على الرغم من كل الازمات التي يعيشها لبنان، الصحية منها خصوصا، الا انّ هذا البلد قادر وبإمتياز دوما أن يحجز لنفسه مكانة خاصة في المحافل الدولية على المستوى الطبي تحديدا، ويحقق انجازات علمية وعملانية على مستوى اهم واخطر الامراض التي تهدد العالم.
 
فيصبح لبنان بالتالي شريكا في عالم الابحاث الطبية العالمية التي تخدم البشرية، في محاولة لايجاد حلول وعلاجات لاخطر الامراض ومن بينها تلك الامراض التي يقف احيانا الطب عاجزا امامها، مثل مرض التصلب اللويحي المتعدد على سبيل المثال.


 
في هذا السياق، وبعد نيلها جائزة الملك سلمان للأبحاث العلمية لأبحاث الإعاقة في العام المنصرم، استطاعت الدكتورة سامية خوري رئيسة معهد أبو حيدر لعلوم الأعصاب في الجامعة الأميركيّة في بيروت، هذه السنة، أن تكسب "جائزة المصطفى" الى جانب اهم العلماء، وهي جائزة الوسام العالي في العلوم والتكنولوجيا في العالم الإسلامي، والتي تمنحها مؤسسة المصطفى للعلوم والتكنولوجيا كل عامين للعلماء والباحثين البارزين.
 
انجازات علمية
عن هذه الجوائز والمسيرة الطبية الحافلة بالانجازات والرسالة التي تريد ايصالها الى العالم من لبنان، تتحدث خوري لـ"لبنان 24" مشيرة الى انّ الصورة القاتمة التي يعيشها لبنان يقابلها اصرار وارادة. وتقول: "يعيش لبنان أزماته المتعددة وبما فيها أزمته الصحية من انقطاع في الأدوية إلى ارتفاع تكلفة الطبابة وعدم قدرة كثر على الوصول إلى الرعاية الصحية المناسبة.. ولكن امام هذه الصورة القاتمة دائما هناك اصرار وإرادة، صورة يُقابلها أمل ومثابرة بأنّه ما من شيء مستحيل في مواجهة المرض مهما كان صعباً".
 
وانطلاقا من هذا الايمان كان الكفاح سبيلا الى البحث العلمي وايجاد الحلول على مستوى الامراض العصبية التي تتخصص بها خوري، وتحديدا مرض التصلب اللويحي الذي كاد يتحول في سنوات سابقة الى مرض عصي على العلاج. فكيف للبنان واطبائه، وهو يتخبط في هذه المشاكل والصعوبات الاقتصادية، ان يبقى حاضرا ويحصد الجوائز؟
 
كفاح علمي
 تقول خوري: "لا شكّ في أنّ الأزمة الاقتصادية في لبنان أثّرت كثيراً على عملنا وبخاصة على الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة. فلم تعد الأدوية متوفّرة وازدادت رسوم الفحوصات والاستشفاء وهناك نقص في التغطية التأمينية كما أنّ المرضى فقدوا وظائفهم وحساباتهم المصرفية بالإضافة إلى مشاكل أخرى أيضاً".
 
وهذا الواقع وربما اكثر وأسوأ من ذلك بكثير، ولكن بحسب خوري "كان كفاحنا الأساسي الذي نعيشه يومياً هو كيفية تأمين الاختبارات، وتأمين الأدوية في حال استطعنا تعظية تكلفة دخول المريض الى مركز المعالجة في الجامعة الاميركية. وحقيقة لا نستطيع أن نخفيها أننا مررنا ببعض الأيام التي شعرنا فيها بالعجز والإحباط فعلاً، ولكن تمكّنا من تقديم الدعم لإجراء الاختبارات وتغطية تكاليف الدخول الى المركز المتخصص بامراض التصلب اللويحي المتعدد. ولكن للاسف يبقى لدينا الكثير من المخاوف، فكيف يمكن الحصول على الادوية، وخصوصا أنّ أدوية التصلّب المتعدّد العامّة محدودة وهي أدوية عالية الخطورة ولا يمكن استبدالها".
 
جائزة
وبالعودة الى الجائزة، يستند الترشیح للحصول عليها اتمام عمل اوإنجاز بارز فی العلوم النظریة او التطبیقیة بما يخدم المجتمع ويكون له تأثيرات عامة علی مختلف مجالات العلم والتکنولوجیا. وقد نالت خوري الجائزة نتيجة عملها على مستوى تطوير اساليب ومقاربات جديدة لرعاية مرضى التصلب المتعدد، مع ايجاد اليات لتنظيم المرض والقدرة على التحمل والعلاج.
 
ما هو مرض التصلب؟
والتصلّب المتعدّد هو مرض مزمن يصيب الجهاز العصبيّ المركزيّ بما فيه الدماغ والنخاع الشوكي. وتشرح خوري عن مخاطره، مشيرة الى انّ هذا المرض قد يسّبب قصوراً في الحركة أو الإحساس بحسب المنطقة المصابة بالتصلّب المتعدّد في الجهاز العصبيّ. فقد تكون العين أو اليد أو القدم أو غيرها من أعضاء الجسم، هي المصابة.
وللاسف فانّ هذا المرض يصيب كافة الفئات العمرية بما فيها الشباب. كما انّه وبحسب خوري يصيب النساء اكثر من الرجال، كما لا يوجد علاح لمرض التصلّب المتعدّد، لكن هناك علاجات لوقف تقدّمه وتطوره.
وتقول خوري: "يوجود عوامل وأسباب عدة قد تلعب دوراً في زيادة خطر الإصابة بالمرض أهمها العوامل الوراثية والجينية، اضافة الى اسباب اخرى مرتبطة بالمحيط مثل التدخين، او الاصابة بفيروس EBV أو المعروف بفيروس إبشتاين – بار. وكذلك يؤدي النقص الحاد بالفيتامين د الى الاصابة بالتصلب اللويحي".
وتتابع خوري: "منذ 20 عاماً كان مرض التصلب اللويحي يعني السير نحو الإعاقة لكن اليوم وبفضل جهود الباحثين أصبح هذا المرض مزمناً يمكن التعايش معه واستكمال الحياة.  واليوم، هناك أدوية كثيرة شقت طريقها في علاج التصلّب اللويحي، وأبحاث سريرية متعددة وآمال كثيرة عُلّقت لايقاف هذا المرض، ونأمل في ان نصل في المستقبل إلى منع حدوث المرض أو ايقافه".
 
وتختم خوري: " نحن نعمل على أكثر من 13 بحثاً، بعضها أبحاث أطلقت على أساس المبادئ والبعض الآخر عبارة عن تجارب سريريّة تعاونيّة. كما أنّنا نركّز بشكل أساسيّ في بحوثنا على المراقبة الدقيقة لتطوّر مرض التصلّب المتعدّد (دراسة AMIR الطولية) وتقييم المؤشرات الحيوية والمساهمة في البحوث التداخلية وغيرها".. ودائما هناك أمل.. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مرض التصلب هذا المرض

إقرأ أيضاً:

لتعزيز الوعي.. الصحة تنظم يوما علميا بمناسبة اليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد

نظّمت وزارة الصحة والسكان، يوماً علمياً بالتزامن مع اليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد، الذي يوافق السابع والعشرين من مايو من كل عام، وذلك بالتعاون مع عدد من الجهات المعنية، وبمشاركة نخبة من أساتذة واستشاريي المخ والأعصاب، وممثلي المؤسسات الطبية والأكاديمية، ومنظمات المجتمع المدني، المهتمة برعاية مرضى التصلب المتعدد ودعمهم.

وزير الصحة: نسعى لتوطين صناعات الأجهزة الطبية في مصرنقل حالات الرعاية والحضانات.. تدخل عاجل من وزير الصحة بعد انقطاع الكهرباء عن مستشفى أم المصريينلا تشترط مؤهلا طبيا ..وزير الصحة يبحث آليات الوظيفة الجديدةوزير الصحة: تطور ميزانية قطاع الرعاية الصحية أخر 10 سنوات لتبلغ 406.47 مليار جنيه

وأكد الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن تنظيم اليوم العلمي يأتي في إطار حرص الوزارة على دعم التوعية المجتمعية، والتشخيص المبكر لمرض التصلب المتعدد، باعتباره أحد الأسباب الرئيسية للإعاقة غير الناتجة عن الحوادث لدى الشباب، مشيراً إلى أن التشخيص المبكر يُسهم في تحسين جودة الحياة للمرضى وتقليل المضاعفات المرتبطة بالمرض.

بناء منظومة علاجية متكاملة ومستدامة

وأوضح عبدالغفار أن مرض التصلب المتعدد لا يشكّل عبئًا صحياً فقط، بل يُثقل كاهل الأسرة التي تضطلع بدور رئيسي في رعاية المريض ومتابعة علاجه، مما يبرز أهمية بناء منظومة علاجية متكاملة ومستدامة، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة تولي اهتماماً كبيراً بإعادة تخصيص الإمكانيات المتاحة لتطوير خطط العلاج، وتوفير الأدوية، وزيادة عدد الوحدات المتخصصة على مستوى الجمهورية.

وأضاف أن جهود الدولة في هذا الملف أسفرت عن انخفاض كبير في عدد الهجمات التي يتعرض لها المرضى سنوياً، حيث كشفت دراسة حديثة تم استعراضها خلال الفعالية أن المريض كان يتعرض إلى نحو ثلاث هجمات سنوياً ، بينما انخفض العدد إلى النصف بعد إتاحة العلاج المجاني المنتظم، ما ساهم في تقليل المضاعفات طويلة الأمد والتكاليف المرتبطة بها.

من جانبه، أشار الدكتور إسحاق جميل، نائب رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة، إلى أن الأمانة اتخذت خطوات عملية للتوسع في إنشاء وحدات متخصصة لعلاج مرض التصلب المتعدد بمختلف المحافظات، حيث وصل عدد الوحدات حالياً إلى 18 وحدة في 10 محافظات، تقدم الرعاية لما يقرب من 70% من المرضى على مستوى الجمهورية.

وأضاف أن الأمانة حرصت على تيسير وصول الخدمة للمناطق النائية من خلال تقديم خدمات الفحص والتقييم عن بُعد، وذلك بالتعاون مع نخبة من أساتذة الجامعات، بما يسهم في ضمان تقديم خدمة طبية متكاملة، وعالية الجودة، في إطار خطة الدولة لدعم المرضى وتخفيف معاناتهم.

وفي كلمتها خلال الفعالية، أكدت الدكتورة دينا زمزم، أستاذ المخ والأعصاب بجامعة عين شمس، ورئيس وحدة علاج مرضى التصلب المتعدد بمستشفى الشيخ زايد آل نهيان، أن التشخيص المبكر يمثل التحدي الأكبر في مواجهة المرض، نظراً لتشابه أعراضه مع العديد من الأمراض العصبية الأخرى، مما يؤدي إلى تأخر كبير في اكتشافه، وأشارت إلى أن قاعدة بيانات المرضى في مصر رصدت وجود نحو 50 ألف حالة، يتلقى العلاج منهم قرابة 20 ألف مريض ضمن منظومة العلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحي.

وأضافت أن ما يقرب من 50% من الحالات لا تزال غير مكتشفة ولم تصل بعد إلى منظومة الرعاية والعلاج، نتيجة لغياب الوعي المجتمعي، ولعدم وجود اختبار تشخيصي واحد حاسم للمرض، مؤكدة أن التصلب المتعدد يُعد السبب الأول للإعاقة بين الشباب بعد حوادث الطرق، وشددت على أن دعم التوعية وتدريب مقدمي الخدمة هو المدخل الرئيسي لتحسين الاكتشاف المبكر وتقليل نسب الإعاقة.

وفي هذا الإطار، أكدت الدكتورة هبة عبدالعزيز، مدير عام أكاديمية الأميرة فاطمة للتدريب المهني، أن تدريب مقدمي الخدمة الصحية يمثل محوراً رئيسياً في دعم جهود الدولة للتشخيص المبكر لمرض التصلب المتعدد.

وأشارت إلى أن الأكاديمية تولي أهمية خاصة لبناء قدرات الفرق الطبية من مختلف التخصصات، بهدف رفع كفاءتهم في التعامل مع أعراض المرض التي قد تتداخل مع أمراض أخرى، مما يسهل الاكتشاف المبكر ويُسهم في تحسين فرص العلاج وتقليل المضاعفات.

وأضافت أن الأكاديمية تعمل على تحديث البرامج التدريبية لتشمل أحدث ما توصل إليه العلم في أدوات التشخيص والرعاية المتكاملة، بما ينعكس على تقليل العبء الذهني والحركي والمالي على المرضى وأسرهم، وتخفيف الضغط على المنظومة الصحية.

من جانبها، أوضحت الدكتورة نشوى ربيع، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية "رعاية"، أن الجمعية باعتبارها إحدى منظمات المجتمع المدني وعضواً في الاتحاد الدولي للتصلب المتعدد، تسعى جاهدة إلى تقديم الدعم المباشر للمرضى، ونشر الوعي بالمرض في مختلف المحافظات، ضمن شراكة فعالة مع الجهات الحكومية والمجتمع العلمي.

وأكدت أن الجمعية تشارك في فعاليات اليوم العالمي تحت شعار "التغلب على صعوبات التشخيص"، من خلال حملات ومبادرات تهدف إلى سد فجوة الاكتشاف المبكر، وتعزيز وعي المرضى وأسرهم ومقدمي الخدمة بأهمية التشخيص والعلاج في الوقت المناسب.

وشهدت الفعالية حضوراً واسعاً من أساتذة طب المخ والأعصاب من مختلف الجامعات المصرية، ضمن جهود تعزيز الشراكة العلمية والطبية وتبادل الخبرات، لدعم جهود الدولة في تطوير الرعاية المقدمة لمرضى التصلب المتعدد.

طباعة شارك وزارة الصحة والسكان مرض التصلب المتعدد المخ والأعصاب المجتمع المدني وزير الصحة والسكان

مقالات مشابهة

  • لبنان 24: بالاسماء...هذه هي التعيينات التي سيقرها مجلس الوزراء
  • في الجنوب.. توغل إسرائيلي باتجاه بلدة لبنانية!
  • جريح في الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت سيارة في العباسية
  • أمير الشرقية يرعى افتتاح المؤتمر السعودي الثاني لمرض التصلب المتعدد
  • لتعزيز الوعي.. الصحة تنظم يوما علميا بمناسبة اليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد
  • ‏وسائل إعلام لبنانية: غارة إسرائيلية تستهدف أحد مداخل بلدة العباسية جنوبي لبنان
  • خوري تلتقي ممثلين عن الحراك من مختلف بلديات غرب ليبيا
  • خوري تلتقي أعضاء الحراك من مختلف بلديات غرب ليبيا
  • عون: تشكيل لجان لبنانية فلسطينية لمعالجة مسألة سلاح المخيمات
  • تشكيل لجان لبنانية-فلسطينية لمعالجة قضية السلاح في ثلاثة مخيمات للاجئين