غزة- قتل الجيش الإسرائيلي 100 فلسطيني في غضون 12 ساعة فقط، عبر سلسلة غارات جوية مكثفة شنها على قطاع غزة، بذريعة الرد على مقتل جندي برصاص قناص فلسطيني في مدينة رفح الخاضعة لسيطرته الأمنية.

ويأتي هذا العدوان بعد 10 أيام فقط من موجة تصعيد مشابهة، أدت لاستشهاد 48 فلسطينيا بالذريعة ذاتها، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي حينها مقتل جنديين في المدينة نفسها جنوب القطاع.

ومع تشابه مزاعم الاحتلال التي اختلقها لتبرير جرائمه في غزة، واختياره أوقاتا متقاربة لتجديد عدوانه، تبرز دلالات سياسية وعسكرية لخروقات الاحتلال المتواصلة منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، والتي أدت لاستشهاد قرابة 200 فلسطيني، وإصابة 400 آخرين.

تجديد بنك الأهداف

ويشرح الباحث في الشأن الأمني والعسكري رامي أبو زبيدة في حديث للجزيرة نت، تفاصيل المشهد الذي يريده الاحتلال الإسرائيلي في غزة، قائلا إن الجهات الأمنية الاستخبارية لديها دورات استهداف عملياتية منظمة، يبدو أنها قصيرة الأمد في الوقت الحالي، وتعتمد على أنشطة وحدات الرصد والاستخبارات الميدانية، ويحدد فيها الجيش أهدافا بشرية، في انتظار الفرصة المناسبة للقضاء عليها.

وأوضح أبو زبيدة أن "الاحتلال يعتمد حاليا في تبرير ضرباته على سردية اختراق حركة حماس لاتفاق وقف إطلاق النار، عبر حوادث لا يعلم أحد ماهيتها، لأنها تقع في مناطق يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، بهدف منحه غطاء سياسيا وإعلاميا لتبرير هجومه الجوي".

ورجّح الباحث في الشأن العسكري أن يكرر الاحتلال عملياته الجوية بأوقات زمنية قريبة، عندما يتوفر له بنك أهداف (قائمة مطلوبين للاغتيال أو مواقع مستهدفة) بما تسمح الظروف بجمعه استخباريا في قطاع غزة.

ويرى أبو زبيدة أن اتخاذ الاحتلال نفس الذريعة لعدوانه -بأن جنوده تعرضوا لهجوم في رفح- يأتي كضرورة لتبرير ضرباته أمام الراعي الأميركي، ويخفف من التكلفة السياسية على نتنياهو، ويفتح أمامه نافذة للقيام بضربات انتقائية تحت مسمى الرد على الخروقات.

إعلان

ويعتقد أبو زبيدة أن نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- يرفض تقييد حركته في القطاع، مستغلا إسناد الرئيس الأميركي له وتأييده لحق إسرائيل بالرد إذا تعرضت لأي تهديد.

ومن الجدير بالذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبدى دعمه للقصف الإسرائيلي على غزة، واعتبره ليس خرقا لإطلاق النار، "لأن الجنود الإسرائيليين تعرضوا لهجوم، ويجب أن يدافعوا عن أنفسهم"، في حين لم يدن ترامب الخروقات الإسرائيلية المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار.

الظهور الأخير لعناصر المقاومة المسلحة خلال استخراج جثث الجنود الأسرى أثبت استمرار وجودها الميداني (رويترز)دلالات ميدانية

يتحدث الباحث في الشأن العسكري والأمني عن عدة دلالات لتكرار عدوان الاحتلال على غزة رغم اتفاق وقف إطلاق النار، أبرزها:

أن الاحتلال يريد أن يفرض وقائع عملية أمنية تكتيكية خاصة في قطاع غزة. وأن لدى الاحتلال مصلحة في استخدام الضربات الانتقائية، كي يجعل المقاومة مستنزفة، ويعيد تشكيل الواقع الأمني في قطاع غزة لتحجيم قدرات الفصائل المسلحة. تسديد ضربات لشخصيات فشل في الوصول إليها خلال الحرب. اعتماد خطوط اشتباك تبقى مقبولة ضمن التكتيكات، دون الوصول إلى حرب شاملة.

كما تواجه حكومة نتنياهو ضغوطا من الركائز اليمينية والمستوطنين، تطالبه بالتصعيد، وبالتالي يخاطب نتنياهو من خلال هذه الضربات القواعد الانتخابية والحزبية لليمين المتطرف التي تطالب بحسم أكثر صرامة.

من ناحية أخرى، أثبت الظهور الإعلامي الأخير لعناصر المقاومة المسلحة خلال استخراج جثث الجنود الأسرى، قدرة المقاومة الميدانية، وهو أمر حساس سياسيا ومعنويا لحكومة نتنياهو، التي تسوق لرواية النصر المطلق.

أوراق ضغط

من ناحية أخرى، يتوقع الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني إياد القرا أن يستمر الاحتلال الإسرائيلي بهذه الحالة خلال الفترة القادمة، "مما يحتم على المقاومة أن تتخذ إجراءات لحماية عناصرها وقياداتها، وأن لا تكون لقمة سائغة للاحتلال".

