أحلام نتنياهو: تبخّرت أم تأجّلت؟
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
بعد أن هدأت معركة غزة، وتوجه الاهتمام إلى أمور إجرائية عقب عودة الرهائن وتحرير عدد من الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال، يصبح السؤال الجوهري: هل انتهى مخطط نتنياهو واليمين المتطرف في إسرائيل حول سياسة التهجير والضم بعد اتفاق شرم الشيخ في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2025؟
قبل عدة أشهر، توالت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي تؤكد أن الدول العربية والإسلامية ترفض مخطط التهجير، وترفض أيضا مشروعه المسمى "ريفييرا غزة"، الذي كان يهدف إلى تحويل القطاع إلى مشروع تجاري استثماري، غايته الاقتصادية تحقيق الربح، وغايته السياسية ضمان أمن الكيان الصهيوني.
وعشية التوقيع على اتفاق شرم الشيخ، صرح الرئيس الأميركي بأنه لا يؤيد ضم الضفة الغربية، على الرغم من كونه قد وافق سابقا على ضم الجولان للاحتلال الصهيوني، واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ومما لا شك فيه أن ما حدث يُعد تقدما ملحوظا في الرؤى، وتحولا في السياسات، بغض النظر عن مدى عمق هذا التحول.
أحلام نتنياهو.. تبخرت أم أُرجئت؟هكذا يبدو أن أحلام نتنياهو قد تبخرت، أو إن شئتَ القول، أُرجئت إلى أجل غير معلوم، إذ إن عقيدته اليمينية المتطرفة تستند إلى رؤية تهدف إلى تغيير ملامح المنطقة بأكملها من خلال تصفية القضية الفلسطينية تصفية شاملة، وليس فقط عبر فرض مخططي التهجير والضم.
ومن أبرز النجاحات التي تحققت بفعل حرب غزة، إدراك الرأي العام العالمي حقيقة هذا الكيان الاستعماري. فقد انكشفت صورته الزائفة، ولم يَعُد يُرى ككيان مهدَد من محيط عربي طاغٍ، ولا كواحة ديمقراطية في محيط من الأنظمة الدكتاتورية المتسلطة، كما كان يُروَج له طويلا.
لقد تبين للعالم، وبلا أدنى لبس، أن هذا الكيان يمارس سياسات تقوم على الإبادة الجماعية، والتجويع، ونهب الثروات، وتدنيس المقدسات، والعنصرية المقيتة. ولم تقتصر إعادة تشكيل هذه الصورة على بلدان غرب أوروبا، أو أستراليا، وكندا، بل اخترقت كذلك جدرانا صماء طالما كانت سندا تقليديا لإسرائيل.
إعلانوالمقصود هنا على وجه التحديد ألمانيا، التي ارتبط موقفها المؤيد لإسرائيل بعقدة الذنب التاريخية الناتجة عن الهولوكوست. ويشمل التحول أيضا مواقف الدوائر السياسية الحاكمة في الولايات المتحدة، لا سيما في أوساط الشباب داخل الحزبين؛ الديمقراطي والجمهوري.
هذا التحول مثل مصدر قلق بالغ لإسرائيل، خاصة في ظل نجاح الفلسطينيين- أو لنقل: نجاح جميع القوى العالمية المؤيدة للسلام- في معركة الصورة والسمعة والمكانة، التي خسرتها إسرائيل عن جدارة؛ بسبب سياساتها الرعناء والمتغطرسة.
هذه السياسات، القائمة على العدوان وتصفية الخصوم وقتل وتجويع المدنيين واستهداف الصحفيين والإعلاميين، باتت تُفضح يوما بعد يوم، إذ تُرتكب في ظل دعم مباشر من الإدارة الأميركية عموما، والرئيس ترامب على وجه الخصوص، رغم أنه بات اليوم، تقريبا، الداعم الأوحد للكيان الصهيوني.
