الوالدين.. قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن الإسلامُ اهتم بالوالدين اهتمامًا بالغًا، وجعل طاعتَهما والبِرَّ بهما من أفضل القُرُبات، ونهى عن عقوقِهما، وشدَّد في ذلك غايةَ التشديد.

اهتمام الإسلام ببر الوالدين:

وأوضح جمعة أن من معاني البِرِّ في اللغة: الخيرُ، والفضلُ، والصدقُ، والطاعةُ، والصلاح.

ولا يخفى على كلِّ عاقلٍ ما للوالدين من مقامٍ وشأنٍ يعجز الإنسانُ عن دركه، ومهما جَهِدَ القلمُ في إحصاءِ فضلهما، فإنَّه يبقى قاصرًا منْحَسِرًا عن تصوير جلالِهما وحقِّهما على الأبناء. وكيف لا يكون ذلك، وهما سببُ وجودِهم، وعمادُ حياتِهم، ورُكنُ البقاءِ لهم؟.

وأضاف أن الوالدين بذلوا كلَّ ما أمكنهما على المستويين المادي والمعنوي لرعاية أبنائهما وتربيتهم، وتحمَّلا في سبيل ذلك أشدَّ المتاعب والصعاب والإرهاقَ النفسيَّ والجسديَّ. وهذا البذلُ لا يمكن لشخصٍ أن يُعطيَه بالمستوى الذي يُعطيه الوالدان، 

ولهذا اعتبر الإسلامُ عطاء الوالدين عملًا جليلًا مقدَّسًا، استوجب عليه الشكرَ وعِرفانَ الجميل، وأوجب لهما حقوقًا على الأبناء لم يُوجبها لأحدٍ غيرهما، حتى إنَّ الله تعالى قرن طاعتَهما والإحسانَ إليهما بعبادته وتوحيده، فقال عزَّ من قائل:
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].

وورد عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن الكبائر، قال: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ» متفقٌ عليه، كما أن طاعتهما وبرهما والإحسان إليهما وحسن معاملتهما أمورٌ واجبة مؤكدة جاءت مقرونة بتوحيد الله عزَّ وجلَّ؛ قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ [الإسراء: 23].

بر الوالدين والإحسان إليهما:

ولهذا، ولغيره الكثير، جعل اللهُ بَرَّ الوالدين وطاعتَهما من أفضل القربات بعد توحيده سبحانه وتعالى، وجعل عقوقَهما والإساءةَ إليهما من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله.

يقول حَبْرُ الأمة وترجمانُ القرآن عبدُ الله بن عباسٍ رضي الله عنهما: «ثلاثُ آياتٍ مقروناتٌ بثلاثٍ، ولا تُقبل واحدةٌ بغير قرينتها:
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [التغابن: 12]، فمَن أطاع اللهَ ولم يُطعِ الرسولَ لم يُقبَل منه.
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، فمَن صلَّى ولم يُزكِّ لم يُقبَل منه.
{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]، فمَن شكرَ لله ولم يشكرْ لوالديه لم يُقبَل منه».

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الوالدين أهمية بر الوالدين احترام الوالدين بر الوالدين هما من

إقرأ أيضاً:

هل يبتلي الله عباده بالنعم؟.. علي جمعة: لسببين لا يعرفهما كثيرون

لاشك أن السؤال عن هل يبتلي الله بالنعم ؟، يعد من أهم ما ينبغي معرفته حتى لا نغتر بنعم الله تعالى، وحتى لا نكون من أهل الغفلة - والعياذ بالله- ، حيث إن من شأن معرفة حقيقة هل يبتلي الله بالنعم ؟، أن تجعلنا نعيد حساباتنا ونغتنم مهلة الله تعالى لنا، ومن ثم نكن من الفائزين.

ماذا يحدث لمن صبر عند البلاء والكرب؟.. 10 عجائب تهون المصيبةماذا يحدث لمن يؤخر صلاة الفجر عند استيقاظه للعمل قبل الشروق بدقائق؟هل يبتلي الله بالنعم

أجاب الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن سؤال : هل يبتلي الله بالنعم ؟، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم أصحابه وأمته من بعده أن الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده أحيانًا بإسباغ النعم عليهم ليرى أيشكرونها أم يكفرونها.

واستشهد «جمعة» في إجابته عن سؤال : هل يبتلي الله بالنعم ؟، بما قال الله تعالى في كتابه العزيز : (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ)، منوهًا بأنه يكون الحفاظ على النعمة بدوام شكرها ، فبشكر النعمة نحافظ بها على الموجود ونستجلب المفقود ، وقد وعدنا سبحانه بالزيادة إن شكرنا نعمه .

وقال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).
وأوضح أن هناك طريقين لشكر النعمة : أولهما: أن يكثر من أنعم الله عليه بالثناء على الله صاحب النعمة ، وألا يتلفظ بلفظ أو يصنع شيئا يدل على نكرانه لهذه النعمة ، وأن يقر بأنها في الحقيقة من عند الله تعالى ولا يد له فيها وقد قيل: من كتم النعمة فقد كفرها ، ومن أظهرها ونشرها فقد شكرها وأولى خطوات ذكرها الوقوف عليها ومعرفتها .

وأشار إلى أنه يقول الإمام الغزالي: اعلم أنه لم يقصر بالخلق عن شكر النعمة إلا الجهل والغفلة ، فإنهم منعوا بالجهل والغفلة عن معرفة النعم ، ولا يتصور شكر النعمة إلا بعد معرفتها (إحياء علوم الدين)، والطريق الثاني: أن يسخر النعمة فيما خلقت له ، فإن أنعم الله عليه بمال فلينفق مما أعطاه الله ، وإن أنعم الله عليه بقوة فليعن من يستعين به ، وإذا أنعم الله عليه بجاه فليشفع في الخير وفي إعطاء المظلوم حقه.

