لجريدة عمان:
2025-11-05@19:10:28 GMT

مؤشرات رؤية عُمان ماذا تحقق منها؟

تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT

بصدور التقرير الرابع لرؤية عُمان (2040) في نهاية الشهر الماضي، الذي يستعرض مؤشرات الرؤية الموزعة على أربعة محاور رئيسة واثنتي عشرة أولوية وطنية، نكون قد اقتربنا من نهاية الربع الأول من زمن الرؤية. هذه الرؤية بدأ تنفيذها في ظل ظروف استثنائية من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والصحية؛ وبالتالي، ما وصلت إليه من ارتفاع في أغلب المؤشرات يعتبر إنجازًا استثنائيًا.

ذلك الإنجاز لم يخل من التحديات في تنفيذ ما ورد في الوثيقة الرئيسة للرؤية، وما تطلبه ذلك من إعادة هندسة العمل الحكومي المبني على الخطط التشغيلية ومؤشرات قياس الأداء.

حسب التقرير الرابع الصادر عن وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان فإن أعداد المؤشرات التي ارتفعت أو أظهرت أداء إيجابيًا بلغت نسبتها (74%) مؤشرًا من إجمالي المؤشرات المضمنة بالتقرير، بعد استبعاد المؤشرات المتوقفة الصدور؛ هذا الارتفاع يعطي انطباعًا بأن الرؤية تتجه نحو تحقيق المستهدفات الواردة في الأولويات الوطنية. وقد يكون من الصعوبة استعراض جميع تلك المؤشرات في هذا المقال، ولكن سوف نحاول التركيز على بعض منها على سبيل الاستدلال.

تضمنت أولوية التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية في وثيقة الرؤية عشرة مؤشرات لقياس الأداء، ولكن ما ورد بنسخة المجتمع ستة منها، وقد يكون ذلك بسبب توقف بعضها عن الصدور. تلك الأولوية تنقسم إلى قطاعين رئيسيين هما: التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية.

ويلاحظ وجود تحسن في خمسة مؤشرات وتباطؤ في مؤشر التطوير الاقتصادي الذي شهد انخفاضًا خلال العام (2023) مقارنة بالعام السابق له. ويفسر البعض انخفاض مؤشر التطوير الاقتصادي بأنه يؤدي إلى جملة من التأثيرات السلبية على القوة الشرائية وقلة توفير فرص العمل، بيد أن الأرقام الإحصائية تشير إلى أن هناك ارتفاعًا سنويًا للعمالة بسوق العمل. الأرقام تشير إلى نتائج إيجابية لمتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بعد تحديث خط الأساس عما هو مبين بوثيقة الرؤية. هذا المؤشر يقيس الزيادة السنوية من الناتج المحلي الإجمالي مقسوما على عداد السكان.

وإن كان هناك نمو إيجابي، ولكن يحتاج إلى وتيرة أسرع للوصول إلى القيم المستهدفة. الملاحظ بأن هذا المؤشر ورد ضمن أولوية الرفاه والحماية الاجتماعية، ولكن قد يكون من المناسب أن تتم مراجعته مستقبلا ليكون ضمن محور الاقتصاد والتنمية، لأنه في الأساس يندرج ضمن السياق الاقتصادي وإن كان أثره مكملًا ويخدم جوانب الرفاه الاجتماعي.

أيضا فإن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي يقيس حجم النمو في الاقتصاد خلال مدة زمنية محددة ارتفع بنسبة إيجابية، ومدلول الزيادة يكون في حجم الإنتاج والخدمات، أما في حال انخفاض النمو فإنه يعطي دلالة على الانكماش الاقتصادي؛ وهذا ما أظهرته قراءة المؤشر في العام (2024). قد يتم تفسير ذلك إلى التباطؤ في إنتاجية القطاع الخاص وأيضا انخفاض معدل الإنفاق الحكومي. المؤشر السابق ذكره، وأيضا مؤشر نسبة التضخم ومؤشر فائض أو عجز الميزانية إلى الناتج المحلي الإجمالي ليس من المناسب إدراج تلك المؤشرات، ضمن أولوية القيادة والإدارة الاقتصادية. تلك الأولوية تتحدث عن وجود كفاءات ديناميكية متجددة تعمل في الإطار المؤسسي. عليه، لقراءة تلك المؤشرات قراءة صحيحة فإنه ينبغي أن يكون هناك توافق بين مفهوم المؤشر والألوية الوطنية التي يعبر عنها.