سياسة فلسطينية لإفشال المخطط الصهيونيأحد أهم الأمور التي يجب العمل لتحقيقها دون كلل، هو أن تبادر البلدان العربية إلى تبني سياسات فاعلة تُسهم في قطع الطريق على المخطط الصهيوني، مع ضرورة استكمال ما أنجزته حرب غزة من فضح لصورة الكيان أمام الرأي العام العالمي، وذلك بهدف ترسيخ ضعف تلك الصورة وتثبيتها في الأذهان.
بعبارة أخرى، لا بد من عمل عربي دؤوب ومباشر، يتجاوز منطق رد الفعل إلى الفعل الاستباقي، في مواجهة السياسات الإسرائيلية المتسارعة.
أما على المستوى الفلسطيني، فإن هذا التوجه لا يمكن أن ينجح إلا من خلال تحقيق المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية، إذ إن الانقسام بين رفاق المقاومة، هو ما أدى إلى حالة التشرذم والقطيعة التي تشهدها الفصائل الفلسطينية اليوم.
في المقابل، فإن هذه المصالحة تمثل السبيل الوحيد القادر على التصدي لمخططات الكيان الصهيوني، الذي يسعى إلى خلق بديل فلسطيني متواطئ معه، يدفع نحو مزيد من الانقسام والتفكك الداخلي.
وهنا، يبرز بوضوح الدور الريادي لكل من مصر، وقطر في استكمال جهودهما المتواصلة من أجل إنجاح هذه المصالحة، بما يخدم وحدة الصف الفلسطيني ويعزز صموده في مواجهة مشاريع التصفية والتهجير.
سياسة عربية موحدة لمواجهة السلوك الإسرائيليفي موازاة جهود المصالحة الفلسطينية، تبرز ضرورة تبني سياسات داعمة من قبل الأطراف العربية، تبدأ أولا بوقف جميع الخطوات التي تصب في مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني. ويشمل ذلك كلا من المساعي التي تهدف إلى تعميق العلاقات القائمة أصلا، وتلك التي تسعى إلى إرساء خطوات جديدة مع بلدان لم تُطبع بعد.
الأمر الثاني يتمثل في ضرورة بلورة رؤى عربية بديلة في مواجهة المخططات الإسرائيلية ذات الطابع الاستعماري، وفي مقدمتها ما يُعرف بمشروع "الشرق الأوسط الجديد".
وهنا تبرز حقيقة مهمة، وهي أن أطرافا إقليمية- كتركيا وإيران- تمتلك بالفعل رؤى متقدمة لمنطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يفرض على الدول العربية أن تكون لها رؤيتها الخاصة؛ حفاظا على كيانها السياسي ووحدة منطقتها في وجه الأطماع الخارجية.
من أبرز الخطوات العملية في هذا الصدد، العمل على تعزيز التعاون الاقتصادي العربي، ضمن إطار من الاعتماد المتبادل، والابتعاد عن كل أشكال التعاون الأمني مع إسرائيل، لا سيما تلك التي تُوظف ضد دول عربية أخرى.
إعلانكما تندرج ضمن هذه الرؤية مشاريع إستراتيجية كـ"الحزام والطريق"، والتي يمكن أن تُطرح كبدائل جيوسياسية واقتصادية لـ"خط الحرير الصيني"، بما يخدم مصالح المنطقة العربية بصورة مستقلة عن الرؤى الإسرائيلية، أو الدولية المفروضة.
تدعيم أواصر التعاون مع إيران وتركياويمثل التعاون مع إيران وتركيا أحد المسارات المهمة في التصدي للمخططات الصهيونية في المنطقة. فكلما تعزز التعاون العربي مع هذين البلدين، تضاءلت فرص أي تقارب عربي-صهيوني، وتراجعت مبرراته.
من هذا المنطلق، تبرز أهمية إفشال المخطط الصهيو-غربي الهادف إلى شيطنة إيران في أذهان صناع القرار العرب. إذ إن من الأجدى العمل على ترويض إيران سياسيا، بدلا من سياسات التسلح المكلفة؛ تحسبا لمواجهة عسكرية قد لا تقع أبدا. فمئات الملايين من الدولارات التي يتم إنفاقها على التسلح قد تكفي لبناء شراكة إستراتيجية مع إيران تخدم المصالح العربية.
وتعد تركيا، هي الأخرى طرفا إقليميا يمكن استثماره سياسيا واقتصاديا في مواجهة الأطماع الإسرائيلية، ولا سيما بعد تحسن علاقاتها التي توترت مع بعض الدول العربية منذ العام 2013. ومن أبرز مجالات التعاون الممكنة، مشروعات المياه المشتركة بينها وبين سوريا، والعراق، إذ يسهم ذلك في تهدئة التوترات الإقليمية، ويتيح التفرغ لمواجهة الخطر الأكبر.
توازن العلاقات العربية مع الأطراف الدوليةيحتاج العالم العربي أيضا أن يتذكر أن الصين وروسيا تمثلان قوى دولية رئيسة لا يمكن لأي طرف عربي تجاهلها. ومن هذا المنطلق، فإن الرهان على قوة واحدة كالولايات المتحدة دون غيرها هو بمثابة إلقاء البيض في سلة واحدة، ويؤدي في نهاية المطاف إلى انحسار الخيارات وخنق البدائل المتاحة للدول العربية.
خلال السنوات الأخيرة، كان الاعتماد العربي على الولايات المتحدة مفرطا، فيما سجلوا حضورا ضعيفا في التحالفات مع القوى الأخرى، كروسيا والصين. ولم تكن مشاركة بعض الدول العربية في مجموعة "البريكس" كافية لتحقيق التوازن المطلوب في العلاقات الدولية.
لذلك، يصبح من الضروري تعزيز التعاون العسكري والإستراتيجي مع روسيا والصين، إلى جانب التعاون الاقتصادي، وخصوصا في مجالات مثل الاستثمار المتبادل، ونقل التكنولوجيا، وبناء شراكات تنموية حقيقية، تسهم في تقوية الموقف العربي على الساحة الدولية.
توسيع نطاق الشراكة مع هذه القوى يتيح تنويع مصادر الدعم، ويقلل من حالة الارتهان السياسي والعسكري لجهة واحدة، وهو ما يُعد ركيزة أساسية لأي سياسة خارجية متزنة وقادرة على حماية المصالح العربية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الدول العربیة فی مواجهة التی ت
إقرأ أيضاً:
السبكي يبحث التعاون مع اتحاد المستشفيات العربية في الذكاء الاصطناعي
التقى الدكتور أحمد السبكي، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، الدكتور فادي علامة، رئيس اتحاد المستشفيات العربية، يرافقه وفد رفيع المستوى من الاتحاد، وذاك لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وتنمية القوى البشرية واستدامة المنشآت الصحية.
ضم وفد اتحاد المستشفيات العربية (AHF) كل من أليس يمين بوييز، الرئيس التنفيذي للاتحاد، والدكتور باسم قاديسي، مدير مركز الاستدامة بالاتحاد العربي للمستشفيات، والدكتور أسامة شاهين، العضو التنفيذي بالاتحاد.
وخلال اللقاء، أكد السبكي أن الشراكة بين هيئة الرعاية الصحية واتحاد المستشفيات العربية تمثل نموذجًا للتكامل العربي في تطوير النظم الصحية، مشيدًا بالدعم المتواصل الذي يقدمه الاتحاد لتعزيز جهود الهيئة في مجالات الجودة وسلامة المرضى وبناء القدرات المهنية.
