يا خاتم الرسل هذا يومك انبعثت ذكراه في اليمن الميمون
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
فاخضرت صنعاء وتزينت مع قدوم الربيع النبوي.
ما عسى الكاتب أن يقول حتى لو امتلك كنوز المعارف كلها!
ما عساه أن يكتب لهذا المشهد العظيم المتشكل من عاصمة اليمن صنعاء ومن الحواضر والقرى والمدن والأرياف اليمانية فرحا بقدوم مولد رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم.
إنها لوحة محبة تتضوع بها الأرض والسماء والجبال والبيوت والهواء والقلوب نورا وأنوارا.
ولوحة فرح وبهجة فريدة لا نظير لها ‘ تستدعي تاريخاً يمانياً عريقاً مع المصطفى صلوات الله عليه ‘ وتستنهض هذه العلاقة من جديد ‘ لتحدث تغييرا شاملا للواقع.
دخل شهر ربيع الأول يوم أمس فإذا بالليالي والأيام تحتفل بالأنوار والأفراح وبالمباهج وبالمظاهر التي زينت السماء والجبال والبيوت والمدن والقلوب.
وإذا بالسماء تتشح جمالا كأنها كانت تعكس جمال وبهاء من صلّى عليه الله، وصلّتْ عليه الملائكة، وصلّتْ عليه الخلائق كلها، وصلّى عليه المؤمنون في مشارق الأرض ومغاربها، وصلى عليه اليمانيون سابقاً وحاضراً وإلى قيام الساعة نصروه، وحملوه في قلوبهم حبا واقتداء وولاء، وفي مواقفهم وحروبهم وسلامهم قائداً وموجهاً ومعلماً ونبياً وقدوة وأسوة ومنهاجاً متكاملاً.
أي دولة يمكن أن تزين السماء والأرض والجبال والبيوت والشوارع والأحياء والقرى والأرياف والوديان بالأنوار المتلألئة التي تتزين بها سماء وأرجاء اليمن اليوم.. ولمن ستفعل تلك الدولة كل هذا!
لكن الشعب اليمني فعل ويفعل ذلك محبة وولاء وانتماء وتقديسا للحبيب المصطفى صلوات الله عليه وآله وسلم.
الكل يبادر بنفسه، يزين منزله تجارته سيارته شارعه‘ الكل يعبّر عن محبته لنبيه العظيم، وفي ذلك يتنافس المتنافسون.
كل عام يتبدى هذا المشهد الأعظم من أطراف اليمن إلى خارجها، يلون السماء ويضوي الأرض بالأنوار‘ وسيكبر كل عام حتى يصبح من معجزات اليمنيين احتفالاتهم التي لا نظير لها بالدنيا بمولد رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم.
إنها بيعة تتجدد كل عام‘ ومذ أنشدت الأنصار (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع).. وإلى أن قالها بدر التمام عليه الصلاة والسلام: ألا ترضون أن يعود الناس بالشاة والبعير وتعودون يا مشعر الأنصار برسول الله إلى دياركم..
وما زال رسول الله في ديار الأنصار إلى اليوم وحالنا كما قال شاعر اليمن البردوني:
أنا ابن أنصارك الغر الألى قذفوا
جيش الطغاة بجيشٍ منك جرار
نحن اليمانين يا “طه” تطير بنا
إلى روابي العلا أرواح أنصار
إذا تذكرت “عماراً” ومبدأه
فافخر بنا: إننا أحفاد “عمار”
إنها المحبة التي لا تشبهها محبة.. فلا أحد يحب رسول الله كما اليمانيين ‘ ولا أحد أحب اليمانيين كما أحبهم رسول الله ص ..فبينما قال الله تعالى لرسوله قل للأعراب «قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا»
قال رسول الله بأن الإيمان يماني والحكمة كذلك.
