يبدو أن غرض رئيس النظام السوري بشار الأسد من الزيارة التي يجريها للصين، هو البحث عن دعم مالي للخروج من الأزمة غير المسبوقة التي يعاني منها اقتصاده، عبر بوابة "إعادة الإعمار".

وبرفقة وفد اقتصادي، وصل الأسد الخميس إلى الصين، للمشاركة في افتتاح دورة الألعاب الآسيوية بنسختها التاسعة عشرة، والتقى الجمعة بالرئيس الصيني شي جين بينغ في مدينة خانجو التي تستضيف الدورة.



وخلال اللقاء أعلن الرئيس الصيني أن بلاده بصدد إقامة "شراكة استراتيجية" جديدة مع سوريا، لتصبح محطة مهمة في تاريخ العلاقات الثنائية.

وأكد أن الصين مستعدة لمواصلة العمل مع سوريا، والدعم القوي المتبادل بينهما، وتعزيز التعاون الودي، مشدداً على دعم بكين للتسوية السياسية للقضية السورية وتحسين علاقات سوريا مع الدول العربية الأخرى، وعلى دعم جهود إعادة الإعمار وتعزيز بناء القدرات في مجال مكافحة الإرهاب.

وبحسب بيان مشترك، فقد وافقت الصين وسوريا على إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية للدفع بالتعاون الودي في كل المجالات على نحو شامل، بما يخدم شعبي البلدين بشكل أفضل.

كذلك جرى توقيع اتفاق "تعاون اقتصادي" بين البلدين، ومذكرة تفاهم مشتركة للتبادل والتعاون في مجال التنمية الاقتصادية، ومذكرة تفاهم حول السياق المشترك لخطة تعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق".


الأسد يريد تحفيز الصين
وتركيزاً على دلالات ونتائج الزيارة، يقول أستاذ في الجامعات الصينية لـ"عربي21"، إن "الاقتصاد" هو العنوان الأبرز للزيارة، مؤكداً أن "الأسد يريد تحفيز الصين على الدخول اقتصادياً في سوريا".

ويستدرك بقوله: "لكن إعمار سوريا يحتاج إلى "قرار دولي" قبل أن تبدأ الدول في استثمار أموالها"، لافتاً إلى أن "الصين تريد ضمانات سيادية، في حين أن روسيا وإيران اقتربتا من الاستحواذ الكامل على تلك المقدرات".

وبذلك يرى الأستاذ الجامعي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الصين لا ترى في سوريا "وجبة مشبعة" حتى تنافس روسيا وإيران عليها، ويقول: "ترى الصين في سوريا ورقة لمناكفة الولايات المتحدة بالدرجة الأولى وأوروبا ثانياً، لكن من دون أن يصل الأمر إلى تحدي إرادة المجتمع الدولي، بمعنى أن الصين كانت من بين الأطراف الموقعة على قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي يدعو إلى حل سياسي قبل البدء بإعادة الإعمار".

ويعتقد أنه من "غير الممكن" للصين تخطي القرار الأممي بشكل منفرد، وخاصة أن الولايات المتحدة وأوروبا تشكلان أكبر سوق لاقتصاد الصين، ما يعني أن الصين لن تجازف بخسارة علاقتها التجارية مع الغرب، خاصة أن الاقتصاد الصيني ليس بأفضل حالاته.

"الصين لن تقدم سوى مشاريع صغيرة"
ورغم الزخم الكبير للزيارة فإنها لم توقع الصين إلا على اتفاقية "تعاون اقتصادي" واحدة ومذكرتي تفاهم، ويقول: "كل ما جرى هو تفاهمات بالخط العريض، ولم تُعلن الصين بشكل واضح أنها ستدخل السوق السورية".

ويستدرك الأستاذ في الجامعات الصينية، بأن ما سبق لا يُلغي احتمالية أن تدفع الصين ببعض شركاتها "الصغيرة" إلى الاستثمار في سوريا، لكن في مشاريع صغيرة، لأن الصين شأنها شأن بقية الدول؛ لن تجازف بضخ الأموال في بلد غير مستقر، ويتعرض للعقوبات.

ويضيف أن الصين تنتظر الفرصة المناسبة للاستثمار في سوريا، والفرصة لن تكون مناسبة إلا بعد الحل السياسي.

علاقة قديمة جديدة
أما الباحث في الاقتصاد الدولي أحمد القاروط، فيقول إن العلاقة بين سوريا والصين قديمة جديدة، وبعد اندلاع الثورة السورية والحرب، لم تبد الصين اهتماماً بأن تكون طرفاً في الصراع.

وفي حديثه لـ"عربي21" يعتقد أن "معادلة الانتصار" التي استطاع النظام السوري أن يفرضها، غيرت من طريقة تعاطي الدول معه، ومنها الصين.

