الحمامات: المتساكنون يحتجّون بسبب انقطاع الماء عن مساكنهم
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
قال رشاد عطية أحد متساكني قرية الأطرش بمعتمدية الحمامات إن العشرات من المحتجين على انقطاع الماء عن مساكنهم، قاموا منذ عشرة أيام بقطع الطريق الرابطة بين منطقة الأطرش وبئر بورقبة على مستوى القرية السينمائية.
ووفق عطية فإن المنطقة تتزوّد بالماء عبر جمعية مائية ينتفع منها أكثر من 750 مشتركا وما يزيد عن 1500 عائلة.
وقال عطية إنهم فوجئوا بانقطاع الربط منذ عشرة أيام رغم انتظامهم في خلاص معاليم التزود ليخبرهم رئيس الجمعية أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز قامت بقطع التيار الكهربائي عن الجمعية بسبب دين فاق الـ300 مليون وهو معلوم استهلاك الكهرباء للجمعية.
وفي التصريح ذاته استنكر المتحدث باسم المحتجين المتضررين من قطع الماء الصالح للشرب من غياب أي مسؤول عن زيارتهم، قائلا :"فقط بلدية الحمامات تفاعلت مع نداءات الأهالي وأرسلت صهريج ماء لتخفيف عبئ العطش عن السكان".
وقال رئيس الجمعية المائية بمنطقة الأطرش الجديدي بوناب :"الجمعية بدورها متضررة فشبكة الربط مهترئة اذ فاق عمرها 26 سنة ما تسبّب في تبذير 70% من المياه التي تضخها''.
وأضاف بوناب :"طالبنا الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه بصيانة الشبكة كما طالبنا بجهاز كشف التسربات المائية ومراجعة مواصفات الربط ومراجعة تسعيرة الكهرباء واستبداله بجهد فلاحي بدل الجهد الموجه للصناعيين لكن لم نجد آذانا صاغية ما انجرّ عن عجز مالي وتراكم ديون للجمعية ".
وأفاد مصدر مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز قامت بقطع التيار الكهربائي عن ثلاث جمعيات مائية بالحمامات، لعدم استخلاص مستحقاتها، متسببة في قطع التزود بالمياه عن السكان.
وفي هذا السياق توجّه الجديدي بوناب بطلب جدولة الديون ومراجعة تعريفة الكهرباء المخصصة للجمعيات المائية قائلا إنه "من غير المعقول أن تصمت الشركة عن المعاليم حتى تبلغ مئات الملايين ثم تطالبنا بالدفع فورا فحتى التقسيط غير ممكن في هذه الحالة".
سهام عمار
المصدر: موزاييك أف.أم
إقرأ أيضاً:
عم عطية.. .أبو جاموس مات.. !!
مات عم عطية.
مات ميتة رجال.
لا طبّالين على الشاشات، ولا «ألتراس المياتم»، ولا حتى الواد «سيد برويطة» جاب خبره في الجرنال.
كان مشغول بتوزيع منشورات الانتخابات، والواد بتاع الواجب في كل مكان، مشغول بعزاء خمس نجمات.
ومات عم عطية.. .وماتت معاه فكرة إن الفلاح لسه ليه مطرح في النشرة، ولا حتى صورة في جنازة.. .!.
ماحدش قال: «فلاح بسيط مات من القهر.. .!» الفلاح اللي كان قلبه على الأرض، وسرّته في التراب، ما اشتكاش يوم، ولا جري ورا مكتب نائب، كان بيكتم صوته زي ما بيكتم وجعه.
في اليوم اللي مات فيه، كان لابس جلابية بهت لونها من شمس الحقل، مش من رغوة المساحيق.
شايل في جيبه وصلًا من أيام عبد الناصر، ومعلّق على صدره أمل.. .بس مش وسام شرف، أمل في شيكارة كيماوي تنقذ زرعه الواقف في سُكرات العطش.
دخل الجمعية كأنه داخل المحكمة، بس قبل ما يوصل للموظف، وقف شوية عند باب «الدوّار»، شاف ناس قاعدة مهمومة، ورئيس الجمعية والعضو قاعدين مع واحدة بتهزر، وبيقولوا لها: «يا ننوسة، يا مسك وعنبر.. .!»
هو بيصرخ: «الزرع بيموت، والجاموسة ما بتقومش!» وهُمّا بيضحكوا.. .. ! ضحكة زي نشرة الأسعار.. .مافيهاش رحمة، ضحكة تنشف ريق العدالة، زي الميه اللي ماوصلتش للغيط.
