الكتاب:الجهاد الأمريكي من كابول إلى إسطنبول
الكاتب:د.عبد الله علي صبري
الناشر: اتحاد الكتاب العرب بدمشق، الطبعة الأولى سبتمبر 2023،(199 صفحة من الحجم المتوسط).


عندما أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش أن "الحرب على الإرهاب"هي أول حروب الألفية الثالثة فعل ذلك بغبطة شديدة معتقدا في قرارة نفسه أنه يبلغ البشرية جمعاء البشارة التي تنتظرها منذ مطلع التاريخ.

فهو أراد أن يقول إن الحرب هي الرسالة التاريخية للولايات المتحدة الأمريكية منذ نشأتها باعتبارها أمة قامت أساسا على الحروب، ولا يمكن لها أن تستمر في هيمنتها على العالم إلا بخوض الحروب في الخارج. وأن الله قد قيض لأمريكا في شخصه بعد طول انتظار الرسول الذي سيقودها إلى بلوغ "بشارة الرب".

لا شك أن الإرهاب هو العنف المضاد للعنف المعولم، أي العولمة المضادة لعولمة العنف التي ابتدأتها الولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية، وهي بالأساس من ابتكار الولايات المتحدة ونتاج سعيها لأن تكون مركز العالم، بوصفها إمبراطورية تريد قيادة العالم وهي حاملة المشعل الأخلاقي والسياسي والعسكري للقانون والقوة..

الحرب ضد الإرهاب، هي المدخل لحرب أشمل تريد الولايات المتحدة خوضها لصوغ مستقبل التوجه الجيوسياسي لآسيا الوسطى. وفي هذا السياق، كانت أفغانستان مسرحا لهذه الحرب، بعد أن صار ينظر إلى موقع أفغانستان الاستراتيجي على أنه منفذ مهم لتوسيع النفوذ الأمريكي نحو آسيا الوسطى، أو للسيطرة على الاحتياطات الهائلة من النفط والغاز في بحر قزوين ونقلها إلى السوق الدولية. فقد كان الصراع على الثروات البترولية في هذه المنطقة هو المدخل الذي تحركت من خلاله السياسة الخارجية الأمريكية  في هذه المنطقة.

الإدارة المتوحشة بين النظرية والتطبيق

في الكتاب الأهم على الإطلاق "إدارة التوحش" لبيان استراتيجية السلفية الجهادية للانتقال من (النكاية) إلى (جهاد الجبهات) وإدارة مناطق شبه كاملة خارج الدولة المركزية؛ كتب أبو بكر ناجي ـ الشخصية المثيرة للجدل، والذي لا يُعرف إن كان هذا اسمه الحقيقي أم لا ـ، بحثًا مُختصرًا فيما يزيد عن 100 صفحة بقليل، لكنه كان واضحًا ووافيًا لأن تُنفذها داعش بحذافيرها في العراق وسوريا ثم في ولاية سيناء الآن.

عرّف "أبو بكر" إدارة التوحش باختصار على أنها "إدارة الفوضى المتوحشة"، حيث تتلخص الفكرة في خطوتين: الأولى؛ خلق الفوضى أو التوحش من خلال عمليات نكاية مستمرة في الأطراف التي لا تُسيطر عليها الدولة المركزية، وذلك وِفقًا للقاعدة العسكرية: الجيوش النظامية إذا تمركزت؛ فقدت السيطرة، وإذا انتشرت؛ فقدت الفعالية. ومن ثم تُدير هي ذلك التوحش إدارة كاملة حيث يُصبح الناس بحاجة لمن يُدير ويوفر لهم حاجاتهم الأساسية؛ فيقبلون أن يدير هذا التوحش أي تنظيم أخيارًا كانوا أو أشرارًا!

بيّن أبو بكر الصورة المثالية التي يريدها وحدد مهمات أساسية لإدارة التوحش في عدة نقاط منها نشر الأمن الداخلي، توفير الطعام والعلاج، إقامة "القضاء الشرعي" بين الناس، رفع المستوى الإيماني ورفع الكفاءة القتالية أثناء تدريب شباب منطقة التوحش وإنشاء المجتمع المقاتل بكل فئاته وأفراده عن طريق التوعية بأهمية ذلك، بث العيون واستكمال بناء جهاز الاستخبارات المصغر، وغيرها من المهام التي هي بالأساس تهدف إلى توفير بديل كامل للدولة المركزية.

