الهداية والاعتصام وبناء الأمة .. دلالات قرآنية عظيمة يشرحها الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي
تاريخ النشر: 20th, November 2025 GMT
في لحظة تعصف فيها التحديات الفكرية والاجتماعية بالمجتمعات الإسلامية، تبرز قراءة دلالية عميقة للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، للآيات (102 – 104) من سورة آل عمران، بوصفها محاولة للعودة إلى الأساس القرآني، الذي يوجّه الإنسان نحو التقوى، الوحدة، وتحصين الذات من الانهيار الداخلي ، قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِـمُونَ ,, وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ,, وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ )) ، صدق الله العلي العظيم .
يمانيون / خاص
تقوم هذه القراءة على ربطٍ محكم بين الإرشاد الإلهي والواقع الإنساني، وتعرض الآيات باعتبارها منهجاً متكاملاً للهداية، ونظاماً لبناء المجتمع، وتحذيراً من أخطاء الماضي التي قد تعيد الأمة إلى حافة الهلاك، في صلب هذه المقاربة، يظهر المعنى الدلالي في القرآن الكريم، وفق قراءة عميقة للشهيد القائد رضوان الله عليه، بأنه ليس كتاب موعظة فقط، بل كتاب حركة وصيانة اجتماعية، يضع للمؤمنين قواعد البقاء والثبات، تقوى تحفظهم من السقوط، واعتصام يوحّد خطواتهم، وأمة فاعلة تتولى إصلاح الداخل قبل مواجهة الخارج.
ومن هذه الآيات الكريمة من سورة آل عمران، استخلص الشهيد القائد رضوان الله عليه الدلالات التي تبدأ من مفهوم الهداية الإلهية وتنتهي عند مشروع النهوض المجتمعي الذي تتأسس عليه.
الهداية رحمة تُنقذ الإنسان من السقوط قبل أن تحميه من النار
ينطلق الشهيد القائد رضوان الله عليه، من قراءة تعتبر أن أول ما تضعه الآيات بين يدي المؤمن هو مفهوم الهداية بوصفه أعمق مظاهر رحمة الله بالإنسان، فالتوجيه الإلهي لا يأتي لفرض الطاعة، بل لحماية الإنسان من نفسه، ومن أخطائه، ومن الجهل الذي قد يقوده دون أن يشعر نحو الهلاك.
ويشدّد الشهيد القائد على أن الآيات القرآنية ليست نصوصاً إرشادية فقط، بل أعلام على حقائق حتمية، فحين يأمر القرآن بالتقوى أو الوحدة أو الخير، فإنه يشير إلى سنن لا تتخلّف، فالتراخي يقود إلى التفكك، والتفكك يفتح باب الارتداد، والارتداد يجرّ الإنسان إلى حافة النار، كما حدث للأمم التي أهملَت الهداية من قبل.
ويُشبّه الشهيد القائد غفلة الناس عن هذه الحقائق بانشغالهم بمشاكل صغيرة تُستنزف فيها الأعصاب والأموال والوقت، بينما يغفلون عن الخطر الأعظم، وهو خسارة الإيمان نفسه.
الاعتصام بحبل الله .. مشروع جماعي يحمي المجتمع من الداخل
في قوله سبحانه وتعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، يقدّم الشهيد القائد، قراءة ترفض أن يكون الاعتصام مجرد التزام فردي أو شعار ديني، فالاعتصام هو حالة جماعية تمثل الضمان الأول لعدم سقوط المجتمع تحت تأثير التحولات الثقافية أو السياسية التي يفرضها العدو في حروبه الموجهة على كافة المستويات.
وتفكّك الداخل خطر أشد من ضربة العدو الخارجي، حيث يرى الشهيد القائد أن أخطر ما يواجه الأمة ليس العدو البعيد، بل الاختراق الناعم من الداخل، بثقافة تغزو البيوت، وقيم تتغير، واقتصاد يُدار من الخارج، ومفاهيم تتسرّب إلى النفوس دون مقاومة، لذلك، يصبح الاعتصام ضرورة وجودية، لا تعبيراً عقائدياً فقط، لأن وحدة المجتمع هي السدّ الأول أمام محاولات التفكيك.
أخوة الإيمان ذاكرة يجب ألا تفقدها الأمة
في وقفة مع قوله تعالى: {فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً}، يتوقف الشهيد القائد أمام التحول التاريخي الذي صنعه الإسلام في مجتمعٍ كان ممزقاً بالعداوات، هذه الآية ليست تذكيراً تاريخياً، بل تحذيراً من فقدان النعمة، فالخصومات القديمة التي اندثرت بفضل الهداية قد تعود في أي لحظة إذا فقدت الأمة وعيها، وإحياء هذه الذاكرة ضروري ليدرك الناس أن الأخوّة لم تكن حدثاً تلقائياً، بل نتيجة مباشرة لهداية تحفظ القلوب من الشقاق.
