23 سبتمبر.. في مثل هذا اليوم من عام 1923 ولد الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل في قرية باسوس إحدى قرى محافظة القليوبية، وتحل علينا الآن ذكرى 100 عام على ميلاد هيكل، وننشر أبرز المحطات في حياته.

محطات في حياة هيكل

كانت المحطة الأولى في حياة هيكل اللامعة، عمله بالصحافة التي اشتغل بها عام 1942، ثم صدر أول كتاب له عام 1951 بعنوان إيران فوق بركان، بعد رحلة إلى إيران استغرقت شهرا.

ومنذ 1952 لازم جمال عبد الناصر والحياة بالقرب منه ومتابعته على المسرح ووراء كواليسه بغير انقطاع، وسنوات حوار لم يتوقف معه في كل مكان.

وحرر كتاب عبد الناصر: فلسفة الثورة الذي صدر عام 1953، وفي شهر يونيو 1956، فاتح علي باشا الشمسي، هيكل، بتولي رئاسة تحرير جريدة الأهرام أثناء مقابلته في نادي الجزيرة على مجرى سباق الخيل، ووقع هيكل بالحروف الأولى على مشروع عقد مع بشارة تقلا صاحب أكبر حصة في ملكية الأهرام وبحضور ريمون شميل، ومع ذلك فإن سنة كاملة قد انقضت قبل أن يوضع هذا العقد للتنفيذ.

1957 كان العام الذي دخل فيه هيكل صحيفة الأهرام لأول مرة، في صباح يوم الأربعاء 31 يوليو لكي يتولى إصدار عدد اليوم التالي، الخميس 1 أغسطس.

وواصل هيكل كتاباته، ففي عام 1958، صدر له كتاب العقد النفسية التي تحكم الشرق الأوسط، وعام 1960 صدر كتاب (مذكرات إيدن: السويس) - تقديم هيكل.

كما صدر كتابه "نظرة إلى مشاكلنا الداخلية" عام 1961، وكتاب ما الذي جرى في سوريا عام 1962، وكتاب يا صاحب الجلالة عام 1963، وأيضا في نفس العام كتاب "محاضر محادثات الوحدة" - تقديم هيكل.

كما صدر له عام 1966 كتاب خبايا السويس، وعام 1967 كتاب الاستعمار لعبته الملك، وعام 1968 كتاب "نحن وأمريكا".

مركز الأهرام للدراسات 

أسس هيكل مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بتشجيع من الرئيس جمال عبد الناصر، وهو رائد المراكز الاستراتيجية في الوطن العربي.

وفي عام 1970 عُينَّ هيكل وزيرًا للإعلام، ثم أضيفت إليه وزارة الخارجية لفترة أسبوعين في غياب وزيرها الأصلي محمود رياض.

وفي عام 1971 صدر له أول كتاب باللغة الإنجليزية The Cairo Documents، وترجم إلى 21 لغة.

وفي عام 1972 صدر له كتاب عبد الناصر والعالم وهو ترجمة للكتاب السابق، وقد ترجمه الصحفي اللبناني سمير عطا الله. وبداية الخلافات بينه وبين الرئيس أنور السادات.

وكانت فترة هدنة وكتب هيكل للرئيس السادات خطابه أمام مجلس الشعب بتاريخ 16 أكتوبر، وفيه أعلن الرئيس السادات خطته لما بعد المعارك، بما فيها مقترحاته لمؤتمر دولي في جنيف يجري فيه حل الأزمة في إطار الأمم المتحدة وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242.

لكن تجددت الخلافات مع الرئيس السادات بسبب هنري كيسنجر، وقبوله بسياسة فك الارتباط خطوة خطوة - جبهة جبهة، التي رأها هيكل مقدمة لصلح مصري - إسرائيلي منفرد يؤدي إلى انفراط في العالم العربي يصعب التنبؤ بتداعياته وعواقبه.

وفي عام 1974 أصدر الرئيس السادات قرارا بأن ينتقل هيكل من صحيفة الأهرام إلى قصر عابدين مستشارا لرئيس الجمهورية، واعتذر هيكل، ثم خرج من جريدة الأهرام لآخر مرة يوم السبت 2 فبراير مجيبا على سؤال لوكالات الأنباء العالمية: «إن الرئيس يملك أن يقرر إخراجي من الأهرام، وأما أين أذهب بعد ذلك فقراري وحدي.. وقراري هو أن أتفرغ لكتابة كتبي.. وفقط».