السلفية الجهادية هي أكثر الحركات الإسلامية القادرة على إنفاذ أفكارها ومشاريعها على الأرض خارج إطار الدولة الحديثة وهيمنة النظام العالمي، وكتاب (إدارة التوحش) لأبي بكر ناجي مثالاً واضحًا على ذلك.. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا أطلق المؤلف تعبير "إدارة التوحش" أو "إدارة الفوضى المتوحشة"؟ وما هي الفروق بينهما؟

يجيب المؤلف بالقول: "لأنها ليست إدارة لشركة تجارية أو مؤسسة تعاني من الفوضى، أو مجموعة من الجيران في حي أو منطقة سكنية أو حتى مجتمعاً مسالماً يعانون من الفوضى، ولكنها طبقاً لعالمنا المعاصر ولسوابقها التاريخية المماثلة وفي ظل الثروات والأطماع والقوى المختلفة والطبيعة البشرية وفي ظل الصورة التي نتوقعها في هذا البحث يكون الأمر أعم من الفوضى، بل إن منطقة التوحش قبل خضوعها للإدارة ستكون في وضع يشبه وضع أفغانستان قبل سيطرة طالبان. منطقة تخضع لقانون الغاب بصورته البدائية، يتعطش أهلها الأخيار منهم بل وعقلاء الأشرار لمن يدير هذا التوحش، بل ويقبلون أن يدير هذا التوحش أي تنظيم أخياراً كانوا أو أشراراً إلا أن إدارة الأشرار لهذا التوحش من الممكن أن تحول هذه المنطقة إلى مزيد من التوحش.

السلفية الجهادية هي أكثر الحركات الإسلامية القادرة على إنفاذ أفكارها ومشاريعها على الأرض خارج إطار الدولة الحديثة وهيمنة النظام العالمي، وكتاب (إدارة التوحش) لأبي بكر ناجي مثالاً واضحًا على ذلك.. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا أطلق المؤلف تعبير "إدارة التوحش" أو "إدارة الفوضى المتوحشة"؟ وما هي الفروق بينهما؟يقدم الدكتور عبد الله علي صبري قراءة متميزة لهذا الكتاب، فهو يثول: "على إثرأحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2011م، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية حرباً دولية على الإرهاب أفضت إلى احتلال أفغانستان والعراق وإخضاع غالبية الدول العربية والإسلامية لتوجيهات واشتراطات أمريكية، جعلت المنطقة في حالة من الصراع والفوضى، بلغت ذروتها مع أحداث ما يسمى بالربيع العربي، وبرغم الحرب الضارية على التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم القاعدة، إلا أن الواقع كشف عن لعبة كبيرة استثمرت ورقة وفزاعة الإرهاب، باتجاه زعزعة استقرار الكثير من الدول العربية التي استهدفها المشروع الصهيوأمريكي تحت عناوين التغيير والديمقراطية والإصلاح السياسي.

وبينما انشغلت النخبة السياسية بمعركة من يحكم وكيف يحكم، كانت التنظيمات الإرهابية تعمل على قدم وساق باتجاه الترجمة العملية للأفكار الأمريكية بشأن الفوضى الخلاقة التي تتمحور حول إعادة بناء مؤسسات الدولة بعد إسقاطها.

وإذا كانت الدبلوماسية الأمريكية قد اشتغلت على الدمقرطة والإصلاح السياسي، وتغيير النظم الحاكمة في الدول العربية، فقد تركت للقاعدة وداعش مهمة نشر الفوضى في الدول المستهدفة، وإلى جوار فكرة الفوضى الخلاقة أعلنت القاعدة عن نظرية "الإدارة المتوحشة كمرحلة تسبق وتهيئ لقيام دولة الخلافة الإسلامية.

ولأسباب متداخلة أصبح كتاب ومشروع الإدارة المتوحشة ومشروعها، الدليل النظري الذي سار عليه تنظيم داعش في إعلان وإدارة دولته في العراق وسوريا، التي بزغ نجمها خلال العقد الماضي، ولم يأفل إلا بعد الصحوة الشعبية والتضحيات الكبيرة التي وضعت حداً لدولة الخرافة.

يقصد بإدارة التوحش خلق منطقة خالية من إدارة وسلطة وقوانين الدولة لتعم فيها الفوضى والقتل والرعب، أو القفز على مناطق تعرضت للفوضى بسبب حرب عشائرية أو أهلية وإدارتها بالعنف، حتى يضطر الناس بأشرارهم وأخيارهم القبول بهذه الإدارة كبديل وحيد للفوضى والخراب.فمن أجل تسويغ حالة التفكيك التي تسعى إليها التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالوهابية الجهادية، يلفت أبو بكر ناجي مؤلف كتاب إدارة التوحش.. أخطر مرحلة ستمر بها الأمة إلى وضع الدولة القطرية العربية، التي كانت نتاجاً لاتفاقية سايكس بيكو، وانهيار الخلافة العثمانية آخر إطار جامع للدولة الإسلامية. ولأن استعادة دولة الخلافة كانت ولا تزال حلما يراود معظم الحركات السياسية الإسلامية، فإن صاحب نظرية الإدارة المتوحشة يحشد في كتابه الرؤى العملية باتجاه استرداد دولة الخلافة، في محاكاة للاستراتيجيات الميكافيلية واللينينية والماوية وأساليب الإدارة الأمريكية معاً.

