"تل حاي".. لافتة عبرية يطمس الاحتلال خلفها هزائمه بـ "خربة طلحة" الجليلية
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
الجليل الأعلى - صفا
جمّعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أسماء مستوطناتها التي حاولت تدشينها على أشرس قرى فلسطين، التي استعصت عليها، في مستوطنة واحدة أقامتها بعد أعوام من النكبة، على أرض "خربة طلحة"، فكان "تل حاي" غطاءً للهزائم التي تُخفيها هذه المستوطنة.
وتقع خربة "طلحة" في منطقة الجليل بأراضي عام 48 المحتلة، وبالرغم من انعكاس البساطة، الذي يوحي بها اسمها، إلا أنها كانت عصية على العصابات الصهيونية، ومن قبلها الانتداب الفرنسي.
وتضع سلطات الاحتلال الإسرائيلي اليوم لافتة "تل حاي" على مدخل خربة "طلحة"، ضمن خطواتها لطمس وتحريف أسماء وتاريخ القرى والمدن الفلسطينية المهجرة منذ عام النكبة 1948.
وانبرى نشطاء ومحامون من أراضي 48 المحتلة، مؤخرًا، للكشف عن ملفات ومجازر مخفية، تعود لعام النكبة وما قبله، تخفيها "إسرائيل" في أرشيفها، وذلك ضمن خطوات لإدانة الاحتلال فيها بمؤسسات ومنصات دولية.
بأس أهلها
ويقول المختص بالكشف عن هذه الملفات المحامي جهاد أبو ريا: "إن خربة طلحة، التي ترعرع الجيل الفلسطيني الحالي، وهو يرى اسمها تل حاي العبري لها، لها تاريخ نضالي شديد على الاحتلال".
ويكمل "الخربة شهدت معركة في الأول من مارس عام 1920، خاضها الفلسطينيون ضد العصابات الصهيونية، وقد اتسم أهلها بالشجاعة والعند المفرط، وكانوا معروفين بأنهم أولي بأس شديد".
ولهذه الصفات، بائت محاولات العصابات الصهيونية للسيطرة عليها، وتهجير سكانها مرارًا بالفشل، حتى أن إحدى المستوطنات التي أقيمت هناك بداية المعارك، أزيلت تحت وطأة القتال، حسب أبو ريا.
ويصف الخربة بأنها كانت "حامية منطقة شمال فلسطين، لما أبلاه سكانها من معارك انتصروا فيها، وكانت منقطعة النظير".
حماية المنطقة
وقبل قدوم العصابات الصهيونية، كانت الخربة وما حولها من مناطق، تقع تحت سيطرة الانتداب الفرنسي، وكان شيخها يقود المعارك ضده في القرية.
وحسب أبو ريا، فإن الشيخ "كامل حسين اليوسف"، بالإضافة إلى أنها كانت درعًا لمنطقة الحولة.
ويذكر أن العصابات الصهيونية عملت في هذه المنطقة على سلب ونهب أراضي الفلاحين الفلسطينيين، وحاولت طردهم من أراضيهم وتهجيرهم منها، إلا أنها لاقت مقاومة شديدة من سكان المنطقة قادها اليوسف، وكان من أشهرها معركة "خربة طلحة".
وحسب الوثائق "فإنه في المعركة التي حاولت العصابات الصهيونية السيطرة على القرية، قُتل ستة من عناصر العصابات الصهيونية وعرف منهم "يوسف طرومبلدور".
وفي بداية القرن العشرين أقامت عليها العصابات الصهيونية مستوطنة اسمها "عبرنت"، ثم بعد ذلك اسمها من "طلحة" ثم تم تحويلها لمستوطنة "تل حاي", بالإضافة الى إقامة مستوطنات "كفار جلعادي ومطولة وحمارى".
ويكمل أبو ريا "ولكن بعد سنوات من إزالة هذه المستوطنات، أعادت سلطات الاحتلال بناء مستوطنتي تل حاي وكفار جلعادي، ثم تم توحيدهما بمستوطنة "تل حاي".
أما مستوطنة "حماري" التي هجرتها العصابات الصهيونية، فلم تعيد سلطات الاحتلال إقامتها إلى اليوم، أما القرية اليوم ففيها نصب تذكاري باسم "تل حاي" المحرف.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: الاحتلال الجليل سلطات الاحتلال
إقرأ أيضاً:
تآكل مجتمع الصهيونية “اللقيط” من الداخل.. أرقامٌ ومؤشرات
يمانيون|تقرير|إبراهيم العنسي*
تستمرُّ جِراحُ غزة ويستمرُّ نزيفُ الدم الفلسطيني، وتتصاعدُ أرقامُ الموت كما تتعاظم صورة الدمار في عيون العالم، لكن هناك صورة أُخرى تفترض أن كيان العدوّ (إسرائيل) هو الآخر على قدر إجرامه ودمويته، ينزفُ من الداخل، ونحن لا نتحدَّثُ عن خسائره الاقتصادية التي يتكبدها كمثال، بل هو حديث يخص حال مجتمعه اللقيط؛ الأَسَاس الذي قام عليه هذا الكيان والذي سيكون سببًا في زواله.
