عربي21:
2025-12-12@20:35:15 GMT

الخلطة الدينية في الحالة السياسية المصرية

تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT

الحشود الكبيرة، المقدرة بما يزيد على المليوني شخص، في الليلة الأخيرة، أو كما يسمونها الليلة الكبيرة، أمس الخميس، في ختام احتفالات ليالي السيد البدوي، أحد أولياء الله الصالحين، بمدينة طنطا، عاصمة محافظة الغربية وسط الدلتا بمصر، فتحت الباب واسعا، في الأوساط الثقافية المصرية، بشكل خاص، أمام نقاشات قد تكون سوفسطائية بلا جدوى حول الحالة الدينية، ما بين الاتجاه الرسمي للدولة، وتحديدا النظام الحاكم حاليا، والمزاج الشعبي في أنحاء البلاد، شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، وما إذا كانت الدولة تتجاوب مع هذا المزاج، أم أن الشعب يسير خلف توجهات الدولة الدينية حتى لو كانت الخلفية سياسية.



مولد السيد البدوي يأتي ضمن عدد آخر من الموالد على امتداد العام، في محافظات أخرى من البلاد، في المدن والقرى، إلا أن تعيين وزير جديد للأوقاف العام الماضي (أسامة الأزهري) بخلفيته الصوفية المنظمة للموالد، يمنحها هذا العام زخما خاصا، ذلك أن الرجل يعتاد الظهور كثيرا في مثل هذه المناسبات، وسط حاشية كبيرة من أنصاره الذين يطلَق عليهم "الدراويش" بطقوسهم الغريبة إلى حد كبير، والتي تواجَه باستنكار يصل إلى حد التكفير من فصائل دينية أخرى، ممن يطلق عليهم السلفيين المنتشرين في مختلف الأنحاء أيضا.

ما بين المتصوفة والسلفيين، يقف الأزهر بوسطيته المعتادة، رافضا لقضية التكفير من حيث المبدأ، حتى أن شيخ الجامع الأزهر الشيخ أحمد الطيب رفض من قبل تكفير تنظيم الدولة "داعش" أو غيره من التنظيمات أو الجماعات الأخرى، انطلاقا من أن النطق بالشهادتين في حد ذاته يعصمان المسلم من مثل تلك الأحكام، التي أصبحت تطال أيضا جماعة الإخوان المسلمين بمجرد الإطاحة بهم من سدة الحكم عام 2013. والغريب أن هذه الأحكام جاءت من متصوفة وسلفيين وغيرهم، ممن كانوا على وفاق مع الإخوان في السابق، وربما كانوا في تحالفات سياسية أيضا.

جماعة أهل السنة عموما يشكلون 100 في المئة من المسلمين في مصر، باستثناء حالات لا تتجاوز العشرات أو المئات، ما بين شيعة، وبهائية، ويهود، وملحدين، إذا استثنينا الطائفة القبطية بالطبع، والتي تشكل نحو 5 في المئة من الشعب المصري، حسب التقديرات الرسمية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء -على الرغم من أنهم يزعمون بأكثر من ذلك- وهو ما يجعل من الطوائف العديدة داخل الإسلام السني في حد ذاته حالة غريبة شكلا وموضوعا؛ قد تكون صحية في بعض الأحيان، إلا أنها تصل إلى حد العداء في أحيان كثيرة، غير أنه لا تتوافر الظروف التي تدعو إلى الصدام فيما بينها.

على الرغم من ذلك، سوف نجد أن الأنظمة السياسية المتعاقبة تعمل على العبث أو اللعب داخل هذه الطوائف أو التيارات، باستمالة هذه واستبعاد تلك، أو العكس، في ضوء مدى الاهتمامات السياسية لأي منها، وهو ما جعل من جماعة الإخوان المسلمين على الدوام جماعة عدائية في نظر الأنظمة، نظرا لاشتغالها بالسياسة، بل والسعي إلى السلطة وكرسي الحكم، على خلاف الجماعات الصوفية التي دأبت دائما وأبدا على التعاون مع الجهات الأمنية، والبعد عن العمل السياسي، في الوقت الذي تتعامل فيه الجماعات السلفية مع الموقف حسب متطلباته، بمعنى العمل في السياسة أو الابتعاد عنها، من خلال توجيهات الجهات الأمنية في الحالتين.

