رسائل الأمل على الجدران المدمرة بغزة المحاصرة (صور)
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
مع تفاقم المعاناة الإنسانية المركبة التي يعيشها قطاع غزة المحاصر منذ 17 عاما على التوالي، تبث بين الفترة والأخرى العديد من الرسائل، من أجل تذكير العالم بهذه المأساة الإنسانية، لكن الرسائل هذه المرة خرجت من قلب الجدران المدمرة بفعل العدوان الإسرائيلي المتكرر.
الفنان التشكيلي أيمن صلاح الحصري (35عاما) من مدينة غزة، يعيش قرب المنطقة التي شهدت دمارا كبيرا بفعل الطائرات الحربية الإسرائيلية التي ألقت بصواريخها على منازل المواطنين في شارع الوحدة بغزة خلال معركة "سيف القدس" عام 2021، وتسببت بمجازر بشعة أدت إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين وتدمير عشرات المنازل والشقق السكنية على رأس ساكنيها.
أحرف الأمل وجدران مدمرة
بسبب هذه المعاناة التي يعيشها القطاع المحاصر، ينشغل الفنان التشكيلي الحصري الذي عاش وما زال مثل باقي سكان القطاع ألم الدمار الذي شاهده عن قرب، في محاولات لتسليط الضوء على هذه المأساة الإنسانية، عبر تسخير حروفه ومخطوطاته الفنية الزاهية.
وعن هدف هذه المبادرة بالرسم والكتابة على الجدران المدمرة بفعل آلة حرب الاحتلال، قال الحصري: "هذه محاولة من قلب غزة لإرسال رسائل أمل للعالم؛ أننا من وسط الموت والدمار، ينبع لدينا الأمل بسلام حقيقي ومستقبل أجمل وأفضل لشعبنا المحاصر".
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21": "من وسط هذا الدمار، يبزغ الأمل بوطن حر مستقل، بلا احتلال ولا حروب ولا دمار ولا جرائم إسرائيلية بحق شعبنا الفلسطيني"، منوها أنه تعمد الإبقاء على معالم الدمار، "كي أكتب عليها أحرف الأمل بألوان زاهية تنبض بالحياة والأمل".
وذكر الفنان التشكيلي، أن "القطاع يعيش تحت حصار إسرائيلي مستمر منذ أعوام؛ تسبب بتردي الأوضاع الإنسانية في مختلف مجالات الحياة، أردت من خلال هذه المبادرة أن أسلط الضوء أيضا على معاناة السكان الذين دمرت بيوتهم خلال العدوانات الإسرائيلية المتتالية على القطاع، وإلى الآن لم يتم إعادة إعمارها بسبب الاحتلال".
وقال: "قمت برسم هذه الأحرف واللوحات بشكل جمالي وباستخدام ألوان طلاء زاهية على العديد من البيوت والجدران المهدمة، ودمجت تلك الألوان الجميلة مع لوحة الدمار المؤلمة، لكسر جمودها والحديث عن حلم الإنسان الفلسطيني بالعيش بحرية وسلام".
حصار مدمر وأمل بالأفضل
وأقر الحصري، أن "هذه اللوحات الفنية عمليا، لا نستطيع من خلالها أن نغير هذا الواقع الصعب؛ وإصلاح البيوت المدمرة، لكننا نحاول أن نبث الأمل برسم هذه اللوحات مختلفة الألوان والأشكال"، مضيفا: "نحن في القطاع لا نحب الحروب ولا نريدها، بل نحب الحياة بألوانها الجميلة المختلفة، نريد حياة بلا احتلال".
ويشهد القطاع الذي يمتد على مساحة 360 كلم مربع، بطول 41 كلم، وعرض يتراوح بين 6 إلى 12 كلم، ترديا صعبا في مجمل الأوضاع الحياتية؛ الإنسانية والاقتصادية والمعيشية وحتى الصحية، نتيجة الحصار الإسرائيلي المشدد، واستمرار الإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة الفلسطينية، ما تسبب في تفاقم الفقر والبطالة واستمرار مشكلة انقطاع التيار الكهربائي التي تزيد من معاناة مختلف الفئات ومنع الاحتلال إدخال العديد من المواد الضرورية والأساسية للقطاع.
ومما ساهم في زيادة معاناة سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من 2 مليون نسمة، العدوانات الإسرائيلية المتعددة ضد القطاع، إضافة إلى إعاقة عملية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال، من خلال تحكم الاحتلال بكل ما يدخل ويخرج من القطاع.
وتسبب القصف الإسرائيلي العنيف على مختلف مناطق القطاع خلال الحروب الإسرائيلية، في استشهاد آلاف المواطنين، وارتكاب جيش الاحتلال عشرات المجازر بحق عائلات فلسطينية بأكملها، وتدمير آلاف المنازل والأبراج والشقق السكنية والطرق الرئيسية والأماكن العامة وشبكات المياه والاتصالات والإنترنت.