ويرى القرا في حديث للجزيرة نت، أن ما يجري شكل من أشكال الضغط الذي استخدمه الجيش الإسرائيلي على مدار السنتين الماضيتين، لإيقاع أكبر خسائر بشرية في صفوف المقاومة، واستكمال استهداف عناصرها، بغية عدم السماح لهم بإعادة ترتيب صفوفهم.

وأوضح القرا أن "الاحتلال الإسرائيلي يتخذ من رفح ذريعة لعدوانه، لأنه عمليا هو من يسيطر عليها وعملاؤه بشكل كامل، فبالتالي تغيب أي رواية من الطرف الفلسطيني، أو ما يمكن أن يثبت أو يفند رواية الاحتلال".

ونوه إلى أن الاحتلال يستغل فترات الهدوء لتجميع بنك أهداف جديدة، "ويفعله عندما يقتنص الفرصة المناسبة لذلك، ويبدو أن هذه الطريقة أصبحت نمط عمل بالنسبة له في قطاع غزة" حسب قوله.

وشدد القرا على أن نتنياهو يستغل الغطاء الأميركي الذي يمنحه إياه الرئيس دونالد ترامب، وعدم تفعيل قوات الاستقرار الدولي في غزة، أو الجهات التي يمكن أن تراقب وقف إطلاق النار وسلوك الاحتلال.

ويعتقد أن العدوان الإسرائيلي يعود بشكل أساسي إلى أن الولايات المتحدة لا تتعامل حتى الآن كوسيط نزيه أو حتى ضامن للاتفاق، وإنما كشريك للاحتلال الإسرائيلي، وتضفي الشرعية على جرائمه في غزة.

إعلان

وبحسب القرا، فإن أحد أسباب عدم انتقال الاحتلال الإسرائيلي للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار "كي يبقى مطلق اليدين في غزة دون حسيب أو رقيب، ويواصل تهربه من كل المسؤوليات تجاه تنفيذ الشق المرتبط بفتح المعابر، وإدخال البضائع ومستلزمات إعادة الإعمار، ويربط ذلك بقضية الجثث الإسرائيلية، رغم أنه يعلم صعوبة الوصول إليهم بسبب ما قام به الجيش الإسرائيلي من تغيير وتدمير في معالم قطاع غزة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الاحتلال الإسرائیلی الجیش الإسرائیلی وقف إطلاق النار فی قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال ينتهك مجددا وقف إطلاق النار بغزة بسلسلة غارات

أفادت مصادر طبية في مستشفى الشفاء بمدينة غزة مساء اليوم الأربعاء باستشهاد فلسطينيين اثنين جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت حي السلاطين في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، في خرق إسرائيلي جديد لاتفاق وقف إطلاق النار.

من جهته قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ هجوما في بيت لاهيا، استهدف ما وصفها بـ"بنية تحتية إرهابية" تُستخدم لتخزين أسلحة ووسائل جوية، زاعما أنها كانت معدّة لتنفيذ هجوم وشيك ضد قواته.

ويأتي هذا التصعيد بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي استئناف العمل باتفاق وقف إطلاق النار، عقب سلسلة غارات عنيفة على أنحاء متفرقة من القطاع، أسفرت عن استشهاد 104 فلسطينيين، بينهم 46 طفلا، وفقا لبيانات الدفاع المدني.

من جهته، أكد الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن أحد الشهداء سقط في غارة جوية على منطقة العطاطرة شمال القطاع، وتم نقله إلى مستشفى الشفاء.

وكانت وزارة الصحة في غزة قد أعلنت أن حصيلة الضحايا منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بلغت 211 شهيدا و597 إصابة، إضافة إلى انتشال جثامين 482 شهيدا قُتلوا قبل بدء الاتفاق.

وقد دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في وقت سابق اليوم المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف المجازر بحق المدنيين في القطاع.

وشددت الحركة على أن "دماء أطفال ونساء غزة ليست رخيصة، وأنّ المقاومة بكافة فصائلها التزمت بالاتفاق بإرادة مسؤولة، لكنها لن تسمح للعدو بفرض وقائع جديدة تحت النار".

وتعد هذا الهجمات خروقات جديدة للاتفاق الذي تم التوصل ضمن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي جاءت بعد عامين  من حرب الإبادة في القطاع، التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 68 ألف فلسطيني وإصابة نحو 170 ألفا، معظمهم من الأطفال والنساء، مع تكلفة إعادة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الاحتلال ينتهك مجددا وقف إطلاق النار بغزة بسلسلة غارات
  • “حماس”: العدوان الإسرائيلي الغادر على غزة انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار وتواطؤ أمريكي واضح
  • الجيش الإسرائيلي يعود لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وترامب يعلّق!
  • بيان عاجل عن حماس يتعلق بالتصعيد الإسرائيلي الغادر
  • الجيش الإسرائيلي يعلن العودة إلى وقف إطلاق النار في غزة
  • قناة عبرية: الجيش الإسرائيلي سيعلن تجديد وقف إطلاق النار خلال ساعات
  • نتنياهو يوجه الجيش الإسرائيلي بتنفيذ غارات عنيفة على غزة
  • نتنياهو يأمر الجيش الإسرائيلي بتنفيذ هجمات في غزة والاحتلال يقصف رفح وينسف مبان بغزة
  • نتنياهو يوجه الجيش الاسرائيلي بتنفيذ "غارات عنيفة" على غزة