كما تظهر الأرقام إنجازات استثنائية في جانب الاستدامة المالية؛ وهو انخفاض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، بفعل الوفورات المالية المحققة خلال الأعوام السابقة. هذا التحسن يؤدي إلى تخفيض الفاتورة السنوية للدين العام وأيضا قدرة الحكومة على توجيه الفوائض المالية في زيادة الإنفاق الحكومي لتعزيز الاقتصاد والتنمية.

مؤشرات سوق العمل والتشغيل أخذت منحنيات غير متطابقة؛ فالعمالة في القطاع الخاص لا تزال في مستويات ثابتة خلال السنتين الماضيتين. هذا الثبات يعطي إشارة بأن العمالة الماهرة ومنهم أصحاب المهارات المهنية والفنيين لم يطرأ عليهم تغيير في تركيبة قوة العمل.

في الجانب الآخر فإن الزيادة في المعينين الجدد من العمالة في القطاع الخاص سواء من العمانيين والوافدين فإن أغلبهم من فئة - دون مؤهل وحتى مؤهل دبلوم التعليم العام - والذين بلغت نسبتهم (66%) خلال العام (2024) من إجمالي المعينين الجدد، وبالتالي، قد لا يتم احتسابهم ضمن العمالة الماهرة. عليه فإن التوجه الحكومي نحو استحداث المؤهلات الوطنية ذات المسارات المهنية والفنية والتكنولوجية خطوة في الاتجاه الصحيح نحو رفع مستوى العمالة الماهرة التي يحتاجها سوق العمل. أيضا يمكن تفسير الثبات في مؤشر نسبة العمالة الماهرة بالقطاع الخاص إلى غياب توفير البيانات، كما يظهر ذلك في مؤشر مستقبل النمو المضمن في تقرير تنافسية عمان (2024) في المؤشر الفرعي ـ عمالة كثيفة المعرفة ـ حيث لم يتم تضمين أية بيانات أو أرقام تقيس المؤشر.

على نفس السياق فإن مؤشر حصة العمانيين من إجمالي الوظائف المستحدثة في القطاع الخاص تسير في ارتفاع طفيف بوصولها إلى نسبة (11.8%)؛ هذا يعني بأنه على سبيل المثال، في كل مائة وظيفة مستحدثة يكون نصيب العمانيين منها اثنتي عشرة وظيفة، مع العلم بأن المستهدف هو الوصول بحصة العمانيين من الوظائف المستحدثة بالقطاع الخاص إلى نسبة (35%) في العام (2030).

وإن كان مناسبًا الطرح، فإن معرفة أعداد الباحثين عن العمل بشتى تخصصاتهم ومؤهلاتهم وتوزيعاتهم على المحافظات أصبح أمرًا ملحًًا؛ ولكن حسب ما يظهر فإن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أصبح يتحفظ في الإفصاح عن أعداد الباحثين عن العمل، وهذا لا يتوافق مع مبادئ الشفافية. كما أن التحفظ في نشر أعدادهم يعطي كل جهة أو فرد تخمين أعدادهم الفعلية. مع العلم بأن أعداد الباحثين عن العمل يعتبر من المؤشرات التي ينبغي أن يتم الإفصاح عنها بشكل شهري، وهذه من الممارسات الجيدة في أغلب الدول، حيث تساعد في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

في أولوية التشريع والقضاء والرقابة، تضمنت وثيقة الرؤية خمسة مؤشرات لقياس تلك الأولوية؛ ولكن تم تضمين التقرير الرابع للرؤية مؤشرين: الأول يتعلق بمدركات الفساد حيث شهد تحسنًا إيجابيًا يواكب الواقع من خلال الملاحظات والمخالفات التي ترد بالتقارير السنوية التي ينشرها جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة وتأثير رقابته الفاعلة في مكافحة الفساد. المؤشر الثاني يقيس حرية التعبير والمساءلة ـ ضمن مؤشرات الحوكمة العالمية ـ وأيضا شهد المؤشر تحسنًا طفيفًا، وإن كانت هناك فجوة كبيرة بين الترتيب الحالي (164) من ضمن الدول المدرجة بالمؤشر، بينما المستهدف في العام (2030) هو الوصول بترتيب سلطنة عُمان لتكون ضمن أفضل (50) دولة على المستوى العالمي في التعبير والمساءلة. ويتضح أيضا أنه لم يرد بتقرير نسخة المجتمع، أي مؤشر يقيس التشريع والقضاء، على الرغم من تضمين وثيقة الرؤية لثلاثة مؤشرات.

