النيادي لـ “ الغارديان : وجودي على متن محطة الفضاء الدولية منحني فرصة نقل الثقافة العربية والتعريف بها
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
لندن في 2 سبتمبر / وام / أكد رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي أن وجوده على متن محطة الفضاء الدولية في مهمته التي استغرقت 6 أشهر منحه فرصة نقل مظاهر الثقافة العربية إلى الفضاء والتعريف بها بين أقرانه من رواد الفضاء.
ونقلت صحيفة “ الغارديان " البريطانية عن النيادي قوله في تصريحات لها :" سمعت الكثير من زملائي يقولون إنه من الجميل حقًا سماع لغة مختلفة في المحطة".
وأوضحت الصحيفة أن العالم تابع محطة الفضاء الدولية من خلال ما يبثه سلطان النيادي وسلطت الضوء على حقيقة أن أكثر من نصف هؤلاء الذين اقتحموا حدود الفضاء والذي يقدر عددهم بالمئات كانوا أمريكيين إلى جانب رواد الفضاء الروس و الذين سيطروا على الرحلات الفضائية لعقود وأشارت إلى أنه حتى الآن، لم يكن بين هؤلاء الرواد سوى ستة عرب.
وقالت الصحيفة إن النيادي دأب بشكل منتظم خلال وجوده على متن المحطة الدولية على نشر مقاطع فيديو باللغة العربية عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول الحياة في المحطة الفضائية شرح فيها مقتطفات عن حياته اليومية غير العادية في الفضاء مثل تناول طعام معد خصيصا لرواد الفضاء للحفاظ على لياقته البدنية في ظل انعدام الوزن على متن محطات الفضاء منوهة إلى أن الطعام الذي يقدم يخضع لمعالجة كبيرة، للتقليل من وزنه عبر امتصاص الماء من المواد الغذائية ومن ثم يقوم روّاد الفضاء بإعادة ترطيب الطعام قبل تناوله باستخدام رشاشات المياه الساخنة والباردة.
وأشارت الصحيفة إلى أن النيادى قدم للمجتمع العالمي محتوىً شيقا للمنطقة العربية من خلال التقاط صور لعدد من مدن الشرق الأوسط وبعض المواقع الشهيرة في المنطقة كاشفا أبرز مظاهر الجمال فيها.
وذكرت أن النيادي كتب في إحدى تغريداته في بداية رحلته إلى الفضاء: “هنا مدينة بغداد الجميلة والتاريخية، حجر الزاوية في العصر الذهبي للمعرفة” .. وفي لقطة للعاصمة اللبنانية، وصف بيروت بأنها “المدينة التي تتنفس الفن والثقافة والجمال” فيما وصف قناة السويس بأنها "القلب النابض للتجارة العالمية".
وأضافت الصحيفة البريطانية أن الصور التي التقطها النيادي بالكاميرا من داخل المحطة الفضائية لاقت تفاعلا إيجابيا واسعا على مواقع الشبكة العنكبوتية.. مشيرة إلى أن رائدي الفضاء السعوديين “ ريانة برناوي ” وهي أول امرأة عربية تصعد إلى الفضاء، و" علي القرني" انضما إلى النيادي في مهمة فضائية مدتها ثمانية أيام وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتواجد فيها ثلاثة رواد عرب في الفضاء معًا في وقت واحد.
المصدر: وكالة أنباء الإمارات
إقرأ أيضاً:
على عينك يا تاجر يفضح مافيا الثقافة العربية.. كيف تحوّل الإبداع إلى مقاولات؟
لم يعد الوسط الثقافي العربي مجرّد ساحة للإبداع وتنافس المواهب، بل صار- في جانب كبير منه- حلبة صراع خفي تتحكم فيها شبكات مصالح متشابكة، أشبه بمافيات منظمة، تتقاسم النفوذ والجوائز والمنابر والمهرجانات، هذه الحقيقة لم تعد مجرّد انطباع، بل تحولت إلى وقائع موثّقة وفضائح مكشوفة، كشف جانبًا كبيرًا منها كتاب «على عينك يا تاجر» للكاتب والشاعر عماد فؤاد، الذي قدّم واحدة من أشد الشهادات جرأة في نقد البنية الثقافية العربية، سواء داخل العالم العربي أو في المهجر.
