سألتها وهى تشكو ضيق الحال وزيادة مصروفات صغارها على المدارس والدروس الخصوصية، بالإضافة إلى الطعام والشراب وخلافه.. سألتها عن إنجاب أربعة من الأطفال فى ظل هذا الغلاء؟ فأجابت بجملة تتردد دائما على الألسنة "محدش بيدينا حاجة من جيبه، إحنا بنصرف على ولادنا من شغلنا"، وعندما ناقشتها فهمت أنها تقصد الحكومة، لأنها ترسل أبناءها لمدارس حكومية وتدفع مبالغ كبيرة على الدروس الخصوصية، وعندما يمرض أحدهم تذهب به إلى الطبيب وتصرف الدواء على حسابها.
هذه السيدة هى حالة من ضمن ملايين الحالات التى تقتنع بنفس كلامها ووجهة نظرها، فلم تفلح حملات التوعية بخطورة الإنجاب المتكرر ولا زيادة عدد أفراد الأسرة وما يترتب عليه من مشكلات ولا تأثير ذلك على تقليل فرص الرعاية المعيشية للصغار، فى زيادة وعي كثير من النساء بخطورة الزيادة السكانية على الفرد والمجتمع، وكانت النتيجة أن وصل تعداد السكان إلى ما يزيد على 105 ملايين نسمة وفقًا لآخر تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء.
ووفقا للأرقام فقد سجلت محافظــات (أسيوط، سوهاج، المنيا، قنا، بني سويف) أعلـى معدلات للمواليد (27.2، 26.9، 26.0، 26.0، 24.3) لكل ألف من السكان على الترتيب.
وتؤدي مستويات الإنـجاب الحالية (2.85) في حالة ثباتها إلى وصول عدد سكان مصر إلى 119 مليون نسمة عام 2030 و165 مليون نسمة في عام 2050.
خلال المؤتمر الدولي للسكان الذى اختتمت فعالياته الجمعة الماضي، قال الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان، إننا نزيد 4 مواليد كل دقيقة بمعدل مولود كل 15 ثانية.
وأنه في أقل من يومين يكون لدينا 10 آلاف مولود جديد، وأوضح أن كل جنيه تنفقه الدولة على تنظيم الأسرة يوفر بدوره 151.7 جنيه (74.1 جنيه في التعليم، 32.9 جنيه في الصحة، 28 جنيهًا في الإسكان، 16.7 جنيه في منظومة دعم الغذاء).
كل المناقشات التى تمت خلال المؤتمر الدولي للسكان تشير إلى أن هناك مشكلة حقيقية تواجهنا كمجتمع، وهذه المشكلة تتفاقم منذ سنوات طويلة، وكلنا نتذكر حملات تنظيم الاسرة الشهيرة بـ"حسانين ومحمدين" التى لم تحرك راكدا ولم تحدث وعيا، لأن زيادة الانجاب ترتبط فى الغالب بانخفاض مستويات التعليم لدى الأبوين، ومن هنا فلا عجب أن نجد أطفالا صغارا لا تتجاوز أعمارهم عشر سنوات يعملون فى مهن شاقة لا تتناسب مع إمكاناتهم الجسدية وطفولتهم، ولا عجب أيضا أن نجد سيدة مازالت فى العشرينيات من عمرها وقد أنجبت أربعة وخمسة أطفال.
مشكلات الانفجار السكاني يصعب حصرها ولكني أعتقد أن التعليم يسهم فى زيادة الوعي بخطورة زيادة عدد الأبناء على الأسرة نفسها، ومن هنا نتعشم أن نهتم بالتعليم أولا واخيرا.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
مختص: استشارة الزوج لزوجته وعي عاطفي لا ضعف في القيادة
أكد الدكتور عماد الفارسي، الخبير والمستشار في الشؤون النفسية والأسرية، أن استشارة الرجل لزوجته في شؤون الحياة اليومية تُعد دلالة على وعي ناضج وذكاء اجتماعي، لا على ضعف في الشخصية أو القيادة، مشيرًا إلى أن 71% من الأزواج الذين يتبادلون الآراء مع شريكاتهم يعيشون علاقات أكثر استقرارًا ورضًا، وفق دراسة حديثة أجراها معهد “PEW” الأمريكي.
وأوضح الفارسي، في تصريح خاص لصحيفة “الرياض”، أن الرجال الذين ينخرطون في نقاشات تشاورية مع زوجاتهم يظهرون مستويات أعلى من التوافق النفسي، وتقل لديهم مؤشرات التوتر الأسري، مستشهدًا بنتائج دراسة نُشرت في مجلة Journal of Family Psychology عام 2020.
وأشار إلى أن الطبيعة النفسية للمرأة تميل إلى التواصل العاطفي والتفكير السياقي، مما يمنح رأيها بعدًا إضافيًا، لا سيما في القضايا الاجتماعية والتربوية، مؤكدًا أن إشراك المرأة في القرار يعزز من شعورها بالأمان والانتماء ويكرّس مكانتها كشريك حقيقي في الأسرة.
وبيّن الفارسي أن ممارسة الاستشارة داخل العلاقة الزوجية تعكس نضجًا نفسيًا عاليًا يتجلى في “المرونة” و”التنازل المتبادل”، وهما من أبرز مؤشرات الصحة النفسية في العلاقات، موضحًا أن فعل الاستشارة يفتح نافذة لفهم أوسع ويتجاوز حدود الرأي الأحادي.
وأكد أن المجتمعات التي تُعزز ثقافة الحوار داخل الأسرة تزرع بذور الاحترام المتبادل في الأجيال، داعيًا إلى أن تتحول الاستشارة من حالة طارئة إلى ثقافة يومية، قائلًا: “نحن بحاجة إلى أسر تقودها الشراكة لا السيطرة، والحكمة لا التفرد”.
وختم بقوله إن استشارة الزوج لزوجته، كما استشارة الزوجة لزوجها، ليست ضعفًا ولا تبعية، بل هي علامة على التقدير والاحترام المتبادل، وعلى وعي يستشرف مصلحة الأسرة بروح جماعية متكاملة.
جريدة الرياض
إنضم لقناة النيلين على واتساب