من هنا كان من الطبيعي أن نجد جماعة الإخوان خارج المشهد الآن، في الوقت الذي يسمح فيه النظام حاليا، من خلال التعيين الرئاسي، بتمثيل برلماني على استحياء لكل من المتصوفة والسلفيين، على الرغم من المعارضة العلمانية العلنية، والقبطية في الغرف المغلقة، إلا أن حصول العلمانيين والأقباط على حصة أو قطعة من الكعكة تجعلهم يكتمون غيظهم ويخضعون للأمر الواقع، بما يشير إلى أن النظام، أو الأجهزة الأمنية، تستطيع إخضاع الجميع بلقيمات صغيرة في نهاية الأمر.

يمكن اعتبار الحالة الدينية في مصر مجرد خلطة ترضي جميع الأطراف، لا تتداخل فيما بينها، ولا ترتبط أيضا بالدين بالقدر الكافي
وإذا وضعنا في الاعتبار الحفل الموسيقي الراقص الصاخب الذي أقيم بمنطقة الأهرامات، قبل مولد السيد البدوي بعدة أيام، وبلغت تذكرة دخوله عشرة آلاف من الجنيهات، بمشاركة 15 ألف شخص، يمكن اعتبار الحالة الدينية في مصر مجرد خلطة ترضي جميع الأطراف، لا تتداخل فيما بينها، ولا ترتبط أيضا بالدين بالقدر الكافي، حتى أننا لم نسمع اعتراضا من أي منها على مجريات حفل الأهرامات، أو غيره من الاحتفالات المشابهة، التي تجد امتعاضا شعبيا كبيرا على "السوشيال ميديا" بين كل الفئات والأعمار بشكل عام، إلا أنها لا تجد اهتماما من المشتغلين بأمور الدين، الذين ينتقدون بعضهم بعضا على مدار الساعة، ما دام النظام يريد ذلك.

فيما يتعلق برجال الدين، لم يعد هناك في مصر، الشيخ محمد الغزالي، أو الشيخ محمد متولي الشعراوي، أو الدكتور يوسف القرضاوي، أو الشيخ أحمد المحلاوي، أو الشيخ عبد الحميد كشك، رحمهم الله؛ يمكن كانوا إذا تحدثوا أسمعوا، بالتالي كان ما كان من هذه الحالة، التي هرب من خلالها الشباب إلى الإلحاد تارة، والمخدرات تارة أخرى، والجريمة ثالثة. وربما كانت الموالد هي الأخرى جهة هروب، يجد فيها الشباب ضالتهم مجانا، ما دامت وجهة الأهرامات تتطلب آلاف الجنيهات، بما لا يتيسر معه سوى هروب فئة واحدة فقط ممكن يمتلكون المال، وفي كل الأحوال كلها توجهات محمودة، ما دامت بمنأى عن السياسة!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه المصرية الدينية الصوفية السياسة مصر سياسة الدين حفلات صوفية مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ما بین إلا أن فی مصر

إقرأ أيضاً:

ولاية أمريكية تصنف “الإخوان المسلمين” ومجلس “كير” منظمتين إرهابيتين

أعلن حاكم ولاية فلوريدا الأمريكية رون دي سانتيس تصنيف جماعة “الإخوان المسلمين” ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية “كير” منظمتين إرهابيتين.

وكتب دي سانتيس على حسابه في منصة “إكس”: “تصنف ولاية فلوريدا جماعة الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الأميركية الإسلامية كير منظمتين إرهابيتين، ويسري الأمر على الفور”.

