فضيلة الداعية الشيخ «محمد الغزالى» (6)
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
ويستمر الحديث مع فضيلته لأسأله: هل روح الإسلام مع بيعة الحاكم إلى ما شاء الله ما دام حياً، وما دام صالحًا للحكم.. أم أن روح الإسلام مع تحديد مدة حكمه فترة أو فترتين كما يحدث فى الديمقراطية المعاصرة؟ فيقول:
(مسألة ترك الحاكم ليبقى فى الحكم طول حياته أو لفترة أربع سنوات وست سنوات مسألة تخضع لمبدأ المصلحة المرسلة، وليس للإسلام فيها نص معين.
– وسط هذا تظهر نغمة تدعو إلى إلغاء المؤسسات الدستورية بذريعة حاجة مجتمعاتنا إلى فترة انتقال تتعرف خلالها على قوانين تلتزم بها لأن الديمقراطية فى مجتمعاتنا قد أثبتت فشلًا ذريعًا لانعدام وعى الكثيرين بها؟
-- (هذا كلام يقوله عشاق الاستبداد لكى تبقى الأمة قاصرة. وإذا كان لا بد للأمم من تدريب على الديمقراطية فإن هذا التدريب لا يكون بالكلام النظرى، وإنما هو كالسباحة يكون داخل التيار والذى يعلم الأمم كيف تسبح وتنجو من الغرق. وهنا ينبغى أن يكون حانيًا عليها حاميًا لها، وليس مريضًا بجنون العظمة أو ملتاثًا يرى الجماهير مكلفة بالخضوع له ما بقى حيا).
– بعض العلماء الأجلاء يقولون إن العصر لا يشرع وإنما منهج الله وحده هو الذى يشرع؟
-- (لعل هذه المقولة يشرحها ما ذكرناه من مواضع الشورى. ففى الأمور العبادية والعقائدية لا يقبل تشريع بشر. التشريع يكون من حقى فى حدود المبادئ الثلاثة.. الأمور المدنية، والوسائل للأهداف المقررة، وما تركه الشارع بدون حكم. هنا من حقى أن أشرع، وهنا تكون طاعة الحاكم من طاعة الله. فإذا رأى الحاكم عن طريق الشورى الصحيحة الحكم بالإعدام على مروجى المخدرات فإن هذا الحكم يكون شرعيًا).
– ماذا عن قضية المعاصرة فى الاسلام. وبتعبير آخر: هل تتنافى الأصالة فى الإسلام مع المعاصرة؟
-- الإسلام كما قال القرآن الكريم: «فأقم وجهك للدين حنيفًا فطرة الله التى فطر الناس عليه». أى أن هذا الدين عقل لا يعرف الخرافة، وقلب لا يعرف الرذيلة، ونظام لا يعرف العوج ولا الجور. ولو أننا احترمنا هذه الحقائق البسيطة ما شكا أحد. إن تصوير الاسلام على أنه كهانات أو طقوس عبادية تربط الجماهير ببعض الغيبيات الأسطورية لهو تصوير باطل ومغشوش لم يعرفه المسلمون الأوائل. بل إن المفاوض العربى الذى كان يتحدث فى فتح فارس فى السنوات الأولى من الهجرة كان يقول للفرس: جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد. جئنا لنخرج الناس من ضيق الأديان إلى سعة الإسلام. أى أن الإسلام هدم فى وقت واحد الوثنيات الاجتماعية والسياسية واستوى لديه أن يهدم الصنم من البشر والصنم من الحجر.
– هناك حديث للرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «هلك المتنطعون" ويفسره العلماء جميعًا بأنه يعنى المتنطعين فى فهم الدين والمتطرفين فى تطبيقه. وهنا أذكر لك تعبيرًا ممتعًا إذ يسمون هذا النوع المتطرف من الدين بأنه تدين دورات المياه. فكيف يعالج المجتمع هذا التطرف؟
-- (الإسلام وأنا أحد المتحدثين عنه دين مظلوم، لأن عرضه اتخذ بوسائل منفرة خسر من جرائها عددًا من العقلاء وأصحاب الأمزجة المعتدلة وأصحاب الفكر الذى يرجى خيره. وأنا أكره أن يعرض الإسلام بطريقة منفرة. فإن نبى الإسلام كان قمة فى شمائله. وقد عرف العصر الحديث أن المعجزة الأولى له هى قدرته على التغيير، وأن الأداة التى استعملها فى هذا التغيير كانت تفجير الطاقة الإنسانية فى الإنسان، أو إنارة الإنسان من داخله واستكشاف الخصائص والمواهب التى زوده الله بها كى تؤدى عملها فى هذا الكون. أى أن الإسلام يجعل الإنسان سيدا فى الكون وعبدا للرب).
