كشفت وثائق بريطانية، عن رفض لندن منح رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية علي سالم البيض، تأشيرة دخول بعد حرب 1994 خشيةَ أن يقود المعارضة ضد النظام اليمني، من أراضيها.


وبحسب سلسلة جديدة من البرقيات الدبلوماسية السرية المفرج عنها حديثاً من الحكومة البريطانية، أكدت رفض الحكومة البريطانية استضافة رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً علي سالم البيض، الذي تقدم بطلب للحصول على التأشيرة البريطانية بعد أشهر قليلة من انتهاء الحرب الأهلية في اليمن عام 1994، بسبب خشيتها من قيامه بأنشطة سياسية معارضة من أراضيها.


وبحسب الوثائق المسربة والتي كتب عنها الباحث حامد الكناني، على اندبندت عربية، فقد خشيت بريطانيا من التداعيات الدبلوماسية لمنح سالم البيض تأشيرة دخول، بالرغم من موافقة سابقة في أغسطس 1994م، بعد ضغوط من مسقط والرياض على لندن.


وغيرت الحكومة البريطانية موقفها لاحقاً مع تحسن علاقاتها باليمن، حيث عدت الخارجية البريطانية وجود البيض في المملكة المتحدة لا يخدم المصلحة العامة، منهية بذلك محاولاته دخول البلاد.


ووفق برقيات تتعلق بالسفارة البريطانية لدى سلطنة عمان، ويعود تاريخها لعامي 1994 و1995، فإن الحكومة البريطانية بحثت التداعيات السياسية والدبلوماسية لطلب رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً ونائب الرئيس اليمني السابق وزعيم الجنوب خلال الحرب الأهلية اليمنية، للحصول على تأشيرة دخول إلى المملكة المتحدة في نهاية عام 1994. وكان علي سالم البيض يقيم في سلطنة عمان في ذلك الوقت، بوصفه لاجئاً سياسياً في أعقاب حرب اليمن في صيف 94م.


ووقع البيض اتفاق وحدة مع رئيس الجمهورية العربية اليمنية علي عبدالله صالح، آنذاك، لتأسيس الجمهورية اليمنية في الـ22 من مايو (أيار) 1990، ورفعا معاً علم الوحدة ليقتسما السلطة حتى مايو 1994، عندما اندلعت الحرب التي استمرت حتى يوليو (تموز) من العام نفسه.


وتظهر الوثائق المفرج عنها حديثاً، قراراً بالرفض صادر عن وزير الداخلية البريطاني في الـ22 من ديسمبر (كانون الأول) عام 1994، يتعلق بطلب تقدم به سالم البيض للحصول على تأشيرة دخول إلى المملكة المتحدة بصفة مستثمر.


وجاء القرار البريطاني، نتيجة مشاورات سابقة بين وزارتي الداخلية البريطانية ووزارة الخارجية التي أحالت مذكرة في الثاني من ديسمبر من العام نفسه في شأن الطلب. وبعد دراسة الموضوع ونصائح الخارجية، رأى وزير الداخلية أن منع دخول البيض إلى الأراضي البريطانية يصب في المصلحة العامة، ويحافظ على علاقات المملكة المتحدة مع الجمهورية اليمنية.


وعلى رغم إقرار وزير الداخلية البريطاني آنذاك، بأن خلفية البيض السياسية مثيرة للجدل، فإن المبرر الأساس للقرار لم يكن تلك الخلفية، بل الاعتبارات الدبلوماسية المرتبطة بعلاقة لندن بصنعاء. وبناء على ذلك، تقرر رفض طلب التأشيرة، مع التنويه إلى أن البيض لا يملك حق الاستئناف على القرار ضمن القنوات المعتادة لشؤون الهجرة. غير أن الوثيقة أشارت إلى احتمال أن يلجأ البيض، نظرياً، إلى المراجعة القضائية للطعن في القرار، خصوصاً بالنظر إلى أن الحكومة البريطانية كانت قد وافقت في أغسطس (آب) من العام نفسه على منحه تأشيرة زيارة قصيرة، بعد ضغوط من وزارة الخارجية.


