هل يجوز للأب كتابة ممتلكاته لبناته قبل وفاته لحرمان أشقائه من الميراث؟
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
ورد سؤال إلى الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يقول السائل:
قام شخص، لأن ذريته بنات، بكتابة كل ما يملك لبناته، فلما علم إخوته بذلك أوجعوه ضربًا حتى كاد أن يموت لولا أن الله سلم، كما قاموا بتهشيم سيارته فصارت حطامًا، فما حكم الشرع في ذلك؟
وأجاب الدكتور عطية لاشين قائلًا:الحمد لله رب العالمين، قال في القرآن الكريم: “فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ”، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال للذي استولى على تركة أخيه كلها دون أن يعطي شيئًا لزوجة ولا بنات أخيه: *"أعط أمهما الثمن، وللبنات الثلثان، وما بقي فهو لك".
وأوضح الدكتور عطية لاشين أن علم المواريث يختلف عن سائر العلوم الشرعية الأخرى في أن أحكامه قطعية الثبوت وقطعية الدلالة، وإنما كانت كذلك لأن الله تعالى تولى بنفسه تفصيلها وبيانها بيانًا شافيًا تامًا كافيًا، لا مجال للإضافة إليها من قبل أي متخصص.
وأضاف أن أحكام المواريث وضعت من لدن حكيم خبير عليم، وأن أي تدخل بشري فيها بزيادة أو نقصان، أو حرمان أي مستحق من حقه، يعتبر اعتداءً على التشريع الإلهي في المواريث.
وتابع قائلًا: لما كان ذلك كذلك، ختم الله آية المواريث الثانية بقوله في الجانب الإيجابي لمن التزم بشرع الله في المواريث:
"ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم."
وعلى الجانب الآخر، الجانب السلبي من الوعيد الأكيد والتهديد الشديد لمن سمح لنفسه أن يعتدي على اختصاص المولى عز وجل، قال سبحانه:
*"ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين."*
وبخصوص واقعة السؤال، قال الدكتور عطية لاشين:إن حكم الله في الفتوى محل السؤال ما يلي: للبنات الثلثان فرضًا بنص قرآني مقطوع به ثبوتًا ودلالة في كتاب الله عز وجل، وإخوة هذا الرجل لهم الباقي تعصيبًا وهو الثلث.
فلو أن أصل المسألة من ستة أسهم مثلًا، لكان للبنات ثلثا الستة، أي أربعة من ستة، ولإخوة المتوفى فيما بعد اثنان من ستة.
وقد يقال: إن هذا يكون فيما لو حدثت وفاة للشخص، أما وأن صاحب المال تصرف في ماله في حياته، أيكون ذلك محرمًا؟
فنقول: إن هناك قاعدة فقهية مقررة لدى أهل العلم بالقواعد الفقهية، وتفعيل هذه القاعدة يوجب أن يكون ما فعله هذا الشخص حرامًا، لأن ما أدى إلى الحرام يكون حرامًا. وهذه القاعدة تقول: (الأمور بمقاصدها).
فتصرف هذا الشخص محرم لأنه واضح منه الانتقام من إخوته، خاصة أن بينهم خصومة في الحياة العملية.
وأما عن ردة الفعل الصادرة من إخوته، من ضربه وتكسير سيارته، فهذا أيضًا ليس ردًا مشروعًا، وما هكذا يكون الوصول إلى الحق المستقبلي، بل بالبلطجة والضرب والتكسير وتعويم الضلوع وإتلاف الأموال ، وما هكذا ورد يا سعد الإبل.
وكان خيرًا لهم من بلطجيتهم أن يتركوا أخاهم وما فعل، تاركين حسابه وعقابه لمن خالف تشريعه وهو الله عز وجل.
كما أشار الدكتور عطية لاشين إلى أن نصيب الإخوة، وهو الثلث، مما يكون من تركة أخيهم، لا يغنيهم في حياتهم شيئًا، ولا يزيد من ذمتهم المالية فتيلاً ولا نقيرًا ولا قطميرًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: عطية لاشين أحكام المواريث حقوق البنات التركة القواعد الفقهية الدکتور عطیة لاشین
إقرأ أيضاً:
هل يجوز الاستخارة بالدعاء فقط لمن تعذر عليه أداء الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
ورد الى دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه هل يجوز الاستخارة بالدعاء فقط لمن تعذر عليه أداء الصلاة؟
وأجابت الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: ان الأصل في الاستخارة أن تكون بصلاة ركعتين ودعاء، لكنها تحصُل بالدعاء فقط عند تعذُّر الصلاة، فيجوز للحائض، والنفساء، وفاقد الطهور، ومن تعذرت عليه الصلاة لأي سبب، أو ضاق عليه وقت اختياره لنفسه ولا يدري ماذا يفعل، ومن لم يرد الصلاة لغير هذه الأسباب، فله أن يستخير بالدعاء.
قال العلَّامة ابن عابدين في "رد المحتار" (2/ 27): [ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء] اهـ.
وقال الشيخ الكشناوي المالكي في "أسهل المدارك" (1/ 27، ط. دار الفكر): [وإذا تعذرت الاستخارة بالصلاة استخار بالدعاء كالحائض] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 205، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ولو تعذرت عليه الصلاة: استخار بالدعاء، وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرح له صدره] اهـ.
ولفتت إلى انه اذا استخار المسلم بالدعاء فيمكنه أن يكرره إلى أي عدد؛ لحثه صلى الله عليه وآله وسلم على كثرة الدعاء، وأن للدعاء فوائد كثيرة منها: اللجوء إلى الله تعالى، وحضور القلب وخشوعه.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ما من مسلم يدعو، ليس بإِثمٍ ولا بقطيعة رحم، إلا أعطاه إحدى ثلاث: إما أن يُعَجلَ له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها، قَالَ: إِذًا نُكثر، قال: اللَّهُ أَكْثَرُ» أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وأحمد في "المسند"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين".
كيفية صلاة الاستخارة
أوضحت الافتاء ان الأصل في الاستخارة أن تكون بصلاة مخصوصة، وذلك بصلاة ركعتين من غير الفريضة، ثم التوجُّهِ إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء الوارد، فعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ -ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ- خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ -قَالَ: أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي- فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".
شرط صلاة الاستخارة حتى يترتب عليها الأثر المرجو الذي من أجله شرعت الاستخارة
ولفتت إلى أن الاستخارة شرطها أن يُخَلِّصَ المسلم قلبه من الميل عند الاستخارة، حتى لا يكون قد عزم على الأمر قبلها، فيكون اختياره عن هوى، وبعدها يمضي إلى ما ينشرح له صدره، والتيسير علامة الإذن.