هل ستسلم حماس سلاحها؟ تجربة إيرلندا الشمالية ترسم ملامح المعركة الأصعب
تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT
مثلما حدث في إيرلندا الشمالية، يتضح أن مسألة نزع السلاح تشكل العقبة الأكبر أمام الخطة.
عندما كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطته للسلام في غزة المؤلفة من 20 بنداً، لاحظ دبلوماسيون ومعلقون تشابهاً واضحاً مع اتفاق الجمعة العظيمة الذي ساهم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في صياغته. فقد شكّل هذا الاتفاق التاريخي، الذي وُقّع عام 1998، نقطة الانطلاق لإنهاء ثلاثة عقود من العنف الطائفي في إيرلندا الشمالية.
الأكاديمي ديفيد ميتشل، أستاذ دراسات المصالحة والسلام في كلية ترينيتي، قال لمجلة "بوليتيكو" إن "عدداً من العبارات في خطة غزة تبدو وكأنها مقتبسة مباشرة من اتفاق الجمعة العظيمة أو مستوحاة منه"، لا سيما تلك التي تشير إلى "عملية نزع السلاح" و"إخراج الأسلحة من الخدمة بشكل دائم".
وأوضح ميتشل أن مصطلح (نزع السلاح) لم يكن شائعاً قبل توقيع الاتفاق، واستخدامه جاء لتخفيف وقع الكلمة وجعلها أقل ارتباطاً بفكرة الهزيمة بالنسبة للجماعات المسلحة.
Related منظمة الصحة العالمية تحذر: غزة لا تزال تواجه مجاعة رغم وقف إطلاق النارصحيفة تكشف: خطة لتقسيم غزة إلى منطقتين بين إسرائيل وحماس لقاء بين حماس وفتح في القاهرة يبحث مستقبل غزة وترتيبات ما بعد وقف إطلاق النار التحدي الزمني: من إيرلندا إلى غزةورغم ذلك، استغرق الأمر نحو تسع سنوات حتى نزع الجيش الجمهوري الإيرلندي (IRA) سلاحه بالكامل، بعد صراع دامٍ خلّف نحو 3,500 قتيل و50 ألف جريح. والسؤال المطروح اليوم: كم من الوقت سيستغرق نزع سلاح حماس؟
اعتماد اتفاق الجمعة العظيمة كنموذج لعملية غزة ليس مفاجئاً، إذ اختار ترامب توني بلير للإشراف على إدارة غزة في مرحلة ما بعد الحرب. وقد عمل بلير على الخطة خلال الأشهر الستة الأخيرة من الإدارة الأميركية السابقة، ثم شارك في تطويرها مع صهر ترامب جاريد كوشنر والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف بعد إحيائها في عهد الإدارة الحالية.
العقبة الأكبر في تطبيق الاتفاقومثلما حدث في إيرلندا الشمالية، يتضح أن مسألة نزع السلاح تشكل العقبة الأكبر أمام الخطة، لا سيما مع انتقالها من المرحلة الأولى، التي تقوم على تبادل الأسرى ووقف الأعمال القتالية، إلى المرحلة الثانية التي يُفترض أن تشهد تخلي حماس والفصائل الفلسطينية عن أسلحتها.
أما المرحلة الثالثة، في حال الوصول إليها، فتهدف إلى إعادة بناء مؤسسات الحكم المدني وإعمار غزة، وهي عملية ستستغرق سنوات طويلة، كما سيكون نزع السلاح بدوره طويلاً ومعقداً.
وفي هذا السياق، حذّر ترامب يوم الثلاثاء، بعد اتهام حماس بشن هجوم على قوات إسرائيلية في منطقة رفح، من أن الحركة ستواجه "نهاية سريعة، عنيفة، وقاسية" إذا لم تلتزم بنزع السلاح. حتى الآن، لم يُسجّل سوى تسليم محدود للأسلحة من قبل إحدى العائلات في خان يونس، في وقت بدأت فيه حماس حملة ضد خصومها المحليين والأشخاص الذين تتهمهم بالتعاون مع إسرائيل.
دروس من إيرلندا: الوقت والثقة والرموز السياسيةوتشير تجربة إيرلندا الشمالية إلى أن حتى أقوى الإرادات السياسية تحتاج إلى وقت طويل لإنجاز عملية نزع السلاح، ما يفتح الباب أمام خصوم العملية السياسية لمحاولة إفشالها.
ويعد اتفاق الجمعة العظيمة أحد أبرز إنجازات بلير، الذي قال في الذكرى الخامسة والعشرين لتوقيعه: "لقد واجه القادة في ذلك الوقت عناصر متشددة داخل صفوفهم وتحملوا المخاطر السياسية للمضي قدماً، وهذا درس مهم لكل عمليات السلام في العالم".
الرئيس الأميركي جاي دي فانس ألمح بدوره، خلال زيارته لإسرائيل الثلاثاء، إلى أن تطبيق خطة الـ20 بنداً "سيستغرق وقتاً طويلاً جداً"، مؤكداً أن الإدارة لن تحدد جدولاً زمنياً لنزع سلاح حماس.
