قال وزير التنمية الدولية النرويجي أسموند غروفر أوكروست إن المجتمع الدولي "فشل في وقف الحرب في السودان وغزة"، مؤكدا أن هذا الأمر يمثل "عارا على الإنسانية"، متهما الأطراف المتحاربة في البلدين بأنها تنتهك القوانين الدولية عبر عرقلة وصول الإغاثة واستخدام الغذاء والدواء كسلاح في الحرب.

وأوضح أوكروست -في مقابلة مع الجزيرة- أن قوات الدعم السريع في السودان وقوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة تتحملان المسؤولية عن منع دخول المساعدات، رغم استعداد الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لإيصالها فورا، مضيفا أن "الوضع في الفاشر كارثي، والناس هناك بحاجة إلى طعام ودواء ومأوى".

وأشار إلى أن المجتمع الدولي عجز عن إيجاد حلول لقضايا عديدة، من بينها ما يجري في الضفة الغربية، مؤكدا ضرورة أن تحرص المنظمات الدولية على إبراز معاناة ضحايا الحروب في السودان وفلسطين في كل اجتماع دولي باعتباره فرصة لطرح هذه الملفات أمام العالم.

وأكد الوزير النرويجي ضرورة ممارسة كل أشكال الضغط الدولي لوقف الحرب وتمرير المساعدات، مشيرا إلى أنه سعى لطرح ملف السودان خلال القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي انعقدت في الدوحة صباح اليوم.

وحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، مؤكدا أن نحو 400 ألف شخص يعيشون ظروف مجاعة حقيقية، بينما يحتاج أكثر من 20 مليون شخص إلى مساعدات عاجلة.

ووفق تقريرالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، المدعوم من الأمم المتحدة فإن أكثر من 21 مليون شخص واجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في سبتمبر/أيلول الماضي.

أما التقرير الجديد، فأشار إلى أن 375 ألفا جُوّعوا في دارفور وكردفان منذ سبتمبر/أيلول الماضي، وأكثر من 6 ملايين شخص عبروا السودان يواجهون مستويات مرتفعة من الجوع.

وكانت قوات الدعم السريع قد استولت في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على مدينة الفاشر، وارتكبت مجازر بحق مدنيين حسب منظمات محلية ودولية، ووفق تقارير حقوقية.

إعلان

وفيما يتعلق بالوضع في غزة، قال أوكروست إن أكثر من مليوني شخص يعانون من الصدمات النفسية ويعيشون في "كابوس يومي"، معتبرا أن رفض الاحتلال الإسرائيلي إدخال المساعدات "غير مقبول على الإطلاق".

وأضاف أن محكمة العدل الدولية أصدرت رأيا واضحا يتحمل بموجبه الاحتلال مسؤولية إدخال المساعدات الإنسانية، مشيرا إلى أن النرويج تمارس ضغوطا لتفعيل الآليات الدولية، معربا عن تفاؤله بإمكانية إدخال المساعدات "في أقرب وقت".

وختم بالقول إن "المجاعة المؤكدة في السودان وغزة تمثل سابقة خطيرة في التاريخ الإنساني، وعلينا بذل أقصى الجهود لإنقاذ المدنيين وإعادة الأمل بالسلام".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: شفافية غوث حريات دراسات فی السودان إلى أن

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: خذلان المجتمع الدولي وصعود الوعي الشعبي

في زمنٍ خذلت فيه المؤسسات الرسمية شعوبها، وغابت المنابر التي تزعم حراسة القانون والقيم ، نهض الضمير الإنساني من خارج القصور وأروقة السلطة الكذوب، فكانت كلمة الحق تخرج من أفواه الناشطين والإعلاميين والمبدعين والرياضيين وأهل الفن لأجل السودان، ولأجل إنسان الفاشر، المحمل والسلطان والعزيمة.

شكرًا لكل من تضامن مع بلادنا بصدق وأمانة في زمن الصمت المريب والعجز عن اتخاذ القرار. شكرًا لأهل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الذين حوّلوا الألم إلى وعي، ونقلوا صوت المكلومين إلى ضمير العالم.

وشكرًا للإعلاميين وأهل الدراما والفنانين الذين وثّقوا المأساة مشهد وأغنية وشعرا ولم يساوموا على الحقيقة أو تلتبس عندهم قيمة الإنسان.