قال له واحد من المساكين اللي قاعدين: «مالك يا عطية.. .؟ ضحكوا عليك ياعطية؟»، رد عليه بصوت مخنوق: «ضحكوا علينا كلنا.. .دول شلة حرامية، صوتي يابهية علينا.. .وعليك يا عطية، إحنا الفلاحين اللي بقينا واقفين في طابور النسيان، بنمد إيدينا ولا حد بيشوفنا.. !.
راح للموظف أخيرًا، وقال له بصوت بيترجّى: «نفسي آخد شيكارة كيماوي.. .بالدور»، الموظف لف الجرنال، ونفخ من كرشه، وقال له: «يا عم.. .ارمي بياضك!»، قال له عم عطية: «أنا فقير يا بيه، دا حتى العيل اللي في المعمار بقى بيشفق عليّ.. .!».
رد الموظف وهو بيعد سُبايك الشاي: «فاكر نفسك في جمهورية الفلاحين.. .. ؟، التموين بالواسطة، والكيماوي للمحسوبين.. .!» ضحك الجميع، ضحكة سامة،
ضحكة بترن في أذن الكرامة، ضحكة زي إبرة بتخرّم خريطة الوطن من ناحية الأرض. وقف عم عطية، ساكت، لكن عنيه كانت بتكتب وصية حزنه على بلاط الجمعية، بصّ في الأرض كأنه بيودّعها بعد عشرة عمر، زي واحد شاف مراته بتتجوز غيره، وهو ماسك الدُف من جوه مكسور.
ضرب كفًّا على كف، وقال: «دي مش جمعية.. .دي ورشة نَصْب، واللي فيها مش موظفين.. .دول شياطين بكرنيهات.. !» ومشي.. .بس الأرض كانت بتسحبه لتحت، خطوته تقيلة، كأنها بتكتب نعيه قبل ما يوصل الباب.
رجع بيته، قعد على عتبة الدار، والجاموسة بصّة له من الحظيرة، كأنها فهمت.
حتى الجاموسة فهمت يا بلد، وإنتي لسه مش فاهمة.. .؟! مات عم عطية، يا خسارة وحسرة على آخر الرجال.
مات من القهر، من الوجع، من السكوت، من الوقوف في طابور النعاج، وكان راجل.
راجل رفض يبقى زيهم، فمات، وكل يوم بيموت ألف عطية، في السكون، في الطين، في النسيان. مات عم عطية، ولا حتى «بوست» على جروب القرية،
ولا حد قال: «فين الفلاح.. .؟» ولو حد سأل قالوا مات.. .وخلاص.. !.
زمانه راح، وزماننا بقى معاه كام.. ؟ معاك بطاقة مصرفية بنكية.. ؟ ولا بطاقة تموين.. .. ؟ هنا تبدأ القضية.. ! القضية ناقصة جاني مش أنا ولا عم عطية ولاحد تاني، المشكلة قالوا عليه انت الجاني.. ؟، شيكارة سماد بختم النائب، ولا عضو الجمعية.. ؟، ولا عضو مجلس قالك: «ازرعها وطنية.. !»، ونسيوك تدور على الكرامة في كيس علف قديم.
نسيت أقولك: «الوطنية» ماتت.. .ودفنوها في الغروب، جنب عم عطية، وجنب حلم الفلاحين، اللي ما بيموتوش من الجوع، لكن بيموتوا لما الأرض تتحول لإقطاع، والتراب يتباع بشيك.. .!.
الوصية الأخيرةمات عم عطية، لكن قبل ما يسيب الدنيا، ساب على حيطة الجامع وصية: «إياكم تبيعوا الأرض، ولا تفرّطوا في التراب، ولا تركنوا الكِفّ على خد السكوت، ولا تصدّقوا اللي يقول: الفلاح انتهى».
حاسبوا على بلد بتدفن الفلاح قبل الزرع، وتفرش السجادة للحرامي، وتطبّل للجهل، وتنسى اللي كان بيشيلها على ضهره في الطين والمطر.
ومات عم عطية، لكن اللي مات أكبر من جسد فلاح. اللي مات: كرامة كانت في التراب، وصوت كان ساكت من كتر الخوف، وجيل.. .كان آخر من مسك المحراث بإيده.
وختامًا.. .لا تبكوا عم عطية، بل ابكوا زمنًا كان فيه الرجال بيموتوا من القهر، وما حدّش بيزغرد، ولا حتى بيرفع صورة ليهم في جنازة.. .، !
كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية
اقرأ أيضاًيحرسون الأمل وسط الصراع: حان الوقت لتمكين حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لمجابهة تحديات الغد
الكتاتيب والذكاء الاصطناعي