وما نشاهده اليوم يجسد معنى «الإيمان يمان والحكمة يمانية»
لا دولة ولو كانت بأعظم الإمكانيات يمكن لها أن تزين الأرض والسماء كما نشاهد اليوم، ولا أحد يمكن أن يزين الملايين لمولده بيوتهم وسياراتهم وأرضهم وسمائهم بالأضواء.. ولو كان أكبر زعيم في الدنيا
لكنه رسول الله سيد الخلق أجمع في حضرة اليمانيين ‘ إنها المحبة اليمانية الصادقة لرسول الله – صلوات الله عليه وآله وسلم أعظم قائد وسيد الخلق أجمعين
لا يماثل عظمة ولا يضاهى فضلا ولا ينافس منزلة، ولهذا النبي عليه أزكى صلوات الله مع هذا اليمن الذي يتلألأ اليوم بالأضواء والأنوار علاقة عميقة وبينهما صلات وتاريخ عريق، ونصرة وسبق وفضائل وبيعة العقبة الأولى، والعقبة الأخرى ثم الهجرة ثم الفتح.. وبالعلاقة اليمانية برسول الله سيعود كل شيء إلى نصابه بإذن الله.
من يضوي هذه الأنوار ‘ إلا محبة امتلأت بها القلوب والضمائر والأرواح فاحتشدت تفرح حبا لمولده صلوات الله عليه ليرى العالم هذا البهاء والنور في الأرجاء كلها بمناسبة المولد النبوي الشريف، وليشهد العالم الحشود المليونية حين تحتشد إلى ساحات الرسول الأعظم بالملايين وله أن يسأل من هؤلاء ولمن كل هذا!
وسيعرف الإجابة
لقد شهد العالم سنوات من الحرب العاصفة على اليمن لم تترك حجراً ولا بشراً إلا واستهدفته بذخائرها ولم تدع وسيلة وأسلوباً من أساليب الإعدام والموت إلا استخدمته في أساليبها، ولقد شهد العالم انتصارات يمانية تتعاظم وتتراكم ومفاجآت تتوالى وتسجل كل يوم، وغدا سيشهد ذلك بعيد الثورة أيضا.
نحن نكبر ونتقدم وقوتنا تتعاظم وقدراتنا تتصاعد بعون الله وقوته، وبحبنا وولائنا لرسول الله ولأنا أحببنا رسول الله ووقرناه وعظمناه واقتدينا به وتأسينا ووالينا، سنكبر ونتقدم وسنفاجئ العالم وسنقدم الشاهد الأجلى لعظمة هذا النبي عليه الصلاة والسلام وعظمة مشروعه ومنهجه ورسالته وسيبقى الآخرون صغاراً ما داموا بعيدين عن المصطفى صلوات الله عليه وعلى آله.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
هكذا تشكّلت في اليمن ثقافة الانتصار
في مشهدٍ بات يتكرّر على مدى أكثر من ربع قرن، يُثبت اليمن مرةً بعد أخرى أن الصراع لا يُضعفه، بل يزيده صلابةً وقوة، فمن الحروب الست، إلى العدوان السعوأمريكي المستمر منذ العام 2015، كان اليمن دائمًا يخرج من تحت الركام أكثر خبرةً، وأوسع إدراكًا، وأشدّ بأسًا، واليوم، تتعزز هذه الحقيقة مجددًا مع موقف اليمن الداعم لغزة، حيث تغيّر المشهد الإقليمي بعد هذا الإسناد، ولم يعد كما كان قبلُ.
يمانيون / تقرير / خاص
من الجراح تُولد القوة
يُجمع كثير من المراقبين على أن تجربة اليمن لم تكن مجرد سلسلة من المعارك، بل مسارًا طويلًا من بناء الوعي، وتعزيز الإرادة، وتكوين شخصية جماعية تعرف ما تريد، ولا تساوم في قضاياها الكبرى، ففي كل حربٍ تُخاض، يخرج اليمن أكثر وعيًا بقدراته، وأكثر قدرةً على الصبر والمصابرة، وأكثر تمسكًا بالكرامة والقرار المستقل.
