رئيس وزراء لبنان: اللاجئون السوريون يشكلون خطرا على توازن الدولة
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
حذّر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اليوم الخميس، وفقا للأسوشيتد برس، من أن تدفق أكثر من ألف لاجئ سوري أسبوعيا إلى لبنان بسبب الأوضاع الاقتصادية والمالية المتدهورة في بلادهم "قد يخلق اختلالات قاسية" في الدولة الصغيرة الواقعة على البحر الأبيض المتوسط.
خلال الأشهر الماضية، وصل آلاف المواطنين السوريين إلى لبنان عبر نقاط عبور غير شرعية بحثاً عن حياة أفضل.
في السنوات الأولى بعد اندلاع الصراع في سوريا في مارس 2011، استقبل لبنان مئات الآلاف من اللاجئين. تغير ذلك في السنوات اللاحقة، خاصة بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية في لبنان في أكتوبر 2019.
أدى الصراع السوري إلى مقتل نصف مليون شخص ونزوح نصف سكان البلاد قبل الحرب البالغ عددهم 23 مليون نسمة، بما في ذلك أكثر من 5 ملايين سوري فروا من البلاد، معظمهم إلى البلدان المجاورة. عادة ما يدفع اللاجئون للمهربين لإحضارهم إلى لبنان عبر الحدود الطويلة المشتركة.
قال الجيش اللبناني في بيان، الخميس، إنه منع 1200 سوري من العبور إلى لبنان هذا الأسبوع وحده. وقالت إن 1100 سوري آخرين منعوا من الوصول إلى لبنان الأسبوع الماضي.
قال ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء الخميس في بيروت، إن ما يثير القلق بشأن تدفق اللاجئين هو أن معظمهم من الشباب والشابات. وأضاف: إن ذلك يهدد استقلال كياننا ويمكن أن يخلق اختلالات قاسية يمكن أن تؤثر على التوازن الديمغرافي للبنان.
وبحسب الأسوشيتد برس، قد تكون الفئة الديموغرافية المعنية هي الانتماء الديني، حيث أن الغالبية العظمى من السوريين هم من المسلمين السنة. ويكافح لبنان، المعروف بتنوعه الديني في المنطقة، للحفاظ على السلام بين طوائفه الدينية البالغ عددها 18 طائفة. اليوم، يشكل المسيحيون ما يقرب من ثلث السكان، في حين أن الثلثين الآخرين منقسمون بالتساوي تقريبا بين الشيعة والسنة.
قال ميقاتي إن جلسة أخرى لمجلس الوزراء ستعقد الأسبوع المقبل مع قائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية لبحث مسألة اللاجئين.
يستضيف لبنان حوالي 805,000 لاجئ سوري مسجل لدى الأمم المتحدة، لكن يقدر المسؤولون أن العدد الفعلي أعلى بكثير: بين 1.5 مليون لاجئ.
تتدهور الظروف المعيشية في سوريا، حيث ارتفع التضخم بعد قرار الرئيس بشار الأسد في أغسطس مضاعفة أجور القطاع العام ومعاشات التقاعد. وأدت الأزمة إلى احتجاجات معظمها في السويداء، المحافظة الجنوبية المتاخمة للأردن.
يواجه الاقتصاد السوري صعوبات بعد سنوات من الصراع والفساد وسوء الإدارة والعقوبات التي يقودها الغرب بسبب اتهامات بتورط الحكومة في جرائم حرب وتجارة المخدرات غير المشروعة.
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 90% من السكان يعيشون في فقر. وانخفضت قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 15 ألف ليرة مقابل الدولار في أغسطس.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نجيب ميقاتي اختلالات لبنان إلى لبنان
إقرأ أيضاً:
الانتخابات التشريعية في سوريا.. هل تؤسس لبناء دولة يستحقها السوريون
مع إجراء أول انتخابات تشريعية في سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، تعود البلاد إلى الواجهة السياسية بعد سنوات طويلة من الحرب والانقسام. هذه الانتخابات تمثل، من حيث الشكل، خطوة نحو إعادة بناء مؤسسات الدولة، لكنها في جوهرها تثير تساؤلات جوهرية حول التوقيت، المضمون، والشرعية.
