أعلنت القوات المسلحة السودانية، اليوم الخميس، إطلاق سراح 183 مواطنًا ومتقاعدًا من أفراد القوات النظامية، كانوا محتجزين لدى قوات الدعم السريع في منطقة الصالحة جنوب أم درمان، في حين كشفت عن وجود مقابر جماعية تضم مئات الجثامين تعود لمعتقلين قضوا بسبب الإهمال وسوء المعاملة.

وفي بيان رسمي، أكدت القوات المسلحة أنها عثرت خلال عمليات التمشيط على مقابر جماعية تحتوي بعضها على أكثر من 27 جثة، مشيرة إلى أن عدد المعتقلين بلغ 648 شخصًا، توفي منهم 465 نتيجة نقص الغذاء والدواء والرعاية الصحية، وهو ما وصفه البيان بـ”جريمة إنسانية مكتملة الأركان”.

ويأتي هذا التطور بعد أيام من تقارير محلية أفادت بأن قوات الدعم السريع نفذت عمليات تهجير قسري ونهب وسلب واسعة، شملت عدة قرى شرق مدينة النهود في ولاية غرب كردفان، ما دفع سكانًا إلى النزوح الجماعي وسط تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية.

من جهتها، أكدت مصادر لموقع سودان تربيون، أن قوات الدعم السريع وسّعت انتشارها شرق النهود عقب استعادة الجيش السوداني، مدعومًا بالقوة المشتركة، السيطرة على مدينة الخوي، في وقت تتواصل فيه المعارك في مناطق متفرقة من البلاد.

وفي تطور بارز، أعلن الجيش السوداني قبل أيام اكتمال تطهير ولاية الخرطوم من عناصر قوات الدعم السريع، مؤكدًا أنه “طرد جميع عناصر المليشيا المتمردة من العاصمة”، وتعهد بمواصلة العمليات العسكرية حتى “تطهير آخر شبر من السودان من الخونة والعملاء”، بحسب وصف البيان العسكري.

وتشهد البلاد منذ 15 أبريل 2023 حربًا مدمرة بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي”، أسفرت عن مقتل وإصابة آلاف المدنيين، وسط عجز دولي وإقليمي عن فرض هدنة دائمة رغم محاولات الوساطة المتعددة من أطراف عربية وأفريقية ودولية.

وفي ظل هذه التطورات، تتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، بينما تتزايد الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب بحق المدنيين.

آخر تحديث: 22 مايو 2025 - 17:11

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الحرب السودانية السودان قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

هل يقود تراجع قوات الدعم السريع عسكريا إلى تفككها؟

الخرطوم- بعد أكثر من 25 شهرا من اندلاع الحرب في السودان، برزت مخاوف من أن تراجع قوات الدعم السريع من الخرطوم ووسط البلاد وانتقال القتال إلى غربها يمكن أن يؤدي إلى تحول القوات إلى مجموعات قبلية متناحرة، وظهور أمراء حرب وتهديد الأمن الإقليمي ونشر الفوضى، في حال لم يتحقق السلام.

وتُعد هذه القوات، التي نشأت عام 2013، امتدادا لمليشيات في دارفور منذ ثمانينات القرن الماضي، أساسها مجموعات قبلية يتم تشكيلها لمساعدة القوات النظامية لمجابهة تحديات تتطلب طبيعتها قتالا أقرب إلى حرب العصابات، كما نشأت "قوات المراحيل" في عهد رئيس الوزراء الراحل الصادق المهدي.

وكانت قوات الدعم السريع تابعة لجهاز الأمن والمخابرات يقودها ضابط من الجيش، ثم أصبحت تابعة لرئيس الجمهورية، قبل أن يصدر قانون من البرلمان في 2017 وتصبح قوة مستقلة تحت إشراف الجيش ويُنصّب محمد حمدان دقلو "حميدتي" قائدا لها.

صبغة قبلية

ويغلب على تركيبتها الصبغة القبلية، حيث ينحدر معظم مقاتليها من قبائل الرزيقات والمسيرية والحوازمة، الذين يجمعهم رباط إثني واحد وهو "العطاوة"، بجانب مجموعات قبلية أخرى.

كما تسيطر عائلة دقلو على المواقع القيادية النافذة فيها حيث ينوب عن "حميدتي" في قيادتها أخوه عبد الرحيم دقلو، ومسؤول المال شقيقه القوني دقلو، ومسؤول الإمداد ابن أخيه عادل دقلو.

إعلان

بدأت الدعم السريع بنحو 6 آلاف مقاتل قبل أكثر من 12 عاما، وشهدت توسعا عقب قرار الرئيس السابق عمر البشير مشاركة القوات المسلحة السودانية في حرب اليمن ضمن ما يُعرف بـ"تحالف عاصفة الحزم" في العام 2015.

وشاركت مع الجيش السوداني في حرب اليمن، ودربت عشرات الآلاف من المقاتلين غالبيتهم من إقليمي دارفور وكردفان، كما استقطبت مقاتلين من ولايات أخرى، حسب ضابط في الجيش كان منتدبا للعمل مع الدعم العسكري تحدث للجزيرة نت.

وحسب الضابط، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، فإن قيادات قبلية كانت تطلب من قيادة الدعم السريع تدريب أبنائها وضمهم للقوات في حرب اليمن لأن ذلك يعود عليهم بمبالغ مالية كبيرة تحدث تغييرا في حياتهم وحياة أسرهم.

تراجع الدعم

وبعد أسابيع من اندلاع الحرب، أعلنت الإثنيات العربية في ولاية جنوب دارفور دعمها وتأييدها لهذه القوات في حربها ضد الجيش السوداني. ودعت قيادات تلك القبائل -في بيان- أبناءها في الجيش إلى الانضمام للدعم السريع والوقوف معها، وقادت بعد ذلك حملات للاستنفار والتدريب للمشاركة في الحرب.

