خبير: الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود ليست رد فعل للسوق بل تصحيح لمسار مالي طويل
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا بين المواطنين، قررت الحكومة المصرية مؤخرًا رفع أسعار البنزين والسولار، رغم الانخفاض الملحوظ في أسعار النفط عالميًا.
هذا القرار جاء في سياق اقتصادي معقد، يعكس تحديات كبيرة تواجه قطاع الطاقة في البلاد. يسلط الدكتور مدحت نافع، أستاذ وخبير الاقتصاد، الضوء على الأسباب الحقيقية وراء هذه الزيادة، مؤكداً أنها ليست مجرد رد فعل لتقلبات السوق العالمية، بل استجابة حتمية لتعويض خسائر تراكمت على مدى سنوات بسبب ظروف إنتاجية واستيرادية متعددة.
يوضح نافع أن هناك فجوة متزايدة بين تكلفة إنتاج الوقود أو استيراده وسعر بيعه في السوق المحلي، مما أدى إلى تراكم خسائر كبيرة على الحكومة. هذه الفجوة لم تكن ناتجة عن ارتفاع مفاجئ في الأسعار العالمية، بل نتيجة لعوامل داخلية مثل تراجع الإنتاج المحلي وتأخر المستحقات للشركاء الأجانب.
2. تراجع الإنتاج المحلي واعتماد متزايد على الاستيرادأشار الخبير إلى أن مصر شهدت تراجعًا ملحوظًا في إنتاج الغاز الطبيعي بسبب توقف عمليات الاستكشاف لفترات طويلة، مما اضطر الحكومة إلى الاعتماد على استيراد الغاز المسال من الأسواق الفورية (Spot Market) بأسعار مرتفعة نسبيًا.
وأوضح أن مصر أصبحت أكبر مستورد للغاز المسال في المنطقة خلال العام الجاري، وهو ما أدى إلى زيادة التكاليف التشغيلية وعمليات النقل والتغويز، مضيفًا أن الحكومة تحملت جزءًا كبيرًا من هذه التكاليف دون أن تنقلها بالكامل إلى المواطنين.
أكد نافع أن القرار الحكومي بزيادة أسعار البنزين والسولار يمثل محاولة لإغلاق فجوة التمويل بين التكلفة وسعر البيع، مشيرًا إلى أن الموازنة العامة تم تسعيرها على أساس برميل نفط بسعر 70 دولارًا، رغم أن الأسعار العالمية انخفضت إلى حوالي 60 دولارًا.
وأضاف أن تثبيت الأسعار خلال الفترة الماضية كان أشبه برفع جزئي للدعم الحكومي، مشيرًا إلى أن دعم المواد البترولية بلغ نحو 150 مليار جنيه قبل احتساب الزيادة الأخيرة، ولكن جزءًا كبيرًا من هذا الدعم لا يصل لمستحقيه الحقيقيين بسبب الهدر الإداري وسوء إدارة التعاقدات.
ختم د. مدحت نافع حديثه بالتأكيد على أن رفع الأسعار لا يجب أن يكون مجرد إجراء مؤقت، بل يجب أن يصاحبه إصلاحات هيكلية جوهرية تهدف إلى رفع كفاءة الاستكشاف والإنتاج المحلي للغاز والنفط.
وقال إن تعزيز الإنتاج المحلي سيساعد في تقليل الاعتماد على الاستيراد المكلف، ويضمن استدامة مالية أفضل للقطاع وتحسين القدرة على إدارة التسعير بمرونة أكبر دون تحميل المواطن أعباء إضافية غير مبررة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أسعار البنزين والسولار أسعار النفط عالمي ا تراجع الإنتاج المحلي الإنتاج المحلی أسعار البنزین تراجع ا
إقرأ أيضاً:
الكرة المصرية في مفترق طرق.. والجبلاية تحتاج ثورة تصحيح
لم يكن خروج المنتخب المصري من كأس العرب الأخيرة مجرد تعثر رياضي عابر، بل جاء ليضيف حلقة جديدة إلى سلسلة الإخفاقات التي تضرب كرة القدم المصرية منذ سنوات، بدءا من السقوط المدوي لمنتخب الشباب في كأس العالم، وصولا إلى الأداء المرتبك والنتائج المخزيه للمنتخبات الوطنية بمختلف فئاته، وآخرها فضيحة المنتخب الثاني بقيادة حلمي طولان فى كأس العرب.
الإقصاء من كأس العرب ليس مجرد نتيجة مخيبة، بل مؤشر إضافي على أزمة شاملة تطال المنظومة بأكملها من دون استثناء، بأداء باهت، غياب استقرار فني، تراجع مستوى الدوري المحلي، وضعف في إنتاج المواهب الشابة.
وازدادت حالة الإحباط بعد المشهد المقلق الذي فرضه خروج منتخب الشباب قبل أشهر، ما فجر موجة انتقادات واسعة تجاه أداء المنتخبات الوطنية وبرامج التطوير التي باتت شبه غائبة.
