جهود دؤوبة لسلطنة عُمان في حماية البيئة
تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT
محمد إبراهيم محمود عبد الماجد **
كلمة "بيئة" تعني المحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية من إنسان وحيوان ونبات، وكل ما يحيط بها من هواء وماء وتربة، وما يحتويه من مواد صلبة أو سائلة أو بخارية أو إشعاعات طبيعية أو المنشآت التي يقيمها الإنسان، وعرفها البعض من العلماء بأنها هي الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان بما يضم من ظواهر طبيعية وبشرية يتأثر بها ويؤثر فيها.
وتنفرد سلطنة عُمان بموقعها الاستراتيجي المتميز بما تحويه من ثروات طبيعية فريدة وتنوع بيئي جذاب (تضاريسي ومناخي ونباتي وحيواني)، ولذلك فإنه من الواجب الحفاظ على ثروتها الطبيعية وصونها حتى تستفيد منها الأجيال القادمة. والتباين البيئي في السلطنة يتمثل في تنوع الكائنات الحية البرية والبحرية والأحياء المائية، والساحلية بأنواع فريدة من الأسماك؛ حيث يفد إلى البيئة البحرية العُمانية حوالي 20 نوعًا من الحيتان والدلافين وأكثر من 130 نوعًا من المرجان إضافة إلى 5 أنواع من السلاحف البحرية منها أربعة تعشش على الشواطئ العُمانية.
وفي الوقت الحاضر تسعى حكومة سلطنة عُمان الرشيدة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله- إلى صون بيئتها المستدامة لقضاياها، ولتقديم خدمات متميزة من خلال التطوير المستمر، وبالتكامل مع المؤسسات المعنية والمهتمة بقضايا البيئة، والمجتمعات كهيئة البيئة.
وتعد جائزة اليونسكو- السلطان قابوس لحماية البيئة أكبر دليل على اهتمام حكومة السلطنة بالمحافظة على البيئة، وصيانتها فمنذ تشييد هذه الجائزة في عام 1989 قامت بتكريم 15 جهة من المؤسسات، والمعاهد، والمحميات، والأفراد والمجموعات في أفريقيا، وآسيا، وأوروبا، وأمريكا اللاتينية، كان آخرها بعد إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" منح جائزة اليونسكو- السلطان قابوس لصون البيئة عام 2019 إلى صندوق أوشكا للبحوث في مجال الإيكولوجية بجمهورية الهند.
وساهمت هذه المنظمات بجهود مبتكرة في الأبحاث العلمية، والمحافظة والصون في البحث عن لائحة التراث العالمي لليونسكو والمحميات الطبيعية، ومن ثم أصبحت جائزة اليونسكو- السلطان قابوس لحماية البيئة، المصدر العالمي لتشجيع الهمم، والساعين لصون بيئة كوكب الأرض، وموارده من أجل الإنسان وتحفيزهم لبذل المزيد من الجهود من اجل المحافظة على البيئة، وصون مقدراتها وتحقيق التنمية المستدامة.
واستمرت حكومة السلطنة الرشيدة في الحفاظ على البيئة، وحمايتها من التلوث وبذلت قصارى جهدها لحماية البيئة وصون مواردها الطبيعية، وتوفير كل الإمكانات المتاحة لضمان تقديم خدمات بجودة عالية ومتميزة من خلال التطوير المستمر، وذلك بالتكامل مع المؤسسات والمجتمعات من اجل الوصول إلى بيئة جذابة يصونها الجميع.
وتتويجًا لجهود سلطنة عُمان في المحافظة على البيئة تم الإعلان في عام 1991 عن تبرع السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بجائزة تمنح كل سنتين للمهتمين بشؤون البيئة على مستوى الأفراد، والمنظمات، والمؤسسات الحكومية، وغير الحكومية التي تقوم بجهود مميزة في مجال العمل البيئي، والمحافظة على البيئة، ومواردها الطبيعية وتعد هذه الجائزة هي أول جائزة عربية في مجال العناية بالبيئة على المستوى الدولي.
وتشارك السلطنة في الاحتفال بالعديد من المناسبات البيئية العربية والإقليمية والعالمية نذكر منها: يوم البيئة العُماني، وقد احتفلت السلطنة للمرة الأولى بيوم البيئة العُماني عام 1997، ومن ثم أصبح مناسبة سنوية يتم الاحتفال بها في الثامن من يناير كل عام. ويهدف الاحتفال بهذا اليوم إلى إبراز جهود السلطنة في مجال حماية البيئة، وصون مواردها على المستوى الرسمي، والشعبي؛ حيث يأخذ الاحتفال طابع النشاط العملي، وبذلك تكون سلطنة عُمان إحدى أهم الدول العربية التي تهتم بشؤون البيئة، وتسعى لصونها والحفاظ عليها من أجل بيئة نظيفة خالية من التلوث، ومن أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
** باحث دكتوراه مصري
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
شئون البيئة: مستقبل أفريقيا وقدرتها على تحقيق تنمية عادلة لن يتحقق دون حماية تنوعها البيولوجي
أكد الدكتور على أبو سنة الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة على أن دول القارة الأفريقية تتمتع اليوم بفرصة تاريخية لتعزيز ريادتها العالمية في أجندة التنوع البيولوجي، ليس فقط كواحدة من أغنى مناطق العالم من حيث الموارد الطبيعية، بل أيضًا كقارة تمتلك معارف تقليدية وخبرات متراكمة ونماذج مجتمعية راسخة تعيش في وئام مع الطبيعة، مشيرًا إلى أن مساهمتنا الجماعية في تنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي ستكون محورية لتحقيق النجاح العالمي، وسيكون لصوت أفريقيا الموحد دور حاسم في صياغة المفاوضات المستقبلية والتوصل إلى نتائج عادلة ومتوازنة.