يتوجه المؤلف بالخطاب وبالخطة العملية إلى تيار السلفية الجهادية، الذي يرى أن أتباعه يسيرون على النهج الرباني مقارنة ببقية الجماعات والتيارات الإسلامية، وأنهم وأعداؤهم في صراع مستمر شبيه بصراع الرسل مع أهل الكفر والطغيان.. وما دام السلفيون والوهابيون هم من يعتمد عليهم في إدارة التوحش، فلا حاجة إلى حشد الرؤى والفتاوى الدينية، فذلك ما يقوم به المشائخ منذ زمن طويل بقصد أو بغير قصد، ولولا هذا الفكر المتأصل لما ظهرت طالبان والقاعدة وقبلهما حركات الجهاد وأمراؤه في أفغانستان.

وبزعم العمل على تحقيق الهدف الأكبر ممثلا في استرداد الخلافة الإسلامية يقدم الكتاب رؤية تكفيرية واسعة تشمل العدو القريب الحكومات وأجهزتها الأمنية المرتدين الشيعة، الأقليات، السنة المعارضين)، وهو الأمر الذي استفادت منه داعش وعملت عليه بشكل واضح وصريح بزعم أن إقامة دولة الخلافة أهم من محاربة أمريكا والصليبيين.. ومن يتتبع مسار الأحداث التي أفضت إلى إعلان دولة الخلافة ـ الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، يلحظ أن داعش اكتفت بإدارة المناطق التي تسيطر عليها على طريقة الإدارة المتوحشة ولم تقدم جديدا يذكر بشأن رؤية وبرنامج الدولة الإسلامية، وبدل أن تصبح هذه الدولة الوليدة نموذجاً للعدل والأمان، غدت مرتعاً للقتل والنهب وهتك الأعراض على نحو مقزز ومنفر، ساعد ضمن عوامل أخرى على سقوط الدولة وانهيار التنظيم في عقر داره بالموصل، وبات الخليفة أبو بكر البغدادي طريداً وملاحقاً على خطى أسامة بن لادن بعيد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان وحيثما وُجدت القاعدة وداعش، لا نجد إلا القتل والخراب، أو ما يعرف بـ نكاية الشوكة"، مع إعلان الأحكام الشرعية التي تثير الرعب في نفوس الناس، فيخضعون لأمراء الحرب والإجرام، ثم يتشدقون أن استقرار الحالة الأمنية مرتبط بالعدل والإنصاف لدى مشروع دولة الخلافة.

لكن ما المقصود بالإدارة المتوحشة التي يدعو إليها الكتاب وقامت داعش بتنفيذها حرفياً؟

يقصد بإدارة التوحش خلق منطقة خالية من إدارة وسلطة وقوانين الدولة لتعم فيها الفوضى والقتل والرعب، أو القفز على مناطق تعرضت للفوضى بسبب حرب عشائرية أو أهلية وإدارتها بالعنف، حتى يضطر الناس بأشرارهم وأخيارهم القبول بهذه الإدارة كبديل وحيد للفوضى والخراب.

وإدارة التوحش بهذا المعنى هي المرحلة التي تسبق وتمهد الدولة الإسلام المنتظرة منذ سقوط الخلافة، ولأنها كذلك فلا بد أن تقوم هذه الإدارة على أركان ومعالم مطمئنة ومشجعة بحيث يسهل استقطاب الناس إلى التنظيم الذي يتولى الإدارة. ولأهميتها فقد أسهب المؤلف في تفصيل هذه المعالم أو الأركان، وكرر الإشارة إليها في مواضع عدة. ويمكن إجمالها في النقاط الآتية:

1 ـ نشر الأمن الداخلي.
2 ـ توفير الطعام والعلاج.
3 ـ تأمين منطقة التوحش من غارات الأعداء.
4 ـ إقامة القضاء الشرعي بين الناس الذين يعيشون في مناطق التوحش
5 ـ رفع المستوى الإيماني والكفاءة القتالية بمجتمع التوحش.
6 ـ العمل على بث العلم الشرعي والدنيوي.
7 ـ بناء جهاز استخبارات مصغر.
8 ـ تأليف قلوب أهل الدنيا بشيء من المال وإقامة التحالفات مع من يجوز التحالف معه.
9 ـ ردع المنافقين بالحجة وإجبارهم على كبت نفاقهم وكتمه وعدم إعلان آرائهم المثبطة.

