“سيناريو الحكومتين” في السودان يثير “مخاوف تقسيم” وينذر بإطالة أمد الحرب
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
دبي - الشرق
احتدم الجدل في السودان بشأن "سيناريو حكومتين" منذ أن هدد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بتشكيل سلطة بمناطق سيطرته عاصمتها الخرطوم، حال تعيين خصومه في الجيش لحكومة تصريف أعمال بمدينة بورتسودان شرقي البلاد.
وعلى الرغم من عدم صدور تصريحات رسمية من الجيش السوداني، بشأن اعتزام قائده عبد الفتاح البرهان، تشكيل حكومة جديدة، إلا أن القوى السياسية في البلاد تداعت واحدة تلو الأخرى للإدلاء بدلوها فيما بات يعرف على نطاق واسع في البلاد بـ"سيناريو الحكومتين".
وانقسم السودانيون بين مشكك في إمكانية إعلان حكومتين بالبلاد وسط احتدام القتال بين الجيش والدعم السريع، ومحذر من خطورتها باعتبارها خطوة تعيد للأذهان سيناريو التقسيم الذي شهدته البلاد في 2011 بانفصال جنوب السودان.
وفي وقت اعتبرت قوى سياسية تهديدات "حميدتي"، مجرد محاولة للضغط على الحكومة، حذرت أخرى من مغبة تشكيل حكومتين، قائلة إن الخطوة "قد تزيد من رقعة انتشار الحرب بما يفضي إلى تقسيم البلاد مجدداً"، داعية الطرفين إلى العودة لطاولة المفاوضات ووقف إطلاق النار.
جهاز تنفيذي
مدير مركز الجمهورية السوداني للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمار عوض، أوضح لـ"الشرق"، أن المحك الأساسي بشأن تهديد قائد قوات الدعم السريع، يتمثل في أمرين، أولهما "مدى قبول الشعب لأى حكومة حتى تصبح واقعية"، وثانيهما "تعامل المجتمع الدولي والإقليمي معها".
وتابع: "إذا شكل البرهان حكومة، فهل سيذهب المواطن السوداني إليها للحصول على احتياجاته كالزراعة، أو الاقتراض من البنوك، وجواز السفر، والرواتب؟ أم سيتجه إلى حكومة حميدتي؟"
ولفت إلى أن الحكومة "جهاز تنفيذي وليست جهة سياسية"، وتساءل: "هل سيقبل المجتمع الدولي بالحكومة التي سيعلنها حميدتي، وسيُمثل في الأمم المتحدة، أم سيكون فقط مجرد إعلان حكومة".
واستبعد عوض، سيناريو التقسيم، واستدل بالأوضاع في ليبيا واليمن، قائلاً: "جارتنا ليبيا، بها اضطراب، لكن حتى الآن لم تصل إلى تقسيمها دولتين، واليمن أيضاً بها قوى في الجنوب وأخرى في الشمال، ولم يأت مفوضين لترسيم حدود بين اليمن الجنوبي والشمالي".
شبح الحرب الأهلية
وأقرّ مدير مركز الجمهورية السوداني للدراسات السياسية والاستراتيجية، بأن إعلان حكومتين "يخلط الأوراق ويوحي بأن البلاد يمكن أن تمضي إلى تقسيم".
واستدرك: "لكن تقسيم السودان ليس بالأمر السهل. جنوب السودان قاتل لأكثر من 21 عاماً حتى يصل إلى اتفاق برعاية دولية للحصول على استقلاله".
وأشار إلى أن شبح الحرب الأهلية "يمكن أن يكون موجوداً"، بسبب وجود استنفار من قبل الدعم السريع لأنصاره على أساس قبلي وعرقي.
ومع هذا، يقول عوض: "شاهدنا استمرار القتال منذ 4 أو 5 أشهر لكن المحصلة النهائية، أن الدعم السريع لم يتحرك من موقعه منذ اليوم الذي بدأت فيه الحرب، فكل مدن ولاية الخرطوم، والفرق العسكرية الأساسية في العاصمة، والمقرات العسكرية وغيره، تحت سيطرة الجيش السوداني".
وحذر من أنه "إذا استنفر كل طرف من الأطراف حاضنته الاجتماعية، سيهدد ذلك بحرب أهلية، وهو ما يتخوف منه الجميع".
وأضاف أن "المجتمعين الدولي والإقليمي يمثلان التحدي الأكبر الآن، وهو سباق اللحظات الأخيرة ما بين البرهان و حميدتي".