الشكر كذلك لزملاء المهنة من الصحفيين في مصر، والسعودية، والكويت، وقطر، واليمن، والمغرب، والجزائر، وموريتانيا، وإريتريا، ولكل من كتب كلمة تضامن مع بلادنا من بريطانيا، وأميركا، وإسبانيا والسويد . من غانا والسنغال شكر لجميع عواصم الشعوب الحرة التي دعمتنا والتي تنوي دعمنا. لقد أثبتم أن الإنسانية ليست جغرافيا، بل وجدانٌ حيٌّ يتنفّس القيم ويملأ الفراغ الذي تركته الحكومات المرتجفة.

لقد أثبتت التجربة أن الفاعل السياسي السوداني يعيش انفصالًا عن الواقع الوطني، يقرأ المأساة بعين الحساب لا بعين الواجب، بينما الفاعل الشعبي، المحروم من أدوات النفوذ والمزود بصفاء الوعي، استطاع أن يربط بين الجرح الفردي والمصير الجماعي، فحوّل الألم إلى طاقة أخلاقية حرّكت الرأي العام في الداخل والخارج.

اليوم وبفضل يقظتكم ، لم تعد الفاشر مدينةً منكوبة في دارفور، بل رمزًا عالميًا للمقاومة الإنسانية في وجه الانهيار المؤسسي والقيمي والأخلاقي.

إننا نعلم أن خذلان المنابر الرسمية ليس عجزًا عن الفعل فحسب، بل تعبيرًا عن أزمة أعمق في بنية الدولة الحديثة التي فقدت اتصالها بمجتمعها. فحين ينهار جسر الثقة بين السلطة والشعب، ينشأ وعيٌ موازٍ خارج المنظومة الرسمية، يصبح هو حامل المعنى وراسم الاتجاه.

هكذا تحوّل السودانيون ومحبوهم، أفرادًا وجماعات مدنية وإعلامية ومثقفين، إلى ما يمكن وصفه بـ “السلطة البديلة” التي تعبّر عن وجدان الأمة حين تصمت مؤسساتها الكسيحة. ما صنعته المنابر الشعبية في تفاعلها مع الفاشر لم يكن تضامنًا عاطفيًا، بل فعلًا سياسيًا مكتمل الأركان. ذلك من أعاد تعريف القضية السودانية في المخيال العربي والإفريقي، والعالمي وربطت الحرب في بلادنا بسؤال العدالة والهوية والسيادة.

لقد كسر السودان عزلته الإعلامية، وأعادت إنتاج روايته عن أسباب الحرب بعيدًا عن السرديات التي ظلوا يفرضونها. ومع هذا الوعي الجديد، رأينا الإعلام الشعبي يتحوّل إلى أداة تعبئة وطنية أعادت للناس الثقة بأن التغيير لا يحتاج إلى ترخيصٍ من أحد، وأن الوعي هو أولى مراحل التحرير والانعتاق من الارتهان.

على المستوى الدولي، كشفت الفاشر هشاشة الخطاب الأممي وازدواجية المعايير التي تُدار بها قضايا المنطقة. رأى السودانيون كيف يتدفق السلاح إلى الميليشيات عبر المطارات بينما يكتفي العالم ببيانات “القلق”. تُحاصر المدن بالجوع بينما تُعقد في العواصم مؤتمراتٌ عن “الاستقرار الإقليمي”.

في مواجهة هذا النفاق، اكتسب الخطاب الشعبي السوداني والمتضامن معه شرعيةً متصاعدة، لأنه قال ما لم يجرؤ الآخرون على قوله: لا إنقاذ للسودان إلا من داخله، ولا كسر للتواطؤ الدولي إلا بوعيٍ وطنيٍ صلب يملك قراره ويثق في نفسه.

وفي المقابل، سيسجل التاريخ خذلان المنابر الرسمية التي كبّلتها المصالح والمواقف الرخوة ، فعجزت عن الفعل ولم تجرؤ حتى على الإدانة المنتجة. تلك البيانات المرتبكة الراجفة لم تكن سوى انعكاسٍ لعجزٍ سياسي وأخلاقي، وضياعٍ لبوصلة الإنسانية والاخلاق .

لم يكن سقوط الفاشر حدثًا عابرًا في الحرب السودانية، بل محطةً فاصلة أعادت تعريف معنى الصراع وحدوده وداعميه . فالحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023 نتيجة انقلاب مليشيا الدعم السريع علي الحكم أصبحت ، اختبارًا لوجود الدولة ذاتها.

ومع سقوط الفاشر، اكتمل مشهد انكشاف ما يُسمّى بالمجتمع الدولي: مؤسساتٌ مترهّلة، إدارةٌ متباطئة، وإنسانٌ تُرك وحيدًا في مواجهة الموت بلا حمايةٍ أمنية أو أخلاقية.

