الأزهر: إذا سمعت الأذان سل الله لرسوله ﷺ الوسيلة
تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT
الوسيلة.. قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن المسلم إذا سمع الأذان ينبغي أن يسأل الله لرسوله ﷺ الوسيلة.
الوسيلة:يقول سيدنا رسول الله ﷺ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ».
معنى الوسيلة في اللغة والشرع :
والوَسِيلة في اللغة: المنزلة عند الملك، والوسيلة: الدرجة، والوسيلة: القُربة. ووَسَّل فلانٌ إلى الله وسيلةً إذا عمل عملًا تقرَّب به إليه، والواسِل: الراغب إلى الله.
وتوسَّل إليه بوسيلةٍ إذا تقرَّب إليه بعمل، وتوسَّل إليه بكذا: تقرَّب إليه بحرمةِ آصرةٍ تُعْطفه عليه. والوسيلة: الوُصلة والقُربى، وجمعها الوسائل (لسان العرب).
معنى الوسيلة:
ولا يخرج معنى الوسيلة الشرعي عن ذلك المعنى اللغوي، فإن قضية حياة المسلم هي أن يتقرب إلى الله ويحصل رضاه وثوابه، ومن رحمة الله بنا أنه شرع لنا كل العبادات وفتح باب القرب إليه. فالمسلم يتقرب إلى الله بشتى أنواع القربات التي شرعها الله عز وجل، فعندما يصلي المسلم فإنه يتقرب إلى الله بالصلاة، أي أنه يتوسل إلى الله بهذه الصلاة. وعليه، فإن القرآن كله يأمرنا بالوسيلة (أي: القرب) إلى الله.
وقد ذكر الوسيلة في كتابه العزيز في موضعين:
الأول: الأمر بها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35].
الثاني: الثناء على الذين يتوسلون إليه في دعائهم، قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 57].
فالآية الأولى تأمر المؤمنين أن يتقربوا إلى الله بشتى أنواع القربات، وليس هناك ما يخصص وسيلةً عن وسيلة، فالأمر عامٌّ بكل الوسائل التي يرضى الله بها. والدعاء عبادة، ويُقبل ما لم يكن بقطيعة رحم، أو إثم، أو ألفاظٍ تتعارض مع أصول العقيدة ومبادئ الإسلام.
والآية الثانية تُثني على المؤمنين الذين استجابوا لله وتقربوا إليه بالوسيلة في الدعاء.
مواضع ذكر الوسيلة في السنة :
- حديث الخروج إلى المسجد للصلاة:
عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال: «من قال حين يخرج إلى الصلاة: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي، فإني لم أخرج أشرًا، ولا بطرًا، ولا رياءً، ولا سُمعة، خرجتُ اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تُنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت؛ وكلَّ الله به سبعين ألف ملكٍ يستغفرون له، وأقبل الله عليه بوجهه حتى يفرغ من صلاته» (أخرجه أحمد).
وهذا حديث صحيح، صححه كلٌّ من: الحافظ ابن حجر العسقلاني (أمالي الأذكار)، والحافظ العراقي (تخريج أحاديث الإحياء)، وأبو الحسن المقدسي شيخ المنذري (الترغيب والترهيب)، والحافظ الدمياطي (المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح)، والحافظ البغوي (مصباح الزجاجة).
والحديث يدل على جواز التوسل إلى الله في الدعاء بالعمل الصالح، وهو سير المتوضئ إلى الصلاة، وبحق السائلين لله.
- حديث «أعينوا عباد الله»:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: «إن لله ملائكةً في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من نوى الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجةٌ بأرضٍ فلاة فلينادِ: أعينوا عباد الله» (رواه البيهقي).
قال الحافظ الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله ثقات» (مجمع الزوائد).
وفي الحديث دليل على الاستعانة بمخلوقاتٍ لا نراها، قد يسببها الله عز وجل في عوننا ونتوسل بها إليه في تحقيق المراد كالملائكة، ولا يبعد أن يُقاس على الملائكة أرواحُ الصالحين؛ فهي أجسام نورانية باقية في عالمها.
الوسيلة:
- وقد قال النبي ﷺ: «إذا انفلتت ناقةُ أحدِكم في الصحراء فلينادِ: يا عبادَ الله، أمسِكوا! يا عبادَ الله، أمسِكوا! يا عبادَ الله، أمسِكوا!» والحديث صحيح باتفاق.
فاستغاثَ بعباد الله الصالحين؛ فإن لله عبادًا في الدنيا ينصرون المؤمنين كالملائكة، وكالأولياء. فما الشرك في هذا؟! حكمُ الله علينا بالأسباب، ولذلك لا بد أن نعمل، ولا بد أن نجاهد، ولا بد أن نصلي، فهذه أسباب، ولكن لم يربط الله هذه الأسباب بالأفعال، فالفعل كله من عنده، ولا يكون في كونه إلا ما أراد.
إنما عندما أقول لك: "ساعدني على رفع هذا الثقل" فها أنا أستعين بك، لكن {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. فما الذي حدث؟
الذي حدث سببٌ، إنما المعين على الحقيقة هو الله، والمستجيب على الحقيقة هو الله.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الوسيلة حكم الوسيلة الوسیلة فی إلى الله عباد ا الله ع ل الله
إقرأ أيضاً:
ملتقى السيرة بالجامع الأزهر: تواضع النبي بفتح مكة خير دليل على أن الانتصار في الإسلام مقدمة للرحمة
عقد الجامع الأزهر اليوم الأربعاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية، تحت عنوان: "فتح مكة الحديث والعبرة".
وذلك بحضور كل من الدكتور حسن القصبي، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، والدكتور نادي عبد الله محمد، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، وأدار اللقاء الدكتور فؤاد حسان، الإعلامي بإذاعة القرآن الكريم.