فالمنافسة لم تصبح فقط مع القارة الإفريقية، بل مع كرة عربية تتطور بسرعة فائقه، ومصر لم تعد تحتمل إخفاقا جديدا، فالمشهد العام يوحي بأن الكرة المصرية تقف اليوم في مفترق طرق وسط مخاوف جماهيرية متصاعدة من تكرار الصدمات في الاستحقاق القاري المقبل “كأس الأمم الإفريقية”، في ظل حالة عدم الثقة بقدرة المنتخب الحالي على استعادة أمجاد بطولات 2006 و2008 و2010 حين كان الفراعنة رقما صعبا في القارة السمراء.
ولا يخفى على القائمين على كرة القدم أو الجماهير أن المنتخب الأول تحت قيادة حسام حسن لم يصل بعد إلى مستوى الجاهزية الفنية أو الإدارية للمنافسة على اللقب القاري.
ورغم أن النقاش العام يتركز غالبا على اللاعبين والمدربين، إلا أن جوهر الأزمة يتجاوز ذلك بكثير، فالمنظومة الرياضية لم تعد قادرة على مواكبة التطور العالمي في كرة القدم، فيما تراجع الدوري المصري بفعل اضطراب جدول المباريات فى الدوري الممتاز ودروي الدرجة الثانية، والضعف البدني الواضح، وغياب التخطيط طويل المدى.
في الوقت الذي تعاني فيه الكرة المصرية من التراجع، تعيش الكرة المغربية طفرة مبهره، سواء في كأس العالم أو تتويجات قارية متتالية لأنديتها، بجانب صعود لافت للمستوى الفني في السعودية وقطر والإمارات.
النجاح المغربي لا يعود فقط إلى وفرة المحترفين في أوروبا، بل نتيجة مشروع بدأ قبل أكثر من عشر سنوات يعتمد على بنية تحتية حديثة، وأكاديميات لرعاية الموهوبين، واستقرار فني وإداري، بينما لا تزال الكرة المصرية عالقة في دائرة الأخطاء المتكررة.
النهضة المغربية أصبحت نموذجا يحتذى به بعد أن اقترنت بالتخطيط الطويل ومحاربة الفساد، وهو ما تفتقده الرياضة المصرية التي لا تزال بحاجة إلى إصلاحات جذرية تعيدها إلى موقع الريادة.
فالأزمة باتت هيكلية بسبب التغيرات المستمر في الأجهزة الفنية، وغياب رؤية طويلة المدى، المسئول عنها اتحاد الكرة الذى يدير المشهد بشكل غير احترافي بقرارات ارتجالية تربك المنتخبات في مختلف الأعمار، بجانب عدم الاهتمام ببرامج تطوير الناشئين وتراجع إنتاج المواهب القادرة على المنافسة الدولية.
وفي ظل هذا المناخ المضطرب يصبح من الصعب بناء مشروع كروي حقيقي، بينما يزداد الضغط على المنتخبات قبل الظهور في بطولات عالمية وقاريه، لينتهي بنا المطاف بالخروج صفر اليديدن من معظم البطولات طوال السنوات الماضية.
يؤكد خبراء الإعداد البدني أن الفارق بين اللاعب المصري ونظيره الإفريقي أو العربي لم يعد مهاريا بقدر ما هو بدني، فمع توقف الأندية عن الاستثمار في برامج اللياقة الحديثة تراجع الأداء البدني للاعبين بشكل واضح، وهو ما يظهر عند مواجهة منتخبات شمال إفريقيا الأكثر جاهزية وقوة.
بينما يرى خبراء التدريب أن الأزمة الأكبر تكمن في تراجع منظومة الناشئين، إذ تعتمد أغلب الأندية الكبرى على شراء اللاعبين بدل صناعة جيل جديد، وفي وقت تبني فيه الدول العربية وعلى رأسها المغرب مراكز تكوين تضاهي الأكاديميات الأوروبية، ما زالت قطاعات الناشئين المصرية تدار بأساليب تقليدية تفتقد للرؤية.
أكبر نجاحات الكرة المصرية في تاريخها جاءت حين كان هناك مشروع واضح واتحاد مستقر وأهداف طويلة المدى، أما اليوم فالمشهد مختلف تماما: لا رؤية، ولا تخطيط، ولا استمرارية، بل قرارات متلاحقة معظمها وفقا للأهواء والانتماء، وهو ما يعمق الفوضى داخل المنتخبات والأندية.
الأزمة الحالية أعمق من مجرد خروج من بطولة، فهي نتيجة غياب مشروع حقيقي يربط بين المنتخبات والأندية، وتبني معايير واضحة للتطوير الفني والبدني والإداري، وإذا أرادت الكرة المصرية أن تستعيد موقعها الطبيعي فعليها التخلي عن الحلول المؤقتة والبدء في بناء المنظومة من القاعدة إلى القمة.