عربي21:
2025-10-18@13:56:22 GMT

الخلطة الدينية في الحالة السياسية المصرية

تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT

الحشود الكبيرة، المقدرة بما يزيد على المليوني شخص، في الليلة الأخيرة، أو كما يسمونها الليلة الكبيرة، أمس الخميس، في ختام احتفالات ليالي السيد البدوي، أحد أولياء الله الصالحين، بمدينة طنطا، عاصمة محافظة الغربية وسط الدلتا بمصر، فتحت الباب واسعا، في الأوساط الثقافية المصرية، بشكل خاص، أمام نقاشات قد تكون سوفسطائية بلا جدوى حول الحالة الدينية، ما بين الاتجاه الرسمي للدولة، وتحديدا النظام الحاكم حاليا، والمزاج الشعبي في أنحاء البلاد، شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، وما إذا كانت الدولة تتجاوب مع هذا المزاج، أم أن الشعب يسير خلف توجهات الدولة الدينية حتى لو كانت الخلفية سياسية.



مولد السيد البدوي يأتي ضمن عدد آخر من الموالد على امتداد العام، في محافظات أخرى من البلاد، في المدن والقرى، إلا أن تعيين وزير جديد للأوقاف العام الماضي (أسامة الأزهري) بخلفيته الصوفية المنظمة للموالد، يمنحها هذا العام زخما خاصا، ذلك أن الرجل يعتاد الظهور كثيرا في مثل هذه المناسبات، وسط حاشية كبيرة من أنصاره الذين يطلَق عليهم "الدراويش" بطقوسهم الغريبة إلى حد كبير، والتي تواجَه باستنكار يصل إلى حد التكفير من فصائل دينية أخرى، ممن يطلق عليهم السلفيين المنتشرين في مختلف الأنحاء أيضا.

ما بين المتصوفة والسلفيين، يقف الأزهر بوسطيته المعتادة، رافضا لقضية التكفير من حيث المبدأ، حتى أن شيخ الجامع الأزهر الشيخ أحمد الطيب رفض من قبل تكفير تنظيم الدولة "داعش" أو غيره من التنظيمات أو الجماعات الأخرى، انطلاقا من أن النطق بالشهادتين في حد ذاته يعصمان المسلم من مثل تلك الأحكام، التي أصبحت تطال أيضا جماعة الإخوان المسلمين بمجرد الإطاحة بهم من سدة الحكم عام 2013. والغريب أن هذه الأحكام جاءت من متصوفة وسلفيين وغيرهم، ممن كانوا على وفاق مع الإخوان في السابق، وربما كانوا في تحالفات سياسية أيضا.

جماعة أهل السنة عموما يشكلون 100 في المئة من المسلمين في مصر، باستثناء حالات لا تتجاوز العشرات أو المئات، ما بين شيعة، وبهائية، ويهود، وملحدين، إذا استثنينا الطائفة القبطية بالطبع، والتي تشكل نحو 5 في المئة من الشعب المصري، حسب التقديرات الرسمية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء -على الرغم من أنهم يزعمون بأكثر من ذلك- وهو ما يجعل من الطوائف العديدة داخل الإسلام السني في حد ذاته حالة غريبة شكلا وموضوعا؛ قد تكون صحية في بعض الأحيان، إلا أنها تصل إلى حد العداء في أحيان كثيرة، غير أنه لا تتوافر الظروف التي تدعو إلى الصدام فيما بينها.

على الرغم من ذلك، سوف نجد أن الأنظمة السياسية المتعاقبة تعمل على العبث أو اللعب داخل هذه الطوائف أو التيارات، باستمالة هذه واستبعاد تلك، أو العكس، في ضوء مدى الاهتمامات السياسية لأي منها، وهو ما جعل من جماعة الإخوان المسلمين على الدوام جماعة عدائية في نظر الأنظمة، نظرا لاشتغالها بالسياسة، بل والسعي إلى السلطة وكرسي الحكم، على خلاف الجماعات الصوفية التي دأبت دائما وأبدا على التعاون مع الجهات الأمنية، والبعد عن العمل السياسي، في الوقت الذي تتعامل فيه الجماعات السلفية مع الموقف حسب متطلباته، بمعنى العمل في السياسة أو الابتعاد عنها، من خلال توجيهات الجهات الأمنية في الحالتين.

من هنا كان من الطبيعي أن نجد جماعة الإخوان خارج المشهد الآن، في الوقت الذي يسمح فيه النظام حاليا، من خلال التعيين الرئاسي، بتمثيل برلماني على استحياء لكل من المتصوفة والسلفيين، على الرغم من المعارضة العلمانية العلنية، والقبطية في الغرف المغلقة، إلا أن حصول العلمانيين والأقباط على حصة أو قطعة من الكعكة تجعلهم يكتمون غيظهم ويخضعون للأمر الواقع، بما يشير إلى أن النظام، أو الأجهزة الأمنية، تستطيع إخضاع الجميع بلقيمات صغيرة في نهاية الأمر.