وفي عام 1976 صدر له كتاب "لمصر لا لعبد الناصر" وكتاب "أقنعة الناصرية السبعة" - مناقشة توفيق الحكيم ومحمد حسنين هيكل، للدكتور لويس عوض.

ثم عام 1977 صدر له كتابان قصة السويس آخر المعارك في عصر العمالقة، والحل والحرب، وفي شهر مارس سجل هيكل في بيته الريفي في برقاش شريط مسجل لحديث طويل (يزيد طوله عن 15 ساعة) مع حسن يوسف باشا - وكيل ورئيس الديوان الملكي وعبد الفتاح عمرو باشا سفير العهد الملكي في لندن.

وفي عام 1978 صدر له كتابان حديث المبادرة، وSphinx & Commissar، وقد ترجم إلى 25 لغة.

وبعدها تم سحب جواز سفر هيكل، ومنعه من مغادرة مصر، وتحويله إلى المدعي الاشتراكي بناء على قائمة أرسلها وزير الداخلية النبوي إسماعيل.

وصدر كتاب يوميات عبد الناصر عن حرب فلسطين - تقديم هيكل، والتقى هيكل بـ آية الله روح الله الموسوي الخميني لأول مرة في مدينة باريس يوم الخميس 21 ديسمبر.

السلام المستحيل

في عام 1980 صدر له كتاب السلام المستحيل والديمقراطية الغائبة - رسائل إلى صديق هناك.

ووجد هيكل نفسه وراء قضبان سجون طرة في سبتمبر مع كثيرين غيره لم يجدوا مفرا أمامهم عند نقطة فاصلة من تاريخ مصر - غير حمل السلاح، بالموقف والقلم والكلمة - والدخول إلى ساحة المعركة.

وفي عام 1983 صدر له كتابان Autumn of Fury، وقد ترجم إلى أكثر من 30 لغة، وخريف الغضب - قصة بداية ونهاية عصر أنور السادات، وهو ترجمة للكتاب السابق.

اعتزال هيكل

اعتزل هيكل الكتابة المنتظمة والعمل الصحفي في الثالث والعشرين من سبتمبر عام 2003 بعد أن أتم عامه الثمانين.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: محمد حسنين هيكل 100 عام على هيكل مركز الأهرام للدراسات السادات جمال عبد الناصر عبد الناصر وفی عام

إقرأ أيضاً:

كتاب اسمه حيفا

ما إن تفتح كتاب «الكلمة التي صارت مدينة» حتى تصعد إلى وجهك، مثل ينبوع مرح، حيفا الفلسطينية كاملةً بوضوحها الأنيق، وجمالها الطازج غير المنهوب. حرّر جوني منصور كامل حيفا من ميناء وجبل، مستعيدا كامل ذاكرتها، وأزمانها قبل أن تدهمها رؤى الغزاة المسيانية. لا شيء يبقى خارج التحرير في كتاب جوني معلم التاريخ المخلص والناشط الآن في جمع ذاكرات القرى الفلسطينية المهجّرة. استعاد المعلم هدوء حيفا وسلامها، مستدرجا ضحكات الحيفاويين والحيفاويات على شواطئ المتوسط، واسترخاءهم الصباحي بملابس النوم على أرائك وأسرّة، واستدعى بالصور والحكايات شرفات بيوت المدينة، ومشافيها وعائلاتها وعمال مينائها وبحارتها وفناراتها وصحفها وأدباءها وأعيادها وسفنها، ومسارحها وسكة حديدها وعرباتها ومدارسها وبرجها.

لا يقاوم قارئ الكتاب الرغبة في الصراخ (هذا إذا كان من النوع الذي يقاوم البكاء)، وهو يشاهد ما كان من حيفا، وما بقي منها، كل ما نراه في كتاب حيفا المحرّرة، يقتل ويغيظ، لكنه أيضا يحيي ويُنهض. كيف سيتحمل الفلسطيني رؤية الفارق، وهو يشاهد مرقصا مُقاما على أنقاض مدرسة، أو مشفى للأمراض النفسية، منتصبا على بقايا مبنى لجريدة شهيرة؟ كيف سيتحمل قلب الفلسطيني رؤية ساحة الحناطير، وقد صارت ساحة باريس؟ كيف سيفهم ما الذي حدث؟ ولماذا حدث؟ أليس موتا صغيرا ذلك الفارق؟

من جهة أخرى، تبدو جليةً حقيقة ضرورة كتابة حيفا، وباقي مدن فلسطين صورا وقصصا، خصوصا للأجيال التي تأتي الآن، والتي ستأتي مستقبلا، في مناخٍ منقوعٍ في طين الهزيمة حتى العنق.