وإلى قوله سبحانه تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}، يقدّم الشهيد القائد رضوان الله عليه، تفسيراً يُخرج هذه الآية من نطاق الوعظ التقليدي، ليجعلها برنامجاً لإعادة بناء المجتمع، حيث يرى الشهيد القائد أن الأمة، هي مجتمعٌ فاعل يمتلك قدرة ذاتية على حماية نفسه، لا مجرد أفراد يعظون الآخرين في قضايا سطحية.
بل إن المعروف يشمل كل ما تحتاجه الأمة في السياسة والاقتصاد والأخلاق والعدالة وإدارة شؤون حياتها.
مواجهة التهديدات والتحديات تبدأ من الداخل
يقول الشهيد القائد إن أي مجتمع يطمح لمقاومة التهديدات الخارجية يجب أن يعالج أولاً أي خلل في داخله، لأن القوى الخارجية تبدأ بالتغلغل الثقافي والمعرفي والاقتصادي، قبل المواجهة المباشرة، لذلك، تصبح الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليست نشاطاً دينياً محدوداً، بل عملية شاملة لبناء مجتمع قوي ومتماسك.
الهداية حماية وقيادة
في نهاية هذه القراءة، يظهر أن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله علييه، يتعامل مع الآيات بوصفها منظومة مترابطة، فالتقوى تحفظ الإنسان، والاعتصام يحفظ المجتمع، وتكوين الأمة يحفظ ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
وبحسب هذه القراءة النورانية، فإن الهداية الإلهية ليست وعداً أخروياً فحسب، بل ضمانة دنيوية للكرامة والعزة والعدل، ولمنع أي قوة مهما كانت من تحويل الأمة عن هويتها أو السيطرة على قرارها.
وبهذا المعنى الدلالي العميق كما يراه الشهيد القائد رضوان الله عليه، تصبح هذه الآيات خطة قرآنية لصناعة مجتمع واعٍ وقادر، يحمي نفسه من التفكك، ويبنـي مستقبله اعتماداً على القيم التي أرساها القرآن الكريم .
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الشهید القائد رضوان الله علیه
إقرأ أيضاً:
عندما يتحدث في أمر الأمة من لم يجفّ الحليب عن شفتيه
عندما يتحدث في #أمر_الأمة من لم يجفّ الحليب عن شفتيه
بقلم/ #حمزة_الشوابكة
بداية: لا بد وأن ندرك بأننا أصبحنا في زمن؛ تحاول فيه أمواج بحر الشر والتطرف، امتطاء البرزخ للوصول إلى نهر الحكمة والوسطية، ما أدى إلى نزول قطرات من تلكم الأمواج في هذا النهر لتلويثه، ولكن: لا بد وأن تدرك كل قطرة من قطرات تلكم الأمواج، بأن الله حافظ نهر الحكمة والوسطية والاعتدال.
فبعد أن اختلطت قطرات من الشر والتطرف والهمجية بهذا النهر، بدأت بمحاولة التمدد والتأثير على قطرات النقاء والحكمة، محاولة مسها بدنس أفكار خبيثة مشبوهة، غير مدركة بأنه لا بد وأن يظهر دنس تركيبتها، فكلما خرج قرن قطع، وذلك دليل على أن كل شر لا بد له من زوال، وتلك حكمة الله يقضيها متى شاء، وكيفما شاء، وفيمَ شاء.
مقالات ذات صلة ابتزاز المناصير ظاهرة وليست حالة فردية 2025/11/17فعندما يأتيك من لم يجف الحليب عن شفتيه ويتحدث بمصير أمة، عندها فلتدرك بأن من يحارب وسطية واعتدال ديننا؛ لا يزالون رضّعاً يحتاجون إلى مراعاة الكثير والكثير! يحتاجون مراعاة صغر عقولهم، وقصر نظرهم، وتدني رؤيتهم، وضعف أجسادهم وقلوبهم، فلا تلتفت لأمثالهم، فصراخهم وعويلهم ليس إلا لفراغ بطونهم، فمتى امتلأت بطونهم سكتوا.
لذلك؛ لا بد وأن نحذرهم ونحذّر منهم كل من يجهلهم، فأولئك هم من نخر جسد الأمة، وأولئك هم من لبسوا ثوب علماء وسطيين؛ فدنسوه قصداً وعمداً، ليلصقوا تهمة لأولئك الوسطيين فكراً ومنهجاً، فأهانوا ما لبسوا، عليهم من الله ما يستحقون.
وقد تجد منهم من يروج للتطرف بقلم وصوت وسلاح، وتجد منهم من يروج لذات الفكر بقلم وصوت، فكلهم واحد؛ ولكن طرقهم شتى، فالحذر كل الحذر، فقد آن أوان القصاص، من كل واحد خدش جسد الأمة الوسطية فكرا ومنهجا، فلا تجعلوا مثل هؤلاء يخدعونكم بقال الله وقال رسوله، فهم كغيرهم من الخلَف الذين لبسوا ثوب الدين لتشويهه وتلويثه، والله غالب على أمره