انقسامات داخلية حول المستقبل السياسى للولايات المتحدة

 

حقق الحزب الديمقراطى سلسلة انتصارات انتخابية مدوية، أعادت رسم موازين القوى داخل الحزب وبين جناحيه المتصارعين، المعتدل واليسارى، فى وقت أظهرت فيه النتائج أن القلق الاقتصادى واستياء الناخبين من الوضع الراهن كانا المحركين الرئيسيين وراء اختياراتهم.

ففى ليلة وُصفت بأنها نقطة تحول فى السياسة الأمريكية، فاز الديمقراطيون فى أربع معارك رئيسية منصب عمدة نيويورك، وحاكمى ولايتى نيوجيرسى وفرجينيا، إلى جانب تمرير الاقتراح 50 فى كاليفورنيا، الذى يتيح إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية قبل انتخابات التجديد النصفى.

لكن الحدث الأبرز كان فوز الاشتراكى الديمقراطى زهران ممدانى بمنصب عمدة نيويورك، فى مواجهة حاكم الولاية السابق أندرو كومو، الذى خاض السباق كمستقل بعد خسارته فى الانتخابات التمهيدية. فوز ممدانى اعتُبر زلزالاً سياسياً داخل الحزب الديمقراطى، حيث جمع فى حملته بين الشباب، والمستأجرين، وخريجى الجامعات، مقدماً نفسه كوجه جديد يعيد تعريف السياسة التقدمية فى قلب الولايات المتحدة.

فى خطاب نصرٍ حافل بالحماسة فى مسرح باراماونت ببروكلين، بدأ ممدانى حديثه باقتباس من الزعيم الاشتراكى الأمريكى يوجين ديبس، قبل أن يوجه سهام النقد الحادة إلى منافسه قائلاً: «فلتكن هذه الليلة آخر مرة أنطق فيها باسمه، ونحن نطوى صفحة سياسة تتخلى عن الكثيرين ولا تخضع إلا للقلة.»

ووصف ممدانى فوزه بأنه «تفويض للتغيير»، مؤكداً أن حملته تمثل «انتصاراً على الأموال الكبيرة والأفكار الصغيرة»، مضيفاً: «لقد قدمتم الليلة تفويضاً لنوع جديد من السياسة، لمدينةٍ يمكننا تحمّل تكاليفها».

وبينما كان اليسار يحتفل، حقق الجناح المعتدل أيضاً انتصارات مهمة، إذ فازت ميكى شيريل وأبيغيل سبانبرجر بمقعدى حاكمى ولايتى نيوجيرسى وفرجينيا على التوالى. ففى نيوجيرسى، تفوقت شيريل على الجمهورى جاك سياتاريلى بنسبة 56.2% مقابل 43.2% بعد فرز 95% من الأصوات، فيما حصدت سبانبرجر فى فرجينيا 57.5% من الأصوات متقدمةً على منافستها الجمهورية وينسوم إيرل سيرز.

ورغم أن ترامب خسر الولايتين فى انتخابات 2024 بفارق ضئيل، فإن النتائج الأخيرة أظهرت عودة قوية للديمقراطيين المعتدلين فى المناطق شبه المتأرجحة، بينما ظل جناح اليسار يحتفل فى معقله الحضرى بنيويورك.

وفى كاليفورنيا، صوّت الناخبون لصالح الاقتراح 50 الذى يتيح للمشرعين إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية قبل الانتخابات النصفية، خطوة وصفها مراقبون بأنها ضربة استباقية للجمهوريين، الذين سعوا إلى تعزيز هيمنتهم فى ولايات مثل تكساس وميسورى.

وفى خطابٍ احتفالى، دعا الحاكم جافين نيوسوم الولايات الزرقاء الأخرى إلى السير على خطى كاليفورنيا، قائلاً: «نحن بحاجة إلى أن نرى ولايات أخرى تواجه هذه اللحظة بشكل مباشر... قد ننهى فعلياً رئاسة دونالد ترامب كما نعرفها».

أما ترامب نفسه، فقد علّق على سلسلة الخسائر الجمهورية بمنشور غامض على موقعه Truth Social كتب فيه: «... وهكذا يبدأ الأمر!»، قبل أن يُعيد تحميل الخسائر على الإغلاق الحكومى الطويل وغيابه عن ورقة الاقتراع.

