30 عامًا على أوسلو
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
غزة - صفا
رغم مضي 30 عامًا على توقيعها ما يزال الفلسطينيون يدفعون أثمان اتفاقية أوسلو ويتجرعون مرارة نتائجه، بينما تواصل "إسرائيل" حصد مكاسبها على أكثر من صعيد.
ففي تاريخ 13 سبتمبر/أيلول 1993، وقّع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين اتفاق تشكيل "سلطة حكم ذاتي فلسطيني انتقالي" والمعروف بـ "اتفاق أوسلو"، والذي مهد لمرحلة جديدة من تاريخ القضية الفلسطينية.
وأملت منظمة التحرير التي تقودها حركة "فتح" أن يؤدي هذا الاتفاق للتوصل إلى حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكن ما حدث خلال المفاوضات التي لحقت توقيع الاتفاقيات، أثبت أنها كانت فقط وسيلة تستخدمها "إسرائيل" كذريعة لمواصلة بناء وتوسعة المستوطنات على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967.
كما أملت أن يكون الاتفاق بداية الطريق لإقامة الدولة الفلسطينية، لكنها لم تقم، وما كان تحت سيطرة السلطة الفلسطينية من أراضٍ بعد الاتفاق، أعادت "إسرائيل" احتلاله بعد أقل من 8 سنوات على توقيع الاتفاق.
"خطايا عظمى"
يرى المستشار أسامة سعد أن من أعظم خطايا اتفاق أوسلو، كان الاعتراف بحق (إسرائيل) في الوجود وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة، وفي المقابل وافقت (إسرائيل) على الاعتراف باعتبار منظمة التحرير الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، تلك الصيغة التي سميت كذباً الاعتراف المتبادل، ووصفها أمين سر منظمة التحرير في ذلك الوقت ياسر عبد ربه بأنها لم تكن صيغة عادلة ولا منصفة.
ويقول سعد في مقال كتبه: "رغم ذلك وافقت منظمة التحرير على تلك الصيغة على الرغم من أنها لم تتضمن الاعتراف بدولة، ولم تتضمن الاعتراف بحدود للفلسطينيين وفقاً لتعبير عبد ربه".
ويضيف "السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا كانت منظمة التحرير حريصة كل هذا الحرص على الاعتراف بالعدو وملكيته للأرض الفلسطينية كلها حتى ذلك الوقت، مقابل فقط أن يعترف العدو بالمنظمة ممثلاً للفلسطينيين رغم أنها منذ عام 1974 عضو مراقب في الجمعية العامة، وفي ذلك العام ألقى ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير خطابه الأول فيها، باعتبار المنظمة ممثلاً للشعب الفلسطيني أمام العالم بأسره".
ويتساءل سعد "أم أن المنظمة كانت تخشى أن تفقد هذه الصفة بحكم الأمر الواقع، حيث كان هناك وفدا مفاوضا من الأراضي المحتلة برئاسة الراحل حيدر عبد الشافي الذي كان يصر على انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 67 بالكامل واعترافها بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة".
ويتابع "يدَّعي بعض المحللين أن لأوسلو بعض الإيجابيات، منها المحافظة على الكيانية الفلسطينية، وتشكيل كيان سياسي فلسطيني يمثل الفلسطينيين أمام العالم، ولكن يُرَدُّ على هذا الطرح بأن منظمة التحرير أُنشئت في عام 64 استجابةً لقرار مؤتمر القمة العربية المنعقد عام 64 في القاهرة".
ويوضح أنه منذ ذلك الوقت والمنظمة تمثل الشعب الفلسطيني رسمياً أمام المحافل الدولية، وتحظى باعتراف العرب والدول الإسلامية وكثير من دول العالم، حتى إن إعلان دولة فلسطين بالجزائر عام 1988 حظي باعتراف عدد من دول العالم أكثر من تلك الدول التي تعترف بـ(إسرائيل) في ذلك الوقت، منها دولتان عظميان هما روسيا والصين".