ووقّع على البيان نظار قبائل البني والترجم والهبانية والفلاتة، والمسيرية والتعايشة والرزيقات بجنوب دارفور.

وكشف قيادي قبلي في دارفور للجزيرة نت أن عبد الرحيم دقلو نائب قائد الدعم السريع كان يطوف على مناطق بدارفور ويستدعي قيادات قبلية إلى لقاءات، ويطلب من زعمائها أعدادا محددة من الشباب للتدريب والقتال لأنهم مستهدفون من الجيش السوداني وقيادات النظام السابق.

ويوضح القيادي القبلي -الذي فضل عدم الكشف عن هويته- أن الاستنفار القبلي تراجع بعد تزايد خسائر القوات ومقتل آلاف الشباب خاصة في معارك ولاية الخرطوم، إلى جانب عدم وفائها بالتزاماتها المالية تجاه أُسر المقاتلين ورعاية الجرحى والذين فقدوا أطرافهم في الحرب.

إعلان

من جانبه، يقول الباحث في الشؤون الأمنية إسماعيل عمران إن عمليات الحشد القبلي والتحالفات العشائرية وفرت للدعم السريع رصيدا بشريا من المقاتلين، لكن تركيبة القوات يجعلها قابلة للانهيار السريع في حال غياب قادة الأفواج العسكرية (المجموعات) والحافز المالي، مما يهدد بفقدان المكاسب الميدانية.

وفي حديث للجزيرة نت، يوضح الباحث أن الولاءات القبلية والجغرافية أضعفت روح الالتزام والانضباط العسكري لقوات الدعم السريع، وفي حال خسرت الحرب فستتفكك إلى كيانات صغيرة وعصابات على أساس عرقي ومناطقي وظهور أمراء حرب، وأفضل صيغة -برأيه- هي التوصل إلى اتفاق سلام وترتيبات أمنية تدمج كافة الفصائل والمليشيات في القوات الحكومية.

وذكرت تقارير لجنة خبراء الأمم المتحدة أن هذه القوات استعانت بمرتزقة من دول أفريقية مجاورة للسودان، غير أن صحيفة "لا سيلا فاسيا" الكولومبية تحدثت عن سرّيتين تضمان أكثر من 300 من الجنود الكولومبيين المتقاعدين شاركوا في الحرب السودانية مع الدعم السريع "بحثا عن المال والثراء".

وقالت القوة المشتركة في دارفور إن بعض المرتزقة الكولمبيين قُتلوا في صحراء دارفور عندما كانوا في طريقهم من ليبيا إلى الفاشر.

مقاتلون أجانب

كما كشف عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش ياسر العطا، في وقت سابق، أن قوات الدعم السريع تتألف من مرتزقة أجانب، غالبيتهم من أبناء جنوب السودان إضافة إلى مقاتلين من ليبيا وتشاد والنيجر وإثيوبيا وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى، وبقايا مجموعة فاغنر الروسية ومن سوريا.

أما الكاتب المتخصص في شؤون دارفور علي منصور حسب الله فيقول إن قوات الدعم السريع استوعبت منتسبين إلى مجموعات عسكرية سابقة، منها حرس الحدود ومسلحو القبائل وقيادات عصابات مسلحة تم تسميتهم "التائبون" وصار بعضهم قيادات بارزة في القوات.

إعلان

ووفقا لتصريح حسب الله للجزيرة نت، فإن الدعم السريع استعانت بمقاتلين من حركات معارضة في بلدانهم أبرزهم من حركة "سيلكا" في أفريقيا الوسطى و"تحرير أزواد" في مالي و"فاكت" في تشاد وغيرها، وقُتلت قيادات كبيرة منهم بمعارك في الخرطوم ودارفور آخرهم الجنرال صالح الزبدي التشادي الذي لقي مصرعه في معركة الخوي غرب كردفان قبل أيام.

ويرجح الكاتب تشظي الدعم السريع لوجود تناقضات في تركيبتها القبلية وتنامي نزاعات قديمة بين المكونات الاجتماعية التي تستند عليها، مما يدفع المجموعات المختلفة للعودة إلى مناطقها لحماية مجتمعاتها، و"سيعود الأجانب إلى دولهم بأسلحتهم مما يؤدي لتفشي العنف والفوضى".

غير أن قوات الدعم السريع تنفي اتهامها بجلب مرتزقة من خارج البلاد، وتصفها بأنها "دعاية سوداء"، ويقول مسؤول في إعلام القوات للجزيرة نت إن قائدهم "حميدتي" أكد أن قواته قومية وتضم طيفا من 102 مكون اجتماعي في السودان.

 

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يعلن العثور على مقابر جماعية في معتقل للدعم السريع
  • سقطوا ضحايا لـ ميليشيا «حميدتي».. اكتشاف مقبرة جماعية لـ 465 مواطنا سودانيا جنوب أم درمان
  • الجيش السوداني : العثور على مقابر جماعية في مناطق جنوب أم درمان
  • الجيش السوداني يعلن العثور على 465 جثة بمقابر جماعية في أم درمان (شاهد)
  • هل يقود تراجع قوات الدعم السريع عسكريا إلى تفككها؟
  • بعد الخرطوم.. السودان يعلن خلو ولاية النيل الأبيض من (الدعم السريع)
  • الجيش السوداني يعلن ولاية الخرطوم خالية من قوات الدعم السريع
  •  الجيش السوداني يعلن رسميا ولاية الخرطوم خالية من قوات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يعلن السيطرة على ولاية الخرطوم بشكل كامل