– وبهذه الازدواجية سيادة فى الأرض وعبودية لرب السماء يكون الإنسان مؤديًا رسالته الحقيقية على أكمل وجه؟
-- ( نعم.. ليس التدين جموحًا غبيًا صوب بعض الخرافات ولكنه قدرة عقلية على تطويع الكون لخدمة الإنسان الذى يسجد لربه ويؤدى له حقه. الإسلام دين مظلوم لأن أمته تسكن جانبًا أمام شعوب تحيا بالإنتاج. وأنا أشتغل بالدعوة الإسلامية وأشعر بغصة عندما أرى اتباعًا دينيًا فى هذه السفوح الهابطة لا يفهمون من دينهم إلا أنه بعض الهمهمات والحركات. كما يشتد غضبى عندما أرى بعض الذين لا يؤتمنون على فهم حقائق عادية يتكلمون فى الدين ليجعلوه مطية للمستبدين. وهنا ألفت النظر إلى أن بعض من يتكلمون فى الشورى يرجعون إلى الوراء ولا يعرفون من أين يقتبسون الحكم الشرعى).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فضيلة الداعية الشيخ محمد الغزالى 6 سناء السعيد روح الإسلام
إقرأ أيضاً:
«منبر الإسلام» في عددها الجديد بعنوان: «الإحسان.. تزكية للإنسان وعمارة للأوطان»
أصدرت وزارة الأوقاف العدد الجديد من مجلة «منبر الإسلام» لشهر جمادى الآخرة ١٤٤٧هـ، وتم تخصيص العدد لقيمة “الإحسان” وأثره في تزكية الإنسان وعمارة الأوطان، وذلك من خلال مقالات لكبار العلماء والكتّاب والمتخصصين.
وجاء في مقدّمة تلك المقالات مقالٌ لمعالي الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف ورئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إذ أكّد فيه أنه حين يقف الإنسان على ثغرٍ من ثغور الفكر والمعنى، ويفتح قلبه لاستقبال نفحات الوحي، يدرك أن أعظم ما يترقى إليه السالك في درجات الإيمان هو مقام الإحسان؛ تلك القيمة التي جعلها النبي ﷺ ذروة السلوك الإيماني، وغاية الوعي الروحي، ومحور الرسالة التي جاء بها الإسلام.
وأشار إلى أن الإحسان ليس خُلقًا عابرًا أو فضيلةً جزئية، بل هو صورة كاملة من الرقي الإنساني الذي يجمع بين صفاء الروح، ودقة العقل، ونُبل الفعل، حتى يصير الإنسان مرآةً صافيةً لجمال الوجود، ومفتاحًا من مفاتيح العمران.
وجاء العدد مفعمًا بمقالاتٍ متنوعة تعبّر عن أهمية قيمة الإحسان، من أبرزها:
مقال أ.د. محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، تحت عنوان: "حب المصريين لآل البيت ومساجدهم في مصر".
ومقالٌ لفضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، تحت عنوان: "أثر التصوف في عمارة الأرض".
ومقالٌ للأستاذ الدكتور علي عبد الوهاب مطاوع، أستاذ الأدب والنقد بجامعة الأزهر، تحت عنوان: "الشعر الصوفي.. معراج الروح إلى عوالم الفضيلة والطهر والصفاء".
وسلّطت المجلة الضوء على محاور وزارة الأوقاف الأربعة، والمتمثلة في: “مواجهة التطرف الديني واللاديني، وبناء الإنسان، وصناعة الحضارة”، وذلك من خلال مجموعة من المقالات والتقارير التي تدعم رسالة وزارة الأوقاف.
كما سلّطت المجلة الضوء على قرار وزارة الأوقاف بعودة مجالس قراءة البُردة الشريفة للإمام البوصيري في المساجد الكبرى، من خلال إبراز القيم الروحية التي تحتوي عليها قصيدة "البردة".
وأجرت المجلة حوارًا خاصًّا مع الأستاذ الدكتور محمد مهنا، أستاذ القانون الدولي بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة، من أجل تعريف معنى التصوف كما أراده روّاده الأوائل، وعلاقته بمقام الإحسان الذي به يستقيم الدين، كما ناقش جذور الانحرافات التي شوّهت هذا الطريق، وقدم رؤية واضحة تعيد للتصوف مكانته كقيمة تربوية وروحية أصيلة في الحضارة الإسلامية.
وتقديرًا لرحلته العطرة في خدمة الإسلام، اختارت مجلة "منبر الإسلام" الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم باعتباره رائدًا من رواد مدرسة الإحسان والتزكية، ومؤسس الطريقة المحمدية.
وفي تقرير خاص، سلّطت المجلة الضوء على جهود مشيخة عموم الطرق الصوفية ونقابة السادة الأشراف في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن التصوف وترسيخ الوعي الديني المستنير.
كما سلّطت المجلة الضوء على جهود وزارة الأوقاف في حماية الأطفال من العنف، عبر رؤية تحليلية قدمها الكاتب الصحفي محمود الجلاد، معاون وزير الأوقاف لشئون الإعلام.
إضافة إلى الأبواب المتنوعة التي اشتمل عليها هذا العدد المميَّز، والذي يأتي في ضوء جهود وزارة الأوقاف لبناء الإنسان تحت رعاية الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف.
كما حرصت المجلة في هذا العدد على إهداء قرّائها كنزين علميين نفيسين من تراث القراءات وعلوم القرآن، وهما: كتاب «المصحف الشريف: أبحاث في تاريخه وأحكامه» لفضيلة الشيخ عبد الفتاح القاضي، وكتاب «أحسن الأثر في تاريخ القراء الأربعة عشر» لفضيلة الشيخ محمود خليل الحصري، على أن تواصل المجلة تقديم كتابين هدية لقرّائها في كل عدد شهري دعمًا لرسالتها في خدمة العلوم الشرعية وترسيخ الوعي الرشيد.