الإفتاء: البر والإحسان إلى الوالدين لا يسقط بإساءة أحدهما للآخر
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن الأب أو الأم لهما حق البر والإحسان في جميع الأحوال، ولا يسقط هذا الحق بإساءة أحدهما للآخر، أو سوء تصرفاته.
. الإفتاء توضح
وتابعت عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك: وينبغي على الأولاد حينئذ توجيه النصح إلى والدهم بالمعروف، وذلك النصح يستلزم الحكمة في الشكل واختيار التوقيت والأسلوب والألفاظ المناسبة؛ ليتحقق بذلك الغرض المطلوب من الإصلاح بينهما، وحتى لا يؤدي خلاف ذلك إلى مفسدة أعظم، وفي كل الأحوال ينبغي على الزوجين تجنب وقوع الخلافات الزوجية بشكل عام وأمام أولادهما على وجه الخصوص.
البر والإحسان الى الوالدين
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الإسلام اهتمَّ بالوالدين اهتمامًا بالغًا، وجعل طاعتَهما والبِرَّ بهما من أفضل القُرُبات، ونهى عن عقوقِهما، وشدَّد في ذلك غايةَ التشديد.
معنى البر
وأوضح “جمعة”، عبر صفحته الرسمية على “فيس بوك”، أن من معاني البِرِّ في اللغة: الخيرُ، والفضلُ، والصدقُ، والطاعةُ، والصلاح.
وأضاف: “ولا يخفى على كلِّ عاقلٍ ما للوالدين من مقامٍ وشأنٍ يعجز الإنسانُ عن دركه، ومهما جَهِدَ القلمُ في إحصاءِ فضلهما، فإنَّه يبقى قاصرًا منْحَسِرًا عن تصوير جلالِهما وحقِّهما على الأبناء. وكيف لا يكون ذلك، وهما سببُ وجودِهم، وعمادُ حياتِهم، ورُكنُ البقاءِ لهم؟”.
لماذا أوجب الإسلام تقديم الشكر والعرفان للوالدين
لقد بذل الوالدانِ كلَّ ما أمكنهما على المستويين المادي والمعنوي لرعاية أبنائهما وتربيتهم، وتحمَّلا في سبيل ذلك أشدَّ المتاعب والصعاب والإرهاقَ النفسيَّ والجسديَّ. وهذا البذلُ لا يمكن لشخصٍ أن يُعطيَه بالمستوى الذي يُعطيه الوالدان.
ولهذا اعتبر الإسلامُ عطاءهما عملًا جليلًا مقدَّسًا، استوجب عليه الشكرَ وعِرفانَ الجميل، وأوجب لهما حقوقًا على الأبناء لم يُوجبها لأحدٍ غيرهما، حتى إنَّ الله تعالى قرن طاعتَهما والإحسانَ إليهما بعبادته وتوحيده، فقال عزَّ من قائل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].
ولهذا، ولغيره الكثير، جعل اللهُ بَرَّهما وطاعتَهما من أفضل القربات بعد توحيده سبحانه وتعالى، وجعل عقوقَهما والإساءةَ إليهما من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله.
يقول حَبْرُ الأمة وترجمانُ القرآن عبدُ الله بن عباسٍ رضي الله عنهما: «ثلاثُ آياتٍ مقروناتٌ بثلاثٍ، ولا تُقبل واحدةٌ بغير قرينتها {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [التغابن: 12]، فمَن أطاع اللهَ ولم يُطعِ الرسولَ لم يُقبَل منه.
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، فمَن صلَّى ولم يُزكِّ لم يُقبَل منه.
{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]، فمَن شكرَ لله ولم يشكرْ لوالديه لم يُقبَل منه».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البر الإحسان الوالدين بر الوالدين الإحسان إلى الوالدين
إقرأ أيضاً:
بين رضا الله ورضا أعدائه .. آية تقرر مصير أمة
في ظل ما تشهده الأمة الإسلامية من تطورات متسارعة وتحديات متعددة الأوجه، تتجلى أهمية الرجوع إلى الوعي القرآني كمنهج لفهم الواقع وتحليل الأحداث، كما كان يؤكد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، الذي قدّم قراءة فريدة ومتميزة للقرآن الكريم، قراءة تنطلق من الواقع، وتخاطب وجدان الأمة، وتوقظ وعيها الغائب، ومن الآيات التي قدم الشهيد القائد في سياقها الدلالي والحركي في إطار مشروعه القرآني، قول الله سبحانه وتعالى : {وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}، وهي آية كشف من خلالها عن حقيقة ثابتة في صراع الأمة مع أعدائها، مؤكداً أن هذه الآية ليست مجرد معلومة تاريخية أو نظرية، بل قانون إلهي دائم، يكشف عن موقف ثابت لليهود والنصارى تجاه المسلمين.
