غزة: أزمة نفسية غير مسبوقة تضرب جيلاً كاملاً من الأطفال
تاريخ النشر: 25th, November 2025 GMT
في حديث مع "يورونيوز"، تصف عبير شرف، النازحة من مخيم جباليا، ما يمر به أطفالها قائلة: “صار عند ولادي تبول لا إرادي، بيقوموا مفزوعين وما بدهم يناموا بالخيمة. مرة بنتي شافت طفل استشهد وما كان له راس، ولسه بتسألني: ماما هيك بيموتوا الناس؟”.
بعد عامين من حرب مدمّرة، وبينما تتجه الجهود الدولية نحو إعادة إعمار البنية التحتية في قطاع غزة، تتكشف أزمة أخرى أكثر عمقًا وصمتًا: انهيار نفسي واسع يطال الأطفال ويهدد جيلًا كاملًا.
تشير تقارير أممية ودراسات ميدانية صدرت خلال عامَي 2024 و2025 عن اليونيسف وبرنامج إنقاذ الطفولة وبرنامج غزة للصحة النفسية ومنظمة الصحة العالمية إلى أن الأطفال في غزة يعيشون في حالة صدمة مزمنة ارتبطت بتكرار النزوح وفقدان الأقارب والانهيار الكامل لشروط الحياة الأساسية. وتكشف تلك الدراسات عن نسب مقلقة:
• 96% من الأطفال يشعرون بأن الموت قريب منهم.
• 79% يعانون من كوابيس متكررة، و87% يظهرون خوفًا حادًا.
• 73% يظهرون سلوكيات عدوانية مرتبطة بالصدمة.
• 49% من الأطفال يعبّرون عن رغبتهم في “الهروب من الحياة”، بحسب تقارير نفسية ميدانية
وتظهر الاضطرابات في صور متعددة، منها التبول اللاإرادي، نوبات الهلع، الانسحاب الاجتماعي، والصراخ المفاجئ. ويحذر مختصون من “تطبيع العنف”، أي اعتياد الطفل على السلوك العدواني نتيجة التعرض المستمر للصدمات.
وبما أن تأثير الحرب لا يقتصر على اللحظة الراهنة، بل يمتد ليطال مستقبل الأطفال وطموحاتهم، يتحدث أولياء الأمور عن تغيّر واضح في اهتمامات أبنائهم، إذ تراجع التفكير بالمستقبل لصالح البحث عن أساسيات الحياة.
فأحمد غبن (11 عامًا) الذي كان يحب الرسم ويحلم بأن يصبح رسامًا، بات يرى أن الدراسة والألوان صارت بعيدة المنال.
وتعبّر تسنيم أبو محروق (10 أعوام) عن خوفها من أن تنهار حياتها مجددًا وتضطر عائلتها للنزوح كما حدث سابقًا. فيما تقول سندس منصور (11 عامًا) إنها كانت تحلم بأن تصبح طبيبة، لكن تفكيرها اليوم ينحصر في الحصول على طعام نظيف ومكان آمن للنوم.
بدورها، تشير الأخصائية النفسية سمر قويدر إلى أن آثار الحرب قد تتخطى الجيل الحالي، إذ يعاني الآباء أنفسهم من صدمات تحدّ من قدرتهم على تقديم الدعم العاطفي لأطفالهم. ومع تدمير المراكز المتخصصة بالصحة النفسية ونزوح كوادرها، يجد أكثر من مليون طفل أنفسهم بلا خدمات علاجية حقيقية.
حين يتحوّل الخوف إلى جزء من الطفولةفي حديث مع "يورونيوز"، تصف عبير شرف، النازحة من مخيم جباليا، ما يمر به أطفالها قائلة: “صار عند ولادي تبول لا إرادي، بيقوموا مفزوعين وما بدهم يناموا بالخيمة. مرة بنتي شافت طفل استشهد وما كان له راس، ولسه بتسألني: ماما هيك بيموتوا الناس؟”.
وتضيف أن تكرار القصف والنزوح ترك آثارًا واضحة عليهم، وأنها تعرضت بدورها لضغط نفسي شديد نتيجة الخوف المستمر وتضرر خيمتها عدة مرات.
وفي شهادة أخرى، تقول سماح الطناني النازحة من شرق غزة إن أطفالها فقدوا القدرة على النوم الطبيعي ورفضوا الخروج من الخيمة، وظهرت عليهم أعراض تشبه التوحّد. وتوضح أن الصدمات تعمقت بعد مشاهدة مقتل أقارب بشكل مباشر، ما دفع أحد أطفالها إلى دخول المستشفى وهو في حالة "هلوسة".
أما تمارا أبو عوف النازحة من حي الزيتون فتشير إلى أن غياب الخدمات الأساسية في المخيمات فاقم وضع الأطفال، وأن ابنتها تعاني نوبات خوف متكررة وارتفاع حرارة وأمراض جلدية، مضيفة أن “غياب المتخصصين يجعل أي تدخل نفسي غير مستمر”.