ولأن هذه المرحلة هي الأهم والأخطر بنظر المؤلف، فإنه يدعو الجماعات التي ستعنى بتنظيم هذه الوصايا ـ وهي في غالبيتها تيارات سلفية ـ إلى إتقان فن الإدارة في التعامل مع مختلف شرائح المجتمع والاهتمام بالتدريب والارتقاء ونبذ العشوائية والنمطية الإدارية.

أما المناطق ذات التركيبة القبلية، فينصح كتاب إدارة التوحش بعدم الاصطدام مع القبائل، ويدعو إلى الاستفادة من الحالة العصبية التي هم عليها وتحويلها إلى عصبيات محمودة، واستغلال استعدادهم للتضحية من أجل المبادئ والشرف الذي يعتقدونه، لتكون هذه الحمية والعصبية في سبيل التنظيم.. ولكي يقتنع الأتباع بضرورة القبول بسيطرة العصابات المسلحة على الأوضاع والاستجابة لإدارتهم، فإنه يضع الناس أمام خيارين إما القبول بإدارة التوحش، أو الاستمرار - حسب زعمه - في الخضوع للكفر والقوانين الوضعية، فالشرك أكبر مظاهر عدم الأمن، وكفى بعدم الأمن من النار فتنة، حد قوله (صص 65 ـ 66).

إقرأ أيضا: القاعدة وأمريكا والحرب على الإرهاب في لعبة المجابهات الدولية.. كتاب جديد

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب آسيا الوسطى امريكا كتاب آسيا الوسطى سياسات كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار تغطيات سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة أبو بکر

إقرأ أيضاً:

صدمة الإبادة التي تغيّر العالم.. إذا صَمَت الناس فلن يبقى أحد في أمان

في 25 فبراير/شباط 2024، وبعد أشهر قليلة على بدء العمليات الوحشية لجيش الاحتلال في قطاع غزة، الجندي القوات الجوية الأميركية آرون بوشنِل (25 عاما) أمام سفارة إسرائيل في واشنطن بالولايات المتحدة، وأشعل النار في نفسه، احتجاجا على تواطؤ بلاده وجيشه الصريح مع الإبادة الجارية في غزة، وصرخ "فلسطين حرة" حتى فارق الحياة.

لم يكن بوشنِل الوحيدَ الذي لم يحتمل وطأة الإبادة في غزة، رغم أنها تبعد عنه آلاف الأميال.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الرئيس الذي دعا لتحرير فلسطين عبر جيش دوليlist 2 of 2لماذا يريد بلير "الأبيض" حكم غزة؟end of list

ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبعد قرار تسليح إسرائيل المفتوح من قبل إدارة بايدن، قال المسؤول الأميركي جوش بول، المدير السابق للشؤون العامة والتشريعية بهيئة الشأن العسكري-السياسي في وزارة الخارجية الأميركية، في خطاب على "لينكد إن": "لقد تنازلت عن معاييري الأخلاقية في هذا المنصب مرات لا حصر لها.. وعاهدت نفسي دوما أن أبقى طالما أن الضرر أقل من الفائدة التي أحققها.. لكنني أرحل اليوم لأنني أعتقد أن مسارنا الحالي.. جعلني أصل إلى نهاية تلك المعادلة".

في يوليو/تموز 2024، لحق به المسؤول بوزارة الخارجية الأميركية، مايكل كيسي.. "لقد سئمت الكتابة عن القتلى من الأطفال.. وأن أبذل جهدا باستمرار كي أثبت لواشنطن أن هؤلاء الأطفال ماتوا بالفعل.. كلما ازداد علمك بتلك القضية، واجهتك حقيقة لا مفر منها وهي أن الوضع سيئ للغاية".. هكذا صرّح كيسي في حوار مع صحيفة الغارديان البريطانية.

على حد وصفه، بدأ بعض زملائه يمزح حول عدم جدوى التقارير في التأثير على صناع القرار في واشنطن، الذين فضّلوا دوما الانحياز إلى السردية الإسرائيلية، قائلا إنه لا أحد في الإدارة يقرأ تقاريره ولو وضع فيها نقودا هدية.

منذ بدء طوفان الأقصى قبل عامين، تباينت ردود الأفعال في أنحاء العالم بين التضامن والصمت والتضييق، وظهر بون شاسع بين التعاطف مع الفلسطينيين في الشارع وبين الرغبة في التضييق على الحقائق وعلى أي محاولة للتضامن من جهة الحكومات الغربية، مما دفع بعض المسؤولين -مثل كيسي وبول- إلى تغليب بوصلتهم الأخلاقية على منصبهم الرسمي.