ويزيد سعد قائلا: "إذن لم يكن ينقص الشعب الفلسطيني كيانا سياسيا يمثله أمام العالم لتتنازل منظمة التحرير عن أصل الحق الفلسطيني بأرض فلسطين لتنال اعترافًا إسرائيلياً بها ممثلةً للفلسطينيين، وكأن اعتراف كل الدول العربية والإسلامية والأجنبية التي اعترفت بفلسطين، لم يكن كافياً أو مهماً لدى المنظمة لتسعى أن تعترف بها (إسرائيل) وتقوم في سبيل ذلك بالتنازل الأهم للاحتلال بالاعتراف به".
ويردف أنه "بذلك فتح الباب على مصراعيه لاعتراف دول العالم التي كانت تتضامن مع الشعب الفلسطيني وتحجم عن الاعتراف بـ(إسرائيل) احتراماً لهذا التضامن وبذلك حققت (إسرائيل) مكاسب سياسية واقتصادية عظمى لم يكن لها أن تحققها لولا الاعتراف الفلسطيني بها، بل وإقدام عدد من الدول العربية على الاعتراف بـ(إسرائيل) وتطبيع العلاقات معها استناداً للاعتراف الفلسطيني الرسمي بها".
ويستطرد سعد "اليوم وبعد مرور ثلاثين عاماً على اتفاق أوسلو، لم تعد الحكومة الإسرائيلية الحالية تنكر حل الدولتين فقط، بل تدعو لاجتثاث فكرة الدولة الفلسطينية من جذورها، كما قال نتنياهو تلك الفكرة التي قامت عليها أوسلو، كما يدعي منظروها بزعم أن المفاوضات كانت على أساس القرارين الدوليين 242 و383، رغم أن هذين القرارين لم يشيرا من قريب أو بعيد لإقامة دولة فلسطينية، وإنما كانا يدعوان (إسرائيل) إلى الانسحاب من "الأراضي العربية" بالنص العربي و"أراضٍ عربية" بالنص الإنجليزي التي احتلتها عام 1967".
وينوه إلى أن القرارين الدوليين لم يتحدثا عن أرض فلسطينية، وإنما عن أرض عربية، والفرق بينهما كبير وكبير جداً، وبالتالي لم تكلف (إسرائيل) نفسها عناء التوصل إلى إقامة هذه الدولة".
"أوهام وأراجيف"
بينما يقول الكاتب ماجد الزبدة: "ثلاثون سنة من المرارة والمعاناة بدأت فعليًّا في التاسع من سبتمبر من عام 1993م، بتوجيه الراحل عرفات آنذاك خطابًا رسميًّا إلى رئيس وزراء الاحتلال المجحوم إسحاق رابين، ألزم فيها الفلسطينيين بالحل السلمي للصراع، ووافق على ترحيل جميع القضايا والحقوق التي تمثل جوهر القضية الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات اللانهائية، وأدان فيها الإرهاب وجميع أعمال العنف في إشارة مسيئة للكفاح المسلح الذي مارسه الفلسطينيون طيلة عقود مضت".
ويشير الزبدة في مقال إلى أن "عرفات تعهد بإلغاء بنود الميثاق الوطني الفلسطيني التي تُنكر حق الاحتلال في الوجود فوق الأرض الفلسطينية المحتلة، وإلزام الفلسطينيين بتلك التعهدات المهينة، مقابل مخاطبة تلقاها لاحقًا من رابين أقرّ فيها بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".
ويوضح أن "من عايش مرحلة توقيع اتفاقية أوسلو من الفلسطينيين، يدرك جيدًا حجم الأوهام والأراجيف التي تم بثُّها بين الفلسطينيين آنذاك، إذ تم تصوير تلك الاتفاقية المهينة إعلاميًّا بأنها بداية تحرير الأرض الفلسطينية، وعودة اللاجئين، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، ومن أجل تحقيق تلك الأهداف الفلسطينية الكبرى".
