صحيفة التغيير السودانية:
2025-10-18@12:52:49 GMT

فساد دولي..!

تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT

فساد دولي..!

أطياف

صباح محمد الحسن

طيف أول:

المتطفّلون على موائد المجد لا يملكون إلا سهام الحسد!!

وكانت آخر البلاغات التي وجّهها بنك السودان المركزي ضد هذه الزاوية، قبل الحرب بشهرين عندما كشفت عن أبرز مظاهر الفساد المصرفي، حين استدعى البنك بعد الانقلاب المحافظ ونائبه اللذين أقالتهما حكومة الثورة من منازلهما، وصُرفت لهما مرتبات وحوافز ضخمة دون أي مهام رسمية، تعويضًا لسنتي الحكم المدني.

بلغت قيمة هذه الحوافز والبدلات ما يقارب 100 مليار جنيه سوداني، في وقت كانت فيه البلاد ترزح تحت وطأة الانهيار الاقتصادي، وتعاني المؤسسات من شح الموارد.

وكان البنك يعلم أن المستندات التي بحوزتنا تثبت ذلك، ولهذا تردّد في فتح البلاغ، وبعد أن وُجّهت له انتقادات حادة لصمته، قام بفتحه بعد شهرين من نشر الزاوية. وكانت إفادتنا لمتحري النيابة وقتها أننا مستعدون لتقديم ما يثبت ذلك أمام المحكمة.

لكن يبدو أن الفساد المصرفي لفلول النظام البائد تجاوز الحدود، وحلّق في فضاءات دولية.

ففي سابقة قضائية تاريخية، أدانت أمس هيئة محلفين أمريكية بنك “بي إن بي باريبا” لدوره في تمكين نظام المؤتمر الوطني من ارتكاب جرائم إبادة جماعية، وقضت بتعويض ثلاثة لاجئين سودانيين بمبلغ 20 مليون دولار. حيث أتاح البنك الفرنسي للنظام السوداني، خلال ذروة الصراع في دارفور بين عامي 2002 و2008، الوصول إلى مليارات الدولارات عبر مكتبه في جنيف، متجاوزًا العقوبات الأمريكية. هذه الأموال، وفقًا للمدّعين، استُخدمت في تمويل حملات تطهير عرقي وتهجير وقتل جماعي، ما يجعل البنك شريكًا مباشرًا في الجرائم، لا مجرد وسيط مالي.

فهذا الحكم لا يمثّل فقط انتصارًا قانونيًا للضحايا، بل يكشف عن تحوّل جذري في نظرة المؤسسات المالية العالمية إلى النظام السوداني السابق، الذي بات يحمل وصمة العار المصرفية. ومعلوم أن هذه “الفضيحة” المصرفية، التي تتجسّد في هذا التمكين المالي، لم تكن ممكنة لولا البنية المصرفية الفاسدة التي أسّسها نظام الإخوان داخل السودان. فقد حوّل النظام الجهاز المصرفي من أداة للتنمية إلى شبكة تمويل حزبي وأمني، تُدار عبر الولاء السياسي لا الكفاءة، وتُستخدم لتبييض الأموال، وتمرير الصفقات المشبوهة، وتسهيل الوصول إلى الأسواق الدولية بطرق ملتوية!!

وعملية اختراق البنوك السودانية من الداخل تبدأ بتعيين كوادر حزبية في مواقع مصرفية حساسة، ليتم تسييس القرارات المالية وتغليب المصالح الضيقة على المعايير المصرفية العالمية. هذا الفساد البنيوي جعل من السودان بيئة طاردة للاستثمار، وأفقده الثقة الدولية، وأدى إلى عزلة مصرفية خانقة لا تزال البلاد تعاني من آثارها حتى اليوم.

إن هذا الحكم القضائي الأخير لا يفضح فقط تورّط بنك عالمي، بل يسلّط الضوء على فساد النظام العالمي، وهو ما يمكن أن يكشف عن عمليات فساد مشابهة استخدمها النظام في حرب 15 أبريل، طالما أن العقلية الإخوانية ما زالت هي الماكينة التي تُدار بها الحرب.

وبلا شك، فإن المال حين يُستخدم كأداة للقمع، يتحوّل إلى دليل إدانة. وهذه السابقة تجعل النظام الحالي في السودان يواجه تحديًا مزدوجًا يتمثّل في تطهير مؤسساته المالية من إرث الإخوان، واستعادة ثقة العالم في نظامه المصرفي.