ميتشيل استعاد أيضاً تجربة ما بعد توقيع اتفاق الجمعة العظيمة، موضحاً أن "نزع السلاح كان القضية الأهم التي سيطرت على العملية السياسية حتى عام 2007، وشكل رمزاً كبيراً"، إذ أدت الشكوك في جدية الجيش الجمهوري الإيرلندي إلى انهيار مراحل متعددة من تقاسم السلطة.
غموض الموقف وغياب الآليةأما في غزة، فتقول حماس إنها أعادت نشر عناصرها المسلحة للحفاظ على الأمن ومنع الفوضى. لكن الحركة لم تقدم موقفاً واضحاً بشأن نزع السلاح. وقال محمد نزال، عضو المكتب السياسي لحماس، لوكالة "رويترز" هذا الأسبوع: "لا أستطيع الإجابة بنعم أو لا. الأمر يعتمد على طبيعة المشروع. ما المقصود بنزع السلاح؟ ولمن ستُسلَّم هذه الأسلحة؟".
لا توجد حتى الآن آلية واضحة لجمع أو تدمير السلاح. فحماس لن تسلّم أسلحتها للجيش الإسرائيلي، تماماً كما لم يسلّم الجيش الجمهوري أسلحته للجيش البريطاني أو الشرطة.
في حالة إيرلندا، تولى مراقبان دينيان مستقلان مهمة الإشراف السري على تدمير الأسلحة. لكن من غير المرجح أن توافق شخصيات إسرائيلية بارزة مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أو وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على نموذج مماثل، إذ سيطالبان بأدلة قاطعة على عملية النزع.
"الثغرة القاتلة"الحل الأكثر ترجيحاً، وفقاً لفانس، هو تسليم السلاح لقوة استقرار دولية لا تزال قيد التخطيط. لكنه لم يربط صراحة بين هذه القوة وآلية نزع السلاح. ويطرح هذا تساؤلات حول نوايا حماس ومدى قدرتها على ضبط مختلف الفصائل المسلحة في القطاع.
وقال نيد برايس، الدبلوماسي الأميركي السابق الذي عمل مع بلير ووزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن على الخطة، إن "المشهد في غزة ليس موحداً تماماً، والسؤال المطروح: هل لدى حماس السيطرة العملياتية الكاملة؟".
ويرى ميتشل أن الفارق الأكبر بين اتفاق الجمعة العظيمة وخطة غزة هو وجود تسوية سياسية واضحة في الحالة الأولى، مقابل غياب مسار نحو حل الدولتين في الحالة الثانية. ويقول: "في إيرلندا الشمالية، كان مسار السلام مرتبطاً بالتقدم السياسي، أما في هذه الخطة، فلا يوجد هذا الارتباط"، وهو ما قد يشكّل، بحسبه، "الثغرة القاتلة" في المشروع.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل روسيا فرنسا حروب حركة حماس دونالد ترامب إسرائيل روسيا فرنسا حروب حركة حماس حركة حماس توني بلير دونالد ترامب غزة إسرائيل ايرلندا دونالد ترامب إسرائيل روسيا فرنسا حروب حركة حماس سوريا بريطانيا دراسة الصحة كندا فنزويلا فی إیرلندا الشمالیة نزع السلاح
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية الأمريكي: الحرب ستعود إذا رفضت حماس نزع سلاحها
قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، خلال تصريحاته، منذ قليل: “إننا ملتزمون بأمن إسرائيل ونعمل على إنجاح خطة السلام”، موضحا أن الحرب ستعود إن قامت حماس بتسليح نفسها، وإن رفضت حماس نزع سلاحها سيكون انتهاكا للاتفاق، وفقا لقناة العربية.
وعلى صعيد آخر، استمرارا لسلسلة الاعتداءات وأعمال العنف التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني في الضفة الغربية، اعتقلت قوات الاحتلال الوحشية أسيرًا محررًا من طولكرم.
ووفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية وفا، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة الموافق 24 أكتوبر، أسيرا محررا من ضاحية ارتاح جنوب مدينة طولكرم.
وذكرت مصادر محلية أن قوات الاحتلال اعتقلت المحرر مالك سعادة جلاد "50 عاما"، بعد مداهمة منزله في الضاحية وتخريب محتوياته.
كما أقدم مستعمرون فجر اليوم، على إحراق عدد من مركبات المواطنين في بلدة دير دبوان شرق مدينة رام الله.
وأفادت مصادر فلسطينية، بأن مستعمرين هاجموا منطقة التل في دير دبوان، وأشعلوا عددًا من المركبات المركونة أمام منازل المواطنين.
وفي طوباس، نقلت وفا، اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي، الليلة الماضية، لمخيم الفارعة جنوب طوباس.
وأفادت مراسلة وفا، بأن قوات الاحتلال اقتحمت المخيم من مدخله الشمالي بدوريات عسكرية عدة، وانتشرت قوات من المشاة في أزقته.
ولفت إلى أن قوات الاحتلال داهمت منازل عدة، ثم انسحبت باتجاه حاجز الحمرا دون التبليغ عن اعتقالات هناك.