كوارث بلا حدود: سياسات بامتياز
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
المقاربات الأسهل بصدد الكوارث الطبيعية، الزلازل في المغرب والسيول وإعصار دانيال في ليبيا على سبيل الأمثلة الراهنة، هي تلك التي تبدأ من مشاعر التعاضد الإنساني والتضامن الإغاثي، وتنتقل إلى نمط من التسليم القدري بأنّ الطبيعة غاشمة ولا رادّ لتقلباتها العاتية، وتمرّ بتلك العوامل التي تستفزّ الطبيعة أو تُفسد موازينها وقوانينها جراء سوء استغلال الموارد الطبيعية ومضاعفة الاحتباس الحراري؛ وقد تنتهي، وإنْ على استحياء غالباً، عند مسؤولية الأنظمة الحاكمة في صيانة البنى التحتية واتخاذ الإجراءات الضرورية لاستباق وقوع الكوارث.
وأمّا النادر، المطلوب والضروري والأقلّ تكاسلاً، فإنه خيار تصنيف الكوارث الطبيعية ضمن نسق أوسع نطاقاً وأعمق توجهاً نحو الجذور؛ تعتبر الحرائق والزلازل والسيول والفيضانات، وكلّ وأيّ «غضبة» للطبيعة، بمثابة جزء لا يتجزأ من فشل سيرورات التنمية على اختلاف ميادينها وجغرافياتها ومستوياتها، وبمثابة تكديس (عن سابق إهمال وتقصير، أو فساد واستبداد) لعوامل الأخطار المحدقة.
وأصحاب هذا الخيار، وهم غالباً منظمات أهلية وغير حكومية، مستقلة بهذه الدرجة أو تلك، يقود أشغالهم مبدأ بسيط ولكنه ثمين المنهج وهائل النتائج: أنّ الكوارث الطبيعية بلا حدود، من جانب أوّل؛ ولكنها، من جانب ثانٍ، لا تُلحق الأذى بالبشر والعمران على نحو متساوٍ متماثل، بل طبقاً لما يتكفل به البشر أنفسهم من طرائق تحسّبٍ واستعداد واستباق، طبقاً لهذا النظام السياسي أو ذاك، في هذه البيئة أو تلك، وعند مستوى الجوع أو التخمة.
في الوسع إذن، ولكن خارج مقاربات الكسل والتكاسل، عقد مقارنة بين المشاهد المريعة في مدينة درنة الليبية مؤخراً، وبين مشاهد تسونامي أندونيسيا سنة 2004؛ والاستنتاج بأنّ الكوارث الطبيعية بلا حدود من حيث باطن الأرض وأعاصير البحار، ولكن حدودها قائمة وفعلية وقاطعة من حيث طرائق التعامل ومقادير الاهتمام وأشكال التضامن.
وإذا صحّ أنّ الكوارث بلا حدود، فإنّ الأصحّ في المقابل هو أنّ ثورات الطبيعة ليست أقلّ من حوادث سياسية، وربما بامتياز أيضاً، لأنها تتكفل بكشف أنماط القصور والخلل وانعدام المسؤولية ساعة وقوع الكارثة
في الحالة الأولى ثمة الكثير من التصريحات والوعود، محلية وإقليمية ودولية؛ وفي الحالة الثانية كانت المشاهد أكثر انطواء على الخير والسخاء والتضامن من أنّ يصدّقها ناظر بعين واقعية. وكان مشروعاً أن يتساءل المرء: أكان العالم إزاء تسونامي هو نفسه الذي شهد كوارث رواندا والكونغو ودارفور؟ فلسطين المحتلّة والعراق المحتلّ وأفغانستان المحتلّة؟ معتقل غوانتانامو وسجن أبو غريب ومجازر الفلوجة؟ ثمّ، مؤخراً، زلازل الشمال السوري، والمغرب، وسيول ليبيا؟
وبعد ثمانية أيام على وقوع كارثة تسونامي ظهر الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن في البيت الأبيض، محاطاً بأبيه وبسلفه بيل كلينتون، وأعلن أنّ واشنطن سوف ترفع قيمة تبرعاتها من 35 إلى 350 مليون دولار. أحد الأذكياء، الكاتب البريطاني جورج مونبيوت، أهدى هواة المقارنات الدراماتيكية هذه الإحصائية، الطريفة والسوداء في آن معاً: نهار الكارثة، كان الاحتلال الأمريكي للعراق قد دخل يومه الـ 656، وكانت واشنطن قد أنفقت حتى ذلك التاريخ 148 مليار دولار في تغطية الاحتلال، وهذا يعني أنّ المبلغ الذي تبرّعت به واشنطن لإغاثة منكوبي جنوب شرق آسيا يعادل يوماً ونصف يوم من مصروفات أمريكا… على منكوبي العراق!