من جانب آخر، يربط القاروط بين توقيع الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والهند وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي على مذكرة تفاهم لإنشاء ممر اقتصادي (ممر الهند)، وهو المشروع الذي يحاول تخريب تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وبين زيارة الأسد للصين.

ويقول: "إن الزيارة ترتبط بشكل وثيق بالصراع بين مبادرة ’الحزام والطريق‘ و’ممر الهند‘، ومن المعلوم أن موقع سوريا يساعدها على التنافس بين المشروعين، علما بأن النظام وقع في وقت سابق على مذكرة تفاهم مع الصين، بخصوص الانضمام لمبادرة ’الحزام والطريق‘".


"سوريا ليست أولوية"
لكن، مع ذلك يرى القاروط أن الصين غير جادة في سوريا، ولا تراها ضمن أولوياتها، لأن بمقدورها لو أرادت نقل سوريا من الفشل إلى نموذج للنجاح بعيداً عن المحور الأمريكي.

وفي الإطار ذاته، لفت الباحث إلى أن الصين حرصت على عدم إعطاء زيارة الأسد الصفة الرسمية، بحيث أن عنوانها كان "المشاركة في حدث رياضي"، وقال: "قد يكون ذلك لأجل اختبار رد فعل الولايات المتحدة وأوروبا على استقبال الأسد".

أما عن إعادة الإعمار، فقد استبعد المحلل أن تدخل الصين في هذه المرحلة، لأن إعادة الإعمار غير ممكنة بدون تقديم "منح دولية" وليس عبر القروض، لأن سوريا تعاني من انهيار المنظومة الاقتصادية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية النظام السوري الأسد إعادة الإعمار الصين سوريا سوريا الصين إعادة الإعمار سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الحزام والطریق إعادة الإعمار أن الصین فی سوریا

إقرأ أيضاً:

سوريا.. النيابة الفرنسية تطالب بتوقيف «بشار الأسد» ومروحيات تركية تشارك بإخماد الحرائق

دعت النيابة العامة الفرنسية محكمة النقض، أعلى هيئة قضائية في فرنسا، إلى تأييد مذكرة التوقيف الصادرة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، على خلفية الهجمات الكيميائية التي وقعت عام 2013 في مناطق الغوطة الشرقية ومعضمية الشام قرب دمشق، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص.

وجاء هذا الطلب خلال جلسة استماع لمناقشة مسألة الحصانة الشخصية التي يتمتع بها رؤساء الدول، وإمكانية استثنائها في حالات الاشتباه بتورطهم في جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

وأشار النائب العام في محكمة النقض، ريمي هايتز، إلى مبدأ سيادة الدول وعدم جواز فرض دولة سلطتها القانونية على أخرى، لكنه اقترح استثناء بشار الأسد من الحصانة، باعتباره لم يعد يُعتبر رئيساً شرعياً لسوريا في نظر فرنسا منذ عام 2012، على خلفية الجرائم الجماعية التي ارتكبتها السلطات السورية.

ويُنتظر أن تصدر محكمة النقض قرارها النهائي في 25 يوليو 2025.

وكانت محكمة الاستئناف في باريس قد صادقت على مذكرة التوقيف في يونيو 2024، غير أن النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب طعنت في القرار استناداً إلى الحصانة المطلقة التي يكفلها القانون الدولي لرؤساء الدول خلال فترة توليهم مناصبهم.

يُذكر أن مذكرة التوقيف صدرت في نوفمبر 2023، بسبب الهجوم بغاز السارين في 21 أغسطس 2013، الذي تسبب بمقتل أكثر من ألف شخص.

في سياق متصل، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على خمسة أشخاص مرتبطين ببشار الأسد، ضمن جهود دولية للضغط على النظام السوري.

مروحيات وآليات تركية تدخل على خط إخماد حرائق ريف اللاذقية السورية بمشاركة مشتركة مع الفرق السورية

أعلنت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية، بالتنسيق مع الجانب التركي، عن مشاركة مروحيات وآليات إطفاء تركية في جهود إخماد الحرائق المستمرة في ريف محافظة اللاذقية شمال غرب سوريا.

وأوضح وزير الطوارئ السوري رائد الصالح أن الاتفاق شمل إرسال طائرتي إطفاء مروحيتين، إلى جانب دخول 11 آلية إطفاء تركية، منها 8 سيارات إطفاء و3 ملاحق لتزويد المياه، وذلك بعد اجتماع ميداني عُقد في منطقة “ييلا داغ” الحدودية المجاورة لمنطقة جبل التركمان بهدف تنسيق التدخل المشترك.

وأضاف الصالح عبر منصة “إكس” أن التدخل التركي تأخر بسبب حرائق مفاجئة اندلعت في الجانب التركي مساء أمس، ما أدى إلى تأخير وصول الفرق المشاركة حتى صباح اليوم السبت.