بالتزامن مع التكتّم الإسرائيلي عن الخسائر المتلاحقة في المعارك التي تخوضها قوات الاحتلال الإسرائيلي مع المقاومة في غزة، تتزايد المعطيات الرسمية التي ترصد تصاعدًا مُقلقًا لحجم المشاكل العقلية والاضطرابات النفسية التي أصابت عموم الإسرائيليين؛ بسَببِ استمرار الحرب على غزة.
هناك مشهد غير مسبوق من قبل يخص الإقبال الكثيف في كيان العدوّ على عيادات الطب النفسي.
حيثُ يجري الحديث بعمق عن تفشي الأمراض السلوكية، والتي تظل مؤشراً لتحول المجتمع الصهيوني مع مرور الوقت إلى “مجتمع مريض”، يعاني أمراضاً لم تكن معهودة من قبل، وسط عجز الحكومة عن تفاديها، في ظل تزايد المشاكل العائلية، وتصاعد حالات العنف الأسري.
جمعية “كيشر لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة” أشَارَت إلى إصابة 100 ألف إسرائيلي محتلّ، منذ بدء الحرب على غزة، بإعاقات مختلفة: حسّية، وحركية، وذهنية، وعصبية، ولم يتمكّنوا من العودة لحياتهم الطبيعية؛ بسَببِ تبعات الهجوم والحرب من بعده. جمعية “ناتال” للمساعدة النفسية الصهيونية تحدثت عن مساعدة قرابة 43 ألف مغتصِب في تسعة أشهر منذ بدء الحرب على غزة.
بينما أعلنت مؤسّسة التأمين الوطني عن إصابة 65 ألف إسرائيلي بأعراض نفسية وعصبية؛ بسَببِ الحرب، منهم عشرات الآلاف مصابون عقليًّا، العديد منهم أُصيبوا بإصابات نفسية خطيرة، فيما يحتاج 30 % من مستوطني غلاف غزة لعلاج صحي نفسي ودوائي لفترة طويلة؛ لأَنَّهم باتوا مختلّين عقليًّا، مرضى نفسيًّا، غير أكفاء.
بحسب عالم النفس الصهيوني يوسي ليفي بلاز، فَــإنَّ العدوان الإسرائيلي على غزة، أسفر عن معاناة ثلث (الإسرائيليين) من اضطراب ما بعد الصدمة، و45 % من سكان المغتصبات من الاكتئاب واضطراب القلق. كما أن 60 % منهم يعانون تدهوراً كبيراً في خصائصهم الاجتماعية والنفسية، و50 % نومهم مضطرب ولا يتحسّن، وباتوا يفقدون صبرهم، ويغضبون بسرعة؛ ما يخلُقُ قدرًا كَبيرًا من العدوانية بينهم، وقدرتُهم على إدارة حواراتهم شبهُ معدومة.
وفقًا لمنظمة “أرانERAN” للإسعافات الأولية النفسية الصهيونية، هناك 48 % من المكالمات التي تصلها تتعلق بحالات القلق، والصدمة، والشعور بالفقد، والعزلة، والوحدة، والاكتئاب، وصعوبة النوم، وهو رقم قياسي ونسبة مرتفعة لم يسبق أن وصلت إليها منذ 1971.
تقول هذه المنظمة الإسرائيلية: إن “عدد المكالمات التي تلقّتها منذ بداية الحرب على غزة، زاد عن 300 ألف مكالمة وكلها تطلب المساعدة النفسية، 40 ألفًا منها وردت من الجنود وعائلاتهم، و58 ألفًا من المراهقين”. وتراها مؤشرات خطيرة، حَيثُ إن بعض الجنود لا يخفون في مكالماتهم أسفهم على أنهم لم يُقتلوا في غزة، في ظل ما يعانونه من توتر وضيق نفسي شديد رافقهم منذ العودة الأولى من حرب غزة، بعد إعلان الهُدنة المؤقتة.
ووفقًا ليوميات الحرب على غزة فَــإنَّ جنود وضباط وسكان المغتصبات الإسرائيلية عُمُـومًا باتوا يدفعون أثمانًا نفسية، وعائلية، ومهنية باهظة؛ فهم عاشوا حالة حرب لفترات طويلة، وما زال العديد منهم لا يستطيع تحمل المزيد من المعاناة.
ويمكن ملاحظة الهروب من التجنيد ورفض الأوامر كمؤشر واضح من مؤشرات التأثير النفسي الكبير على جيش العدوّ ومجتمعه الغاصب.
قبل أسبوع تقريبًا، نقلت هيئة بث كيان العدوّ الرسمية، عن مجموعة من المجندين الصهاينة رسالة لقادتهم قالوا فيها: “بعد 17 جولة دخول إلى غزة، مررنا بعدد هائل من الأحداث العملياتية، قاتلنا لأشهر طويلة، وفقدنا أصدقاءنا، ولم نعد قادرين نفسيًّا على الدخول مجدّدًا إلى القطاع”. هذه ليست الحالة الأولى التي يرفض فيها جنود إسرائيليون دخول غزة.