وهذا لن يحدث طالما أن القيادات المصرفية في البلاد تُعيّن وتُختار بذات المعايير التي تدفع بالكوادر المصرفية الإخوانية إلى واجهة القرار المصرفي.

لذلك ذكرنا قبل أيام أن عافية الاقتصاد والسيطرة على الذهب والمعادن لا يمكن حسمها بإعفاء المحافظ أو تعيين محافظ جديد، لأن علّة الجهاز المصرفي تكمن في اليد الفاسدة والباطشة المسيطرة على عائدات الموارد، والتي تذهب لأسر معدودة، كما قالت سناء حمد.

لذلك فإن بناء نظام مصرفي جديد يتطلّب أكثر من إصلاحات تقنية؛ يتطلّب قطيعة أخلاقية مع الماضي، وتأسيس ثقافة مالية قائمة على الشفافية والمساءلة، تضع الإنسان قبل الأيديولوجيا، وتعيد للسودان اسمه في الأسواق العالمية.

وهذا لن يتحقّق بوجود هذا النظام الذي أصبح فساده “دوليًا”، ففي الوقت الذي يتسابق فيه العالم، ويتباهى بقفزاته نحو التغيير اقتصاديًا وتقنيًا وثقافيًا، يقدّم هذا النظام للعالم إنجازاته في الفساد المصرفي الذي يستخدمه في قتل الشعب وإبادته..

طيف أخير

مجزرة المزروب هي تأكيد جديد يكشف أن قوات الجيش تتورط في جرائم ضد الإنسانية، وأن طرفي الصراع في هذه الحرب يتسابقان في عملية حصاد الأرواح.

الوسومصباح محمد الحسن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صباح محمد الحسن

إقرأ أيضاً:

تحذير عالمي من برمجية خبيثة تنتحل تطبيق VPN مجاني وتسرق الحسابات المصرفية

في تحذير جديد يعيد إلى الأذهان تصاعد الهجمات الإلكترونية في الأشهر الأخيرة، أصدرت شركة Cleafy للأمن السيبراني تقريرًا مفصلًا حول برمجية خبيثة جديدة تُعرف باسم Klopatra، تنتشر بسرعة عبر الإنترنت متنكرة في هيئة تطبيق VPN مجاني يُسمى Mobdro Pro IP + VPN. 

ويُعد هذا الاكتشاف أحدث حلقة في سلسلة التحذيرات التي أطلقها خبراء الأمن مؤخرًا بشأن تزايد خطر التطبيقات المزيفة التي تستغل حاجة المستخدمين إلى الخصوصية عبر الشبكات الافتراضية الخاصة.

تبدأ القصة عندما يقوم المستخدم بتحميل التطبيق المزعوم من أحد المواقع أو المتاجر غير الرسمية، ظنًا منه أنه يحصل على أداة VPN مجانية تحمي بياناته، لكن ما يجري في الخلفية مختلف تمامًا.

 فخلال خطوات التثبيت، يعمل البرنامج الخبيث على منح نفسه صلاحيات الوصول الكامل إلى الجهاز، مستغلًا أدوات "إمكانية الوصول" للتحكم في الهاتف بشكل خفي. 

وبمجرد التفعيل، يبدأ Klopatra في تنفيذ مهامه التخريبية التي تشمل سرقة بيانات الدخول للتطبيقات البنكية، والوصول إلى المحافظ الرقمية، وتحويل الأموال دون علم المستخدم، إلى جانب إضافة الجهاز المصاب إلى شبكة روبوتات (Botnet) تُستخدم في شن هجمات إلكترونية واسعة.

تُشير شركة Cleafy في تقريرها إلى أن ما لا يقل عن 3000 جهاز حول العالم تعرضت للإصابة حتى الآن، معظمها في إيطاليا وإسبانيا، مع ترجيحات بأن المجموعة التي تقف وراء البرمجية تتخذ من تركيا مقرًا لها. 

وتقول الشركة إن مطوري البرمجية يظهرون قدرًا كبيرًا من المرونة والتطور التقني، إذ يعملون باستمرار على تعديل أساليبهم لإخفاء آثارهم وتجاوز أنظمة الحماية.