وأوضح أن البرهان، حصد 4 أو 5 نقاط في هذا السباق بزيارته جميع دول الجوار، فضلاً عن احتمال تمثيله السودان في الأمم المتحدة، مشدداً على أن ذلك "يعني الاعتراف به رئيساً للمجلس السيادي".
عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، عمران عبد الله، قال إن نية البرهان تشكيل حكومة في بورتسودان، تعني أنه "يريد تقسيم السودان بعد أن فقد السيطرة على الخرطوم تماماً".
واعتبر أن "كل الدلائل تقول إن بورتسودان أصبحت مقراً لإدارة الحرب بعد ذهاب البرهان إليها".
وبشأن ما يمكن أن تقدمه حكومة يشكلها حميدتي من خدمات للشعب السوداني، مثل معاشات أو جوازات، قال عبد الله: "نحن نتمنى ألا يحدث ذلك، لكن في الواقع شعبية دقلو أكثر من البرهان".
وعن إمكانية نيل حكومة الدعم السريع الاعتراف الدولي، أجاب: "نعم، أكيد بالضرورة، عندما يكون ذلك أمراً واقعاً، الدول أكيد ستعترف، الدول مع الغالب، والغلبة الآن في الميدان لقوات الدعم السريع، ونسيطر على الخرطوم تماماً"، بحسب قوله.
وتابع: "إذا لا قدر الله ذهب البرهان إلى هذا (تشكيل حكومة)، لن نكتفي بالخرطوم على الإطلاق".
سيناريو ليبيا
وحذر الكاتب والباحث السياسي، طاهر المعتصم، من تصريح قائد الدعم السريع بشأن تشكيل سلطة مدنية في مناطق سيطرته، معتبراً أنه يمثل "تهديداً خطيراً"، "يعيد رسم السيناريو الليبي، الذي يتضمن حكومتين على الأرض"، وقال إن "هذا أمر في غاية الخطورة، ومقدمة لتقسيم البلاد".
وأشار إلى أن "هذا الأمر تحديداً يمثل نقطة تحول كبيرة في الحرب، وخطى سريعة جداً نحو مخطط يحاول قائد الدعم السريع تنفيذه، وهو تشكيل حكومة ثانية في الأرض".
وطالب المعتصم في حديث لـ"الشرق"، بأخذ تصريحات دقلو "على محمل الجد"، وحض "العقلاء" في الجيش والقوى السياسية السودانية على الإسراع لإحباط هذا السيناريو.
وأشار إلى أن رفض كثيرين تشكيل حكومة للدعم السريع "لا يعني أنه لا يمكن تحقيقه، ويجب أن تجتمع القوى المدنية على صعيد واحد، وترفض هذا الأمر الذي سيكتبه التاريخ، وسيكون ملعوناً من كل السودانيين، لأنه محاولة لتقسيم البلاد".
واستبعد الكاتب والباحث السياسي السوداني، إمكانية سيطرة قوات الدعم السريع على بورتسودان، قائلاً إنها "تهديدات لصناعة حرب نفسية"، مشيراً إلى فشل محاولتها التسلسل إلى ولاية الجزيرة المتاخمة للعاصمة السودانية الخرطوم، بسبب الرفض الشعبي.
ولفت إلى أن "أي محاولة من قوات الدعم السريع للانتشار في مدن أو ولايات أخرى، سيجعل مناطق سيطرتهم في العاصمة السودانية الخرطوم ضعيفة بشكل بائن".
مخاوف التقسيم
من جانبه، قال نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني، عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير، خالد عمر يوسف، إن التصريح الذي أدلى به قائد الدعم السريع "خطير للغاية"، محذراً من أن "البلاد تتجه نحو التقسيم بسرعة الصاروخ".
وحض يوسف على "توحد كل القوى الراغبة في السلام من أجل إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية التي تحفظ وحدة السودان وسلامة أرضه وشعبه، وتعيد بناء مؤسسات الدولة على أساس صحيح وعادل يعالج القضايا التي ظلت تولد حلقات عدم الاستقرار في السودان".
وكرر عضو المكتب التنفيذي لقوى إعلان الحرية والتغيير، تحذيره من أن "استمرار الحرب سيحولها لحرب أهلية تقسم البلاد"، قائلاً إن "السودان على المحك، وإنقاذه رهين بوقف الحرب فوراً، والاتجاه نحو حلول سلمية حقيقية ومنصفة تضع حداً لهذه المأساة".