إعلان

وقد جرى الحديث لفترة في الأسابيع الأولى حول "تناسُب" رد الاحتلال على العملية الفلسطينية، لكن مع استمرار الحرب على غزة اتسعت دائرة المتابعين والمهتمين حول العالم، وتغيّرت القناعات واتجاهات الرأي العام لما شكّله الحدث من اختبار حقيقي للأخلاقيات والقيم والمواقف السياسية التي يعتنقها الكثيرون في المجتمعات الغربية، بالإضافة للاختبار الحقيقي الذي مثّلته هذه الحرب للقوانين الدولية التي تدّعي الحكومات التمسك بها.

بعد مرور شهور، وتأمُّل التأثير الواسع للطوفان، يمكن القول إن صدمة عميقة أصابت الشعوب حول العالم إزاء ما يحدث في غزة من إبادة يومية. فمنذ بداية الطوفان، بدأ كثيرون يكتشفون أن رد الفعل الإنساني الطبيعي تجاه ما يحدث للفلسطينيين -وهو التعاطف والتضامن معهم- غير مقبول أو مسموح به من قبل كثير من الحكومات حول العالم.

وتعزَّز ذلك الشعور حين توالت فصول الحرب على غزة، وازدادت بشاعتها بحيث لم يَعُد يمكن الدفاع عنها أو التبرير لها بوصفها "ردا" على عملية 7 أكتوبر. وفي خضم هذا الواقع، أدركت الكثير من الشعوب أننا في نظام دولي يسمح بارتكاب إبادة جماعية على الهواء، ولا يسمح حتى بالتضامن مع المظلومين.

آلاف الأشخاص يتظاهرون في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي الأميركية دعما لغزة في 21 أغسطس/آب 2024 (الأناضول)الصدمة الأولى.. التضامن ليس مسموحا

قبل أن ينقضي شهر واحد على طوفان الأقصى، وأمام قتل الاحتلال آلاف الأشخاص في غزة، بدأت المظاهرات تَعُم العواصم الأوروبية والعالمية، في اليابان والنرويج وهولندا وبريطانيا وألمانيا ودول أخرى عديدة، حيث خرج مؤيدو القضية الفلسطينية مطالبين بوقف إطلاق النار في غزة، لكنها لم تمض بسلام. ففي دول كثيرة رفعت الشرطة استعدادها واعتقلت عددا من النشطاء، وتعرّض المتضامنون مع القضية الفلسطينية لمشكلات قانونية.

بدا إذن أن الحكومات الغربية اتحدت في الانحياز السياسي إلى الاحتلال، فقيّدت عدة دول الاحتجاج من أجل فلسطين، واستهدفت الأعلام الفلسطينية. وفي الولايات المتحدة تعرّض كثير من المتضامنين للطرد من وظائفهم وإلغاء عقودهم.

ومع اتساع دائرة الحرب، ودائرة المعرفة بها أيضا وبالقضية الفلسطينية في شتى أنحاء العالم، توالت صور الإبادة والتهجير القسري والمجاعة، وطاردت المشاهدين حول العالم بشكل لا يمكن تجنبه.

بعد عامين من طوفان الأقصى، وبعدما جرت المذابح بالبث الحي والمباشر ودُمِّرت البنية التحتية وانهار النظام الصحي وتلوثت المياه وقُصِفت المساعدات الإنسانية والساعون إليها، ومع مشاهد التهجير وإجبار العائلات على النزوح عدة مرات داخل الأرض المحاصرة بالجوع والجفاف، فإن أكثر ما اتضح للمتابعين حول العالم لم يكُن تجاوز الحد فيما يتعلق بارتكاب الجرائم الإنسانية، وإنما تجاوز الحد في الإفلات من العقاب.

فلسطينيون يتواجدون في أحد مخيمات النزوح بمدينة غزة، 12 أغسطس/آب 2025 على إثر سياسة جيش الاحتلال الممنهجة في تدمير كافة مقومات الحياة في القطاع المحاصر (رويترز)

تشير المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إيتشاسو دومينغيث، إلى أنه بعد شهور من النقاش حول مدى تناسب القصف مع الطوفان، يبدو أن المجتمع الدولي اليوم أصبح مستعدا للاعتراف بالانهيار.

إعلان

ولكن دومينغيث تلتقط أيضا ذلك التحوّل الخطابي الذي جرى في هذه الحرب، والذي يميل إلى إدانة الكارثة الإنسانية في غزة دون النظر إلى الجانب السياسي والعسكري منها، فيُكرِّم الضحايا دون تسمية المسؤولين عن الجريمة، وقد أشارت إلى تداول عدد من وسائل الإعلام لصورة طفل جائع مثلا مع تجاهل صورة الجندي الذي يمنع قافلة المساعدات، أو صورة الساسة الذين اتخذوا قرارات الحرب، وهو استبعاد ليس بريئا على حد وصفها، وينطوي على منطق يُتيح للإبادة أن تتكرّر وللمجرم أن يُفلت من جرمه.