شرعية سريعة أم استعجال محفوف بالمخاطر؟
السلطة الانتقالية برئاسة أحمد الشّرع سعت إلى تنظيم الانتخابات بسرعة، في محاولة لإضفاء شرعية سياسية ومؤسساتية على المرحلة الجديدة. الهدف هو استكمال خطوات كبرى، مثل صياغة دستور دائم وتحديد شكل النظام السياسي المستقبلي.
يرى مؤيدو هذه الخطوة أنها تعكس رغبة حقيقية في بدء صفحة جديدة وإعادة دمج سوريا في محيطها العربي والدولي.
لكن التساؤل الذي يطرحه كثير من المراقبين: هل يمكن للسرعة أن تتوافق مع متطلبات بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية، أم أنها مجرد خطوة شكلية لا تكفي لضمان شرعية مستدامة؟
معارضة مشروعة وتساؤلات مفتوحة
المعارضة السورية، داخليًا وخارجيًا، تعرب عن شكوكها في جاهزية البلاد لإجراء الانتخابات في ظل الظروف الأمنية الصعبة، خاصة في محافظات مثل السويداء والرقة والحسكة، حيث تم تأجيل التصويت أو ترك بعض المقاعد شاغرة.
القضية الكردية لا تزال دون حل نهائي، ما يجعل مشاركة مناطق الشمال الشرقي في العملية السياسية محل جدل وتوجس.
كما يثير اختيار الرئيس لـ70 عضوًا من أصل 210 أسئلة مهمة حول المعايير والشرعية، خصوصًا أن الرئيس نفسه غير منتخب شعبيًا، ما يضع قراراته تحت مجهر النقاش العام، خاصة في غياب دستور واضح ينظم هذه المرحلة الانتقالية.
تحديات داخلية وخارجية معقدة
في الداخل، تواجه سوريا تحديات اجتماعية واقتصادية ضخمة، تتطلب مصالحة وطنية شاملة لإعادة اللحمة بين مكونات المجتمع، وضمان توزيع عادل للفرص والخدمات.
كما تواجه البلاد تحولات رمزية لافتة، إذ أصدر الرئيس أحمد الشرع مرسومًا قضى بإلغاء عطلة ذكرى حرب تشرين (6 أكتوبر) وعيد الشهداء، واستبدالهما بعطلتين جديدتين: “عيد الثورة السورية” و”عيد التحرير”. هذه الخطوة الرمزية تأتي في وقت تجري فيه أول انتخابات تشريعية منذ رحيل الأسد، وتعكس تحولات في الخطاب الرسمي للدولة وتضيف بعدًا جديدًا للتحديات الوطنية.
المصالحة الوطنية والاعتراف بالماضي
مع كل التغيرات الرمزية والسياسية، يبقى السؤال عن العدالة التاريخية والمصالحة الوطنية مفتوحًا. فإلغاء مناسبات مثل ذكرى حرب تشرين قد يثير انقسامات رمزية، خاصة وأن هذه الأحداث تمثل تضحيات الشعب السوري بأكمله، وليس فقط فترة حكم بعينها، لذلك، من الضروري أن توازن السلطة الانتقالية بين استحداث رموز جديدة تعكس المرحلة الحالية، وبين الاعتراف بإيجابيات كل المراحل السابقة، بما فيها إنجازات عهد الأسد، لضمان مصالحة حقيقية تعكس وحدة الشعب وهويته المشتركة، بعيدًا عن أي محاولات لتهميش الماضي.
كما يواجه السوريون خطرًا حقيقيًا يتمثل في محاولات تقسيم الدولة أو إضعاف سيادتها. الانقسامات الطائفية والمناطقية، والتدخلات الأجنبية في شمال وشرق سوريا، قد تؤدي إلى تجزئة البلاد على أسس عرقية أو جغرافية، ما يهدد الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي.