وإذا صحّ أنّ الكوارث بلا حدود، فإنّ الأصحّ في المقابل هو أنّ ثورات الطبيعة ليست أقلّ من حوادث سياسية، وربما بامتياز أيضاً، لأنها تتكفل بكشف أنماط القصور والخلل وانعدام المسؤولية ساعة وقوع الكارثة، وتستشرف الكثير من جوانب الجرد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي لأداء النخب الحاكمة والمعارضة على حدّ سواء. وبمعزل عن تشخيص عاتق المسؤولية، أو التحلل منه أو حتى خيانته، للكوارث فضيلة تعريف المواطن المهمّش على تفاصيل ملموسة تشخّص تهميشه، ليس في شروط استثنائية كارثية فقط، بل عموماً على أصعدة الحقوق المضيّعة والوجود المنتقَص.
وتلك دروس يندر أن تكون الذاكرة الشعبية عاجزة عن حفظها، حتى ساعة حساب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الكوارث المغرب ليبيا ليبيا المغرب الكوارث مقالات مقالات سياسة سياسة أفكار سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکوارث الطبیعیة بلا حدود
إقرأ أيضاً:
قلبت الدنيا في السودان .. كوارث تسببها الكوليرا وهؤلاء الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة
أثارت أزمة انتشار الكوليرا في السودان مؤخرا حالة كبيرة من الخوف والقلق بسبب تزايد عدد الاصابات.
ووفقا لما جاء في موقع مايو كلينك نكشف لكم أهم المعلومات عن مرض الكوليرا.
يُمكن أن تُصبح الكوليرا من أسرع الأمراض القاتلة فقد يُؤدِّي الفقد السريع لكميات كبيرة من السوائل والكهارل إلى الموت في غضون ساعات، في معظم الحالات الحادَّة.
في الحالات الأقل حِدَّةً، فقد يموت المرضى الذين لم يتلقَّوا العلاج بعد ساعات أو أيام من ظهور أول أعراض الكوليرا؛ وذلك بسبب الجفاف وهبوط الدورة الدموية.
كوارث تسببها الكوليراعلى الرغم من أن الجفاف وهبوط الدورة الدموية هما أسوأ مضاعفات الإصابة بالكوليرا؛ إلا أن مشكلات أخرى قد تحدث، مثل:
انخفاض نسبة السكر في الدم.
يُمكن أن تنخفض مستويات السكر (الجلوكوز) ومصدر الطاقة الأساسي بالجسم بدرجة خطيرة؛ بسبب عدم تناوُل المرضى الطعام من شدة الإعياء.
الأطفال هم الأكثر عرضة لخطر هذه المشكلة؛ حيث إنها تتسبَّب في حدوث نوبات مرضية، وفقدان الوعي، حتى الوفاة.
انخفاض مستويات البوتاسيوم
يفقد المرضى المصابون بالكوليرا كميات كبيرة من المعادن في البراز، بما فيها البوتاسيوم و يُؤثِّر انخفاض مستويات البوتاسيوم على القلب ووظائف الأعصاب؛ وهو ما يُشكِّل خطرًا على الحياة.
الفشل الكلوي
عندما تفقد الكُلى قدرتها على الترشيح، تتراكم كميات زائدة من السوائل، وبعض الكهارل، والفضلات في الجسم الأمر الذي قد يُشكِّل خطرًا على الحياة وغالبًا ما يترافق الفشل الكلوي بالهبوط الدموي عند المرضى المصابين بالكوليرا.
جميع الأشخاص معرضون للإصابة بالكوليرا، باستثناء الرضع الذين يحصلون على المناعة من الأمهات المرضعات اللائي سبق لهن الإصابة بالكوليرا ومع ذلك، هناك عوامل معينة يمكن أن تجعلك أكثر عرضة للإصابة بالمرض أو أكثر عرضة للإصابة بعلامات وأعراض حادة.
من المرجح أن تنمو الكوليرا في الحالات التي يصعب فيها الحفاظ على البيئة الصحية، بما في ذلك إمدادات المياه الآمنة و هذه الحالات شائعة في مخيمات اللاجئين والدول الفقيرة والمناطق التي فيها مجاعة أو حرب أو كوارث طبيعية.
انخفاض حمض المعدة أو عدم وجودة
لا يمكن لبكتيريا الكوليرا أن تعيش في بيئة حمضية، وعادةً ما يعمل حمض المعدة العادي كخط دفاع ضد العدوى غير أن الأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة من حمض المعدة، مثل الأطفال وكبار السن والأشخاص الذين يتناولون مضادات الحموضة أو حاصرات الهيستامين 2 أو مثبطات مضخات البروتون يفتقرون إلى هذه الحماية، لذا فهم أكثر عرضة للإصابة بالكوليرا.
العدوى المنزلية
أنت أكثر عرضة للإصابة بالكوليرا إذا كنت تعيش مع شخص مصاب بالمرض.
فصيلة الدم O
لأسباب غير واضحة تمامًا، يكون احتمال إصابة الأشخاص الذين يحملون فصيلة الدم O بالكوليرا ضعف احتمال الإصابة لدى الأشخاص ممن يحملون فصيلة دم أخرى.
الأسماك القشرية النيئة أو غير المطهية جيدًا
على الرغم من أن الدول الصناعية لم تعد تُصاب بتفشي الكوليرا على نطاق واسع، فإن تناول الأسماك القشرية من المياه المعروف أنها تأوي البكتيريا يزيد من خطر الإصابة.