هذا الكتاب صاروخ هادئ وسيل من التظاهرات الصامتة، مدافع من ذاكرة نار تتأبى على الانطفاء. ليس للفلسطيني المقتول قليلا والمحاصر إلا من أن يستعيد ويتذكّر ويحلم، فالموت الكامل هو غياب الحلم، لا تموتوا بشكل كامل أيها الفلسطينيون، تزوّجوا من الحلم، وأنجبوا كثيرين من أطفال الأمل. هزيمة الجغرافيا حادثة قتل، لكن هزيمة الذاكرة مجزرة، كل هذا يقوله كتاب: (حيفا الكلمة التي صارت مدينة).

الكتاب الضخم صادر في حيفا عام 2015 على نفقة الباحث، بذل فيه جهدا خارقا للوصول إلى قاع ذاكرة حيفا، بمساندة توثيقيةٍ من أصدقائه ومعارفه وأبناء مدينته، مثل حنا أبو حنا ورياض فاخوري وعباس شبلاق وغيرهم... قصة حيفا هي قصة مدن فلسطين كلها، فهذه المدينة التي يصفها جوني منصور بالجنة هي شقيقة يافا وعكا اللتين يصفهما أبناؤها بأراضي الله الشهيّة.

كم أحلم بكتابٍ لكل مدينةٍ في فلسطين مثل هذا، كتب تنهض فلسطين من رمادها، تنهضها بالصور والقصص، تنتشل وجهها القديم من البئر الذي ألقي فيه، ليس هذا مستحيلا، هذا متاح وسهل، يحتاج فقط إلى روح من العزيمة، وجهد كثير، ويحتاج إلى فلسطين داخلنا.

لا أفوّت فرصةً لحضور محاضرات جوني منصور في رام الله عن تاريخ المكان الفلسطيني، المشطور بالصورة والحكاية.

من يستمع إلى جوني، وهو يحاضر عن حيفا التي خطفوها، وكسروا معالمها، لا يشعر بالخوف عليها، ثمّة كائن اسمه الأمل يجلس قربه وهو يتحدّث، ثمّة عزيمة على حماية روح المكان، ثمّة مظلوم مصمم على إزالة الظلم، ثمّة شعب حي يقدم نموذجا أعلى في البقاء والصمود، على الرغم من كل محاولات التهويد والطمس.

جوني منصور أحد مثقفي فلسطينيي الداخل لم يثبتوا فلسطينيتهم، فهذه الهوية لا تثبت بل تعاش، قرّروا أن يكونوا شعلاتٍ دائمة الاشتعال لإنارة الطريق وحفظ الصوت.

قرّر الحيفاويون أن «ساحة باريس» ليست سوى فكرة لا معنى لها في يومياتهم، وتغيير اسم شارع أو ساحة لا يغيّر ما في قلوب الناس، ما زالت الحناطير تسرح وتمرح في ذاكرة المكان، لا قدرةَ لأحدٍ على لجمها.

جوني منصور

جوني منصور (1960-) مؤرخ فلسطيني من فلسطيني 48، ولد في حيفا، يعمل محاضرا في قسم دراسات التاريخ في كلية الأكاديمية في بيت بيرل، خبير في الشرق الأوسط الحديث، وله اهتمام بتاريخ فلسطين الحديث والمعاصر، والقضية الفلسطينية، ومدن فلسطينية وخصوصًا حيفا.

مقالات مشابهة

  • يهدف إلى تحسين جودة حياة المواطن.. برلماني يشيد بقرار الرئيس السيسي بزيادة المعاشات
  • مساعد وزير الخارجية ينقل تهنئة الرئيس السيسي لنظيره الموزمبيقي بمناسبة ذكرى الاستقلال
  • كتاب اسمه حيفا
  • إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بحدائق الأهرام
  • في ذكرى ميلاده.. محطات فنية هامة في حياة محرم فؤاد
  • الحلم بالنمر العربي
  • اليوم.. محاكمة 57 متهمًا في قضية إعادة هيكل اللجان النوعية لـ «الإخوان الإرهابية»
  • أحمد موسى ناعيًا الكاتب محمد عبد المنعم بكلمات مؤثرة: من الأسماء اللامعة في الصحافة المصرية
  • ذكرى عطرة تحمل لنا قيما وفضائل.. وزير الداخلية يهنئ الرئيس السيسي بالعام الهجري الجديد
  • تفسير رؤيا «لبس الجديد» في المنام لابن سيرين