ويضيف الزبدة "اليوم أدرك الجميع حالة الغُبن السياسي التي عاشتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إبّان توقيع اتفاقية أوسلو، وكيف نجح الاحتلال من خلال تلك الاتفاقية الدولية في تقييد الفلسطينيين، وغرس بذور الفرقة السياسية والانقسام المجتمعي فيما بينهم، وكيف استطاع من خلال تلك الاتفاقية تحقيق مكاسب سياسية جمّة، ما زال يجني ثمارها على الصعيدين الإقليمي والدولي، في ظل استمرار احتلاله العسكري للأرض الفلسطينية".
ويردف "من ينظر إلى النتائج الكارثية التي حصدها الفلسطينيون من توقيع اتفاقية أوسلو يرى العجب العجاب، فتشتت الفلسطينيون سياسيًّا وجغرافيًّا، ما بين فلسطيني في الضفة يعاني سطوة الاحتلال، واعتداءات المستوطنين، وآخر في غزة يعاني الحصار العسكري والاقتصادي، وثالث في الداخل المحتل يصارع من أجل عروبته وهويته الفلسطينية، ورابع يناشد الدعم للدفاع عن القدس والأقصى، وخامس يعيش خارج فلسطين، ينتظر ساعة العودة إليها، ليغادر حياة البؤس في مخيمات اللجوء التي تفتقد لأدنى مقومات الحياة.
أما على الصعيد السياسي فقد فتحت اتفاقية أوسلو الباب على مصراعيه أمام التطبيع العربي مع الاحتلال، فوجد الاحتلال فرصة ذهبية لتسويق نفسه أمام الدول والشعوب العربية، حسب الزبدة.
ويلفت إلى أن الاتفاقية غيبت حقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة حين تنازلت قيادة منظمة التحرير عن 78% من الأرض الفلسطينية، وأتاحت الحماية للمستوطنين لمواصلة اعتداءاتهم على ما تبقى من أراضٍ فلسطينية محتلة، ونكصت عن مواجهة حكومات الاحتلال المتعاقبة في تهويد القدس والمقدسات، ومصادرة الأراضي والعقارات الفلسطيني.
واقتصاديًّا بات الاقتصاد الفلسطيني تابعًا للاحتلال، إذ كبلت الاتفاقية قيادة منظمة التحرير الشعب الفلسطيني بتوقيعها اتفاقية باريس سنة 1994، وارتضت للاحتلال أن يتحكم في الاقتصاد الفلسطيني، ويقرر متى شاء وكيفما شاء السياسات الاقتصادية التي عززت من هيمنته على الاقتصاد الفلسطيني، ما أتاح له المزيد من القدرة على ابتزاز الفلسطينيين، وسرقة أموالهم لصالح الاستيطان والمستوطنين، كما قال الكاتب.
"كوارث عديدة"
ويقول أستاذ الإعلام في الجامعة الإسلامية حسن أبو حشيش إن 30 عاما على أوسلو نتج عنها كوارث عديدة منها أنها خلقت ظاهرة الانقسام بين صفوف الشعب الفلسطيني في الأرض، والفكر، والبرامج بعد أن كان موحدًا بكل أفكاره وتلاوينه السياسية حول المقاومة والتحرير.
ويقول أبو حشيش في مقال إن أوسلو جرّمت الفعل المقاوم وعملت على إنهائه وملاحقة التيارات التي تتبنى الفكر المقاوم وأصبحت البندقية مُجرّمة، فضلا عن بيع الأرض وتضخّم أعداد المستوطنين والمستوطنات في مدن الضفة الغربية.
ويشير إلى أن الاتفاقيات تناست القدس والأقصى والقيامة وتُركت فريسة لأطماع الفكر الصهيوني والتلموديّ وتتعاظم هذه الإجراءات الإرهابية يوميًا.
ويضيف أبو حشيش "همّشت الاتفاقيات مئات الأسرى من ذوي الأحكام العالية حيث يعاني آلاف الأسرى في سجون الاحتلال يوميًا في حياتهم اليومية الأساسية".