جاء ذلك فى كلمة الدكتور على أبو سنة الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة، خلال تمثيله جمهورية مصر العربية فى الجلسة الافتتاحية للقمة الأفريقية للتنوع البيولوجي ، والتي أقيمت في غابورون، خلال الفترة من ٢ إلى ٥ نوفمبر الجارى بحضور فخامة السيد دوما جيديون بوكو رئيس جمهورية بوتسوانا، حيث نقل الدكتور على ابو سنه لفخامته تحيات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى و تمنياته لبتسوانا بمزيد من التقدم والأزدهار.
وأوضح الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة، أن قمة أفريقيا للتنوع البيولوجي، ستكون بمثابة منصة رفيعة المستوى تهدف إلى دعم أولويات أفريقيا في مجال الحفاظ على التنوع البيولوجي، لا سيما فى مجالات الحوكمة، وتعبئة الموارد، ومساهمات أفريقيا في المفاوضات العالمية بشأن التنوع البيولوجي.
وأشار د. على أبو سنة، إلى أن الجلسات الفنية للقمة تركز على عدد من المجالات المواضيعية الرئيسية ومنها حفظ التنوع البيولوجي من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز حوكمة التنوع البيولوجي، إضافة إلى تعزيز التدفقات المالية لإدارة التنوع البيولوجي وآليات التمويل المبتكرة، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، وبناء القدرات لتفعيل مبادرات مثل صندوق التنوع البيولوجي الأفريقي، كما ستكون القمة بمثابة منصة لتنسيق مواقف أفريقيا استعدادًا للاجتماعات العالمية الرئيسية للتنوع البيولوجي، كما ستوفر توجيهًا سياسيًا قائمًا على توصيات المؤتمر الوزاري الأفريقي للبيئة.
وأكد الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة، على دعم مصر الكامل للاتحاد الأفريقي ومفوضيته، والتزامها بالمشاركة البناءة لتعزيز الشراكات، بما في ذلك تعزيز الاستثمارات القائمة على الطبيعة، وفتح آفاق التمويل المبتكر، وضمان الاتساق بين الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية للتنوع البيولوجي، والمساهمات المحددة وطنياً في مجال تغير المناخ، وأهداف تحييد أثر تدهور الأراضي.
وأشار د. على أبو سنة، إلى أن مصر وخلال مراحل استضافتها لمؤتمر الأطراف الرابع عشر لاتفاقية التنوع البيولوجي وصولاً إلى استضافتها مؤتمر الأطراف السابع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، عملت على ترسيخ مسار تراكمي وإرساء نهج متسق يربط بين تغير المناخ والتنوع البيولوجي، مع تعزيز الحلول القائمة على الطبيعة كأحد أهم الجسور الملموسة بين المناخ والبيئة والتنمية، مضيفاً إلى أن مصر وعلى مدى السنوات الماضية، عززت حماية النظم البيئية الساحلية والبحرية والبرية وإدارتها المتكاملة، وطوّرت نماذج عملية تدعم المشاركة المجتمعية وتعزز الفرص الاقتصادية المستدامة، وربطت الاستثمارات في الطبيعة بالنمو الأخضر والانتقال نحو الاقتصاد الحيوي.
وأضاف د. على. أبو سنة، إلى أنه وفي إطار التزام مصر الراسخ بتنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، قامت مصر بتحديث استراتيجيتها الوطنية للتنوع البيولوجي وخطة عملها، استنادًا إلى منهجية متكاملة تتماشى مع الواقع الوطني، لافتا إلى أن الإستراتيجية وُضعت بمشاركة واسعة من أصحاب المصلحة، بما في ذلك المجتمع العلمي والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية والمرأة والشباب، كما وضعت مصر خطة وطنية لتمويل التنوع البيولوجي لتعزيز فرص الحصول على التمويل، وتوسيع آليات الاستثمار في الموارد الطبيعية، وتعزيز الشراكات المرنة والمبتكرة للنهوض باقتصاد حيوي مستدام، مؤكداً على أن هذه الجهود تمثل مسارًا عمليًا يربط تنفيذ الإطار العالمي بالتنمية الوطنية، مع تعزيز الاستعداد للوفاء بالتزاماتنا الأفريقية المشتركة.
وشدد د. على أبو سنة، إلى أن مصر تؤمن إيمانًا راسخًا بأن مستقبل أفريقيا وقدرتها على تحقيق تنمية عادلة لن يتحقق دون حماية تنوعها البيولوجي، واستدامة مواردها الطبيعية، وتعزيز قدرتها على الصمود في وجه التهديدات المتعلقة بالتنوع البيولوجي، مؤكدا على أنه بالعمل المشترك والموحد يُمكننا وضع التنوع البيولوجي في صميم أجندة ازدهار أفريقيا، مما يجعل هذه القمة نقطة تحول نحو آفاق جديدة من التكامل والتنسيق والعمل الجماعي على جميع المستويات، معرباً عن تطلع مصر لقمة ناجحة ونتائج مُثمرة تخدم مصالح شعوب قارتنا والأجيال القادمة.