وأضاف أنه “بموجب هذا، توجه هيئات ولاية فلوريدا إلى اتخاذ جميع التدابير القانونية لمنع الأنشطة غير القانونية للمنظمتين، بما في ذلك حرمان أي شخص يقدم دعما ماديا لها من الامتيازات أو الموارد”.

وقرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 24 نوفمبر الماضي، بدء دراسة عملية تصنيف بعض فروع جماعة “الإخوان المسلمين” بوصفها “منظمات إرهابية أجنبية”.

ووفقا لبيان صادر عن البيت الأبيض، فقد وقع ترامب أمرا تنفيذيا يوجه وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الخزانة سكوت بيسنت إلى إعداد تقرير حول احتمال تصنيف عدد من فروع الجماعة “منظمات إرهابية أجنبية”، بما في ذلك تلك الموجودة في لبنان ومصر والأردن. ويلزم الأمر الوزارتين بالمضي قدما في تنفيذ أي إجراءات خلال 45 يوما من تقديم التقرير.

واتهمت إدارة ترامب فروعا للجماعة في تلك الدول بدعم أو التحريض على تنفيذ هجمات عنيفة ضد إسرائيل وشركاء الولايات المتحدة، إضافة إلى تقديم دعم مادي لحركة “حماس” الفلسطينية.

وتعود جذور جماعة “الإخوان المسلمين” إلى مصر في عشرينيات القرن الماضي، حين تأسست كحركة سياسية إسلامية لمواجهة انتشار الأفكار العلمانية والقومية، وانتشرت الجماعة لاحقا في دول إسلامية متعددة، وأصبحت لاعبا سياسيا واجتماعيا مؤثرا، وإن كانت تعمل غالبا في إطار سري.

وجدير بالذكر أيضا أن جماعة الإخوان المسلمين محظورة في عدة دول منها روسيا ومصر والسعودية ومؤخرا الأردن.

المصدر: RT+ وكالات

إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/10 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة طرد معلم بريطاني بعد قوله لتلميذ مسلم إن بريطانيا ما زالت دولة مسيحية2025/12/10 ترامب يهدد المكسيك2025/12/10 إيران تعلن الاتحاد مع مصر ضد المثليين في المونديال2025/12/09 الخارجية الروسية: محاولات الاستيلاء على الأصول المجمدة في الغرب تشكل خطرا على كافة الدول2025/12/08 الكويت تسحب جنسية الداعية طارق السويدان2025/12/07 وزير خارجية بنين يعلن فشل محاولة الانقلاب في البلاد2025/12/07شاهد أيضاً إغلاق سياسية مصر في رسالة جديدة لإثيوبيا: سد النهضة غير شرعي والمفاوضات انتهت 2025/12/07

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • هند الضاوي: الإخوان جماعة وظيفية تخدم مصالح الغرب
  • هند الضاوي: القضاء على الديمقراطيين أحد اهداف ترامب بتصنيف الاخوان جماعة إرهابية
  • هند الضاوي: ترامب يعتبر جماعة الإخوان أحد أدوات الحزب الديمقراطي في الشرق الأوسط
  • انقلاب دولي على "الإخوان".. هند الضاوي: ترامب يعتبر الجماعة أداة للديمقراطيين
  • FP: جماعة الإخوان لا تزال غير إرهابية وحظرها سيعزز قمع أنظمة المنطقة
  • تصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.. نهاية للحرب أم تصعيد للصراع في السودان؟
  • ولاية أمريكية تصنف “الإخوان المسلمين” ومجلس “كير” منظمتين إرهابيتين
  • الديهي يطالب أنقرة بوقف منصات الإخوان المهاجمة لمصر
  • التوجه البريطاني لحظر «الإخوان» يقرّب نهاية «الجماعة»
  • نشأت الديهي يحذّر تركيا: خطر الإخوان عليكم قبل مصر