وأضاف أن الله عز وجل يشير إلى هذا الطريق العملي من الشكر في قوله عز وجل: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) وقد بينت القصة نسبة تلك القلة المذكورة في الآية على سبيل بيان المحمل.

وذكرت أن ثلثي الخلق -على وجه التقريب- لا يتحققون بخلق شكر النعمة ، في حين لا يقوم به إلا الثلث الباقي ، والثلث في مقابل الثلثين قليل ، إذا ما نظر إلى حجم النعم وعظمة معطيها، لذا وجب على كل إنسان أن يحمد الله ويشكره على نعمه التي لا تحصى ، وأن يتبع المنهج الذي أبانه - صلى الله عليه وسلم - في القصة للحفاظ عليها بشكرها واستخدامها في طاعة الله حتى لا يعرضها للزوال .

 قال ابن عطاء الله السكندري: (من لم يشكر النعم فقد تعرض لزوالها ، ومن شكرها فقيد قيدها بعقالها) فاللهم اجعلنا من الشاكرين لنعمك ، العاملين فيها بما تحب.

الابتلاء بالنعم

وقال الله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء:35] ، أي: نختبركم بالمصائب تارة، وبالنعم أخرى، لننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط، كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { وَنَبْلُوكُمْ }، يقول: نبتليكم بالشر والخير فتنة، بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية والهدى والضلال.

ويقول سيد قطب: “والابتلاء بالشر مفهوم أمره ليتكشف مدى احتمال المبتلى، ومدى صبره على الضر، ومدى ثقته في ربه، ورجائه في رحمته، فأما الابتلاء بالخير فهو في حاجة إلى بيان، والابتلاء بالخير أشد وطأة، فكثيرون يصمدون أمام الابتلاء بالشر ولكن القلة القليلة هي التي تصمد للابتلاء بالخير، وكثيرون يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف، وقليلون هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة والقدرة.

وجاء أن كثيرين يصبرون على الفقر والحرمان، فلا تتهاوى نفوسهم ولا تذل، وقليلون هم الذين يصبرون على الثراء ومغرياته وما يثيره من أطماع، وكثيرون يصبرون على الكفاح و الجراح، وقليلون هم الذين يصبرون على الدعة.

ولا يصابون بالحرص الذي يذل أعناق الرجال، والابتلاء بالشر قد يثير الكبرياء، ويستحث المقاومة ويجند الأعصاب لاستقبال الشدة، أما الرخاء فقد يرخى الأعصاب ويفقدها المقاومة، إلا من عصم الله.

وصدق رسوله الله-صلى الله عليه وسلم-حيث يقول: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) [أخرجه مسلم].

ويحذر الله تعالى عباده من خطورة كثرة النعم وعدم الأخذ في الاعتبار أن هذه النعم ليست دليلا على رضا الله على العبد وإنما هي ابتلاء من الله واختبار.

ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[المنافقون:9]، لذا نجد أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قد خاف على أمته فتنة وبلاء الخير والسعة أكثر من فتنة الشدة والشر.

وقد أخرج البخاري في صحيحه، أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدومه، فوافقت صلاة الصبح مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فلما انصرف تعرضوا له، فتبسم رسول الله-صلى الله عليه وسلم- حين رآهم وقال: (أظنكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة، وأنه جاء بشيء.

قالوا: أجل يا رسول الله، قال: فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتلهيكم كما ألهتهم)، وفي رواية: (فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم).

وقال-صلى الله عليه وسلم-: (أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا)، قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول الله! قال: بركات الأرض إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بحقه، ووضعه في حقه، فنعم المعونة هو ……) [جزء من حديث أخرجه مسلم]، فالعطاء ليس دليلاً ولا مقياساً على المحبة والرضى، وإنما هو ابتلاء من الله واختبار له، لينظر حال العبد في هذا الامتحان.

ولا أدل على هذا من حديث الثلاثة: (الأقرع، والأبرص، والأعمى) واختبار الله لهم بالرخاء وكثرة المال والسعة، فينبغي على العبد حال الرخاء، أن يعمل بما في يده طاعة لربه، وأن يقوم بحق هذا المال والرخاء الذي وسع الله به عليه.

طباعة شارك هل يبتلي الله عباده بالنعم يبتلي الله عباده بالنعم هل يبتلي الله عباده يبتلي الله عباده الابتلاء بالنعم الابتلاء هل يبتلي الله بالنعم

مقالات مشابهة

  • بر الوالدين.. لماذا أوجب الإسلام تقديم الشكر والعرفان لهما؟
  • ماذا أفعل إذا أردت أن أكون محبوبًا لله؟ .. علي جمعة يوضح
  • كيف تملك الدنيا كلها؟.. علي جمعة: بـ 6 كلمات أكثروا ترديدها
  • علي جمعة: الله تولّى حفظَ دينه بحفظ نبيه .. ولم تُحفَظ سيرة أحد كما حُفظت سيرة محمد ﷺ
  • علي جمعة: رسول الله ﷺ النبي الوحيد الذي حُفظت سيرتُه وأقوالُه وأفعالُه
  • الإفتاء: الإنسان مأمور بتوقير وإجلال من هو أكبر منه والأولى الوالدين
  • علي جمعة: النبي دعا لكظم الغيظ حتى يتمكن الإنسان من العفو
  • هل يبتلي الله عباده بالنعم؟.. علي جمعة: لسببين لا يعرفهما كثيرون
  • علي جمعة: أثنى الله تعالى على النبي ﷺ ومدح ما يتعلق به