وردّ الجمهوريون بهجوم حاد على الديمقراطيين، محذرين من أن فوز ممدانى «يرسّخ تحول الحزب إلى يسار راديكالي»، بحسب رئيس مجلس النواب مايك جونسون، الذى توعّد بأن يدفع الديمقراطيون «الثمن فى انتخابات التجديد النصفى لعام 2026».

ورغم أن زعماء الحزب الديمقراطى، مثل تشاك شومر، لم يدعموا ممدانى علناً خلال الحملة، فإنهم سارعوا إلى تهنئته لاحقاً. وقال شومر فى بيان: «لقد عملت مع ممدانى فى قضايا عدة، وأتطلع إلى البناء على هذه الشراكة للحفاظ على مدينة نيويورك قوية وعادلة».

هكذا رسمت نتائج الليلة الانتخابية ملامح مشهد سياسى جديد داخل الحزب الديمقراطى، بين جناحٍ تقدمى يسعى لثورة اجتماعية، وجناحٍ وسطى يحاول الحفاظ على التوازن فى مواجهة موجة اليسار الصاعدة. أما ممدانى، فقد بدا مصمماً على مواصلة التحدى قائلاً فى ختام خطابه: «إذا كانت هناك طريقة لإرهاب المستبد، فهى تفكيك الظروف التى سمحت له بالوصول إلى السلطة... دونالد ترامب، ارفع مستوى الصوت».

وضمن تحليلات نشرتها الصحف العالمية اعتبرت أسوشيتدبرس أن سباقات الثلاثاء بمثابة توبيخ هادئ لترامب بالنسبة للعديد من الناخبين، بينما ترى نيويورك تايمز الأمريكية مع انتصاراتهم، أظهر الديمقراطيون أن حزبهم المحبط ــ الذى قضى العام الماضى غارقاً فى اللوم على نفسه ومحاسبة نفسه ــ لا يزال قادراً على تحقيق الهدف الأكثر أهمية فى السياسة.

قال جيسى فيرغسون، الخبير الاستراتيجى الديمقراطى المخضرم ذو الخبرة فى ولاية فرجينيا: «هناك أدلة متزايدة على رغبة الناخبين فى إقالة دونالد ترامب والموالين له، لكن لا يزال أمامنا الكثير لنفعله لإقناع الناس بتوظيفنا». وأضاف: «يشعر الناخبون الآن بأن حكومتهم تخونهم، وهذا يكلفهم الكثير. علينا ألا نكون مجرد رد فعل على ذلك، بل الترياق له».

ووصفت صحيفة التليجراف البريطانية الأمر بأنه أسوأ كابوس لترامب هو الفوز فى نيويورك وقالت صحيفة اللوموند الفرنسية إن انتخاب المرشحة الديمقراطى يؤكد فى المقام الأول على خط سياسى يتمثل فى خفض تكاليف المعيشة، وفرض الضرائب على الأثرياء، والمعارضة التامة لدونالد ترامب.

قال مايك دوهايم، الاستراتيجى الجمهورى المخضرم فى نيوجيرسى والمدير السياسى السابق للجنة الوطنية للحزب الجمهورى، إن نتائج الانتخابات كانت مجزرة حقيقية. مضيفاً أن ما حدث ليلة كارثية للجمهوريين فى الولاية ومحذراً من أن على الحزب أن ينتبه إلى التحذيرات القادمة من هذه النتائج على الصعيد الوطنى وأوضح أن ما جرى يعكس حالة استياء من الإدارة الحالية، ويؤكد فى الوقت نفسه أهمية المرشحين والحملات الانتخابية فى صنع الفارق.

يذكر أنه يتمتع الجمهوريون بأغلبية 219-213 فى مجلس النواب، و53-47 فى مجلس الشيوخ. وللفوز بمجلس الشيوخ، سيحتاج الديمقراطيون إلى الدفاع عن مقاعد فى ولايات شديدة التنافس، بما فى ذلك جورجيا وميشيغان ومينيسوتا، مع تحقيق تقدم فى الولايات التى يسيطر عليها الجمهوريون، بما فى ذلك فلوريدا وكارولاينا الشمالية.