وأشار رئيس هيئة الرعاية الصحية إلى أهمية الدور الذي يقوم به اتحاد المستشفيات العربية في دعم برامج التميز الصحي على المستوى الإقليمي، مؤكدًا تطلع الهيئة لتوسيع آفاق التعاون نحو مشاريع جديدة تخدم مستقبل القطاع الصحي العربي، وتعزز التكامل في تطبيق المعايير الدولية للجودة والاعتماد.
وأوضح السبكي أن اللقاء تناول بحث إنشاء إطار إقليمي موحد لتقييم أداء المنشآت الصحية، يكون مقره مدينة شرم الشيخ، بما يجعل منه منصة عربية وإفريقية للتكامل وتبادل الخبرات في إدارة الجودة وسلامة المرضى، مؤكدًا أن مصر تمتلك بنية مؤسسية ومقومات متميزة تؤهلها لقيادة هذا الدور على المستويين العربي والإفريقي.
كما ناقش الجانبان سبل إنشاء مركز إقليمي للتميز بالتعاون بين الهيئة العامة للرعاية الصحية واتحاد المستشفيات العربية، ليكون منصة تدريبية وبحثية متخصصة في مجالات الجودة وسلامة المرضى والتحول الرقمي والقيادة الصحية والابتكار الإداري، بما يسهم في الارتقاء بكفاءة الكوادر الطبية والإدارية في الدول العربية.
وثمن السبكي، دور اتحاد المستشفيات العربية المحوري في دعم مسيرة تطوير النظم الصحية وتعزيز الجودة وسلامة المرضى على المستوى الإقليمي، مؤكدًا أن هذا التعاون يجسد روح التكامل العربي في بناء منظومات صحية متطورة ومستدامة، وأشار إلى أن تقدير الاتحاد لهيئة الرعاية يعكس ريادة التجربة المصرية في التحول الصحي، وهو ما تجسّد في حصول الهيئة ومنشآتها على عدد من الجوائز العربية المرموقة من اتحاد المستشفيات العربية تقديرًا لأدائها المتميز في مجالات الجودة، والحوكمة، وسلامة المرضى، والاستدامة، والسياحة العلاجية، مؤكدًا أن هذه الجوائز تمثل شهادة عربية رفيعة المستوى على التزام الهيئة بمعايير الجودة العالمية وقدرتها على المنافسة الإقليمية والدولية.
ومن جانبه، أشاد الدكتور فادي علامة، والوفد المرافق له، بالإنجازات الكبيرة التي حققتها الهيئة العامة للرعاية الصحية في تطوير منظومة التأمين الصحي الشامل، مؤكدًا أنها أصبحت نموذجًا عربيًا وإقليميًا يحتذى به في تطبيق نظم التغطية الصحية الشاملة والجودة والحوكمة.
وأضاف رئيس الاتحاد أن الهيئة تمثل نموذجًا متطورًا في الابتكار وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في إدارة الرعاية الصحية، مشيرًا إلى تطلع الاتحاد إلى تعزيز الشراكة من خلال إطلاق مبادرات بحثية ونشر علمي مشترك تبرز أثر الهيئة وتجربتها الرائدة في الإصلاح الصحي على المستوى الإقليمي والدولي.
هذا وشهد اللقاء من هيئة الرعاية الصحية كل من الدكتور هاني راشد، نائب رئيس الهيئة ، الدكتور أمير التلواني، المدير التنفيذي للهيئة ، الدكتور مجدي بكر، مستشار رئيس الهيئة للشؤون الفنية، الدكتور أحمد حماد، مستشار رئيس الهيئة للسياسات والنظم الصحية ومدير الإدارة الاستراتيجية ، الدكتورة ريهام الشناوي، مدير عام الإدارة العامة للاتصال والتعاون الدولي، والدكتور شادي فرحات، رئيس وحدة التطوير والابتكار وريادة الأعمال.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الدكتور أحمد السبكي الذكاء الاصطناعي اتحاد المستشفيات العربية أخبار ذات صلة