يمانيون / خاص
حقيقة قرآنية لا تتبدل
يؤكد الشهيد القائد أن الآية الكريمة تحوي تصريحاً إلهياً قاطعاً لا لبس فيه، يبدأ بـــ لن ، النافية المؤبدة، ليؤكد أن رضا اليهود والنصارى عن المسلمين محالٌ أن يتحقق ما لم يتنازل المسلم عن دينه ويذوب في ملتهم، لن يرضوا عنك أبداً، مهما عملت لهم، مهما قدمت لهم، مهما أظهرت من حسن نوايا معهم .. حتى تتبع ملتهم.
هذا كما يؤكد الشهيد القائد، ليس افتراضاً، بل حقيقة لا تتخلف، وعلينا أن نتعامل معها كـ حقيقة حاكمة في العلاقات الدولية والسياسية والاجتماعية.
معاني الآية في سياق المواجهة والوعي
رفض التبعية الحضارية والدينية، لأن الشعور بأن إرضاء الغرب الذي يمثله اليهود والنصارى في الخطاب القرآني، لا يمكن أن يتحقق إلا بالتخلي عن الإسلام، هو محور المواجهة، فالرضا الغربي لا يُنال بالتنازلات الجزئية، وإنما بالتخلي الكامل عن الهوية والدين والانتماء.
ويشرح الشهيد هذه النقطة من خلال مثال اليهودي في اليمن، الذي قد يولد ويتربى ويتحدث بلغة أهل اليمن، ولكنه لا يرى نفسه منتمياً لهم، بل يعتبر نفسه جزءاً من الأمة اليهودية المنتشرة عالمياً، نفسه مشدودة إلى إسرائيل، وإن كان هنا في اليمن، هؤلاء ليسوا هم أهل ملته.
وهذه نظرة استراتيجية تفسّر كيف أن الانتماء الأيديولوجي يتغلب على الانتماء الجغرافي أو الوطني، ما يُسقِط أوهام التقارب أو العيش المشترك مع من يحملون مشاريع عدائية.
من الآية الكريمة إلى الواقع
في تفسيره للآية، لا يكتفي الشهيد القائد بالتحليل النظري، بل يُسقط المعنى على الواقع، مستندًا إلى قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ..} (فصلت: 53)، ويؤكد أن الزمن كفيل بإظهار شواهد هذه الآية في الواقع السياسي والاجتماعي والإعلامي والاقتصادي، فكل يوم يمضي يحمل دليلاً جديداً على أن الرضا الأمريكي والصهيوني لا يتحقق إلا بالركوع الكامل، وهو ما لا يرضاه الإسلام ، والوقائع تثبت ذلك، فالدول التي سارعت إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني لم تحصل على الاحترام، بل ازداد الضغط عليها، والشعوب التي حاولت تسويق الإسلام الأمريكي لم تحصد إلا الذل والانبطاح، والمجتمعات الإسلامية التي غفلت عن عدوها، سقطت في أزمات داخلية وخارجية بسبب غياب البصيرة.
التحذير من الغفلة والانشغال عن الوعي
يحذر الشهيد القائد من نمط الحياة الاستهلاكية والانشغال بالماديات، وهو ما يصرف الإنسان عن إدراك الحقائق من حوله، كل واحد منا يضع لنفسه برنامجاً معيناً مرتبطاً بأمور معيشته .. وهذا في الواقع هو ظلم للنفس.
ويؤكد أن الإنسان لديه قدرات ذهنية وروحية هائلة، قادرة على فهم ما يجري حوله، شرط أن لا يُقيدها بالنمط الاستهلاكي اليومي، بل يفتحها على القرآن والواقع.
ومما يستفاد منه من هذه القراءة الإيمانية الواعية ، أن القرآن كتاب حياة وواقع، وليس فقط كتاباً للعبادة الشخصية، وأن الآيات القرآنية ترسم مواقف سياسية وثقافية وإعلامية يجب أن تبنى عليها القرارات والمواقف، وأعداء الأمة لا يرضيهم إلا ذوبان الإسلام، لا مجرد التنازل السياسي أو التفاهمات، وأن القرآن يربّي المسلم على أن يفكر عالمياً ويتصرف محلياً انطلاقاً من وعي عالمي.
مسؤولية الأمة تجاه هذه الحقيقة القرآنية
إن قراءة الشهيد القائد لآية: {وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}، هي قراءة واعية تُحمّل الأمة مسؤولية كبرى في مواجهة التحديات، عبر التمسك بالهوية الإيمانية، والوعي بمخططات الأعداء، ورفض كل أشكال التبعية الثقافية والسياسية والاقتصادية.
إنها قراءة تحررية تنبع من صميم القرآن، وتحاكي واقع الأمة، وتبني إنساناً يقظاً لا يُخدع بالشعارات ولا ينكسر أمام الضغوط، بل يعي سنن الله ويستبصر آياته.