من جانبه، دعا القيادي بالتجمع الاتحادي، عضو المكتب التنفيذي لقوى إعلان الحرية والتغيير، محمد الفكي سليمان، إلى تنحية الخلافات جانباً والتوحد على الوطن "حتى نجد أرضاً وبلاداً نقول فيها رأينا ونتفق ونختلف تحت مظلتها".
وقال سليمان: "عندما هدد العسكريون بالانقلاب، حذرنا من هذه الخطوة ودعونا للوحدة والاستعداد للمواجهة لحماية البلاد والانتقال، وقتها قال عدد مُقدر من الناس إن هذا ابتزاز من القوى المدنية والسياسية للاستمرار في السلطة".
وتابع: "عندما كانت طبول الحرب تقرع، حذرنا من ذلك مجدداً، فردوا علينا بأن هذه سياسة حافة الهاوية لتمرير الهبوط الناعم والتسوية السياسية عبر الاتفاق الإطاري، وبعدها وقعت الحرب".
وذكر عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير، أن البلاد تدخل مرحلة جديدة عقب كلمة قائد قوات الدعم السريع التي توعد فيها بتشكيل حكومة في الخرطوم حال إعلان حكومة من قبل قائد الجيش، مضيفاً: "علمتنا الدروس أن أسوأ السيناريوهات هي المتاحة دائماً عند المتحاربين".
حزب الأمة القومي، أصدر بياناً، بتوقيع رئيس الحزب المكلف، فضل الله برمة ناصر، قال فيه إن الأوضاع في السودان "باتت أكثر تعقيداً وخطورة" مع استمرار الحرب، والحديث عن تشكيل حكومتين.
وشدد البيان على أن محاولة قائد الجيش تشكيل حكومة تصريف أعمال في بورتسودان "أمر حذرنا منه سابقاً، ونحذر منه الآن ونؤكد على رفضنا له".
وأرجع ناصر رفض حزبه لتشكيل حكومة تصريف أعمال إلى أنها ستؤدي إلى انقسام البلاد وانزلاقها نحو حرب أهلية، مع استمرار الاستقطاب الحاد على أسس جهوية وقبلية، واستشراء خطاب الكراهية.
وأضاف أن حديث قائد قوات الدعم السريع "يسير في اتجاه رد الفعل بتكوين حكومة أخرى ما يفاقم سوء الأوضاع".
وأوضح الرئيس المكلف لحزب الأمة القومي، أن "هذا التصعيد في حد ذاته مستنكر من الجانبين، لأنه يرسخ لخطوات انقسام الوطن، ويطبع التعاطي مع التلاعب بوحدة ترابه، ويعتبر تهديداً لوجود السودان الوطن الواحد. وهو ما لا يمكن التهاون فيه".
العودة إلى التفاوض
وطالب حزب الأمة القومي، قادة الجيش السوداني والدعم السريع بـ"التحلي بالمسؤولية الوطنية واتخاذ الخطوات الشجاعة والضرورية التي تحفظ كرامة الإنسان السوداني بالإقبال الجاد والعاجل على طاولة التفاوض عبر منبر جدة من أجل إيقاف الحرب اللعينة، والاتجاه نحو الحل السلمي لتجنيب البلاد مزيداً من الدمار".
واتفقت "حركة العدل والمساواة السودانية" المنشقة بقيادة سليمان صندل حقار، مع بيان حزب الأمة القومي في ضرورة "العودة فوراً إلى منبر جدة للتوقيع على وقف إطلاق نار دائم ينهى الحرب".
وناشدت الحركة في بيان صحافي، الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، ومنظمة الإيقاد، وكل دول الجوار الإقليمي، والشركاء وأصدقاء السلام والاستقرار بـ"ضرورة العمل على إثناء القائد العام للقوات المسلحة السودانية عن تشكيل حكومة من طرف واحد".
وتابعت: "نرفض وبشدة وبشكل قاطع تشكيل أي حكومة من طرف واحد قبل الوصول إلى اتفاق سياسي شامل من حيث الأطراف والموضوعات يحدد شكل الحكومة".
استدعاء التدخل الأجنبي
في سياق متصل، رفض "التيار الوطني"، وهو حركة سياسية تشكلت حديثاً من منشقين عن أحزاب قوى الحرية والتغيير، رفض تشكيل حكومة من قبل قيادة الجيش أو الدعم السريع.
وجدد التيار، في بيان، الدعوة إلى إنهاء الحرب وفقاً لرؤيته التي تبدأ بالالتزام باتفاقية جدة للقضايا الإنسانية، والمبادرة إلى عملية سياسية شاملة وواسعة لا تستثني سوى حزب الرئيس السابق عمر البشير "المؤتمر الوطني".