ومع قرار وزير الداخلية البريطاني، وضعت الحكومة البريطانية حداً لمحاولة علي سالم البيض دخول المملكة المتحدة في مرحلة كانت تشهد العلاقات اليمنية- البريطانية حساسية دبلوماسية بالغة عقب توحيد اليمن والحرب الأهلية التي أعقبته.


وبحسب الوثائق، ففي الـ13 من يناير (كانون الثاني)، أصدر وزير الخارجية البريطاني برقية سرية موجهة إلى السفارة البريطانية لدى صنعاء، تحت رقم 12، مع نسخة إلى سفارة المملكة المتحدة لدى مسقط، وأخرى معلوماتية إلى الرياض، حيث حملت البرقية عنواناً مقتضباً هو "البيض". مشيرة إلى أن وزارة الداخلية البريطانية قامت في ذلك اليوم بإبلاغ محامي البيض رسمياً بقرار استبعاده من دخول المملكة المتحدة، وذلك خلافاً للنصيحة السابقة الواردة في الفقرة الرابعة من تقرير"TUR" لعام 1994، والتي كانت قد أوصت على ما يبدو بموقف أكثر مرونة تجاه طلبه.


واتفقت وزارة الخارجية مع وزارة الداخلية على خط صحافي موحد للتعامل مع الأسئلة الإعلامية المحتملة حول القرار. ونص هذا الخط على أن وزير الداخلية قرر استبعاد علي سالم البيض من المملكة المتحدة لأن وجوده لا يخدم المصلحة العامة للبلاد.


واختتمت البرقية بتوجيه من الوزير إلى السفارات البريطانية في المنطقة، طالباً منهم إبلاغه إذا كانوا في حاجة إلى مواد أو تعليمات إضافية لاستخدامها في التعامل مع الجهات اليمنية أو العمانية المعنية بالقضية.

 

وفي الـ26 من يناير عام 1995، أعد آر. دبليو. غيبسون من قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية مذكرة موجهة إلى المستشارين الخاصين، تناولت قضية طلب التأشيرة الذي تقدم به السياسي اليمني علي سالم البيض، نائب الرئيس السابق وأحد أبرز قادة الجنوب اليمني.


وتطرق غيبسون إلى ملاحظات وزير الداخلية في مذكرته المؤرخة في الـ22 من ديسمبر1994، التي أشارت إلى احتمال اضطرار الحكومة البريطانية لتبرير موقفها الرافض، بخاصة أن لندن كانت قد أبدت في أغسطس (آب) الماضي استعداداً مبدئياً لمنح البيض تأشيرة للعلاج الطبي بعد ضغوط قوية من وزارة الخارجية.


وأوضح أن هناك أسباباً وجيهة دفعت إلى تغيير موقف وزارة الخارجية منذ ذلك الوقت. ففي أغسطس، كانت موافقة لندن على منح البيض تأشيرة زيارة للعلاج الطبي نتيجة ضغوط من حكومتي عمان والسعودية، إذ كانت مسقط تدعو صراحة للسماح له بالدخول إلى المملكة المتحدة، وكانت الرياض تؤيد الموقف نفسه. وقد رأت لندن حينها أن رفض طلب التأشيرة قد يسبب توتراً في علاقاتها مع هاتين العاصمتين. ومع ذلك لم تبدِ الحكومة البريطانية حماساً كبيراً لهذا التوجه، ورفضت السماح لعائلته بمرافقته. وفي النهاية، لم يقم البيض بالرحلة إلى بريطانيا.


لاحقاً، وبعد أن قدم البيض طلباً جديداً لدخول المملكة المتحدة بصفته مستثمراً، تغير الموقف البريطاني جذرياً. فبحلول ذلك الوقت، كانت الظروف السياسية والإقليمية قد تبدلت، إذ لم تعد سلطنة عمان تمارس أي ضغوط لقبوله، بل بدت متقبلة لفكرة استقراره على أراضيها، بينما كانت السعودية قد بدأت إصلاح علاقاتها مع النظام اليمني في صنعاء وفقدت اهتمامها السابق به.


وفي خضم تلك التحولات، كانت العلاقات البريطانية اليمنية تشهد تحسناً تدريجاً، ورأت لندن أن السماح للبيض بدخول أراضيها في تلك المرحلة لن يعود عليها بفائدة سياسية، بل قد يثير اعتراض الحكومة اليمنية ويعرقل التقارب الحاصل معها، من دون أن يقدم أي مكسب ملموس في علاقاتها مع مسقط أو الرياض.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: بريطانيا عمان علي سالم البيض صالح اليمن الحکومة البریطانیة الداخلیة البریطانی المملکة المتحدة وزارة الخارجیة علی سالم البیض وزیر الداخلیة تأشیرة دخول علاقاتها مع فی أغسطس عام 1994

إقرأ أيضاً:

مناوي: قمت بتنوير الخارجية الألمانية بموقف الحكومة السودانية

قال حاكم إقليم دارفور  مني أركو مناوي:سعدت اليوم بلقاء بالسيدة مسؤولة الشوؤن الأفريقية بالخارجية الألمانية برفقتي البعثة السودانية تناول اللقاء عدداً من القضايا ، قمت بتنوير الخارجية بموقف الحكومة السودانية الذي تتمثل أولوياتنا في حماية المواطنين من وحوش الدعم السريع والتدخلات الأجنبية التي تتسبب في انتهاك السيادة.رصد – ” النيلين” إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/13 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة مليشيا الدعم السريع تفرض جبايات مالية ضخمة وعمليات ابتزاز معيشي علي التجار2025/12/13 صديق المهدي .. المشروع المدني الديمقراطي هو الوحيد القادر على إيقاف الحرب2025/12/13 وزير التعليم العالي يخاطب المؤتمر البحثي العلمي الثاني لكلية الطب بجامعة البحر الأحمر2025/12/13 وزير الصحة يشيد بمستوى التعاون والتنسيق القائم بين المستويات الاتحادية والولائية2025/12/13 المقاومة الشعبية بمحلية كوستي تؤكد جاهزيتها للمشاركة في الحشد الجماهيري للاصطفاف خلف القوات المسلحة2025/12/12 إنتشار مروري كثيف لمرور النيل الازرق بجميع التقاطعات2025/12/12شاهد أيضاً إغلاق سياسية ???? توضيح من شيخ الأمين: أنا أصدق بقال وأجد نفسي معه في حيرة من هذا الجو المليء بالدسائس والأكاذيب والزيف 2025/12/12

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • الداخلية تواصل فعاليات المرحلة الـ 27 من كلنا واحد لتوفير مستلزمات الأسرة بأسعار مخفضة
  • اتصال هاتفى بين وزير الخارجية ونظيرته البريطانية
  • الداخلية السورية تكشف معلومات عن منفذ هجوم تدمر الدامي
  • وثائق إبستين تكشف مراسلات واسعة مع محامية عملت في البيت الأبيض
  • قيادات حضرمية: نقدر دور المملكة بإعادة الاستقرار وتجنب الصراع
  • مناوي: قمت بتنوير الخارجية الألمانية بموقف الحكومة السودانية
  • عاجل| الخارجية الألمانية: نطالب الحكومة الإسرائيلية بالوقف الفوري لبناء المستوطنات
  • بشرى تكشف أسرار بدايتها قبل دخول الفن
  • السفير الأمريكي بالأمم المتحدة: لا يمكننا السماح ببقاء حماس بغزة
  • الولايات المتحدة ترحب بإعادة بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل