حل لغز “بصمات غامضة” في أعماق البحار!
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
نيوزيلندا – اكتشف فريق من العلماء علامات غريبة في قاع البحر قبالة سواحل نيوزيلندا في عام 2013، خلال مسح بحري أجراه المعهد الوطني النيوزيلندي لأبحاث المياه والغلاف الجوي (NIWA).
وعبر كل السنوات التي تلت ذلك، لم يتمكن أحد من حل لغز البصمات على عمق أكثر من 450 مترا.
والآن، وجد الباحثون في NIWA أن العلامات المثلثة الشكل تصطف بشكل مثالي مع الخطم المدبب لبعض أنواع الأسماك الجرسية في أعماق البحار، والمعروفة أيضا باسم أسماك الرمان (Coelorinchus).
ومن المحتمل أن تكون الفتحات الموجودة في منتصف البصمات الرملية عبارة عن “علامات عض” مركزية، حيث كانت الكائنات التي تتغذى في القاع تقضم الوحل وتمتص الفريسة.
ونظرا للأعماق الشديدة التي تتغذى فيها هذه الأسماك الجرسية، فإن علامات العض من هذا النوع “نادرا ما يتم رصدها”، وفقا للباحثين.
وهناك بعض العلامات الأقل عمقا من غيرها، وربما تكون آثار أسماك تمسك بسرطان البحر أو وجبة خفيفة على سطح الرمال.
وتقول عالمة الأحياء البحرية سادي ميلز، من NIWA: “تستخدم NIWA تقنية تسمى نظام التصوير العميق المقطوع (DTIS) للسماح لنا برؤية قاع البحر بتفاصيل مذهلة. وعند مراجعة هذه اللقطات، غالبا ما نرى علامات في الرواسب، ولكن لسوء الحظ، معظمها غير معروف للعلم ولا يمكننا إلا أن نخمن ما الذي صنعها، ناهيك عن العثور على دليل مقنع”.
ويعد العثور على الغذاء في أعماق المحيط المظلم عملا صعبا، ولهذا السبب طورت الأسماك الجرسية بصرا حادا وقوة شم حادة وأذرع حساسة على ذقنها الرفيعة.
وتتحرك الأسماك فوق قاع البحر مباشرة، وتستخدم هذه الحواس للبحث عن القشريات والديدان والأسماك الأخرى لتناولها.
ومع ذلك، فإن كيفية تنفيذ هذه الهجمات غامضة بعض الشيء.
ويأمل الباحثون في NIWA الآن في استخدام هذه العلامات لتحديد الموائل الحرجة ومناطق التغذية لهذه الأسماك الزلقة.
نشرت الدراسة في أبحاث أعماق البحار الجزء الأول: أوراق أبحاث علوم المحيطات.
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
سلطنة عمان ودورها المحوري في أمن الملاحة البحرية
لا يحتاج صوت سلطنة عُمان أن يرتفع عاليا في مجلس الأمن ليعرف العالم دورها في دعم أمن وسلامة الملاحة البحرية والإقليمية والدولية، فالوقائع عبر العقود الماضية، بل وعبر التاريخ، تثبت هذا الدور بالأدلة والبراهين. ولذلك كانت كلمتها في الجلسة رفيعة المستوى لمجلس الأمن الدولي حول «تعزيز أمن الملاحة البحرية من خلال التعاون الدولي من أجل الاستقرار العالمي» والتي عقدت في نيويورك أقرب إلى استراتيجية تعكس فهما عميقا لطبيعة التهديدات المركبة التي تواجه البحار المفتوحة، من الإرهاب البحري وتهريب البشر، إلى الاستخدام السياسي للهجمات على خطوط الشحن البحري. ونتيجة خبرتها الطويلة، تطرح سلطنة عُمان سردية بديلة لأمن الملاحة لا تقوم على الهيمنة أو المحاور، بل على إعادة الاعتبار للمنظومة القانونية الدولية وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
لا تنبع خبرة سلطنة عُمان في إدارة الأمن البحري من موقعها الجغرافي الحساس فقط، بل من عقود من التفاعل العملي مع التحديات الجيوسياسية التي تحيط بمضيق هرمز وبحر العرب وبحر عُمان، وجميعها مسارح لاضطرابات عابرة للحدود.
الأحداث الأخيرة في البحر الأحمر، والتي كادت أن تتحول إلى حرب إقليمية بالوكالة، كشفت عن محدودية المقاربة الأمنية التقليدية، ومع ذلك، نجحت سلطنة عمان في الوساطة التي أفضت إلى وقف إطلاق النار في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مؤكدة بذلك على ما يعرف في أدبيات العلاقات الدولية بـ«القوة الهادئة» وهي استراتيجية لا تسعى إلى الهيمنة، بل إلى خلق توازنات جديدة عبر الحوار والتدخل الوقائي.
بحسب تقرير مركز مارشال الألماني، فإن أمن البحر الأحمر لم يعد شأنا إقليميا محصورا، بل أصبح مصلحة استراتيجية للقوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين، ومجالاً تتقاطع فيه خطوط الطاقة والغذاء والسلاح.
لكن سلطنة عُمان لا ترى البحر فقط بوصفه مسرحا أمنيا، بل تنظر له عبر تاريخها الطويل باعتباره رافعة مهمة للتنمية. وخلال استضافتها لمؤتمر المحيط الهندي الثامن، طرحت سلطنة عُمان رؤية متكاملة تقوم على التكامل الإقليمي، والحوكمة البحرية، والاستثمار في البنى التحتية الزرقاء. هذه الرؤية تتقاطع مع دعوات الأمم المتحدة لتطوير استراتيجيات بحرية متكاملة تربط بين الأمن، والتغير المناخي، وحماية البيئة البحرية، وهو ما يؤكد وعي سلطنة عُمان بالتحديات المتداخلة التي تواجه البحار، لا سيما تلك المتصلة بالتدهور البيئي والاحترار العالمي.
ويشير تقرير الأمم المتحدة الأخير إلى أن التغير المناخي ـ من ارتفاع مستويات البحار إلى اشتداد العواصف وتآكل الشواطئ ـ بات يمثل خطرا مضاعفا للأمن البحري، إذ يعطل الموانئ، ويعرض البنية التحتية البحرية للهجمات والانهيار. ورؤية عُمان تأخذ هذا البُعد في الحسبان وتدعو إلى دمج الاستجابة المناخية في استراتيجيات الأمن البحري.
إن التحدي الأكبر في الخليج والبحر الأحمر ليس غياب القوة العسكرية، بل غياب الثقة، وندرة الآليات الإقليمية الجماعية، وهنا تحديدا يبرز دور عُمان بوصفها «الدولة الجسر» القادرة على التوسط بين الخصوم، والمقبولة من جميع الأطراف. ولا يخفى أن استقرار الملاحة في مضيق هرمز هو شرط أساسي لبقاء الاقتصاد العالمي، حيث يمر عبره أكثر من 20% من النفط العالمي.
لا تنطلق رؤية سلطنة عُمان في إدارة الأمن البحري عبر استراتيجية الردع وحده ولكن عبر الشراكة والتمكين وبناء المؤسسات.. في هذا السياق، تمثل سلطنة عمان، كما تشير تحليلات معهد واشنطن، حالة فريدة في المنطقة: دولة ذات موقع استراتيجي بالغ الحساسية، لكنها ترفض توظيفه في لعبة المحاور. وإذا كانت البحار مرآة لصراعات العالم، فإن مضيق هرمز، بفضل عُمان، قد يتحول إلى مرآة للأمل.