على الهواء مباشرة

هذا التدفق المستمر للأخبار والصور التي توثق المذابح، يواجه شعوبَ العالم بصور صادمة للإبادة الجماعية في غزة. ففي ورقة بحثية نشرتها مجلة "إنترناشيونال جورنال أوف مانجمنت" عام 2024، يستكشف الدكتور محمد بوحجي الأضرار والجروح النفسية والعاطفية للمتابعين لمسار الحرب والمعاناة الإنسانية في غزة، ويشير إلى أن متابعة مشاهد الحرب عمّقت الشعور بالعجز والخيانة والذنب والعار، وسبّبت جروحا نفسية في المجتمعات أمام إدراك المتابعين لحجم المعاناة وحجم التواطؤ الذي أدى إلى حدوثها.

وقد عاش البعض أعراض ما بعد الصدمة (PTSD) بسبب التعرض المتكرر والمستمر لهذه الأحداث، وتجلَّت أعراضها في تقلُّب المزاج والقلق والاكتئاب واضطرابات النوم. هذا بخلاف تراكم طبقات من مشاعر الغضب والأسى لدى من يشاهدون الإبادة، مما يجعل أي سلوك طبيعي يعتاد المرء على القيام به في يومه بمثابة "خيانة" لدماء الشهداء ولمعاناة أهل غزة.

في العصر الرقمي حيث تُنتج المواد البصرية بسهولة، وتتعدّد مصادر الصور من الصحفيين ووسائل الإعلام التقليدية ومن السكان المدنيين في قلب الصراع، ومع التعرّض المتكرر لكل ذلك؛ يمكن أن يحدث ما يُعرف بإرهاق التعاطف (Compassion Fatigue) الذي ينشأ عن مشاهدة مكثفة للألم، فيتحوّل إلى نوع من الخدر العاطفي، ومن ثمّ تنخفض الاستجابة العاطفية مع كل مأساة جديدة نتعرض لها.

ومع ذلك، فإن ما يبدو تبلُّدا عاطفيا ليس شعورا نهائيا، بل محطة قد نمُر بها في الصراعات الطويلة. فما يحدث هو أن صورا أخرى سرعان ما تخترق هذا الحاجز العاطفي، فيتجدد التأثير ويتحرّك الشعور بالغضب، لذا فالحرب لا تتوقف عن إيلامنا ولا تُفقدنا إنسانيتنا كما يبدو لأول وهلة.

لذلك، يمكننا اليوم أن نضيف إلى تعداد ضحايا الحرب على غزة؛ آخرين لم يكونوا في القطاع من شعوب العالم التي تابعت العدوان والإبادة، وتعرّضت لما يُعرف باسم "الجرح الأخلاقي". ويشير هذا المصطلح إلى الصدمة النفسية التي يتعرض لها الجنود بسبب عدم قدرتهم على التوفيق بين قيمهم الأخلاقية وما يرتكبونه من أفعال غير أخلاقية مثل التعذيب أو القتل، والذي يظهر في معدلات مرتفعة من الاكتئاب والانتحار لدى المحاربين القدامى.

لكن الجرح الأخلاقي اليوم يُمكن أن يكون أثرا مُحتملا لمشاهدة الفظائع التي يرتكبها آخرون دون الانخراط في القتال، فهو استجابة إنسانية عميقة للأحداث التي تنتهك الأخلاقيات الراسخة، وتُسبّب جُرحا في الروح والضمير، سواء لدى من ارتكب تلك الأفعال أو حتى لدى من شهدها ولم يمتلك القدرة على وقفها.

وبخلاف اضطراب ما بعد الصدمة الذي يقوم على الشعور بالخوف، فإن الجرح الأخلاقي ينشأ من مشاعر الذنب والعار والغضب، ومن أزمة عميقة في المعنى. إنها أزمة يواجهها اليوم متابعو الحرب، وتتسع دائرة المصابين بهذا الشعور حول العالم بسبب قناعاتهم بأنهم لم يفعلوا ما يكفي لوقف الإبادة في غزة. كما ينطوي هذا الجرح الأخلاقي على شعور بالخيانة من سلطات كان يُفترَض أن تكون جديرة بالثقة أو على الأقل أن تفعل شيئا لوقف هذه الحرب، ويمكن لهذا الجرح أن يصيب الأطباء والممرضين والصحفيين وغيرهم حين يشعرون بالعجز عن احتمال معاناة البشر.

إعلان

تُرسّخ مشاهد وصور الإبادة، وحقيقة استمرار الحرب، الاعتقاد بأن العالم مكان بشع ومخيف وغير إنساني، وأن الشر يُمكن أن يتغلّب في النهاية، مما يرسخ شعور الشعوب بأنها "مشلولة" وغير قادرة على الفعل الجماعي لمواجهة ما هو إجرامي وغير إنساني.

كما يزداد هذا الجرج الأخلاقي لدى مواطني بعض الدول التي تقدم مساعدات عسكرية للاحتلال بسبب شعورهم بأنهم متواطئون كدافعي ضرائب، وكذلك بسبب فشل المؤسسات الدولية في وقف شلال الدماء، ما يتسبب في الشعور بانهيار الثقة بالنظام الأخلاقي العالمي.

إن الشعور بأن ظلما جسيما يقع بلا عواقب يولّد إحباطا عميقا، فهو خرق لما تعهّدت الإنسانية بعدم تكراره عقب الحرب العالمية الثانية، وتعود خصوصية التأثير العالمي في حرب غزة بسبب كونها أول إبادة جماعية تُبَث فصولها على الهواء مباشرة، بحيث لا يمكن لمشاهدي الأخبار ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي تجنبها أو تجاهل وجودها.

"القيد في أيدينا"

يمكن القول إن الادعاءات الأخلاقية الأوروبية فقدت مصداقيتها مبكرا بعد حروب العراق وأفغانستان و"الحرب على الإرهاب".

واليوم بينما يمارس الاحتلال الإسرائيلي معدلات غير مسبوقة من العنف، تتابع شعوب العالم الحر وخاصة شعوب دول الجنوب العالمي وفي ذاكرتها العبارة الشهيرة التي قالها نيلسون مانديلا: "إن حريتنا لا تكتمل دون حرية الفلسطينيين"، والتي لا تعتبر تضامنا فقط، بل عبارة تحليلية تشير إلى أن الإمبريالية ستستمر في تقييد شعوب دول الجنوب طالما أن بإمكانها حرمان الفلسطينيين من حقوقهم على هذا النحو.

ولكن الأمر يمتد إلى الشمال ذاته أيضا، كما أشار السياسي البريطاني جيمس شنايدر في مقال له، فالسعي كي يتحقّق التحرر الوطني للشعب الفلسطيني بقدر ما يُحارب الإمبريالية في الخارج، فإنه يُرسِّخ أيضا الاستقلال والديمقراطية في الداخل بالنسبة للدول المتقدمة التي انتفضت شعوبها للدفاع عن غزة، ولهذا السبب يؤكد شنايدر "لسنا أحرارا حقا حتى تصبح فلسطين حرة".

في ورقة نشرتها مجلة "بابليك أنثروبولوجيست" في مايو/أيار الماضي بعنوان "فلسطين منهجا"، أوضحت الكاتبة آنا إيفاسيوك كيف تابع العالم بذهول العنف الإبادي الذي شنَّه الكيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وسجَّلت بداية ملاحظاتها بالقول إنه لا يمكن لأحد أن يدَّعي أنه لا يعلم عن الإبادة الجارية، في وقت يُدرِك فيه المتابعون أن ما يحدث على الأرض يفوق ما تنقله الصور والأخبار. وأضافت إيفاسيوك أن هذا الصمت واللامبالاة ما كانا ليحدثا لو تعرض له آخرون، لا سيما من ذوي البشرة البيضاء.

وأشارت آنا إيفاسيوك إلى التناقض الذي كشفته نقاشات داخل المجتمع الأنثروبولوجي الأوروبي بعد نشر بيان الجمعية الأوروبية للأنثروبولوجيين الاجتماعيين (EASA) لإدانة العنف ضد غزة، وكيف رأى كثير من الأنثروبولوجيين أن هناك سردية واحدة في التعامل مع قضية أوكرانيا، في حين تعدّدت السرديات في حالة فلسطين، وأمكن للبعض الوقوف "على الحياد".

وتتساءل آنا في مقالها: "ما هو الحياد في مواجهة الإبادة الجماعية إن لم يكن تواطؤًا؟ وما هو تعريف إسكات من يتحدثون ضد الإبادة إن لم يكن دعم الإمبريالية؟". وختمت آنا مقالها قائلة إن ما يشهده العالم في غزة اليوم يدفعنا إلى نقطة اللاعودة، ونحو فهم ما تتعرض له شعوب العالم يوميا، والعنصرية والاعتراف الانتقائي في التضامن مع ضحايا الصراعات.

ويقول الكاتب الإسباني خافيير خورادو إن مشاهد عشرات الآلاف من الشهداء وبينهم أطفال، وما حدث من تدمير للبنى التحتية، تثير أعمق التساؤلات غير المحسومة في الخيال السياسي الغربي: كيف يمكن الاستمرار في دعم الكيان المحتل وتبني كونه ضحية تاريخية؟ لقد كانت الشهور الماضية للحرب على غزة كاشفة للحقائق بشأن عنف الاحتلال، وكسرت أمام المتابع الأوروبي رواية ظلت لعقود تُبرّر صمت الغرب إزاء الانتهاكات وتؤسس للاستثناء الإسرائيلي.

تشرح رابيا يافوز المتخصصة في علم النفس الاجتماعي في مقال لها، كيف أن هذا الشعور بالحزن يعني أننا ما زلنا بشرا، وكيف أن القضية لا تتعلق بغزة وحدها، وإنما بكيفية استجابة العالم لكل هذا الألم. فحين تتفوّق المصلحة السياسية على مبادئ العدالة، ويتعرّض المؤيدون والمتضامنون للقمع، فهذا يشير إلى فوضى عالمية أعمق، بما تُسبّبه من جرح في الوعي المجتمعي العالمي.

إعلان

أما حين يصبح الصمت الخيار الأكثر أمانا فإننا أمام عنف نفسي يُهدّد مجتمعاتنا، ويكشف عن وجه مخيف لعالم اليوم، فهذه "الفظائع" تخلف فراغا أخلاقيا لا يُحتمل، يهدد إحساسنا بتحقق العدالة وبإنسانيتنا نفسها، وتتساءل في النهاية: ما ثمن كبح المشاعر أمام المجازر؟

الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ (يمين) تظهر على متن سفينة تحمل ناشطين ومساعدات إنسانية بتهدف كسر حصار جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في 1 سبتمبر/أيلول 2025 (الفرنسية)ما بعد الصدمة

في مقال له حول أنجع العلاجات للجرح الأخلاقي، أوضح أستاذ علم الاجتماع بجامعة ولاية كارولينا الشمالية، مايكل شوالبي، أن أفضل استجابة لما يجري من حولنا هي التكاتف مع الآخرين كي نحافظ على إيماننا بأنفسنا وبإمكانية أن يكون العالم أفضل وأن يُعرض المجرمون يوما ما للعدالة.

ووفقا لشوالبي، فإن موجات الاحتجاج والمسيرات والبيانات المُندّدة التي تؤيد الحقوق الفلسطينية وتسعى لوقف الحرب ضرورية أيضا، لا لوقف الحرب فحسب، وإنما لإنقاذ هؤلاء الذين يشعرون بالجرح الأخلاقي من الإصابة بالعجز الدائم.

لقد تحوّلت غزة -وهي على أعتاب السنة الثالثة للحرب- إلى مرآة تكشف حقائق مخيفة عن نفاق المجتمع الدولي، والرقابة على ما يمكن قوله حول فلسطين، والضغط الذي يُمارس لإسكات الفلسطينيين أو المتخصصين في إنتاج المعرفة بهذا الشأن، وهو ما يزيد أهميتها كمنهج لكشف زيف العالم "كما يُروى لنا".

اليوم لا يزال العديد من النشطاء والمتضامنين مع غزة حول العالم يواجهون عُنفا يطالبهم بالصمت حتى لا يطالهم العقاب، بينما تُهدِّد الحرب إنسانيتنا ويختار البعض التضامن مع دفع أثمانه، في حين يبقى البعض الآخر رهن الشعور بالعجز ومواجهة الصدمات النفسية التي يُسبّبها إدراكنا أن ثمن هذا التجاهل هو ألا يبقى أحد في أمان.

مقالات مشابهة

  • مساعد الرئيس الروسي: بوتين سيشارك في قمة روسيا - آسيا الوسطى في 9 أكتوبر الجاري
  • الخزانة الأمريكية تكشف دولار ترامب.. هل يسمح القانون بالعملة الجديدة ؟ (شاهد)
  • صحة البحيرة تبدأ تشغيل منظومة العلاج على نفقة الدولة
  • إدارة التنفيذ القضائي تحذر
  • الأردن بين التحديات والتحولات: قراءة في كتاب “Jordan: Politics in an Accidental Crucible”
  • صدمة الإبادة التي تغيّر العالم.. إذا صَمَت الناس فلن يبقى أحد في أمان
  • شركة النفط بعدن تنظم ورشة عمل حول «توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإدارة»
  • من العراق إلى تونس.. قراءة معمقة في بنية الاستبداد العربي.. كتاب جديد
  • الصين تحتال على العقوبات الأمريكية على إيران
  • عن الديكتاتوريات الثورية التي لا تُهزم