بوابة الوفد:
2025-12-12@14:24:46 GMT

الفقر تذكرة عبور الفاسدين

تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT


في مشهد مؤسف يعكس وجهاً مظلماً من وجوه الممارسات الانتخابية الفاسدة، شهدت منطقة الزاوية الحمراء بالقاهرة واقعة غريبة ومؤلمة في آنٍ واحد، حين أقدم صاحب أحد المقاهي الشهيرة بالمنطقة على تجميع البطاقات الشخصية من عدد من الأهالي البسطاء ومحدودي الدخل، بزعم مساعدتهم والحصول لهم على "مساعدات مالية" من بعض المرشحين المحتملين في الانتخابات البرلمانية القادمة.

 لكن ما بدا في ظاهره عملاً خيرياً، تبيّن سريعاً أنه حيلة انتخابية خبيثة تم خلالها  الحصول علي صور للبطاقات الشخصية لهؤلاء الغلابة وتصويرهم أنفسهم  أثناء استلامهم مبالغ زهيدة، تُستخدم لاحقاً في الدعاية السوداء وتوجيه الأصوات بشكل غير مشروع. فقد تم ضرب عصفورين بحجر واحد . عملية مخططة تخطيط دقيق .

تبدأ الحكاية بداية الأسبوع الجاري، حين بدأ أحد أصحاب المقاهي المعروفة في شارع رئيسي بمنطقة الزاوية الحمراء بجمع عدد كبير من البطاقات الشخصية من سكان الحي.  وكان الرجل قد أخبرهم بأن بعض المرشحين  قرروا تقديم “مساعدات مالية” للفقراء دعماً لهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وبحسن نية، سلّم المئات من الأهالي بطاقاتهم الشخصية إلى الرجل، ظناً منهم أن هذه الخطوة هي مجرد إجراء لإثبات الاستحقاق والحصول على تلك المساعدات. غير أن ما حدث بعد ذلك كان أبعد ما يكون عن النية الطيبة أو العمل الخيري. فقد قام صاحب المقهى بدعوة هؤلاء المواطنين إلى الحضور ، وقام بنفسه بتوزيع أظرف  مغلقة عليهم، طالباً منهم عدم فتحها إلا بعد عودتهم إلى منازلهم.  وفي الوقت نفسه، قام بتصويرهم بهاتفه المحمول أثناء استلامهم للأظرف، بدعوى توثيق لحظة “استلام المساعدة”.
لكن المفاجأة الكبرى كانت عندما عاد هؤلاء البسطاء إلى منازلهم وفتحوا الأظرف، ليجدوا بداخلها ورقة مالية بقيمة 20 جنيهاً فقط!  وبينما شعر الكثيرون منهم بالمهانة والغضب، كانوا لا يدركون أنهم في الحقيقة جرى استغلالهم في دعاية انتخابية مُضللة، حيث قام صاحب المقهى بعد ذلك بنشر الصور عبر حسابه الشخصي على “فيسبوك”، مرفقاً بتعليق مثير للجدل .

أثار هذا التصرف حالة من الغضب العارم بين سكان المنطقة، خصوصاً بعدما أدركوا أنهم كانوا مجرد أدوات في حملة دعائية هدفها تشويه العملية الانتخابية وخلق انطباع زائف بأن “المرشحين يشترون الأصوات”.  والسؤال الذي يطرح نفسه ما السر من تجميع صور البطاقات الشخصية والاحتفاظ بها؟

هذه الواقعة تؤكد أن بعض ضعاف النفوس لا يتورعون عن استخدام الفقر كأداة انتخابية، في غياب رقابة حقيقية أو وعي كافٍ لدى الناخبين بحقوقهم السياسية. ولا بد من تشديد الرقابة على مثل هذه الممارسات، وتفعيل العقوبات ضد أي شخص يثبت تورطه في شراء الأصوات أو تشويه العملية الانتخابية.