فمن يراجع بدايات عدوان التحالف الأمريكي السعودي ، وكيف بدأ بتقديرات خاطئة عن حسم سريع، ثم ينظر إلى نهاياته، يرى بوضوح انقلاب المشهد، قوى العدوان أنهكتها المفاجآت اليمنية، بينما خرج اليمنيون بخبرات نوعية، وأسلحة متطورة، وثقة عالية بالنفس، وروحٍ وطنية لا تنكسر.
الجهاد .. وسيلة دفاع وبناء
غالبًا ما يُساء فهم مفهوم “الجهاد”، ويتم اختزاله في صورةٍ منقوصة، لكن التجربة اليمنية أعادت تعريف هذا المفهوم، وربطته بالبناء، والإصلاح، والإعمار، وصناعة القوة، فالجهاد هنا دفاع عن الأرض والكرامة، وفي الوقت ذاته وسيلة لتقوية النفوس وتنمية العقول، وتحفيز الطاقات.
لقد أثبتت التجربة اليمنية أن الأمم لا تُبنى بالراحة والاستكانة، بل بالصبر والعمل، والتحدي والمواجهة، والضعف الحقيقي لا يأتي من كثرة الحروب، بل من التخاذل والقعود عن تحمل المسؤولية، ورفض مواجهة العدوان.
اليمن في ميزان التجربة العالمية
ما جرى في اليمن يؤكد سنة كونية، أن الصراع والتحديات في جوهرها تصنع الأمم، فالدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، اعتمدت منذ قرون على وجود العدو كدافع لبناء الذات، لا يمر عقد إلا ويُصنّع خطرٌ ما لتبرير حشد القدرات وتنمية الصناعات الدفاعية والبحث العلمي والسيطرة على القرار العالمي.
لكن الفارق أن اليمن، رغم قلة الإمكانات، لم يستسلم، بل جعل من التحدي وسيلة للتحرر، ومن الصراع مدرسةً لصناعة الرجال، ومن الحرب ميدانًا لبناء القدرات.
رسائل ما بعد غزة .. دورٌ إقليمي يتشكل
حين أسند اليمن غزة بالفعل لا بالبيانات، ارتبك المشهد، وأُعيد ترتيب الأوراق، الرسائل كانت واضحة، أن اليمن بات لاعبًا إقليميًا له وزنه، ومن هنا يُفهم المعنى العميق بأن ما بعد إسناد اليمن لغزة ليس كما قبله.
فما فعله اليمن كان تعبيرًا عن وعيٍ استراتيجي يتجاوز الحدود، ورسالة لكل من ظنّ أن الحصار أنهكه، بأن العزائم لا تُحاصر، وأن الشعوب التي تُخلص لله وتثق به، تبني مجدها بأيديها، حتى من بين ركام الحرب.
الأمة التي غابت عنها حساسية الخطر .. حين يتحوّل التراجع إلى استباحة
لم تكن الأزمة التي عاشتها أمّتنا العربية والإسلامية طارئةً مفاجئة، بل نتيجة تراكمات فرضت نفسها عندما تلاشى إحساسٌ مركزيٌ بالتهديد وفُقدت الوسائل الفاعلة لمواجهته، منذ أن تراجع الوعي بخطر العدو وتبدّلت مفاهيم الجهاد في وعي الجماعات إلى مجرد وصمٍ بالدمار والإرهاب، بدأت الفجوة تتسع بين ما تملكه الأمة من إمكانات مشهورة أرضًا، سكانًا، ثرواتٍ بشرية وطبيعية، وجيوشٍ وأدوات، وبين واقعها المهشّم الذي تُسيطر عليه قوى البغي والطغيان.