الكتاب يفكك، بأسلوب ساخر وناقض، آليات صناعة «النجومية الأدبية» في عالم تحكمه الشللية والمحسوبية وتبادل المنافع، لا الموهبة أو الإنجاز الحقيقي.
وهذا التقرير يستند إلى أبرز ما كشفه الكتاب، محللًا الظاهرة وشارحًا خطورتها على المشهد الثقافي العربي.
«ماذا لو».. خيال يبدو مستحيلًا لكنه الواقع نفسه
يطرح عماد فؤاد في كتابه مجموعة أسئلة تبدو ساخرة: ماذا لو تلقيت دعوة لمهرجان عالمي بالخطأ؟، ماذا لو فازت روايتك الرديئة بجائزة كبرى؟، ماذا لو تاجر الكاتب بقضية وطنه في السوق الأوروبية؟
هذه الأسئلة، كما يوضح الكاتب، ليست خيالًا، بل مشاهد تتكرر في الوسط الثقافي العربي بشكل يدعو إلى الذهول، فكم من كاتب لا يمتلك أي حضور أدبي حقيقي تلقّى دعوات مبهرة لمجرد تشابه الأسماء، وكم من رواية ضعيفة حصدت جوائز كبرى فقط لأن صاحبها داخل «الحلقة الصحيحة».
عماد فؤاد يسمي هذه الظواهر بـ «المعجزات المضحكة»، لأنها تفضح التصدع العميق في منظومة الثقافة العربية، وتحول الأخطاء والهفوات الإدارية إلى شهادات عبقرية مزيفة.
احتكار الفعاليات.. نفس الأسماء.. نفس الصور.. نفس المقاولين.
يكشف الكتاب، بوضوح لا لبس فيه، عن حالة احتكار رهيبة للمنصات الثقافية العربية، يقول فؤاد إنك لو نظرت إلى معارض الكتب والمهرجانات من المحيط إلى الخليج ستجد المشهد نفسه: نفس الوجوه، نفس الضيوف، نفس «النجوم»، نفس الصور والتجمعات، بعض الأسماء لا تغادر المنصات إلا إلى المقابر.
وكل عام يتحول إلى نسخة طبق الأصل من سابقه، كأننا أمام «نظام توريث ثقافي» لا يسمح بظهور جيل جديد، هذه الاحتكارات جعلت الكثير من المثقفين يتساءلون عن انعدام «كرات الخجل» في دماء هؤلاء، كما يصف الكاتب ساخرًا.
سوق الأدب العربي في الغرب.. تجارة لا علاقة لها بالإبداع
يقتحم كتاب «على عينك يا تاجر» المنطقة الأكثر حساسية: الوسط الثقافي العربي في أوروبا، وما يكشفه الكتاب هنا أخطر مما يجري داخل العالم العربي نفسه، ففي الغرب، تتحول الثقافة إلى سوق مربحة، ويظهر ما يسميهم الكاتب بـ «مقاولي الثقافة العربية في الخارج»، هؤلاء يتحركون كشبكة منظمة: يسيطرون على جوائز، يحتكرون المنح، يديرون منصات إلكترونية تنشر أعمالهم أولًا، يرشّحون بعضهم للمهرجانات العالمية، ويحصلون، كل عام تقريبًا، على الامتيازات نفسها، والأهم: أن عددًا غير قليل منهم يستثمر قضايا بلده السياسية، يرفعها كشعار حينًا، ويتاجر بها حينًا آخر، لأنها مفاتيح جاهزة للتعاطف الغربي.
عماد فؤاد يقول بوضوح: «يكفي أن يمتلك الكاتب قضيتين حتى يتنقل بينهما كلاعِب سيرك».