ويردف أن أوسلو قيدت أيضًا الاقتصاد الفلسطيني في الضفة وغزة بالاحتلال وبات رهينة منصوص عليها في الاتفاقيات.
ويلفت أبو حشيش إلى أن ظاهرة التنسيق الأمني تعمقت وأصبحت جزءًا من العقيدة الأمنية لدى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، وانتشرت ظاهرة الاعتقال السياسي بعيدًا عن القانون والحقوق.
ويتابع "الاتفاقيات عملت على ترسيخ الاعتراف بالاحتلال دون مقابل وأصبحت قضايا اللاجئين خارج إطار الاتفاقيات التي أنهت بدورها منظمة التحرير الفلسطينية كإطار جامع لكل الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده".
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: أوسلو الاقتصاد الفلسطینی الشعب الفلسطینی منظمة التحریر اتفاقیة أوسلو الفلسطینی ا ذلک الوقت أبو حشیش إلى أن
إقرأ أيضاً:
إغراءات مالية ودبلوماسية.. هكذا تحاول إسرائيل فرض الاعتراف بالقدس
القدس المحتلة- صادقت الحكومة الإسرائيلية، هذا الأسبوع، على خطة جديدة يقودها كل من وزير الخارجية جدعون ساعر ووزير شؤون القدس مئير بوروش، تهدف إلى تشجيع الدول الأجنبية على نقل سفاراتها إلى القدس أو افتتاح بعثات دبلوماسية جديدة فيها.
وتشمل هذه الخطة تخصيص ميزانيات بملايين الدولارات، وتقديم "سلة حوافز" للدول المعنية، تتضمن مساعدات مالية لتغطية تكاليف بناء أو نقل السفارات، إلى جانب تسهيلات تخطيطية وسكنية، في محاولة لخلق بيئة دبلوماسية تشجع على الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل.
تأتي هذه الخطوة في وقت حساس تشهد فيه إسرائيل انتقادات أوروبية متزايدة، خاصة في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة وتدهور الأوضاع الإنسانية فيه، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي عن إعادة النظر في اتفاقيات الشراكة الموقعة مع تل أبيب على ضوء الانتهاكات الموثقة لحقوق الإنسان.
وأكد الوزير ساعر -في بيان رسمي- أن هذه الخطة تمثل "إضافة مهمة للجهود الدبلوماسية" التي يقودها، بينما اعتبر بوروش أنها تأتي في إطار "تعزيز مكانة القدس على الساحة الدولية".
ومنذ اعتراف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل عام 2017، وما تبعه من نقل السفارة الأميركية إلى المدينة المحتلة، سعت إسرائيل إلى استثمار هذا التحول لإقناع دول أخرى بالسير على النهج ذاته.
وبعد مرور سنوات، لم تتجاوز قائمة الدول التي نقلت سفاراتها إلى القدس سوى الولايات المتحدة، وغواتيمالا، وكوسوفو، وهندوراس، وبابوا غينيا الجديدة، وباراغواي، وهو ما يشير إلى فشل واضح في تحويل هذا الزخم السياسي الأميركي إلى إجماع دولي واسع.
إعلانرغم الاحتفاء بالخطة الحكومية، تواصل غالبية دول العالم، بما فيها شركاء إسرائيل الأوروبيون، رفض نقل سفاراتها إلى القدس، التزاما بالقرارات الدولية التي تعتبر القدس الشرقية أرضا محتلة وتركز على حل الدولتين، مع اعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية.
رأى الصحفي أرييل كهانا، مراسل الشؤون الدبلوماسية والسياسية في صحيفة "يسرائيل هيوم"، أن الحدث، الذي يحمل طابعا دعائيا واضحا، يأتي في وقت تشهد فيه الساحة الدولية تحركات متزايدة من قبل عدد من الدول الأوروبية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مما يضفي على الحدث بعدا رمزيا في سياق المواجهة الدبلوماسية المتصاعدة حول مستقبل القدس.
