تداعيات حظر ارتداء العباءة بالمدارس الفرنسية
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
بعد منع ارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات الفرنسية باعتباره من الرموز الدينية التي تثير التعصب، جاء الآن القرار الجديد الذي أصدره وزير التعليم الفرنسي غابرييل آتال والذي يمنع بموجبه ارتداء العباءة بالمدارس الفرنسية، باعتبارها من وجهة نظر حكومته تعد رمزاً دينياً إسلاميًا، وبما يتنافى مع قوانين العلمانية بالجمهورية الفرنسية، وكانت السلطات الفرنسية قد أصدرت في 15 مارس عام 2004 قانوناً يحظر ارتداء الرموز الدينية بالمدارس، إلا أن ارتداء العباءة والزي الطويل لم يكن مدرجًا ضمن هذا القانون، ومع احتدام الجدل بين الحكومة الفرنسية، وقرار وزيرها من جهة، وبين أحزاب المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني والمدافعين عن الحريات الخاصة من جهة أخرى كان هناك اعتراض وشجب بين الجاليات الإسلامية، وعلى رأسها مجلس الديانة الإسلامية بفرنسا، والذي اعتبر أن حظر العباءة بالمدارس يعتبر أمرًا تعسفيًا، ويخلق حالة من التمييز تجاه المسلمين بفرنسا، ومع بدء العلم الدراسي يوم الإثنين الماضي الموافق 4 من سبتمبر الجاري ذهبت الطالبات إلى المدارس، وفوجئنا بمنع عدد كبير ممن يرتدين العباءة من الدخول إلى المدرسة، ومع التشدد استجابت بعض الطالبات بمصاحبة أهاليهم لقرار الحظر، إلا أنه وبالمقابل كان هناك عدد كبير من الطالبات قد رفضن الدخول إلى المدارس وعدن إلى بيوتهن احتجاجًا على هذا القرار باعتباره منافيًا لقانون الجمهورية الفرنسية، لينضم إلى تأييدهم الكثير من المعلمين الذين يرون في قرار الحظر تجاوزًا، وانتهاكًا لحقوق الفرد باعتباره أحد أشكال العنصرية والتمييز بين الطلاب.
إن هذا القرار قد لاقى ترحيبًا من جانب أحزاب اليمين الفرنسي، وأيده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أكد خلال الإعلام أن هذا القانون يدافع، ويحافظ على العلمانية ومبادئ الجمهورية الفرنسية، ودعا للتعامل بحزم لتنفيذ قرار منع ارتداء العباءة، وبالمقابل فإن أحزاب المعارضة وعلى رأسها أحزاب اليسار اعتبروا أن حظر ارتداء العباءة يمس بالحريات الدينية بالأفراد، ويؤدي إلى الشقاق داخل المجتمع الفرنسي انطلاقاً من المدرسة، ما أدى إلى جدل، وانقسامات حادة بشأن هذا القرار داخل الطبقة السياسية ما بين مؤيد ومعارض، فعلى سبيل المثال: اعتبر جان لوك ميلونشون رئيس حزب أقصى اليسار أن هذا القانون يمهد لظهور حرب دينية جديدة مفتعلة وسخيفة، وقال "من المؤسف أن نشهد عودة مدرسية مسيسة، ورفض مهووس للمسلمين، بدلاً من علمانية فرنسية توحد، ولا تعصب"، وأكد أنه سيتم اللجوء لمجلس الدولة لإلغاء هذا القرار، وعلى الجانب الآخر فقد اعتبر المجلس الإسلامي يوم الثلاثاء الماضي أن حظر العباءة يعد أمراً تعسفيًا، ويخلق مخاطر كبيرة عالية للتمييز، والتصعيد ضد المسلمين بفرنسا، ومعتبرًا أن العباءة أصبحت "موضة" ولم تكن يوماً زيًا أو رمزًا دينيًا، وقد تقدمت إحدى الجمعيات الإسلامية بشكوى لأعلى محكمة قضائية فرنسية للشكاوى من أجل رفع الحظر الذي يعتبرونه حربًا جديدة مفتعلة داخل المدارس الفرنسية، ولا يرونه مخالفاً لقانون العلمانية بالجمهورية الفرنسية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: ارتداء العباءة هذا القرار
إقرأ أيضاً:
3 أحزاب فرنسية تتفق على رفض جرائم الابادة في غزة
باريس"أ ف ب": شجب زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي أوليفييه فور "الإبادة الجماعية" في قطاع غزة التي اتهم إسرائيل بارتكابها، لينضم بذلك بوضوح إلى موقف الخضر والشيوعيين للمرة الأولى.
وأعلن فور مساء الاثنين "بصوت عال" أمام المئات من ناشطي اليسار في باريس أن "حكومة بنيامين نتانياهو ترتكب إبادة جماعية" في غزة.
وأكد أن "جريمة الإبادة الجماعية تتحقق عندما تكون هناك نية متعمدة. وأعضاء الحكومة الإسرائيلية يكثرون من التصريحات بهذا الاتجاه .. وهذه السياسة للأسف مدروسة ومخطط لها ويجري تبنيها في العلن".
وعقب جان لوك ميلانشون زعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري بقوله "يسرني أن أرى كل تيارات الحزب الاشتراكي تنضم إلى موقفنا الرافض للإبادة في غزة ... أن يحصل ذلك متأخرا خير من ألا يحصل أبدا".
ولم يكن أي نائب من حزب فرنسا الأبية المدافع عن القضية الفلسطينية والذي وصف منذ البداية ما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية"، حاضرا إلى جانب القادة اليساريين الثلاثة مساء الاثنين.
وقال فابيان روسيل رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي الذي بادر لتنظيم هذا التجمع إن عدم اعتراف فرنسا بدولة فلسطين "عار على دبلوماسيتنا على امتداد تاريخها".
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الثلاثاء الماضي أن باريس عازمة على الاعتراف بدولة فلسطين. وهو اعتراف يتوقع أن يتم خلال المؤتمر الدولي الذي ترأسه فرنسا والسعودية لإعادة إطلاق ما يسمى بحل "الدولتين" لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والذي سيعقد من 17 إلى 20 يونيو.
وفي الأيام الأخيرة أعلن الدفاع المدني في غزة عن سقوط عشرات القتلى يوميا بينهم أطفال في القصف الإسرائيلي للقطاع الذي يسكنه أكثر من مليوني نسمة.
ويفتقر سكان القطاع المحاصر منذ أكثر من 19 شهرا، إلى كل شيء - الغذاء والماء والوقود والدواء - بعد أكثر من شهرين على قرار اسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية كليا والذي رفعته جزئيا الاثنين الماضي.
وتتزايد التنديدات الدولية ضد إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة من الأمم المتحدة ومجموعات حقوق الإنسان والعديد من البلدان.