المهرجانات العالمية.. بوابات مغلقة لا يدخلها إلا «أصحاب المفتاح»
يفضح الكتاب آليات عمل المهرجانات الأدبية الكبرى: لجنة ثابتة لا تتغير، عضو من كل بلد يرشّح أبناء بلده حصريًا، أسماء معينة تشارك كل عام دون انقطاع، تبادل دعوات ومصالح بين أعضاء الشبكات العربية في الخارج.
فلا يشارك شاعر فلسطيني في مهرجان «سيت» الفرنسي إلا بترشيح عضو اللجنة الفلسطيني، ولا يذهب شاعر مغربي إلى مهرجان عالمي إلا بترشيح عضو اللجنة المغربي، والأمر نفسه يتكرر في هولندا وألمانيا وإسبانيا.
هذا الاحتكار الدولي- كما يكشف الكتاب- أنتج «شِلَلًا» ممتدة عبر القارات، تتشارك الجوائز والمنصات، وتغلق الباب أمام أي صوت مستقل.
اللجان المانحة.. حيث يجلس المرشح في مقعد المحكم
من أخطر الحقائق التي يكشفها كتاب عماد فؤاد، وجود أسماء بعينها تتنقل بين ثلاث مواقع في آن واحد: عضو لجنة التحكيم، مرشح للجائزة، فائز بالجائزة، هذه الدائرة المغلقة تقضي نهائيًا على مبادئ العدالة والمنهجية، فالمعيار ليس القيمة الفنية، بل الانتماء إلى الشبكة.
ويورد الكتاب مثالًا صادمًا: كاتب عربي حصل على جائزة مالية كبيرة عن رواية إلى درجة أن مترجمًا- بعد قراءة 15 صفحة فقط- أعلن رغبته في «لكمه إن رآه يومًا»، لكن الجائزة منحت صاحب الرواية ثقة مزيفة جعلته يطمح بعدها إلى «نوبل».
السوشيال ميديا.. مصنع نجومية بلا موهبة
يرصد الكتاب ظاهرة أخرى، النجومية الزائفة التي تصنعها السوشيال ميديا، يكتب البعض النص نفسه كل يوم، بنفس المفردات، ويحصد مئات الإعجابات من جمهور لا يقرأ، ثم يتحول هذا التفاعل السطحي إلى دليل على «العبقرية»، وهكذا تصبح السوشيال ميديا جزءًا من اقتصاد الوهم الثقافي.
الشللية.. دولة داخل الدولة
ينتهي عماد فؤاد في كتابه إلى أن ما نشاهده اليوم ليس تكرارًا عشوائيًا للأخطاء، بل نظام كامل: شلل أدبية، تحالفات منظمة، تبادل مصالح، إقصاء ممنهج، تلميع متواصل لأسماء بلا رصيد، وخنق أي موهبة جديدة لمجرد أنها بلا ظهر.
ويؤكد أن «هدية تُهدى لتُسترد»، و«دعوة تُقدّم مقابل دعوة لاحقة» هو قانون غير مكتوب، لكنه ساري وفاعل بقوة.
ثقافة على حافة الانهيار
ما يقدمه كتاب «على عينك يا تاجر» ليس مجرد سرد أو فضفضة، بل كشف حقيقي لبنية ثقافية عربية تنهار تحت وطأة الفساد الأخلاقي والمجاملات والشللية والاحتكار، فالظاهرة لم تعد مجرد «سوء إدارة»، بل منظومة كاملة تحوّلت فيها الثقافة إلى سلعة، والشعر إلى تذكرة سفر، والقضية إلى رأس مال.
إن مستقبل الثقافة العربية لن يستقيم ما لم يتم الاعتراف بهذه التشوهات، ومواجهتها، وتفكيك احتكاراتها، وإعادة الاعتبار للموهبة الحقيقية التي تقف خارج الصفوف.. لأنها لم تتقن لعبة المقاولات.