وأوضح أن الخطة تأتي في وقت يتزايد فيه القلق داخل إسرائيل بشأن مكانة القدس على الساحة الدولية، ويعتقد أن الحدث الذي يعتبر "فرصة لتكريم الدول التي عملت بشجاعة إلى جانب إسرائيل لنقل سفاراتها إلى القدس"، يُعد أيضا نقطة تحول نحو تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية معها، خصوصا في ظل التحديات الدبلوماسية والضغوطات التي تتعرض لها إسرائيل بظل استمرار الحرب على غزة.
كما أنها جاءت -وفق كهانا- لتشجيع نقل السفارات الأجنبية إلى القدس في توقيت حساس، حيث تخوض تل أبيب ما وصفها بـ"معركة العالم الحر ضد قوى الظلام والعنف". في هذا السياق، تكتسب الدول، التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلت سفاراتها إليها، أهمية خاصة، إذ يُنظر إلى خطواتها باعتبارها دعما سياسيا ومعنويا لتل أبيب في مواجهة التحديات التي تمر بها في المرحلة الراهنة.
من جانبها، تقدّر مايا زيون صدقيا، مديرة برنامج إسرائيل وأوروبا في معهد "ميتفيم"، أن الخطة الإسرائيلية لتحفيز نقل السفارات إلى القدس لا تعكس إنجازا دبلوماسيا، بل تكشف عمق الأزمة التي تمر بها تل أبيب خاصة في ظل حرب غزة وتراجع الدعم الدولي، حتى من الحلفاء التقليديين.
إعلانوترى أنها تأتي كرد فعل متسرع على تصاعد الضغط الأوروبي والانتقادات، لا سيما بعد إعلان الاتحاد الأوروبي مراجعة اتفاقيات الشراكة مع إسرائيل بسبب الانتهاكات التي تُرتكب في غزة، وأنها تعكس فشل سياستها الخارجية في حشد الدعم الدولي.
وتؤكد صدقيا أن الخطة لا تمثل حلا إستراتيجيا، بل محاولة لامتصاص الأضرار، وتبرز فشل تل أبيب في تحويل اعتراف إدارة ترامب بالقدس إلى موقف دولي واسع. وبدلا من كسب التأييد، تواجه إسرائيل اليوم عزلة دبلوماسية متزايدة، تتطلب معالجة سياسية حذرة لإعادة بناء الثقة من جديد مع المجتمع الدولي.
مأزق سياسيحسب المتحدث باسم حركة "السلام الآن" آدم كلير، يُنظر إلى القرار الإسرائيلي بتقديم ميزانيات وحوافز لنقل السفارات إلى القدس، كمؤشر على فشل الدبلوماسية التقليدية. فبدلا من أن يستند الاعتراف بالقدس إلى قناعة سياسية أو قانونية، تلجأ الحكومة إلى إغراءات مالية، مما يعكس تراجع نفوذها الدولي وضعف قدرتها على التأثير عبر القنوات الدبلوماسية المعتادة.
ويضيف كلير للجزيرة نت أنه على الرغم من المظهر الاحتفالي الذي رافق الإعلان عن الخطة، فإنها في جوهرها تعكس مأزقا سياسيا ودبلوماسيا متفاقما تمر به إسرائيل، خاصة في ظل تزايد العزلة الدولية وتصاعد الانتقادات الأوروبية لسياستها، لا سيما خلال حربها المستمرة على غزة.
في ظل هذه الظروف، تُقرأ الخطة الإسرائيلية -وفق كلير- على أنها محاولة لإطفاء حرائق سياسية بدلا من معالجة الأسباب العميقة للعزلة الدولية. وهي تعكس إلى حد كبير ارتباك السياسة الخارجية الإسرائيلية التي فشلت في ترجمة لحظة الدعم الأميركي إبان رئاسة ترامب إلى تحوّل فعلي في المواقف الدولية.