وحض "التيار الوطني" على أن تضمن العملية السياسية الشاملة "إنشاء مؤسسات وهياكل حكم مدني متوافقٍ عليها، والوصول إلى الجيش المهني الواحد، ولا تعطي أي مليشيا أي امتيازات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية حتى انتهاء الترتيبات الفنية لعمليات نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج".
من جانبه، قلل حزب الأمة، بقيادة مبارك الفاضل، من إعلان قائد قوات الدعم السريع عزمه تشكيل حكومة في الخرطوم حال تشكيل قائد الجيش حكومة في بورتسودان.
وذكر أن الحديث عن حرب أهلية وانقسام في السودان "هراء وفزاعة لاستدعاء تدخل أجنبي غربي ينقذ ما تبقي من الدعم السريع ويعيدهم للسلطة"، قائلاً إن "الدعم السريع ليس له عمق اجتماعي أو قبلي أو سياسي".
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قائد قوات الدعم السریع عضو المکتب التنفیذی حزب الأمة القومی تشکیل حکومة فی السودان حکومة فی حکومة من إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل يقود تراجع قوات الدعم السريع عسكريا إلى تفككها؟
الخرطوم- بعد أكثر من 25 شهرا من اندلاع الحرب في السودان، برزت مخاوف من أن تراجع قوات الدعم السريع من الخرطوم ووسط البلاد وانتقال القتال إلى غربها يمكن أن يؤدي إلى تحول القوات إلى مجموعات قبلية متناحرة، وظهور أمراء حرب وتهديد الأمن الإقليمي ونشر الفوضى، في حال لم يتحقق السلام.
وتُعد هذه القوات، التي نشأت عام 2013، امتدادا لمليشيات في دارفور منذ ثمانينات القرن الماضي، أساسها مجموعات قبلية يتم تشكيلها لمساعدة القوات النظامية لمجابهة تحديات تتطلب طبيعتها قتالا أقرب إلى حرب العصابات، كما نشأت "قوات المراحيل" في عهد رئيس الوزراء الراحل الصادق المهدي.
وكانت قوات الدعم السريع تابعة لجهاز الأمن والمخابرات يقودها ضابط من الجيش، ثم أصبحت تابعة لرئيس الجمهورية، قبل أن يصدر قانون من البرلمان في 2017 وتصبح قوة مستقلة تحت إشراف الجيش ويُنصّب محمد حمدان دقلو "حميدتي" قائدا لها.
صبغة قبليةويغلب على تركيبتها الصبغة القبلية، حيث ينحدر معظم مقاتليها من قبائل الرزيقات والمسيرية والحوازمة، الذين يجمعهم رباط إثني واحد وهو "العطاوة"، بجانب مجموعات قبلية أخرى.
كما تسيطر عائلة دقلو على المواقع القيادية النافذة فيها حيث ينوب عن "حميدتي" في قيادتها أخوه عبد الرحيم دقلو، ومسؤول المال شقيقه القوني دقلو، ومسؤول الإمداد ابن أخيه عادل دقلو.
إعلانبدأت الدعم السريع بنحو 6 آلاف مقاتل قبل أكثر من 12 عاما، وشهدت توسعا عقب قرار الرئيس السابق عمر البشير مشاركة القوات المسلحة السودانية في حرب اليمن ضمن ما يُعرف بـ"تحالف عاصفة الحزم" في العام 2015.
وشاركت مع الجيش السوداني في حرب اليمن، ودربت عشرات الآلاف من المقاتلين غالبيتهم من إقليمي دارفور وكردفان، كما استقطبت مقاتلين من ولايات أخرى، حسب ضابط في الجيش كان منتدبا للعمل مع الدعم العسكري تحدث للجزيرة نت.
وحسب الضابط، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، فإن قيادات قبلية كانت تطلب من قيادة الدعم السريع تدريب أبنائها وضمهم للقوات في حرب اليمن لأن ذلك يعود عليهم بمبالغ مالية كبيرة تحدث تغييرا في حياتهم وحياة أسرهم.
تراجع الدعموبعد أسابيع من اندلاع الحرب، أعلنت الإثنيات العربية في ولاية جنوب دارفور دعمها وتأييدها لهذه القوات في حربها ضد الجيش السوداني. ودعت قيادات تلك القبائل -في بيان- أبناءها في الجيش إلى الانضمام للدعم السريع والوقوف معها، وقادت بعد ذلك حملات للاستنفار والتدريب للمشاركة في الحرب.