في مستهل الملتقى، أوضح الدكتور حسن القصبي أن دراسة السيرة النبوية هي في جوهرها دراسة للإسلام وتطبيق عملي لقواعده ومبادئه، وأن كل حدث من أحداث السيرة هو بمثابة منهج إسلامي لهذه الأمة، يحتوي على العبر والدروس التي تحتاجها الأمة، فلو نظرنا إلى كيفية خروج المسلمين من مكة ضعفاء، وقد تركوا كل شيء، لوجدناهم قد عادوا إليها في عزة وفخر، لأنهم ضحوا من أجل الله سبحانه وتعالى، وهذه المفارقة العظيمة توضح كيف خرج النبي من مكة مستخفياً، وعاد إليها خاشعاً له كل من كان في مكة.
وبين الدكتور حسن القصبي أن التضحية يجزئ الله عليها خيرًا، فلو نظرنا في صلح الحديبية؛ نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يريد أن يفتح مكة عنوة أو أن تراق دماء فيها، ورغم أن البنود التي عقدت في صلح الحديبية كانت ظاهرة ظلم للمسلمين وقد استاء منها بعض الصحابة، إلا أن جزاء ذلك جاء سريعًا بقوله تعالى: "فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا"، حيق جاء هذا الصلح بعد حروب أنهكت المسلمين، وعندما تم عقده، شعر المسلمون بالأمان، واستطاعوا خلال فترة الهدنة أن ينشروا الدعوة بحرية، لهذا كان الصلح ترتيبًا حكيمًا من النبي صلى الله عليه وسلم للدخول إلى مكة فاتحًا لا غازيًا، دون أن تراق دماء.
وذكر الدكتور حسن القصبي، كيف جسد النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة، مجموعة من الأخلاق العظيمة، منها نصرة المظلوم؛ فنصر الله به قبيلة خزاعة عندما غدر بها في مكة، كما علمنا نبذ العهد مع الخائن والوفاء به مع الموفي، وهي أخلاق الفرسان الذين لا يغدرون ولا يقبلون الغدر، كما علمنا ألا ننسى سابق الأخلاق الكريمة عند الخلاف، وهو ما ظهر جليًا في موقف حاطب بن أبي بلتعة، الذي أخبر قريش بقدوم النبي، وعندما سأله النبي عن سبب فعله، قال: "أردت أن يكون لي يد عند قريش". فغفر النبي لحاطب ذلك من أجل سابق فعله وكونه من أهل بدر، وعلمنا أيضاً حظر الشعارات والهتافات غير الأخلاقية، ففي موقف سعد بن معاذ الذي قال: "اليوم يوم الملحمة"، صحح له النبي قائلاً: "بل اليوم يوم المرحمة"، وتجلى تواضع الفاتحين عندما وصف الصحابة النبي وهو يدخل مكة خافضاً رأسه من شدة التواضع، وتوج هذه الأخلاق بالعفو عند المقدرة، عندما قال لأهل مكة: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
من جانبه، أكد الدكتور نادي عبد الله أننا في حاجة ملحة لتطبيق السيرة النبوية في حياتنا، وأن تعود الأمة إلى هذا التاريخ العامر الذي فيه الحل لمشكلات الأمة وكل قضاياها، فالإسلام متمثل في شخص سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد وجهنا الحق سبحانه وتعالى إلى ذلك، فلو أردنا الهدي الصحيح فعلينا بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ"، ولو نظرنا في فتح مكة لأدركنا أنه حدث عظيم فيه من العبر والدروس الكبيرة، وهذا الفتح من النعم التي منَّ الله بها على سيدنا رسول الله، إذ دانت له قريش والعرب به، وكان هذا الفتح مطهراً لأعظم بقعة في الوجود، وارتفعت راية الإسلام في ذلك اليوم بعز من الله سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: "وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ".
وأشار الدكتور نادي عبد الله إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قابل نعمة الفتح العظيم بالاستجابة الربانية المثلى، وهي التواضع الجم والشكر المطلق والرجوع إلى الله واليقين به سبحانه وتعالى، متمثلاً ذلك في كثرة الاستغفار فور وقوع النصر، وقد كان وراء هذا الفتح جهد عظيم وتخطيط عميق؛ حيث رتب النبي صلى الله عليه وسلم لدخول مكة ترتيبًا دقيقًا، مستعيناً بالسرية التامة في ذلك حتى لا تتفشى أخباره إلى العدو، مطبقاً بذلك أعلى درجات الحكمة العسكرية.
وفي ختام كلمته، عقد الدكتور نادي عبد الله مقارنة تاريخية قائلا: "لو نظرنا إلى أخلاق المسلمين في فتح مكة مقارنة بما فعله أعداء الإسلام، كأحداث عام 472 هـ عندما دخلوا بيت المقدس وقتلوا سبعين ألفاً من النفوس البشرية، أو ما فعله التتار عندما دخلوا بغداد وقتلوا ثمانمائة ألف، لأدركنا أن المسلمين لا يعرفون البطش وسفك الدماء"، مشيرًا إلى أن فتح مكة لم يشهد إراقة دماء ولا قتلاً؛ فلم تقطع شجرة، وما قتلت نفس، وما هدم منزل، إنما كان فتحاً عنوانه الرحمة والتسامح، لأن الفتوحات الإسلامية قامت على إعمار الأرض لا إفسادها.
يُذكر أن ملتقى "السيرة النبوية" الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، وبيان كيفية نشأته وكيف كان يتعامل مع الناس وكيف كان يدبر شؤون الأمة، للوقوف على هذه المعاني الشريف لنستفيد بها في حياتنا.