صحيفة التغيير السودانية:
2025-11-20@16:23:54 GMT

(ستو).. وما بخوفنا من السلام!

تاريخ النشر: 20th, November 2025 GMT

(ستو).. وما بخوفنا من السلام!

بثينة تروس

هذا المقال ليس سوى تذكير وتصبير، إلى أن ينكشف أمر اختفاء رئيس الوزراء الذي استبدل حكومة الأمل بحكومة المجد للبندقية، الدكتور كامل إدريس سواء استقال فعلاً، أم ما تردد مجرد فبركة أسفيرية، أم جزءاً من الآمال الرغائبية ليكون زيادة محن في مشهد سياسي مرتبك! حلّت علينا ذكرى استشهاد ست النفور بكّار في 17 نوفمبر، تلك الشابة المطببة للجروح والخواطر، التي خرجت من قلب البساطة، ومن بيت الأم المعطاءة والمؤذن الرزين، لتحمل راية مطالب سلمية في ثورة سلمية، وتصبح شهيدة شاهدة على حلم لم تطلب هي ورفاقها منه سوى أن يمنح جيلها حياة (الكرامة).

لكن صمت العقل الجمعي البلبوسي، وجفاف أقلام نخب كانوا بالأمس يكتبون عن العدالة بسلمية، ويرفعون هتاف (حكم العسكر الما بتشكر)، لم يكن نتيجة الحرب التي التهمت كل شيء، وشارفت على دخول عامها الثالث، بل لأن الخوف من شبهة الانتماء لـ”القحاطة” أو من كل ما يذكر بالسلام والمدنية، جعلهم يبتلعون ألسنتهم، ويتلفتون يمنة ويسرة، حتى لا تنطلق خفافيش كتائب ظل المجد للبندقية المرابطة في خفاء الوسائط الاجتماعية بكيل تهم الخيانة والعمالة.

فقد أصبحت الكتابة عن ستو والشهداء خيانة وطنية في محاكم أمنجية الأسافير، أولئك الذين يريدون دفن المدنية كي يبقى السؤال معلقاً، لماذا فضل الشهداء الموت متمسكين بالسلمية؟ ولماذا اختار الكيزان المجد للبندقية؟ والمفارقة أن المجد للبندقية لم يولد مع الحرب بين البرهان وحميدتي، كما يروج القطيع البلوبسي المحشور في نفق الدعاية والعلف السياسي المتقن الجودة في مصانع المقاومة الشعبية والاستنفار وحرب الكرامة وأخيرا التعبئة العامة. وإنما هو إرث مشروع الكيزان منذ حملات الجهاد والدفاع الشعبي. ومن هذا الإرث ذاته خرج الدعم السريع من رحم الجيش! مليشيات لحماية السلطة لا الوطن، وسلاح لم يطفئ حربا يوما، بل ظل يشعل حرائق أكبر، ويفرز مليشيات جهادية كلما لاحت بوادر المدنية، بينما بقي شعار، بل بس حياً طوال فترة حكمهم.

وفي ذكرى ستو ورفاقها، ضجت الأسافير بفيديوهات تهريج الشباب السودانيين المهاجرين في إحدى المدن الأوروبية؛ شباب هربوا من الحرب، عبروا بحاراً ومحيطات، طاردتهم الحيتان وابتلع الموج نصفهم، بحثا عن بلاد المدنية والسلام والتنمية واحترام القانون، فرارا من جحيم جرائم ضد الإنسانية يتبارى فيها طرفا الحرب. ثم فجأة تراهم يتعاركون بالعصي في شوارع أوروبا دفاعاً عن استمرار الحرب التي هربوا أصلًا من نداءات التعبئة لها أي مفارقة هذه؟

وشرطة أوروبا تندهش من صراع قادم من قارة أخرى، صراع بين أبناء وطن واحد، بعضهم لا يريد للحرب أن تتوقف في بلاده. وهذه ليست حالة معزولة بالمناسبة، بل ظاهرة تكررت في معظم التظاهرات التي نظمت للفت أنظار العالم إلى حرب السودان المنسية، وإلى الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر، ووقف الدول الداعمة للحرب بالسلاح والمطالبة بوقف الحرب وتفعيل السلام. إن هذا المشهد العبثي يكشف أن الحرب أصبحت هوية للبعض، وأن خطاب المجد للبندقية يتجاوز حدود الوطن ليلاحق المدنيين حتى في المنافي!

إن استمرار الحرب وفشل الهدنة الإنسانية ليس أحداث عرضية، بل نتيجة صراع متجذّر داخل بنية الدولة يستثمر في حربها الأطماع والمصالح الدولية والإقليمية، ولكن سيظل المجد للسلام، وليس للبندقية التي لم تحمِ وطناً، ولم توقف حرباً، ولن تحمي يوماً سوى مصالح من يحملها. فهي في أصلها حرب ضد المواطن، وضد حلمه بالمدنية وتولّي جيل الشباب إدارة حكم البلاد.

الوسومبثينة تروس

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: بثينة تروس

إقرأ أيضاً:

وزير خارجية فرنسا: نسعى إلى سلام عادل في أوكرانيا

قال وزير خارجية فرنسا، إننا نسعى إلى سلام عادل في أوكرانيا وهذا ما نريده، وروسيا بقيادة بوتين تعرقل الوصول إلى السلام الدائم في أوكرانيا.


وأضاف وزير خارجية فرنسا، أننا سنفرض عقوبات على نائب قائد الدعم السريع بسبب انتهاكات الفاشر، وقوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات عرقية في الفاشر.

 
وأوضح أن الوضع في الفاشر يزداد سوءا، وسننشر 100 رجل أمن فرنسي بالأراضي الفلسطينية، وندين خروق وقف إطلاق النار التي تحدث في غزة وعلى جميع الأطراف احترام خطة السلام.


ولفت إلى أننا وضعنا تصورا لنزع سلاح حماس واستبعادها من حكم غزة.


   

طباعة شارك غزة حماس الفاشر وزير خارجية فرنسا

مقالات مشابهة

  • ترحيب في السودان بتصريحات ترامب بشأن إنهاء الحرب
  • وزير خارجية فرنسا: نسعى إلى سلام عادل في أوكرانيا
  • من هم دعاة الحرب؟
  • واشنطن بوست: صراع على تسلّم روسي مرتبط بشحنات الطرود التي هزت أوروبا
  • تأملات بين بدلة الحرب وخنجر السلام
  • النار تحت الرماد.. سيناريوهات “صراع وشيك” بين إيران وإسرائيل
  • هذه هي الأسلحة البعيدة المدى التي تستخدمها أوكرانيا لضرب عمق روسيا
  • هل نفد صبر العالم على انتهاكات الدعم السريع؟
  • تفاصيل خطة السلام الأمريكية في غزة التي اعتمدها مجلس الأمن