لكن حزب ترامب يخسر تاريخيًا مقاعد فى مجلس النواب فى انتخابات التجديد النصفى. فاز الديمقراطيون بأغلبية مجلس النواب عام ٢٠١٨، وهى أول انتخابات تجديد نصفى لترامب، بفوزهم بـ٤١ مقعدًا، وهو ما أوصل سبانبرغر وشيريل إلى منصبيهما. استخدموا سلطتهم للرقابة على إدارة ترامب، وعزلوه مرتين.

وقال مات بينيت، نائب رئيس مؤسسة ثيرد واى، وهى مؤسسة بحثية ديمقراطية وسطية: «أعتقد أن فوز المعتدلين فى الولايات الكبرى التى تنتخب فى كثير من الأحيان حكامًا جمهوريين كان أكثر أهمية بكثير من فوز مرشح من أقصى اليسار فى نيويورك بحسب رويترز فى إشارة إلى انقسامات الرأى حول المشهد القادم فى السياسة الداخلية الأمريكية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحزب الديمقراطي للولايات المتحدة الحزب الدیمقراطى مجلس النواب

إقرأ أيضاً:

السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية في عهد ترامب.. قراءة في كتاب

الكتاب: تحول السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب(2016 – 2019)
الكاتب: علاء الدين عزت أبو زيد.
الناشر: دار حروف الفارس للنشر والتوزيع، 2025م.
عدد الصفحات: 173 صفحة.


تقدم الدكتورة إلهام بدر شمالي قراءة خاصة للتحولات الجوهرية في السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية خلال ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مستندة إلى دراسة الكتاب "تحول السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب (2016 ـ 2019)" للكاتب علاء الدين عزت أبو زيد.

يظهر هذا الجزء كيف انتقلت الإدارة الأمريكية من سياسة الوساطة إلى فرض الحلول، مع تماهي كامل مع الرؤية الإسرائيلية، وانعكس ذلك على القرارات المفصلية المتعلقة بالقدس ونقل السفارة الأمريكية إليها ووقف المساعدات المالية للفلسطينيين.

قضية على المحك

باتت القضية الفلسطينية على المحك في السنوات التي تولى فيها الرئيس دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ذو الميول المسيحية الصهيونية المتناغمة مع اليمين الإسرائيلي المتطرف، فقد شهدت السياسة الأمريكية تحول واضح تجاه القضية الفلسطينية، تحت وطأة المتغيرات الإقليمية والعربية التي يعلوها المصالح القومية للولايات المتحدة الأمريكية، والدعم المتناهي لإسرائيل على المستويين العسكري والإستراتيجي لضمان تفوقها الدعم في منطقة الشرق الأوسط.

اختارت الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة ترامب مقاربة استراتيجية جديدة للتعامل مع القضية الفلسطينية تبتعد عن مقاربات الإدارات السابقة، فانتقلت من تقديم الحلول والوساطة والتظاهر بالوقوف على مسافة واحدة بين طرفي الصراع إلى فرض الحلول والتماهي السياسي والايديولوجي الكامل مع ورؤية ومخططات حكومة الاحتلال الإسرائيلي لحل القضية الفلسطينية، مظهرة العصا دون الجزرة. فنقلت السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة بعد اعترافها بالقدس عاصمة موحدة "لإسرائيل"، بالإضافة إلى قطع المساعدات المقدمة للأونروا بعد تنفيذ قرار الكونغرس الأمريكي المتخذ منذ عام 1995م على أرض الواقع، ومحاولاتها تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.

تناول أبو زيد في الفصل الثاني تطور السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، حيث رسمت الولايات المتحدة مصالحها الاستراتيجية في المنطقة العربية، وفق سياسة اقتصادية بدرجة الأولى لاحتكار النفط العربي، الذي يعد شريان الاقتصاد الأمريكي، فهو يمثل قوة النشاط الاقتصادي الأمريكي المهيمن على الاقتصاد العالمي، مما نتج عنه وجوب السيطرة على الممرات المائية التي تتحكم بحركة النقل الدولي، مع المحافظة على الأسواق العربية كأسواق استهلاكية للمنتج الأمريكي، والأهم من ذلك كُله الحفاظ على أمن إسرائيل وحمايته وضمان تفوقها على الدول العربية، وهو ما يعتبر عنصراً ثابتاً في استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية.