وتشارك 62 فرقة إطفاء سورية، إلى جانب أفواج الغطاء الحراجي، في مكافحة الحرائق التي اندلعت منذ الخميس 3 تموز في مناطق قسطل معاف، وزنزف، وربيعة في ريف اللاذقية. وتواصل فرق الإطفاء والطوارئ والدفاع المدني جهودها للسيطرة على الحرائق الواسعة التي تعرقلها ظروف مناخية صعبة وتسارع انتشارها، في محاولة لمنع وصولها إلى مناطق وقرى جديدة.

ويأتي هذا التعاون في إطار التنسيق بين وزارة الطوارئ السورية ووزارة الخارجية مع الجانب التركي لضمان تبادل المعلومات وتعزيز الاستجابة السريعة، بما يسهم في احتواء الكارثة البيئية التي تهدد المناطق الحدودية.

مفتي لبنان يصل دمشق لتعزيز التعاون الديني والاجتماعي مع سوريا

وصل مفتي لبنان عبد اللطيف دريان إلى سوريا على رأس وفد ديني موسع، في زيارة تهدف إلى تعزيز التعاون الديني وفتح قنوات التواصل بين المرجعيات السنية في البلدين. تأتي الزيارة في ظل تغييرات إقليمية وحكومية شهدتها المنطقة، وتركز على توثيق العلاقات الدينية والاجتماعية بعيدًا عن أي توظيف سياسي مباشر.

ويضم الوفد اللبناني مفتي المناطق وقضاة الشرع وأعضاء من المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في لبنان، ومن المقرر أن يلتقي دريان خلال الزيارة الرئيس السوري أحمد الشرع، بالإضافة إلى وزير الأوقاف السوري محمد أبو الخير شكري، ومفتي سوريا العام الشيخ أسامة الرفاعي.

كما تتضمن الزيارة زيارة المسجد الأموي في دمشق، ولقاءات مع المسؤولين السوريين، بالإضافة إلى مأدبة غداء رسمية، في إطار تعزيز التعاون بين البلدين على الصعيد الديني والاجتماعي.

97 ألف لاجئ سوري يعودون من الأردن إلى بلادهم منذ مطلع العام وسط تحسن الظروف في سوريا

أعلن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية، اليوم السبت، أن قرابة 97 ألف لاجئ سوري عادوا طوعًا إلى بلادهم من الأردن منذ بداية العام 2025، في مؤشر لافت على تزايد وتيرة العودة، خاصة عبر معبر “جابر” الحدودي الذي شهد أكبر حركة عبور قبل عيد الأضحى.

وجاءت تصريحات الفراية خلال افتتاح غرفة عمليات الإدارة المتكاملة للحدود في مركز “جابر”، مؤكدًا على أهمية التحديثات في إدارة المعبر لتسهيل حركة المسافرين والبضائع، ولا سيما في ظل ازدياد أعداد العائدين السوريين.

في السياق ذاته، أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أكثر من 100 ألف لاجئ سوري عادوا طوعًا من الأردن إلى بلادهم خلال الفترة الممتدة من 8 ديسمبر 2024 وحتى 30 يونيو 2025.

وصرّح المتحدث باسم المفوضية، يوسف طه، لقناة “المملكة”، أن ارتفاع أعداد العائدين يُعزى إلى تحسن الأوضاع الأمنية والاقتصادية في سوريا، إضافة إلى رفع العقوبات الدولية، وانتهاء العام الدراسي، ما شجع العديد من الأسر على اتخاذ قرار العودة.

وتوقعت المفوضية أن تشهد الفترة المقبلة مزيدًا من حالات العودة، خاصة بعد انتهاء امتحانات الثانوية العامة في الأردن، وسط استمرار التنسيق بين الجهات الأردنية والدولية لضمان عودة آمنة وطوعية للاجئين.

آخر تحديث: 5 يوليو 2025 - 16:02

مقالات مشابهة

  • لندن تعلن إعادة علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا تزامنا مع زيارة لوزير خارجيتها لدمشق
  • بريطانيا تعيد علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا.. لامي يزور دمشق (شاهد)
  • بريطانيا تعيد العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بعد قطيعة دامت 14 عامًا
  • بريطانيا تعيد العلاقات الدبلوماسية مع سوريا والشرع يلتقي وزير خارجيتها بدمشق
  • المملكة المتحدة تعلن تجديد العلاقات الدبلوماسية مع سوريا
  • سوريا.. النيابة الفرنسية تطالب بتوقيف «بشار الأسد» ومروحيات تركية تشارك بإخماد الحرائق
  • اعتقال وزيرتين سابقتين في سوريا.. إحداهن أقالها الأسد بسبب احتضانها النمر
  • ترامب: محادثات وشيكة مع الصين حول تيك توك
  • ماذا بعد رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا؟
  • سوريا تطلق هوية بصرية جديدة تمثل دولة ما بعد الأسد