وأدى أيضا إلى تدمير العديد من المؤسسات الحكومية والمصانع والمصالح التجارية المختلفة التي تعاني أصلا من الحصار، وتشريد عشرات الآلاف من بيوتهم، وترك المئات من الصواريخ والقذائف والقنابل التي لم تنفجر، ما يشكل خطرا على حياة المواطنين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية قطاع غزة الجدران الحصري قطاع غزة الجدران الحصري الرسم سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدید من
إقرأ أيضاً:
الطفلان شام وعمرو.. نماذج مؤلمة لحرب التجويع الإسرائيلية بغزة
في صمت الخيام وبين أسرّة مستشفيات جنوب قطاع غزة، تتردد أصوات بكاء خافتة لأطفال يصارعون عدوًّا لا يرى بالعين المجردة، ينهش أجسادهم الصغيرة ببطء وقسوة، ويحولهم إلى أشباح هزيلة تتأرجح بين الحياة والموت.
ولا تفتك الغارات الإسرائيلية وحدها بأطفال غزة، فثمة سبب آخر يتسلل إليهم اسمه الجوع ونقص الغذاء، فبينما يحكم الحصار الإسرائيلي قبضته، ويغلق أبواب الحياة بابا تلو الآخر، يبرز استخدام الجوع كسلاح حرب، في انتهاك صارخ لكافة القوانين الدولية والإنسانية.
وفي تقرير مؤثر، رصد المراسل هاني الشاعر واقع الأطفال المأساوي داخل خيام النزوح ومستشفيات جنوبي القطاع، حيث تشتد معاناة الأطفال بسبب سوء التغذية الحاد نتيجة استمرار الحرب ومنع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الطعام والدواء، بينما تشير إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى استشهاد أكثر من 20 ألف طفل، منهم 66 بسبب سوء التغذية.
وفي خيمة مهترئة، حيث لا يوجد دواء ولا طعام، ترقد شام قديح، الطفلة التي لم تتجاوز أعوامها الأولى، وجسدها الهزيل يكاد يتلاشى من شدة الإنهاك، تصارع عدوًّا من نوع آخر، هو سوء التغذية الحاد، ببكاء صامت وعينين غارقتين في الألم، تنطقان بما يعجز عنه اللسان: لقمة غذاء، وجرعة علاج.
تحكي أم شام بصوت مختنق بالألم "شام عمرها الآن سنة و10 شهور، تعاني من سوء تغذية حاد وتضخم على الكبد.. تقريبا الآن وزنها حوالي 4 كيلوغرامات ونصف، يعني المفروض وزنها الطبيعي يكون 8 أو 9 كيلوغرامات".
تضيف الأم بصوت باك "أنا كتير خايفة على بنتي، خايفة إني، لا سمح الله، أفقدها، لأنه فيش ولا إشي متوفر من المتطلبات اللي بدها إياها".
الطفل عمرو.. مأساة مضاعفةوعلى بعد أمتار قليلة في مجمع ناصر الطبي، يرقد الطفل عمرو الهمص، الناجي الوحيد من مجزرة فتكت بعائلته بالكامل، ولم يكن القصف نهاية مأساته، بل بدايتها فقط. فمع إصابته البليغة، يصارع الطفل أيضا آثار سوء التغذية، فجسده المنهك لا يقوى على التعافي، ووحدته بعد فقدان الأم والأشقاء، تلتهم ما تبقى من روحه المعذبة.
إعلانتروي عمة عمرو بصوت مكسور: "عمرو تصاوب، استشهدت أمه وهي حامل واستشهدت أخواته. ولقوا في رأس عمرو شظايا أثرت على دماغه"، وهو ما يظهر مأساة مضاعفة يعيشها الطفل عمرو.
وتحكي الأرقام قصة أخرى مؤلمة إذ تضيف عمة الطفل "عمرو كان وزنه 24 كغ، والآن نزل إلى 10 كغ، بس مكمل غذائي بياكل، بسبب إنه فيش أكل. حليبه مش موجود".
وحيال هذا الواقع الأليم، تؤكد وزارة الصحة في غزة أن سوء التغذية أضحى سلاحا صامتا يحصد أرواح الأطفال ببطء في جريمة مستمرة تهدد جيلا كاملا بالموت أو الإعاقة في ظل حرمان شامل من الدواء والغذاء والعلاج.
تفاقم الأوضاع مستمرويحذر الطبيب أحمد الفرا من تفاقم الوضع، مشيرا إلى أن "التقارير والإحصائيات تظهر زيادة بنسبة 150% لمن يعانون سوء التغذية عن الشهر السابق، والتوقع بأن الشهر القادم سيشهد أيضا زيادة 150% عن الشهر الذي سبق".
ويضيف الطبيب "الأمور غاية في الصعوبة، هناك شح في المصادر الغذائية بشكل كبير، وهذا أثّر على الواقع الصحي داخل المستشفيات. من تلك الآثار معاناة أغلب الأطفال من سوء تغذية، الآن بتنا نشاهد نقصا في جهاز المناعة لدى هؤلاء الأطفال".
وتكشف الإحصائيات عن حجم المأساة الحقيقية، فهناك "13 ألف حالة قيد التحويل للعلاج خارج قطاع غزة. وهم يعانون من مماطلة شديدة جدا من قبل الاحتلال، وبسبب تلك المماطلة توفيت 600 حالة منهم" كما يؤكد الطبيب الفرا.
قصتا شام وعمرو ليستا سوى نموذجين من آلاف القصص المؤلمة التي تتكرر يوميا في قطاع غزة، حيث يواجه الأطفال حرب تجويع حقيقية تستهدف إنسانيتهم وحقهم في الحياة، في مشهد يستدعي تحركا عاجلا من المجتمع الدولي لوقف هذه المأساة المستمرة بحق الطفولة الفلسطينية، حسب مراقبين.