هذه المخاطر ترتبط بالتدخلات الإقليمية والدولية، ومحاولات بعض الأطراف استغلال الأزمات لتوسيع نفوذها، كما تجلى في الضغوط لإجبار دمشق على التطبيع والتنازل عن الجولان، إضافة إلى الأطماع التي أشار إليها نتنياهو علنًا.
أما على الصعيد الخارجي، فلا تزال الضغوط والتدخلات قائمة، خصوصًا الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للسيادة السورية، ومحاولات بعض الأطراف جر دمشق نحو التطبيع والتنازل عن الجولان. هذه الضغوط تشكل تهديدًا مباشرًا لهوية الدولة وكرامتها الوطنية، وتزيد من تعقيد المشهد السياسي الداخلي.
نحو نظام ديمقراطي تعددي
المرحلة القادمة تفرض التفكير بجدية في نوع النظام السياسي الذي تحتاجه سوريا لتلحق بركب التقدم بعد عقود من الحروب والصراعات. فهي دولة تتعدد فيها الطوائف والمكونات والديانات، وأي مشروع سياسي ناجح يجب أن يكون قادرًا على احتضان الجميع وضمان المساواة في الحقوق والواجبات.
يذهب كثير من المراقبين إلى أن النظام المدني الديمقراطي التعددي هو الخيار الأمثل، شرط أن يكون مبنيًا على قاعدة وعي مجتمعي وسياسي حقيقي، ويتيح لكل الاتجاهات والمكونات المشاركة في صياغة المستقبل.
ويتوقع أن تشارك المعارضة المدنية السابقة، التي كانت جزءًا من المعارضة المسلحة والسياسية السابقة، في العملية السياسية، وهو تحول جوهري نحو بناء دولة القانون والمؤسسات.
الوعي قبل الصندوق وتحديات خارجية كبرى
إجراء الانتخابات اليوم ليس مجرد اقتراع، بل اختبار حقيقي للوعي الوطني والجماعي. المجتمع السوري، بتنوعه الثقافي والديني والسياسي، بحاجة إلى وعي جديد يتجاوز الانقسامات ويؤسس لعقد اجتماعي يعيد للدولة مكانتها وهيبتها.
إلى جانب التحديات الداخلية، تواجه سوريا تحديات خارجية جسيمة، متمثلة في الأطماع الصهيونية، حيث صرح رئيس وزراء إسرائيل السابق بنيامين نتنياهو بأن بلاده ساعدت في إسقاط الأسد، وأن هناك ضغوطًا لإجبار سوريا على التطبيع وعدم الانسحاب من الجولان، إضافة إلى توسعات واضحة تستهدف سوريا والدول العربية الأخرى.
يبقى السؤال الأساسي: هل تستطيع سوريا مواجهة هذه التحديات؟ وهل هناك دعم دولي حقيقي يعكس التأييد الذي ساهم في إسقاط الأسد، أم أن هذه الضغوط جاءت نتيجة رفض دمشق التطبيع والتنازل عن الأراضي السورية والقضية الفلسطينية؟
ربما لا تحمل انتخابات أكتوبر كل الحلول، لكنها قد تكون البداية نحو سوريا مدنية ديمقراطية قوية، تحكمها الإرادة الوطنية، وتواجه تحدياتها الداخلية والخارجية بعقلية وطنية واعية، مع التطلع نحو الديمقراطية الجديدة وإعادة بناء الدولة بما يليق بالشعب السوري وتاريخه العريق.
وتبقى التحفظات والشكوك في مآلات الأمور، عن قدرة السلطة الجديدة في استيعاب طموحات سوريا التي تستحقها، في ظل الأوضاع التي تشهدها المنطقة العربية، فهي بين خيارين:
الإرادة الوطنية التي تتحقق بعزائم كل السوريين.
أو إسقاط لنظام سيئ، بنظام أسواء يتماهى مع أهداف وأجندات خارجية.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.