ما بين الجوع والكرامة
تفتح هذه الحادثة المؤسفة الباب مجدداً أمام تساؤلات مؤلمة حول  غياب الوعي الانتخابي في بعض المناطق الشعبية.  ففي الوقت الذي يُفترض أن تكون الانتخابات مناسبة للتعبير الحر عن الإرادة الشعبية، تتحول أحياناً إلى مواسم للاتجار بكرامة البسطاء، حين يتم شراء ولائهم بأوراق مالية لا تكفي حتى لشراء خبز فقط. الزاوية الحمراء لم تكن يوماً غريبة عن الأزمات الاجتماعية، لكنها اليوم تواجه امتحاناً جديداً، عنوانه “هل يمكن للفقر أن يُخرس الصوت الحر؟”.  فالمواطن الذي يقف في طوابير الغلاء لا يحتاج إلى “ظرف فيه 20 جنيهاً” أو أكثر ، بل إلى كرامة، وعدل، وصوتٍ يُسمع في البرلمان.

تلك الواقعة ليست مجرد قصة من الحارة، بل جرس إنذار لمجتمعٍ يوشك أن يفقد توازنه بين الجوع والضمير.  وعلى الدولة، والأحزاب، والمجتمع المدني، أن يتعاملوا مع مثل هذه الممارسات بحزم، لأن الصوت الذي يُشترى اليوم بـ20 جنيهاً، قد يُباع غداً بمستقبل وطن بأكمله.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الذی ی

إقرأ أيضاً:

النائب أحمد عشا الدوايمة يدعو الحكومة إلى الاستثمار ومكافحة الفقر والبطالة

صراحة نيوز-أكد النائب أحمد عشا الدوايمة على ضرورة تحويل الشعارات الحكومية المتعلقة بالنمو والإصلاح والتنمية إلى مشاريع واستثمارات فعلية، مع التركيز على مكافحة الفقر والبطالة.

وشدد الدوايمة خلال حديثه على أن الموازنة القادمة يجب أن تبتعد عن أعباء المواطن، مؤكداً ضرورة تحويل الاقتصاد من اقتصاد ريعي يعتمد على الجباية إلى اقتصاد منتج وريادي. وأضاف: “يكفي دراسات ولجان وخطط، نريد بداية مرحلة جديدة في استخراج الغاز والنفط واستغلال موارد الأرض والصحراء والصخور والرمال وخيرات البحر الميت والملح”.

ودعا النائب الحكومة إلى التفكير خارج الصندوق وتشجيع الريادة والابتكار، مشيراً إلى بعض المبادرات الإيجابية مثل توجيه وزير التعليم نحو التعليم المنزلي الذي ساهم في تخفيف الازدحام الأكاديمي، وتخفيف عبء المواعيد والإجراءات الطبية.

كما طالب الدوايمة بالإلغاء أو الدمج والترشيق الحكومي للوحدات غير الفاعلة، وتسريع استخراج النفط والغاز واستغلال مصادر الطاقة، وفتح فرص للشباب لاستثمار أراضي الدولة في الزراعة والمشاريع الإنتاجية، خصوصاً زراعة القمح لضمان الأمن الغذائي.

وأشار النائب إلى ضرورة حل مشاكل الأطباء الحاصلين على شهادات عليا، وتطوير التمريض المشارك والمساعد، مشدداً على أن إنقاذ الأردن ليس خياراً بل واجباً تاريخياً.

كما أكد على تحسين البنية التحتية في عمان الثانية والمحافظات والقرى والمخيمات، بما يشمل المدارس، القاعات، الصرف الصحي، المنح والقروض، وإتاحة التقاعد المبكر مع السماح للمتقاعدين المبكرين بالعمل.

مقالات مشابهة

  • نوابُ حكومةٍ أم نوابُ أُمّة؟
  • أوهام الازدهار العالمي.. تفكيك أسباب الفقر في عالمٍ يزداد غنى .. كتاب جديد
  • أحمد زيور باشا.. الحاكم الذي جمع القوة والعقل والإنسانية
  • بوتين يحدد هدفا جديدا: خفض معدل الفقر في روسيا إلى أقل من 5% بحلول 2036
  • ضبط أكثر من 109 آلاف مخالفة مرورية فى يوم واحد
  • مأساة على قضبان سوهاج.. شاب يلقى حتفه دهسا أمام الجميع
  • بابا الفاتيكان يتأمل في سر الموت: عبور الإنسان نحو النور الأبدي
  • العتوم تؤكد ضرورة الاستثمار في التعليم لمواجهة الفقر وتحسين إدارة الموارد
  • النائب أحمد عشا الدوايمة يدعو الحكومة إلى الاستثمار ومكافحة الفقر والبطالة
  • كيف تجد أرخص تذكرة طيران