يقول الكاتب: "حظيت القضية الفلسطينية ـ عبر تاريخها ـ بقدر كبير من اهتمام الساسة الأمريكيين، باعتبارها جوهر الصراع العربي- الإسرائيلي، وقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط دوراً بارزاً في إدارة الصراع، وفق استراتيجيتها المرسومة، وأثرت في مكونات الصراع من خلال دورها العسكري والسياسي والدبلوماسي في تحقيق رؤيتها للتسوية السياسية".

تقول إدارة كلنتون في مقترحاتها حول قضيتي الحدود والمستوطنات: "انسحاب إسرائيل من (94-96) في المائة من أراضي الضفة الغربية لصالح الدولة الفلسطينية، ومبادلة ( ـ 6) في المائة من أراضي الضفة الغربية (الكتل الاستيطانية)، مقابل (1:3) من أراضي إسرائيل تُضم كشريط بديل للأراضي المقتطعة إلى قطاع غزة الذي يُمنح بالكامل لهذه الدولة... إضافة إلى ترتيبات خاصة لممرات آمنة ودائمة بين الضفة الغربية وقطاع غزة...وضرورة تفكير الطرفين في تبادل أراضٍ مستأجرة لتلبية احتياجات كل طرف"، ويؤخذ على هذا المقترح أنّ التبادل لا يستند إلى التساوي في مساحة الأرض، ولم يُشر من قريب أو بعيد إلى التساوي من حيث القيمة، وهذا يجعل باب التفسيرات مفتوحاً على مصراعيه من الجانب الإسرائيلي وبالذات فيما يتعلق بنسب الأراضي ومواقعها.

ناقش أبو زيد في الفصل الثالث مؤسسات صناعة القرار السياسي الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية، هدف هذا الفصل إلى التعرف على مؤسسات صنع القرار السياسي الأمريكي، لأن القرار الأمريكي لا يؤخذ بسهولة، وإنما يمر في عملية معقدة، تبدأ أولاً: بالمؤسسات الرسمية لصنع القرار، التي تنحصر بين السلطة التنفيذية الممثلة بمؤسسة الرئاسة، وما ينبثق عنها من دوائر تخضع لمسؤولية الرئيس مثل: وزارة الخارجية، ومجلس الأمن القومي، ووزارة الدفاع، والـCIA)). والسلطة التشريعية الممثلة بالكونغرس الأمريكي.

كما تعد جماعات الضغط الصهيونية من أكبر الجماعات المنتشرة في أمريكا، وأكثرها نشاطاً سياسياً واجتماعياً، على الرغم من أنهم لا يشكلون (2%) من سكان الولايات المتحدة، إلا أننا نلاحظ عمق تأثير هذه الجماعة على سياسة أمريكا داخلياً وخارجياً، كونهم يعملون من خلال(75) منظمة مستقلة موالية لإسرائيل في الولايات المتحدة.

أدركت اللوبيات اليهودية في الولايات المتحدة أهمية هذه المراكز في بلورة وتشكيل الرأي العام الأمريكي عن منطقة الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص تجاه الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، لذلك قدمت التبرعات بسخاء لإنشاء مراكز أبحاث مرتبطة باللوبي الصهيوني للدفاع عن إسرائيل ومصالها، فقد أنشأت عدة مراكز أهمها، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، معهد إنتربرايز الأمريكي.يقول أبو زيد: "اللوبي اليهودي من أهم جماعات المصالح المتحكمة في صانع القرار السياسي الأمريكي، لأنه يلعب دوراً هاماً في التأثير على السلطتين التشريعية والتنفيذية، إضافة إلى دوره البارز في تعبئة الرأي العام من خلال وسائل الإعلام، أو التأثير في الأحزاب السياسية والرئيس عن طريق تمويل الحملات الانتخابية، فضلاً عن الحملات الشعبية لإقرار تشريعات في الكونغرس والولايات لدعم قضاياه".

مما لا شك فيه أنّ المال له تأثير عظيم على البنى الاقتصادية حول العالم، باعتباره القلب النابض لها، ومن الطبيعي أنّ من يمتلك المزيد منه سوف يمتلك المزيد من القوة والنفوذ، وفى الوقت الحالي أصبحت الشركة الكيان التي تجتمع لديها رؤوس الأموال الضخمة، ومع مرور الوقت والسعي المحموم للربح، نشأت شركات عملاقة تمتلك أصولاً مالية وموجودات وميزانيات توازى ما لدى دول بأكملها.