النتيجة كانت واضحة، ضعف القرار، وتآكل الهيبة التي كانت تُبنى بإدراك العدو والوقوف في وجهه، فالمعرفة بالعدو والمواجهة المنظمة كانت دومًا من أعمدة النهضة، حين اختلّت هذه المعادلة، انحلّت شبكة الحماية، واحتُلت الأرض والسيادة، واندثرت معية الله في قلب التجربة الجماعية، في حين أن القوة لا تُبنَى إلا بالثبات والعمل والاعتماد على الله والثقة بنصره وتأييده.
لكن الأمر ليس مجرد نقدٍ للماضي، بل دعوةٌ لفهمٍ جديد،أن الجهاد بمعناه الشامل، الدفاع عن العرض والأرض، العمل على الإصلاح وبناء المؤسسات، وتنمية الاقتصاد والمجتمع، هو السبيل لاستعادة القدرة والكرامة، والتخلي عن هذا المنظور لا يعفي الأمة من التحديات، بل يتركها فريسةً لمنهجيات التبعية والضعف، وإعادة الوعي واستنهاض الطاقات الوطنية في مجالات التعليم والاقتصاد والدبلوماسية والمجتمع المدني، مع ربط هذا الجهد بخطابٍ أخلاقي وروحي يعيد للناس معنى التضحية المشروعة في سبيل الكرامة.
قائدٌ بثقةٍ مطلقة بالله.. كيف تشكّلت في اليمن ثقافة الانتصار؟
في سنوات الصراع الطويلة، لم يكن اليمن يخوض معاركه بالسلاح وحده، بل بنمطٍ مختلف من القوة، ثقةٌ مطلقة بالله ونصره، وثقافةٌ تشكّلت حول الصبر والمواجهة والثبات، وفي قلب هذه الحالة الروحية، برز دور السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، في توجيه الوعي الجماعي نحو الاعتماد على الله كأصلٍ في المواجهة، لا كعاملٍ معنوي ثانوي.
في خطاباته المتكررة، ركّز السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، على مفاهيم الإيمان والثقة بالله كأساسٍ للانتصار، لم يكن حديثه دينيًا تقليديًا فحسب، بل جزءًا من خطاب تعبوي يُعيد تشكيل النظرة إلى الصراع بوصفه محطة لبناء النفس والمجتمع، والارتباط بالله وتوجيهاته ، وتعزيز مستوى العلاقة مع الله ومع هدى الله.
هذا التوجّه صنع فارقًا جوهريًا في معنويات اليمنيين، حيث تحولت المعاناة إلى مدرسة، والخطاب الروحي إلى حافز للعمل، والإيمان إلى خطة صبرٍ طويلة المدى، فحين تتكرر الرسائل عن الوعد الإلهي بالنصر، وتُربط كل تضحيات الميدان بمعاني الثبات، فإن الشعب لا يتعامل مع الحرب كأزمة عابرة، بل كطريق لصناعة أمة أكثر وعيًا، وأكثر استقلالًا، وأكثر اتصالًا بالله.
الثقة بالله لم تكن مجرد شعارات، بل بوصلة روحية وثقافية قادت اليمنيين في أحلك المراحل، وكانت إلى جانب البذل والدماء من أبرز ما صاغ هذا الصمود المتماسك، وهذا الحضور المتجدد بعد كل جولة صراع.
خاتمة .. معية الله تصنع الفارق
في نهاية المطاف، فإن سرّ الصمود اليمني لا يمكن فصله عن الإيمان العميق بمعية الله، والارتباط بقضية عادلة، والوعي بمفهوم الجهاد كوسيلة بناء، فالأمم التي تقاتل دفاعًا عن كرامتها تُمنح من الله قوةً تفوق العدّة، وعزمًا يتجاوز العوائق.
وهكذا، لا يعود غريبًا أن يخرج اليمن من كل صراعٍ أقوى، لأنه ببساطة لم يُحارب دفاعًا عن سلطة أو مكسب، بل جاهد لأجل كرامة وطن، واستقلال قرار، ونصرة أمة.