بالنسبة إلى أولوية حوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع تضمنت وثيقة الرؤية خمسة مؤشرات، ولكن ورد بنسخة المجتمع ثلاثة منها وأخذت منحنى التحسن الإيجابي. وحسب السرد التوضيحي لمؤشر الحوكمة العالمية ـ سيادة القانون ـ أتوقع بأنه من الأنسب الاستفادة منه في قياس التقدم في أولوية التشريع والقضاء، لأنه معني بالعدالة وثقة المواطنين في القوانين، وكفاءة أجهزة الشرطة والقضاء. وكما أسلفنا فالأولوية خلت من أية مؤشرات تقيس التقدم الحالي في التشريع والقضاء.

نختم بالقول بأن المرحلة القادمة من زمن الرؤية، تتطلب تضافرًا مجتمعيًا للوصول إلى التطلعات الوطنية التي ينشدها المواطن؛ وهذا لا يتم عن طريق وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان وحدها، وإنما بمشاركة حقيقية من الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ومن الأفراد كافة؛ والإيمان بأن الرؤية بنيت لخدمة الإنسان العماني، وبالتالي، نحتاج إلى مزيد من التفاؤل والنظر للمستقبل بطموحات عالية؛ لأن ما تم إنجازه حتى الآن يعتبر نقلة نوعية في ظروف زمنية استثنائية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الناتج المحلی الإجمالی العمالة الماهرة وثیقة الرؤیة القطاع الخاص مؤشر ا

إقرأ أيضاً:

محللة الأسواق العالمية: الأسهم الأوروبية ترتفع وسط ترقب قرارات البنوك المركزية (فيديو)

تحدثت لينا قنوع، محللة الأسواق العالمية، عن أداء المؤشرات الأوروبية، موضحة أن الأسواق شهدت ارتفاعات خلال التعاملات الأخيرة رغم التراجع في بعض القطاعات مثل السفر والصناعة. 

وأضافت “قنوع”، خلال مداخلة عبر زووم، على قناة “القاهرة الإخبارية”، أن المؤشرات الأوروبية أنهت شهر أكتوبر على تباين، إذ سجل مؤشر "ستوكس يوروب" مكاسب محدودة، مدفوعة بنتائج متباينة للشركات، خاصة في قطاعات البنوك وصناعة السيارات.

وأشارت إلى أن بيانات التضخم في منطقة اليورو أظهرت تراجعًا إلى نحو 2.1%، وهو مستوى قريب من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%، في حين أظهر الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة نموًا طفيفًا خلال الربع الثالث من العام، بما يعكس حالة من الاستقرار الحذر.

وأكدت أن البنك المركزي الأوروبي ثبت أسعار الفائدة، معتبرًا أن الوقت لم يحن بعد لخفضها، وهو ما يفسر الاتجاه العرضي للأسواق الأوروبية، متوقعة أن يبقي كل من بنك إنجلترا والبنك المركزي السويدي على سياساتهما دون تغيير، خاصة مع استمرار ارتفاع التضخم في بريطانيا فوق المستويات المستهدفة.

وشددت على أن الاتجاه الصاعد للأسواق الأوروبية يظل مؤقتًا، في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي واستمرار الحذر في السياسات النقدية.

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة بني سويف: استقبال 12678 مريضا بالمركز الطبي التخصصي منذ بداية العام
  • خمسة مؤشرات على الخراب القادم.. خبير قانوني “إسرائيلي” يحذر من تفكك مؤسسات الاحتلال
  • البورصة تواصل صعودها.. والمؤشر الرئيسي يقترب من مستوى 39 ألف نقطة
  • أرامكو تحقق أرباحا خيالية خلال الربع الثالث من العام 2025
  • عون يسأل: عندما لا تؤدي بنا الحرب إلى أي نتيجة ما العمل؟
  • محللة الأسواق العالمية: الأسهم الأوروبية ترتفع وسط ترقب قرارات البنوك المركزية (فيديو)
  • من الرؤية إلى الواقع.. أمنيات تحتفل بـ 20 عاماً من رؤية لا تعرف المستحيل
  • خمسة مؤشرات على خراب دولة الاحتلال القادم.. بينها الجرائم في غزة والضفة
  • الأمن العام أعلن فتح باب التطويع لمفتشين ومأمورين متمرنين