ووقّع على البيان نظار قبائل البني والترجم والهبانية والفلاتة، والمسيرية والتعايشة والرزيقات بجنوب دارفور.
وكشف قيادي قبلي في دارفور للجزيرة نت أن عبد الرحيم دقلو نائب قائد الدعم السريع كان يطوف على مناطق بدارفور ويستدعي قيادات قبلية إلى لقاءات، ويطلب من زعمائها أعدادا محددة من الشباب للتدريب والقتال لأنهم مستهدفون من الجيش السوداني وقيادات النظام السابق.
ويوضح القيادي القبلي -الذي فضل عدم الكشف عن هويته- أن الاستنفار القبلي تراجع بعد تزايد خسائر القوات ومقتل آلاف الشباب خاصة في معارك ولاية الخرطوم، إلى جانب عدم وفائها بالتزاماتها المالية تجاه أُسر المقاتلين ورعاية الجرحى والذين فقدوا أطرافهم في الحرب.
إعلانمن جانبه، يقول الباحث في الشؤون الأمنية إسماعيل عمران إن عمليات الحشد القبلي والتحالفات العشائرية وفرت للدعم السريع رصيدا بشريا من المقاتلين، لكن تركيبة القوات يجعلها قابلة للانهيار السريع في حال غياب قادة الأفواج العسكرية (المجموعات) والحافز المالي، مما يهدد بفقدان المكاسب الميدانية.
وفي حديث للجزيرة نت، يوضح الباحث أن الولاءات القبلية والجغرافية أضعفت روح الالتزام والانضباط العسكري لقوات الدعم السريع، وفي حال خسرت الحرب فستتفكك إلى كيانات صغيرة وعصابات على أساس عرقي ومناطقي وظهور أمراء حرب، وأفضل صيغة -برأيه- هي التوصل إلى اتفاق سلام وترتيبات أمنية تدمج كافة الفصائل والمليشيات في القوات الحكومية.
وذكرت تقارير لجنة خبراء الأمم المتحدة أن هذه القوات استعانت بمرتزقة من دول أفريقية مجاورة للسودان، غير أن صحيفة "لا سيلا فاسيا" الكولومبية تحدثت عن سرّيتين تضمان أكثر من 300 من الجنود الكولومبيين المتقاعدين شاركوا في الحرب السودانية مع الدعم السريع "بحثا عن المال والثراء".
وقالت القوة المشتركة في دارفور إن بعض المرتزقة الكولمبيين قُتلوا في صحراء دارفور عندما كانوا في طريقهم من ليبيا إلى الفاشر.
مقاتلون أجانبكما كشف عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش ياسر العطا، في وقت سابق، أن قوات الدعم السريع تتألف من مرتزقة أجانب، غالبيتهم من أبناء جنوب السودان إضافة إلى مقاتلين من ليبيا وتشاد والنيجر وإثيوبيا وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى، وبقايا مجموعة فاغنر الروسية ومن سوريا.
أما الكاتب المتخصص في شؤون دارفور علي منصور حسب الله فيقول إن قوات الدعم السريع استوعبت منتسبين إلى مجموعات عسكرية سابقة، منها حرس الحدود ومسلحو القبائل وقيادات عصابات مسلحة تم تسميتهم "التائبون" وصار بعضهم قيادات بارزة في القوات.
إعلانووفقا لتصريح حسب الله للجزيرة نت، فإن الدعم السريع استعانت بمقاتلين من حركات معارضة في بلدانهم أبرزهم من حركة "سيلكا" في أفريقيا الوسطى و"تحرير أزواد" في مالي و"فاكت" في تشاد وغيرها، وقُتلت قيادات كبيرة منهم بمعارك في الخرطوم ودارفور آخرهم الجنرال صالح الزبدي التشادي الذي لقي مصرعه في معركة الخوي غرب كردفان قبل أيام.
ويرجح الكاتب تشظي الدعم السريع لوجود تناقضات في تركيبتها القبلية وتنامي نزاعات قديمة بين المكونات الاجتماعية التي تستند عليها، مما يدفع المجموعات المختلفة للعودة إلى مناطقها لحماية مجتمعاتها، و"سيعود الأجانب إلى دولهم بأسلحتهم مما يؤدي لتفشي العنف والفوضى".
غير أن قوات الدعم السريع تنفي اتهامها بجلب مرتزقة من خارج البلاد، وتصفها بأنها "دعاية سوداء"، ويقول مسؤول في إعلام القوات للجزيرة نت إن قائدهم "حميدتي" أكد أن قواته قومية وتضم طيفا من 102 مكون اجتماعي في السودان.