قمة المنامة وأسئلة الأمن المشترك
تاريخ النشر: 3rd, December 2025 GMT
أكثر ما لفت انتباه الشعوب الخليجية اليوم هو إصرار قادة دول مجلس التعاون على التمسك بالوحدة الاجتماعية المشكلة لجوهر الشعوب الخليجية باعتبارها مصدر قوة هذه الدول، والإيمان بالمصير المشترك والمترابط لهذه الدول. وهذا بدوره يشكل حدود المقولة الأكثر تكرارا في قمة المنامة سواء على مستوى الكلمات الرسمية أو على مستوى التحليلات السياسية المصاحبة وهي أن «أمن الخليج كل متكامل لا يمكن تجزئته».
ومن بين الكثير من الأخطار والتحديات التي تحيط بدول المجلس أو تنعكس عليه من المتغيرات الإقليمية والدولية حضر الخطر الأمني بشكل غير مسبوق، وكان حديث القمة وهاجسها الأكبر. وكان هذا مفهوما جدا بعد أن تعرضت دولة قطر لاعتداءين خطيرين خلال العام الجاري، وتأكيد دولة الاحتلال الإسرائيلي أن أحدا لن يكون في مأمن من صواريخها ومسيراتها وطائراتها. ورافق ذلك غياب الردع الأمريكي رغم الاتفاقيات الأمنية والقواعد الكبرى والأساطيل الحاضرة في المنطقة.
ولأول مرة تحدثت القمة بشكل واضح وبعيد عن الخطابات الدبلوماسية عن «بناء الشراكات» الأمنية بعيدا عن المظلة الواحدة، والحديث عن «القبة الصاروخية» الخليجية الموحدة التي تبنى وتنشأ مع «الحلفاء»، ومنظومات الإنذار المبكر، وتحويل أي اعتداء إلى قضية جماعية لا عبئا منفردا على دولة بعينها.
هذه مشاريع كبرى وفي غاية الأهمية لكنها الوحيدة القادرة اليوم على تطبيق الشعار الذي تردده جميع القمم الخليجية وهو شعار «المصير الواحد».
يبقى أن فهم شعار/ حقيقة أن «أمن الخليج كل لا يتجزأ» في السياق الأمن العسكري اختزال خطير، فالخليج يحتاج قبل كل شيء إلى أمن اجتماعي بكل ما يعنيه من دلالة واسعة، ويحتاج إلى أمن اقتصادي ومائي وغذائي، وإلى حماية الهوية والثقافة الوطنية من خطر التآكل والاندثار لصالح ثقافات عالمية تصدر للمنطقة بقيم لا تتوافق ومبادئ الشعوب الخليجية ودينها الإسلامي.
ليس خطأ التركيز على الاهتمام بملف الأمن، لكن لا بد من الإيمان بأن نجاح هذا الملف مرهون بالأمن الاجتماعي، وبتماسك الجبهة الداخلية في دول الخليج. وحينما تكتمل كل هذه البنى يمكن أن تزول الأخطار التي تهدد الاستقرار في المنطقة.
مع ذلك يبقى أن قمة البحرين نجحت في فتح نقاش خليجي صريح حول أمن الخليج، وحول «القبة الصاروخية» الخليجية، وإن لم تذكر في البيان الختامي، ولكن الأمين العام لمجلس التعاون تحدث عنها بشكل صريح وواضح في اللقاء الصحفي.
والخليج في أمسّ الحاجة اليوم إلى مثل هذه الحوارات التي تتجاوز الخلافات البينية والتباينات السياسية؛ فالأحداث أثبتت أن الجميع سواء عندما تحين لحظة الخطر الحقيقية. وهذا في حد ذاته سبب جوهري لفهم أعمق لمعنى الكثير من الشعارات التي ترفع في الخليج من مثل «الأمن المشترك» و«المصير الواحد». ويبقى أن هذه الشعوب التي تشكل دول الخليج العربي كتلة بشرية واحدة يجمعها نسيج اجتماعي ليس من السهل تفكيكه طويلا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشعوب الخلیجیة
إقرأ أيضاً:
انطلاق أعمال القمة الخليجية الـ 46 في البحرين
انطلقت اليوم، في العاصمة البحرينية المنامة، أعمال القمة الخليجية السادسة والأربعين، في ظل ظروف إقليمية ودولية بالغة الحساسية، ووسط تحديات محيطة لم تشهدها المنطقة من قبل، وفي مقدمتها تطورات الحرب في قطاع غزة.
وتوافد قادة وزعماء الدول الخليجية على المنامة لحضور أعمال الدورة السادسة والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تستضيفها مملكة البحرين، المقامة في البحرين.
أخبار متعلقة القمة الخليجية 46 تنعقد الأربعاء واهتمام خاص بالدفاع الخليجي المشتركقبيل انطلاق القمة الخليجية.. "اليوم" تتجول في البحرين وترصد الاستعداداتالمجلس التحضيري للقمة الخليجية 46 يستعرض العمل المشترك وآخر التطوراتويحظى "الدفاع الخليجي المشترك" باهتمام كبير خلال القمة، ما سيكون له دور كبير في صياغة مرحلة جديدة من التعاون الخليجي، وتوحيد الرؤى والمواقف بشأن الأحداث الدولية.