في أغسطُس الماضي كمثال آخر، طلب نحو 20 مقاتلًا من لواء مشاة من قادتهم عدم المشاركة في القتال بالقطاع، وفق هيئة البث. وقتها، قال الجنود لقادتهم إنهم “بعد عشرة أشهر من القتال في غزة، لم يعودوا قادرين نفسيًّا أَو جسديًّا على العودة إلى القطاع.
وفي ظل التهديد بالسجن لرفض الأوامر يحاول مجندو العدوّ الإسرائيلي في غزة مواصلة القتال، لكنهم في الواقع يعانون أزمات نفسية كبيرة مُستمرّة منذ بدء الحرب على غزة وحتى اليوم. الصراخ والعويل والبكاء هي ردود فعل يشترك فيها مجندو العدوّ، حَيثُ فكرة الموت تبقى كابوساً مؤرقاً لهم.
ومن ضمن الصورة القاتمة لمجتمع الخوف الصهيوني، هناك ما يزيد عن 300 ألف إسرائيلي مغتصب يعانون من أمراض نفسية خطيرة، (ما قبل الحرب على غزة)، إلى جانب أن هناك (مليون مغتصب) في طوابير انتظار العيادات النفسية.
صفارات الإنذار:
لقد تركت الحرب على غزة آثارها الكارثية على الجسد والذاكرة والنفسية الإسرائيلية كما تظهرها الأرقام. ومنها آثار صفارات الإنذار ودوي الانفجارات.
هناك التوترات المتكرّرة والمصاحبة لأصوات الإنذار المتكرّرة مع وصول أَو سقوط الصواريخ.. أصداء الانفجارات التي تُسمع في المستوطنات والمدن، واقع خلق اضطرابات شديدة في الروتين اليومي لمجتمع المغتصبات، ومعه انحسار مؤشر الحياة الجيدة، التي يتمتع بها جزء من المجتمع الاستيطاني المحتلّ.
يمكن تصور واقع مجتمع الصهيونية اللقيط، مع سماع دوي صفارات الإنذار في أنحاء المدن والمغتصبات ومعها ترقب الذهنية الإسرائيلية المرهقة وردة فعلها التلقائية في قصد الملاجئ الداخلية أَو الخارجية، وما يرافق ذلك الموقف من انفعالات، وصراخ… إلخ.
مع تكرار هذا المشهد منذ بدء الحرب على غزة وحتى اليوم، يمكن إدراك أن هذا المجتمع المطبوع بحالة الخوف، معرض بكليته لاضطرابات جسدية وسلوكية ونفسية شديدة ومعقَّدة.
ومع إضافةِ الأرقام السابقة التي تقدِّمُها الإحصائياتُ الإسرائيلية والمراكز البحثية يمكن الحديث عن تضاعُفِ هذه الأرقام بعد عشرين شهرًا من حرب غزة. هناك زيادة بنسبة تقارب 900 % في عدد من يتلقّون الرعايةَ الصحية النفسية السريرية منذ اندلاع الحرب؛ أي مضاعفة هذا الرقم 15 مرة تقريبًا منذ بدء الحرب على غزة؛ ما يؤكّـد أن هذا الكيان المسخ والمجتمع اللقيط المصطنع سيكون أمام معضلة عميقة وتأثير استراتيجي، على تركيب هذا الهيكل الهزيل.
تآكل الثقة:
الآثار النفسية غير المسبوقة التي تركتها الحرب على الإسرائيليين، رافقها شعورٌ بالخيانة من الكَيان، وعدمُ ثقة بحكومة الكيان، وشعورُ 67 % من مجتمع العدوّ الإسرائيلي بعدم الأمان، وهذا رقمٌ كبير جِـدًّا.
وفيما يخص مستقبل الكيان هناك تعاظم في مؤشر اللا انتماء والبحث عن بدائلَ للعيش خارج جغرافية فلسطين المحتلّة. هذا المؤشر قد لا يكون ذا أثرٍ سريع ومباشر، لكن تأثيره العميق سيكون ضمن التأثير الاستراتيجي على وجود وقوة كيان العدوّ.
اعترف 65 % منهم أن شعورهم بالانتماء لـ (إسرائيل) انخفض بشكل كبير، 67 % يُفكِّرون بالانتقال إلى دولة أُخرى، وهذه أرقامٌ لم تُشاهد من قبل، لكنهم يبرّرونها بأنهم “ليسوا مضطرين للعيش هُنا”.
رغم كُـلّ هذه الإحصائيات، إلا إنها تظل أرقامًا أولية، استنادًا إلى اعتماد الكيان على سياسة التعتيم الصارم. فحجم وصورة الضرر الظاهر المادي السلوكي والنفسي على الكيان ما تزال سطحية ومبسطة. ما تحت رماد الحرب والعدوان على غزة هناك تداعيات سيكون لها التأثير العميق، في تآكل وانفراط عقد هذا الكيان الهزيل، في ظل جيل صهيوني لن يكون مستعدًّا أَو قادرًا على الاستمرار في مواجهة صمود ومقاومة أهل الأرض.
*المسيرة نت.