قبل الحرب، كان قطاع غزة يضم عدة مراكز للصحة النفسية، إلا أن معظمها دُمّر أو خرج عن الخدمة. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الاحتياجات النفسية في غزة “لن تختفي بمجرد وقف إطلاق النار”، داعية إلى دمج خدمات الصحة النفسية ضمن قطاعات التعليم والحماية والمياه والصرف الصحي.
في هذا السياق، يقول الدكتور خالد سعيد، المستشار الإقليمي للصحة النفسية في منظمة الصحة العالمية، إن “الصحة النفسية مسؤولية جماعية”، مؤكدًا أهمية تمكين الأفراد من استعادة قدرتهم على التكيّف في ظل المستقبل غير المستقر.
جيل على حافة الضياعكما تحذر اليونيسف من أن الصدمات النفسية المتراكمة قد تترك آثارًا طويلة الأمد على تطور الأطفال المعرفي والاجتماعي، ما يجعلهم عرضة للاكتئاب واضطرابات السلوك في مراحل لاحقة.
وفي ظل استمرار تعطّل التعليم، وغياب المساحات الآمنة، وانهيار منظومة الرعاية، يواجه القطاع خطر نشوء جيل يعاني من ندوب نفسية عميقة. وتضيف المنظمة أن نقص المأوى وشح الغذاء وتدهور الصرف الصحي والشتاء يفاقم المخاطر على حياة الأطفال.
وتؤكد اليونيسف أن “استعادة إحساس الأطفال بالأمان والحياة الطبيعية يحتاج إلى تدخل طويل الأمد وشامل”، محذّرة من أن تجاهل هذه الأزمة “سيترك آثارًا مدمرة على مستقبل المنطقة بأكملها”.
وبين غياب الحلول واستمرار التدهور، يبقى أكثر من مليون طفل في غزة عالقين بين صدمة الماضي ومخاوف المستقبل، في انتظار بداية مسار للتعافي النفسي.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل الصحة حزب الله فولوديمير زيلينسكي جمهورية السودان قوات الدعم السريع السودان إسرائيل الصحة حزب الله فولوديمير زيلينسكي جمهورية السودان قوات الدعم السريع السودان حركة حماس الصحة حروب غزة إسرائيل أطفال إسرائيل الصحة حزب الله فولوديمير زيلينسكي جمهورية السودان قوات الدعم السريع السودان أوكرانيا دونالد ترامب فلاديمير بوتين غزة دراسة لبنان النازحة من قطاع غزة آثار ا فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
الصحة: المنصة الإلكترونية للصحة النفسية وعلاج الإدمان تسجل أكثر من 120 ألف زيارة
أعلنت وزارة الصحة والسكان تسجيل 120ألف و148 زيارة للمنصة الإلكترونية التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان منذ إطلاقها في 16 مارس 2022 وحتى نوفمبر 2025، في إطار جهود الوزارة لتعزيز خدمات الدعم النفسي وعلاج الإدمان بسهولة وسرية تامة.
وأوضح الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي للوزارة، أن المنصة استقبلت 31 ألف و737 مستخدمًا مسجلاً، استكمل 30 ألف و700 منهم الاستبيانات الذاتية، وقدمت13 ألف و877 جلسة علاجية افتراضية، تنفيذًا لتوجيهات الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، بتوفير خدمات استشارية وعلاجية مجانية ونشر الوعي بأهمية الصحة النفسية.
من جانبه، كشف الدكتور أيمن عباس، رئيس الإدارة المركزية للأمانة العامة، أن 69% من المستخدمين إناث مقابل 31% ذكور، و82% غير متزوجين، فيما شكّل المراهقون والشباب النسبة الأكبر، وجاء 63% من غير العاملين. وأكد أن المنصة تُقدم خدماتها المجانية لجميع الفئات العمرية من المصريين والمقيمين، مما يجعلها الأولى من نوعها في إقليم شرق المتوسط.
وأشار «عباس» إلى عقد اجتماعات دورية لتطوير المنصة، تذليل العقبات التقنية، وزيادة عدد المعالجين المؤهلين، بهدف ضمان جودة الخدمة وتجربة مستخدم متميزة.
ودعا المواطنين لزيارة المنصة عبر الرابط: https://mentalhealth.mohp.gov.eg/mental/web/ar للاستفادة من خدماتها المتنوعة والحصول على الدعم النفسي بسرية تامة.
اقرأ أيضاًغلق 4 معامل ومركزين للجلدية غير مرخصين في حملة على المنشآت الطبية ببني سويف
التأمين الصحي الشامل: تحديث أسعار الخدمات الطبية بدءًا من يناير 2026