سواليف:
2025-11-05@12:06:01 GMT
لماذا نحتفل بزهران ممداني؟! / فاخر الدعاس
تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT
لم يكن الصعود المفاجئ للمرشح لمنصب عمدة نيويورك زهران ممداني من شخص لا يحمل سوى نسبة ١٪ وفق استطلاعات الرأي قبل عام، ليصبح في طليعة المرشحين على المنصب، لم يكن هذا الصعود مفاجئًا فحسب ، صادمًا وصاعقًا لكل النخب السياسية في الولايات المتحدة الاميركية. ويكفي للدلالة على ذلك أن نشير إلى أنه وعلى الرغم من تفوقه على منافسه في الانتخابات الداخلية للحزب الديمقراطي، إلا أنه لم يحظ بأي دعم من قيادات الحزب -باستثناء ساندرز المغضوب عليه أصلًا- ، بمن فيهم با اك أوباما الذي اكتفى قبل يوم من الانتخابات بإعلان استعداده ليكون مستشارًا لممداني في حال فوزه دون إعلان رسمي بدعمه.
هذه الصدمة بصعود نجم زهران ممداني لم تكن بسبب كونه مسلمًا أو أنه من أصول آسيوية أو أنه قادم من أفريقيا، بل كانت النخبة ترى فيه خطرًا حقيقيًا على المنظومة لسببين:
السبب الأول هو برنامجه الاشتراكي بالمعنى الحرفي للكلمة، وأين في معقل الرأسمالية وعاصمتها الكبرى، برنامج يتحدث عن زيادة الضرائب على بليونيرات نيويورك، وتوفير السكن والمواصلات ورعاية الأطفال لأهل المدينة.
برنامج ضرب الرأسمالية في معقلها. الأخطر في الأمر هو أن السواد الأعظم من جيل الشباب وبنسبة تقارب ال٧٥٪ كانوا يقفون خلف ممداني وبرنامجه.
السبب الثاني: هو عدم اكتفائه بعدم إعلان دعمه لإسرائيل في مدينة يسيطر عليها اليهود الذين يتجاوز عددهم المليون شخص، بل إنه أعلن مواقف صادمة كنيته اعتقال نتنياهو في حال دخوله مدينة نيويورك تنفيذًا لقرار محكمة العدل العليا، والأدهى والأمر أنه لم يعلن إدانته للحركة الخضراء في غزة، إضافة إلى مواقفه المميزة من القضية الفلسطينية والتي تأتي جذورها من مواقف والدها البروفسور والمحاضر في الجامعات الأمريكية.
استخدمت النخبة الأمريكية كل الوسائل غير الأخلاقية لإسقاط ممداني، حتى لو أدى الأمر لكشف زيف شعارات الحرية التي يتغنون بها. فصار الحديث عن أنه مسلم سيفرح لتكوار أحداث الحادي عشر من سبتمبر، مرورًا بالحديث باحتقار عن جذوره الآسيوية والأفريقية، بل وصل الأمر الى نشر فيديوهات له وهو يأكل بيديه للتقليل من” حضاريته”.
وشارك الصحف ووسائل الإعلام الكبرى في هذه الحملة من خلال نشر اشاعات حوله وإظهار استطلاعات رأي مخالفة للواقع. وتوالت موجات دعم المرشح المنافس له ليعلن ماسك دعمه لكومو رسميًا.
أما ترمب فوصل به الأمر إلى التخلي عن دعم مرشح الحزب الجمهوري سليوا والاتجاه لدعم كومو الذي يحظى بفرص أكبر على أمل إسقاط ممداني، بل إنه نلشد اليهود عدم التصويت لممداني متهمًا من يقوت له بالغباء، ولم يتكف بذلك بل أعلن أنت في حال فوز ممداني فسيوقف أي دعم فيدرالي مالي إضافي بمدينة نيويورك عقابا لها على انتخابه.
بالتأكيد هنالك عوامل ساهمت بنجاح ممداني كالوضع الاقتصادي والأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الولايات المتحدة وسياسات ترمب، إلا أننا يجب ألا نتجاهل أن أحد عوامل هذا الانتصار الساحق لممداني وبنسبة تجاوزت ال٥٠٪ من الأصوات متجاوزًا المليون صوت لأول مرة في تاريخ انتخابات عمدة نيويورك، هو تغير المزاج العام الأمريكي وخاصة في قطاع الشباب من الكيان والقضية الفلسطينية، فقبل عامين فقط لم يكن يجرؤ أي شخص طامح لمنصب سياسي في الولايات المتحدة أن يعلن مواقف كالتي أعلنها ممداني من الكيان والقضية الفلسطينية، وكان ترمب قد صرح بذلك علانية قبل أيام. وهذا بالطبع يعود إلى أحداث السابع من أكتوبر وما تلاها من مجازر تجاه شعبنا في غزة.
نعم انتصار ممداني مهم جدًا لأنه يكرس نهجًا جديدًا متصاعدًا داخل معقل الرأسمالية، والأهم بالنسبة لنا أننا بتنا نشهد تزايدًا في صعود قوى جديدة داعمة لقضيتنا.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً: