منذ أن دخلت مصر في رحاب الحضارة الإسلامية، لم يتغيّر قدرها، ولم يخفت نورها، بل ازدادت مكانتها إشراقًا وتأثيرًا.
وكأن التاريخ يعيد التأكيد دائمًا: مصر حيثما حلت… تحضر القيادة، وتولد القوة، وتنضج الحكمة.
أولًا: الدبلوماسية المصرية في العهد الإسلامي
زمن الأيوبيين والمماليك: حين صعدت مصر لتكون قلب الشرق
في زمنٍ كان الظلام يحيط بالمنطقة من كل جانب، كانت مصر كالعادة المشعل الذي يهدي، والقلعة التي تحمي، والعقل الذي يخطط.


حين داهمت الحملات الصليبية الشرق، لم تكن مصر مجرد ساحة صراع، بل كانت العقل المدبر للسلام حينًا، وحاملة السيف حين يجب.
•    نسق صلاح الدين الأيوبي تحالفات واسعة، جمع فيها القلوب قبل الجيوش، وأثبت أن الدبلوماسية ليست كلمات تُرسل، بل نبض أمة تُوحَّد.
•    وعندما احتدمت المعارك، بقيت القاهرة راسخة، تمدّ الشرق بثباتها، وتحمي قضيته بعقلها وقلبها.
وفي مواجهة المغول: دبلوماسية العزة قبل معركة العزة
قبل أن يلتقي جيش مصر بالمغول في عين جالوت، كان هناك قرار مصري خالص: لا انحناء… ولا مساومة على الكرامة.
ردّ قطز على تهديدات هولاكو ليس كـردّ حاكم، بل كصوت وطن يأبى أن يخضع.
كانت تلك الرسالة أول المعركة، وكانت هي النصر الأول قبل أن يعلو صهيل الخيول في سهل عين جالوت.
مصر والبحر الأحمر وإفريقيا: قلب يفتح أذرعه
لم تكن الدبلوماسية المصرية سيفًا دائمًا؛ فقد كانت في لحظات كثيرة يدًا ممدودة بالعلم، وبالخير، وبالروح الإنسانية.
حافظت على علاقاتها مع ممالك إفريقيا، وحمت طريق التجارة والحج، وكانت مركز إشعاع حضاري يرفرف منه نور الأزهر إلى أنحاء الأرض.
وعند ختام هذه المرحلة، نقف أمام حقيقة لا يستطيع التاريخ إنكارها: أن مصر لم تكن يومًا دولة على الهامش، بل كانت دائمًا في القلب… قلب القرار، وقلب الشرق، وقلب الإنسانية.
إنها مصر التي تعلم العالم أن القوة ليست في الهيمنة، بل في القدرة على التوازن… وأن القيادة ليست في الصوت العالي، بل في الصوت العاقل… وأن الانتماء ليس شعارًا، بل عهدًا نُولد عليه ونحيا به.
وهكذا تظل الدبلوماسية المصرية منذ فجر الإسلام وحتى شروق العصر الحديث حكاية وطنٍ يعرف قدر نفسه، ويصون رسالته، ويكتب فصوله بمداد الكبرياء، لتبقى مصر دائمًا كما أرادها الله: نورًا في العتمة… وميزانًا في الفوضى… وقلعةً حين تتداعى الجدران.
وللحديث بقية… مع فصل جديد يروي كيف واصلت مصر دورها في عالم سريع التغيّر، وكيف ظل صوتها ثابتًا في زمن لا يثبت فيه شيء.     وللحديث بقية…

طباعة شارك الحضارة الإسلامية الدبلوماسية المصرية الدبلوماسية المصرية في العهد الإسلامي

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الحضارة الإسلامية الدبلوماسية المصرية الدبلوماسیة المصریة دائم ا

إقرأ أيضاً:

مع الاحتفال بمرور 75 عاما على العلاقات الدبلوماسية.. مصر تسترد 17 قطعة أثرية نادرة من أستراليا

وقعت مصر وأستراليا على المستندات الخاصة بإعادة 17 قطعة أثرية فرعونية نادرة إلى مصر، تعود إلى حقب متعددة من الحضارة المصرية القديمة.

جاء ذلك خلال استقبال الوزير توني برك، وزير الداخلية والهجرة والفنون والأمن السيبراني وزعيم الحكومة في مجلس النواب الفيدرالي الأسترالي، اليوم الأربعاء، السفير نبيل حبشي نائب وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، يرافقه السفير هاني ناجي سفير مصر لدى أستراليا، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي أجراها نائب وزير الخارجية إلى العاصمة كانبرا.

وصرح السفير نبيل حبشي، عقب اللقاء، بأن إعادة القطع الأثرية يأتي تزامنا مع الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، بما يعكس اهتمام أستراليا بتعزيز التعاون الثقافي مع مصر، ولاسيما في مجال مكافحة تهريب الآثار وحماية الممتلكات الثقافية.

وأكد أن إعادة هذه القطع الأثرية جاء تزامنا أيضا مع الاحتفال بمرور 75 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين مصر وأستراليا، الأمر الذى يجسد عمق الثقة والاحترام المتبادل بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بصون التراث الإنساني المشترك.

وأوضح أن هذا القرار يعد ثمرة للمتابعة الدقيقة التي قامت بها السفارة المصرية في كانبرا والقنصلية العامة في سيدني للقضية المنظورة أمام القضاء الأسترالي منذ عام 2019، والتي انتهت بصدور حكم المحكمة العليا الأسترالية في 3 سبتمبر 2025 بالتحفظ على القطع الـ17 التي كانت بحوزة إحدى الشركات الخاصة وإعادتها إلى موطنها الأصلي.

ولفت إلى أن هذا الحكم يجسد التزام الحكومة الأسترالية بتعزيز التعاون مع مصر لحماية التراث الإنساني وصون مقتنياته للأجيال المقبلة، والوقوف ضد الإتجار غير المشروع بالآثار.

وفي سياق متصل، كشف السفير حبشي عن ارتفاع السياحة الأسترالية الوافدة إلى مصر بنسبة 11% خلال النصف الأول من العام الجاري، وهي نسبة مرشحة للزيادة في ضوء تعديل الحكومة الأسترالية لإرشادات السفر إلى مصر في سبتمبر 2024، إلى جانب افتتاح المتحف المصري الكبير هذا الشهر.

وخلال اللقاء مع الوزير توني برك، استعرض نائب وزير الخارجية التطورات المتسارعة في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن الرقمي، وما يرتبط بهما من مخاطر عابرة للحدود، حيث جرى التباحث حول سبل تعزيز التعاون لمواجهة هذه التحديات، كما تناول الجانبان سبل التصدي لتصاعد أنماط الجريمة المنظمة والإرهاب، والتأكيد على أهمية تبادل الخبرات والمعلومات وتنفيذ برامج تعاون مشتركة بين المؤسسات المعنية.

وأولى الجانبان اهتماما خاصا ببحث آفاق التعاون في مجال الأمن السيبراني وحماية الفضاء الرقمي، حيث أعرب نائب وزير الخارجية عن تطلع مصر إلى فتح قنوات جديدة لبناء آليات أكثر فاعلية، مستفيدين من الخبرات المصرية المتراكمة والريادة الأسترالية في هذا المجال.

وفي ملف الهجرة والعمالة، ناقش نائب وزير الخارجية سبل تعزيز التعاون بشأن إدماج العمالة المصرية المؤهلة ضمن برامج العمالة الموسمية التي تعتمدها الحكومة الأسترالية، في ظل تزايد الطلب على العمالة الماهرة بالسوق الأسترالية وتميز الكوادر المصرية بالخبرة والقدرة على الاندماج.. وتم الاتفاق على مواصلة التنسيق لوضع الأطر التنظيمية والفنية الكفيلة بإطلاق هذا المسار بما يحقق المصالح المشتركة ويعزز الروابط الاقتصادية بين الجانبين.

من جانبه، أعرب الوزير توني برك عن تقديره للدور البارز الذي تضطلع به الجالية المصرية في أستراليا، منوها بأنها من أكثر الجاليات التزاما بالقانون وقدرة على الاندماج الفعال في المجتمع الأسترالي.

وسلط المسئول الاسترالي الضوء على تميز العديد من أبناء الجالية المصرية في مواقع قيادية ومهنية مختلفة، بما يساهم في تعزيز الثقة المتبادلة وتهيئة بيئة إيجابية لتوسيع التعاون في ملفات الهجرة وتنظيم العمالة خلال المرحلة المقبلة.

اقرأ أيضاًمشاهدة الفيلم الوثائقي «المتحف المصري الكبير.. قصة البناء» على قناة الوثائقية| الموعد والتردد

خبراء وأكاديميون دوليون: مصر أقدم حضارات العالم والمتحف الكبير إنجاز تاريخي فريد

مصر تستعيد 36 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأمريكية

مقالات مشابهة

  • علا الشافعي: الدراما المصرية ليست فى معزل عن تحديات الدولة والمجتمع
  • مازن الغرباوي: الدبلوماسية الثقافية جوهر مشروع المهرجان منذ انطلاقه
  • عبدالله آل حامد يزور الفنان الكبير عادل إمام في منزله بالجيزة المصرية
  • نميرة نجم تدشّن مبادرة الخارجية المصرية لتعزيز التواصل بين الأجيال الدبلوماسية
  • مع الاحتفال بمرور 75 عاما على العلاقات الدبلوماسية.. مصر تسترد 17 قطعة أثرية نادرة من أستراليا
  • المراقبة الدولية إستير نابوكا: الانتخابات المصرية كانت سلمية ومنظمة ونموذجا لأفريقيا
  • الأمور ليست معقدة.. تفاصيل أزمة تجديد عقد إمام عاشور في الأهلي
  • طقس العرب .. تجدد نشاط السحب الرعدية على مناطق عشوائية ساعات مابعد الظهر والعصر
  • زيارة في قلب العاصفة.. قراءة جيوسياسية شاملة في تحركات الدبلوماسية المصرية