كما استطاعت مراكز الأبحاث أو مراكز الفكر (Think Tanks) أن تنفذ إلى النظام الأمريكي بحكم تركيبتها القائمة على إعداد أماكن موظفين في الإدارات الأمريكية، فهي تضع العديد من الباحثين المخضرمين للعمل داخل دوائر السياسة الرسمية للولايات المتحدة، كما أنها تسهم بشكل كبير في دفع وترتيب أولويات القضايا الهامة للنقاش في مصلحتها ومصلحة الداعمين لها.

يلاحظ أنّ تلك المراكز وإن كان نشاطها إعلاميًا وفكريًا وبحثيًا فهو يصب في خدمة الأيديولوجية الرأسمالية الأمريكية، وتبذل جهودها في تلقينها للجمهور، وتعميق إيمانه بقدسيتها، إلا أنها تشهد في نطاق هذه المهمة حوارًا فعالًا واختلافات واضحة، وهذا يشهد بحيوية النخبة الرأسمالية الأمريكية. كي تساهم هذه المراكز في تمتين الجبهة الداخلية في خلق الواحة الديمقراطية للقارة الأمريكية، وتبرز مواطن الاتفاق نحو الأيديولوجية الرأسمالية.

أدركت اللوبيات اليهودية في الولايات المتحدة أهمية هذه المراكز في بلورة وتشكيل الرأي العام الأمريكي عن منطقة الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص تجاه الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، لذلك قدمت التبرعات بسخاء لإنشاء مراكز أبحاث مرتبطة باللوبي الصهيوني للدفاع عن إسرائيل ومصالها، فقد أنشأت عدة مراكز أهمها، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، معهد إنتربرايز الأمريكي.

صناعة القرار الخارجي عند ترامب:

بين التحديد والتقليل من دور الرئيس الأمريكي في صنع السياسات مقارنة بالمؤسسات المختلفة، سواء رجال حكومته ومؤسساتها المختلفة أو أعضاء الكونجرس أو جماعات الضغط، وبين العكس، أي إعطاء الرئيس مكانة أكبر في هذا الشأن، لهذا يظل الجدل قائمًا حول من يصنع القرار في واشنطن؟ ولمن يضع تصورات السياسة الخارجية في عهد الرئيس ترامب أهمية أكبر مقارنة بما كان عليه الأمر في الماضي لسببين: أولهما، تدهور سمعة مراكز الأبحاث لإخفاق التصورات التي وضعتها هذه المراكز على مدى ربع قرن للحفاظ على مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في النظام الدولي، وثانيهما، وصول شخصية مثل ترامب إلى مقعد الرئاسة، الذى لا يخفى نقده للمؤسسات كافة، سواء مؤسسات الدولة، أو مؤسسات المجتمع المدني من إعلام ومراكز أبحاث وأحزاب، بما يعطى الفرصة (نظريًّا) لتغليب دور الفرد على دور المؤسسات في صناعة القرار الأمريكي داخليًّا وخارجيًّا.

مقالات مشابهة

  • زهران ممداني.. عمدة نيويورك المسلم الملتحي .. عاش في القاهرة ويعاني فوبيا الأماكن المغلقة
  • هكذا وصل المسلم ممداني إلى منصب عمدة نيويورك بدعم سكانها.. حتى اليهود
  • «زهران ممداني» أول مسلم وأصغر عمدة في تاريخ نيويورك.. كيف علّق ترامب؟
  • عدو ترامب وإسرائيل .. من هو المسلم زهران ممداني حاكم نيويورك الجديد؟
  • اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻰ يهدد بحرمان نيويورك من التمويل حال فوز «ممدانى»
  • زهران ممداني الأوفر حظا.. خريطة انتخابات نيويورك في أول اختبار لترامب
  • لماذا يبدو انتخاب ممداني فى عمودية نيويورك وهما؟.. تقرير فرنسي يُجيب
  • انتخابات عمدة نيويورك.. زهران ممداني لـCNN عن تأييد ترامب وماسك لكومو: يريدان دمية
  • السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية في عهد ترامب.. قراءة في كتاب