ويوضح التقرير أن Klopatra تعتمد على تكتيك خداع نفسي ذكي، إذ تستغل الإقبال الكبير على تطبيقات VPN المجانية خاصة بعد ازدياد القيود الحكومية على المحتوى عبر الإنترنت وفرض قوانين تقييد العمر على بعض المنصات. ويستغل القراصنة هذا الإقبال عبر الترويج لنسخ وهمية من تطبيقات VPN، توحي بأنها قانونية، بينما هي في الحقيقة أدوات اختراق متقدمة.

ومن الجدير بالذكر أن الاسم المستخدم، Mobdro Pro IP + VPN، يُحاكي تطبيقًا حقيقيًا شهيرًا يُدعى Mobdro كان يُستخدم لمشاهدة قنوات IPTV، وقد أزالته الحكومة الإسبانية سابقًا بسبب انتهاكه لحقوق الملكية. إلا أن النسخة الجديدة لا علاقة لها بالتطبيق الأصلي، بل تستخدم اسمه كغطاء لخداع المستخدمين.

التقرير أشار أيضًا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يُستخدم فيها VPN كوسيلة لنشر البرامج الضارة. ففي عام 2024، حذّر باحثو Kaspersky من مجموعة واسعة من التطبيقات المزيفة المشابهة مثل MaskVPN وPaladinVPN وShineVPN وShieldVPN وDewVPN وProxyGate، والتي استُخدمت جميعها لاستهداف المستخدمين حول العالم. ومع النجاح الذي حققه Klopatra، تتوقع Cleafy أن تظهر إصدارات مقلدة أكثر خطورة خلال الفترة القادمة.

وفي تعليقه على التقرير، أوضح أحد باحثي الأمن في Cleafy أن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في فقدان البيانات أو الأموال، بل في تحول الأجهزة المصابة إلى أدوات داخل شبكات إجرامية تُستخدم لشن هجمات على بنوك وشركات وحتى مؤسسات حكومية.

وينصح الخبراء المستخدمين بعدم تحميل أي تطبيق VPN مجاني إلا من المتاجر الرسمية مثل Google Play أو App Store، مع التحقق من هوية المطور ومراجعات المستخدمين. 

كما يُفضّل الاعتماد على خدمات VPN موثوقة ومعروفة بسمعتها القوية في مجال حماية الخصوصية مثل Proton VPN أو hide.me، والتي توفر خططًا مجانية آمنة دون تتبع أو إعلانات خبيثة.

ويؤكد التقرير أن تزايد الاعتماد على VPN في ظل القوانين الجديدة لتقييد المحتوى جعل هذه التطبيقات هدفًا مغريًا لمجرمي الإنترنت. فبينما يبحث المستخدمون عن الخصوصية، يجد القراصنة في ذلك بابًا خلفيًا لاختراق الأجهزة وسرقة البيانات.

في النهاية، يُذكّر هذا الهجوم مجددًا بأن الإنترنت لم يعد بيئة آمنة بالكامل، وأن شعار مجاني غالبًا ما يكون الثمن الحقيقي فيه هو بياناتك الشخصية. ومع استمرار انتشار تطبيقات VPN المزيفة، تبقى الوقاية الرقمية والوعي الأمني هما خط الدفاع الأول ضد الهجمات التي تتطور يومًا بعد يوم.

مقالات مشابهة

  • تحذير عالمي من برمجية خبيثة تنتحل تطبيق VPN مجاني وتسرق الحسابات المصرفية
  • بنك ثانٍٍ في غزة يعلن استئناف تقديم خدماته المصرفية غدًا السبت
  • محافظ بنك السودان المركزي تلتقي مديري عموم المصارف وتؤكد على الإصلاح المؤسسي واستقرار النظام المصرفي
  • تلقى دعوة.. تحالف “صمود” يعقد اجتماعًا مهمًا مع فريق وساطة دولي بشأن السودان ويحدد كيفية الحل
  • ردّ من الاعتماد المصرفي
  • ملف الاعتماد المصرفي امام القضاء: هل يطيح اموال المودعين؟
  • القومي للمرأة يهنئ محمد الأتربي وهدى منصور على انضمامهما إلى جهاز دعم القطاع المصرفي
  • سلطة النقد توعز للمصارف ببدء تقديم الخدمات المصرفية تدريجيا في قطاع غزة
  • بنك في غزة يعلن فتح أبوابه للخدمات المصرفية بدءا من غد الخميس