يمكن اعتبار الحالة الدينية في مصر مجرد خلطة ترضي جميع الأطراف، لا تتداخل فيما بينها، ولا ترتبط أيضا بالدين بالقدر الكافي
وإذا وضعنا في الاعتبار الحفل الموسيقي الراقص الصاخب الذي أقيم بمنطقة الأهرامات، قبل مولد السيد البدوي بعدة أيام، وبلغت تذكرة دخوله عشرة آلاف من الجنيهات، بمشاركة 15 ألف شخص، يمكن اعتبار الحالة الدينية في مصر مجرد خلطة ترضي جميع الأطراف، لا تتداخل فيما بينها، ولا ترتبط أيضا بالدين بالقدر الكافي، حتى أننا لم نسمع اعتراضا من أي منها على مجريات حفل الأهرامات، أو غيره من الاحتفالات المشابهة، التي تجد امتعاضا شعبيا كبيرا على "السوشيال ميديا" بين كل الفئات والأعمار بشكل عام، إلا أنها لا تجد اهتماما من المشتغلين بأمور الدين، الذين ينتقدون بعضهم بعضا على مدار الساعة، ما دام النظام يريد ذلك.

فيما يتعلق برجال الدين، لم يعد هناك في مصر، الشيخ محمد الغزالي، أو الشيخ محمد متولي الشعراوي، أو الدكتور يوسف القرضاوي، أو الشيخ أحمد المحلاوي، أو الشيخ عبد الحميد كشك، رحمهم الله؛ يمكن كانوا إذا تحدثوا أسمعوا، بالتالي كان ما كان من هذه الحالة، التي هرب من خلالها الشباب إلى الإلحاد تارة، والمخدرات تارة أخرى، والجريمة ثالثة. وربما كانت الموالد هي الأخرى جهة هروب، يجد فيها الشباب ضالتهم مجانا، ما دامت وجهة الأهرامات تتطلب آلاف الجنيهات، بما لا يتيسر معه سوى هروب فئة واحدة فقط ممكن يمتلكون المال، وفي كل الأحوال كلها توجهات محمودة، ما دامت بمنأى عن السياسة!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه المصرية الدينية الصوفية السياسة مصر سياسة الدين حفلات صوفية مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ما بین إلا أن فی مصر

إقرأ أيضاً:

حسام زكي : مؤتمر شرم الشيخ للسلام أنهى عمليا حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على غزة

   قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي إن مؤتمر شرم الشيخ للسلام أنهى عمليا حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.
وأضاف الأمين العام المساعد للجامعة العربية ، في تصريحات لقناة "القاهرة الإخبارية" مساء اليوم ، أن دور الوسطاء محوري لضمان إتمام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مشددا على أن الدور المصري كان مهما في إتمام اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. 
وأشار إلى أن إسرائيل تواصل وضع العقبات والعراقيل للتهرب من إلتزامها باتفاق وقف إطلاق النار، مشيرا الى أن استمرار الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل يمثل ضامنا لنجاح الإتفاق.
وأوضح أن العودة الكاملة للسلطة الفلسطينية هو السبيل الوحيد لعودة الإستقرار في قطاع غزة ، معبرا عن أمله في أن تتمكن السلطة الفلسطينية من الإضطلاع بدورها في إدارة القطاع.
ك ر/رأش

طباعة شارك جامعة الدول العربية مؤتمر شرم الشيخ للسلام قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • بدء مرحلة برلمانية جديدة بالحياة السياسية المصرية مع بداية الفصل التشريعي الثاني لـ لشيوخ
  • مصطفى بكري: مؤتمر شرم الشيخ تحول لإعادة ترتيب الأوراق السياسية بالمنطقة
  • ردًا على الإخوان.. الجاليات المصرية تنظم أكبروقفة لدعم الرئيس السيسي خلال زيارته لبروكسل
  • مختار نوح: تظاهرات الإخوان أمام السفارات المصرية مؤامرة على مصر بدعم إسرائيلي
  • مختار نوح: تظاهرات الإخوان أمام السفارات المصرية مؤامرة على مصر بدعم من الكيان الصهيوني
  • حسام زكي: الخطة المصرية لإعمار غزة هي الوحيدة التي قدمت أفكارا عملية
  • "الأورومتوسطي": الحالة التي وُجدت عليها جثامين الشهداء التي سلمها الاحتلال صادمة
  • حسام زكي : مؤتمر شرم الشيخ للسلام أنهى عمليا حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على غزة
  • الإخوان المسلمون ما بعد غزة بين عبء التاريخ واستحقاقات المراجعة