياسات السيطرة الطويلة الأمد.
وبهذا، يصبح تحويل المنازل إلى ثكنات -برأيه- جزءا من هندسة استعمارية شاملة، تتقاطع فيها الأدوات العسكرية والنفسية لإعادة تشكيل الوعي الجمعي الفلسطيني، وتكريس واقع تكون فيه الجغرافيا والمكان والحياة اليومية جميعها خاضعة لسلطة الاحتلال وأجهزته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات جنود الاحتلال بلدة یعبد فی البلدة من البلدة من دون
إقرأ أيضاً:
قوات الاحتلال تفجر مبنى داخل مخيم جنين
جنين - صفا
فجرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء الثلاثاء، مبنى داخل مخيم جنين شمال الضفة الغربية.
وذكرت مصادر محلية أن صوت انفجار قوي سمع في المخيم، تبعه تصاعد دخان، ناجم عن تفجير أحد المنازل بمنطقة "طلعة الغبّز" داخل مخيم جنين.
وتتعرض مدن شمالي الضفة ومنها مدينة جنين لعدوان إسرائيلي متصاعد، تزامنت مع اقتحام وتشريد وحظر تجول للسكان.
ويواصل جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم وتصعيدهم في الضفة الغربية منذ بدء حرب الإبادة على غزة، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 1085 فلسطينيا، وإصابة قرابة 11 ألفا، واعتقال ما يزيد على 21 ألفا آخرين.