اللغة.. قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن التلاعُبَ باللغةِ وألفاظِها من أهمِّ أسبابِ الفسادِ الذي ملأ الأرضَ، وضجَّ منه جميعُ الصالحين، بل والعقلاءُ من كلِّ دينٍ ومذهبٍ.

خطورة التلاعب بألفاظ اللغة:

كما إن التلاعُبَ بألفاظ اللغة يفتحُ علينا أبوابَ شرٍّ كبيرةٍ، حيثُ يُستحلُّ الحرامُ، ويُحرَّمُ الحلالُ، ويُؤمَرُ بالمنكرِ ويُنهى عن المعروفِ، وذلك كلُّه عكسُ مرادِ اللهِ من خلقِه.

يقول النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ ناسًا من أمتي يشربون الخمرَ يسمونها بغير اسمها» (أخرجه الحاكم في المستدرك).

وأوضح جمعة أن رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ذلك البيانِ النبوي لا يريدُ أن يُشيرَ إلى تلك الكبيرةِ — وهي شربُ الخمر — فحسب، بل إنه يتحدثُ عن تلك الصفةِ التي ستظهرُ في آخرِ الزمان، وهي "التلاعُبُ بالألفاظ"، والتي يترتبُ عليها تضييعُ الأحكامِ الشرعية، فيستحلُّ الناسُ الذنوبَ والكبائرَ.

التلاعب بألفاظ اللغة:

وأضاف أن الخمر ُ تُسمَّى "مشروباتٍ روحيةً" مثلًا، والزنا يُسمَّى "حريةَ الحياةِ الخاصة" أو "حريةَ الممارسةِ الجنسية"، ولذلك يظنُّ الناسُ أن أحكامَ اللهِ عز وجل لا تنطبقُ على تلك المسمياتِ الجديدة، رغم أنَّ الحقائقَ ثابتة.

اللغة:

وأكد أن الأساسَ الفكريَّ الذي نؤكدُ عليه دائمًا هو ضرورةُ أن تقومَ اللغةُ بوظائفِها التي تُبرِّر وجودَها أصلًا.
فإنَّ للغةِ ثلاثَ وظائفَ أساسيةٍ:

1 "الوضع": بمعنى جعل الألفاظِ بإزاءِ المعاني، وهو أمرٌ لا بدَّ منه حتى يتمَّ التفاهمُ بين البشر.
2 "الاستعمال": وهو أن يستخدمَ المتكلمُ تلك الأصواتِ المشتملةَ على الحروفِ لينقلَ المعانيَ التي قامت في ذهنه إلى السامع.
3 "الحمل": ويعني حملَ تلك الألفاظِ على مقابلِها من المعاني التي سبق للواضعِ أن تواضع عليها.

ألفاظ اللغة:

وقد قرَّر العلماءُ عبارةً موجزةً توضِّح ما ذكرناه فقالوا:

«إنَّ الاستعمالَ من صفاتِ المتكلم، والحملَ من صفاتِ السامع، والوضعَ قبلهما».

وقال إنه ينبغي أن يسودَ ذلك الأساسُ الفكريُّ في التعاملِ مع اللغةِ ليواجهَ أساسًا فكريًا آخر هو أصلُ الفسادِ عن طريقِ التلاعُبِ بالألفاظ.

خطر التلاعب بألفاظ اللغة:
وأضاف جمعة قائلًا: ولعلَّ ما ظهر من "مدارسِ ما بعد الحداثة الفكرية" تأصيلٌ لذلك الأساسِ الذي يقرِّرُ التلاعُبَ بالألفاظ، فترى تلك المدارسَ أنَّ عمليةَ "الوضع" ينبغي أن تكونَ مرنةً لا تتقيدُ بالموروث، ولا يقتصرُ هذا المفهومُ على اتساعِ اللغةِ طبقًا لزيادةِ مساحةِ عالمِ الأشياء والأشخاص والأحداث والأفكار والنُّظُم، وهو الاتساعُ المتفقُ عليه نظرًا وعملًا، بل مقصودُهم "تغييرُ دلالاتِ الألفاظ" بحيثُ تزدادُ مساحةُ الحريةِ الفكرية.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: اللغة

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الفتور في العبادة شعور طبيعي.. والمطلوب ألا نترك الفروض

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه “في بعض الأحيان نشعر بثِقَلٍ عند أداء الطاعات، وذلك لأننا بشر؛ المسلم بشرٌ، لم يخرج بإسلامه عن حدِّ البشريَّة إلى الملائكيَّة، هذا هو وصف البشر”.

وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن سيدنا النبي ﷺ قال: «ألا إنَّ لكلِّ شِرَّةٍ فَترة»، أي أن لكلِّ عملٍ حرارةً ونشاطًا، ثم تخفُّ بعد ذلك.

وتابع: "ولكن الذي يجب علينا فعله هو أن نجعل "شِرَّتنا لله، وفَترتنا لله" أيضًا، فلا نترك الفروض؛ فأنا أصوم رمضان، وأصوم الاثنين والخميس، فإن تركتُ الاثنين والخميس، فلا أترك رمضان، وأنا أُصلِّي الفروض وأُصلِّي السُّنن، فإن تركتُ السُّنن، فلا أترك الفروض، وهكذا".

ماذا كان يقول النبي في الصباح؟.. 19 دعاء يملأ يومك بالأرزاقدعاء النبي قبل النوم.. 15 آية و8 أذكار تحفظك من كل سوء

وأوضح أنه عندما جاء الأعرابيُّ إلى رسول الله ﷺ وقال له: يا رسول الله، ماذا أفعل؟ قال له: «صلِّ خمسًا، وصُم رمضان، وزكِّ كذا، وحجَّ كذا».قال: هل عليَّ غيرُهن؟ قال: «لا»، قال: والله لا أزيد ولا أنقص، فقال ﷺ: «أفلح وأبيه إن صدق».

وذكر أنه “لو صدق هذا الرجلُ في التزامه بهذا الحدِّ الأدنى، فقد أفلح، وأنا أريد أن أُمسِكَ ولو على الحدِّ الأدنى؛ فإذا أمسكتُ على الحدِّ الأدنى فتلك فَترتي، والحدُّ الأدنى هو الفَترة، أي ذهاب الحرارة مع بقاء بعض الدفء في الشيء، ودفء الإيمان موجود، ولكن الغليان قد ذهب، ليست هناك درجة مائة، ولكن ستٌّ وثلاثون أو ثلاثون”.

واستطرد: “فهذا الشعور إذن شعورٌ طبيعيٌّ جدًّا يحدث لكلِّ الناس: الوليِّ، والتقيِّ، والعاميِّ. وهذا الشعور –ولأنه متعلِّقٌ بالإنسانيَّة- علينا أن نُوجِّهه ولا نَيْأسَ ولا نُحبَطَ ولا أيَّ شيء.ففترة شعوري بفتور عزيمتي يجب ألا تجعلني أترك الفروض”.

وقال: “ثم بعد الفتور نبدأ صفحةً جديدة، نجتهد، وهكذا، ويستمر على ذلك شهرًا أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة، ثم يجد نفسه قد فَتَرَ مرةً أخرى، وهذه هي طبيعة الإنسان، فليبدأ مرةً أخرى، وثالثةً، وعاشرةً، وألفًا”.

وأضاف: “ليس هذا نفاقًا؛ كيف يكون نفاقًا وأنت في قلبك مهمومٌ حزين؟! فالمنافق ليس مؤمنًا بشيء، إنما يُمثِّل أمام الناس أنه تقيٌّ، وهو في داخله لا شيء، هذا هو النفاق”.

وتابع: “أمّا وقد وجدتَ في نفسك حُزنًا على ما فاتك من خيرٍ، فأنت على خير.يقول الله -عز وجل-: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، فإذن الله سبحانه وتعالى كريم، وعلينا ألا نَيْأسَ إطلاقًا من هذا الوضع”.

طباعة شارك علي جمعة الفتور في العبادة الثقل في الطاعات

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: التلاعب باللغة وألفاظها من أسباب الفساد الذي ملأ الأرض
  • علي جمعة: الابتلاء ليس عذابًا بل وسيلة للتمحيص والتهذيب والارتقاء
  • علي جمعة: دخول الجنة لا يكون بلا ابتلاءٍ واختبارٍ وصبرٍ وجهاد
  • علي جمعة: توكلت على الله كلمة عظيمة المعنى جليلة الأثر
  • معنى كلمة استغفر الله.. علي جمعة يوضح
  • علي جمعة: الفتور في العبادة شعور طبيعي.. والمطلوب ألا نترك الفروض
  • ما هي السورة التي تهلك الظالم وتنصرك عليه؟.. لا يعرفها كثيرون
  • هل الحب حرام؟ علي جمعة: «من عشق فعف فكتم فمات فهو شهيد»
  • وزيرة البيئة: إجراء تحاليل للتربة بالمناطق التي تعرضت لسياسة الأرض المحروقة إبان الإستعمار