لكن المدينة التي صمدت أكثر من خمسمئة يومٍ تحت الحصار والجوع، لم تسقط في وعي السودانيين والشعوب ، بل ارتقت إلى مقام الخلود. أصبحت الفاشر عنوانًا للكرامة والصمود، وأيقونةً لمعنى الانتماء والوفاء للتاريخ والمكان.

لقد أثبتت الأزمة أن السودان لا يعاني من نقصٍ في الشجاعة، بل من غياب الرؤية الجامعة والإرادة السياسية المبصرة. فبينما اتسم الرد الرسمي بالبطء والتشتت وغياب الخطة الوطنية الموحّدة، تحرّك الشعب، ناشطين ومثقفين ومبادرات مدنية ، بعفوية وصدق وبصيرة، مشكّلًا جبهة وعيٍ جديدة أعادت تعريف الوطنية.

إنّ المأساة اليوم، يا سادة لم تعد قابلةً للإدارة بأساليب الماضي. لذلك المطلوب تعبئة وطنية شاملة تنقل البلاد من التشرذم إلى التنظيم، ومن ردّ الفعل إلى المبادرة. أما الاستنفار الشعبي فهو التعبئة بالمعنى المدني والإنساني، لا يُطلب من الشعب حمل السلاح فحسب، بل حمل الوعي والانتباه. فالمعركة اليوم معركة بقاء وكرامة قبل أن تكون معركة رصاص ومصير. إنها اللحظة التي تذوب فيها الفوارق الطبقية والسياسية أمام سؤالٍ واحد: كيف نحمي وطنًا يوشك أن يُمحى؟

وفي الوقت الذي تتكدّس فيه جثث الأبرياء في الفاشر، وتوثّق المنظمات الدولية جرائم الإبادة، لا تزال دوائر القرار العالمي تمارس ازدواجيةً مؤلمةً ترقى إلى مستوى الخيانة، بالحديث عن هدنة تمكن المليشيا من التقاط الأنفاس والهجوم علي المدن من جديد لسحل السودانين وانتهاكهم.

لقد أثبتت التجربة أن الرهان على الخارج تواطؤٌ مخزي ، وأن الرهان على الشعب الذي يعرف كيف يصون قراره ويحمي مجده ويستعيد أمنه. وهكذا وُلدت المقاومة الشعبية ويجب ان تظل جذوتها مشتعلة.

لقد أعادت الفاشر ضبط المصنع الوطني. فكما كشفت هشاشة البنى السياسية الرسمية، أعادت في الوقت ذاته إحياء فكرة الوطن بمعناه الأصيل: الانتماء، والمسؤولية، والإرادة الجماعية.

وما نحتاجه اليوم ليس حكومة ترفع شعارات الحرب، بل دولة حرب حقيقية تمتلك خطةً شاملة، تستنهض طاقات الداخل وتُغلق باب التسويات الرمادية والتفاوض مع القتلة. فالتاريخ لا يرحم من يتردّد أمام الدم المستباح، ولا يغفر لمن يساوم على الكرامة.

النصر في السودان لن يُقاس بعدد البنادق، بل بقدرة الأمة على حماية نفسها وصون مشروعها وإعادة بناء دولتها على أسسٍ من الوعي والعدل والسيادة التي تجمع كل اهل السودان بلا استثناء. ذلك هو رأي #وجه_الحقيقة إما أن نتوحّد فنكتب ميلاد السودان من جديد، أو نبقى أسرى الخذلان حتى تطوينا صفحات التاريخ.
إبراهيم شقلاوي
دمتم بخيرٍ وعافية.
الأحد 2 نوفمبر 2025م Shglawi55@gmail.com

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نقابة الأطباء: أكثر من نصف سكان السودان بحاجة عاجلة إلى المساعدات الإنسانية
  • وزير نرويجي: المجتمع الدولي فشل بشأن غزة
  • قوات الدعم السريع تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق الصراع
  • أكثر من 10 آلاف مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى الشهر الماضي
  • الخريجي يستعرض العلاقات الثنائية وزير التنمية الدولية النرويجي
  • نائب وزير الخارجية يستقبل وزير التنمية الدولية النرويجي
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: خذلان المجتمع الدولي وصعود الوعي الشعبي
  • وزير التنمية النرويجي يثمّن الدور الإنساني للسعودية حول العالم
  • د. الربيعة يستقبل وزير التنمية الدولية النرويجي