قالت مجلة "إيكونوميست" إن لجوء الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى سحب جنود بلاده المتمركزين في النيجر، يأتي دليلا على إدراكه أن نفوذ فرنسا، تراجع فيها وفي القارة السمراء عموما.

وأشار المقال الذي ترجمته "عربي21" إلى أن قرار الرئيس الفرنسي الذي تراجع فيه عن موقفه إلى أن باريس لن تعترف إلا برئيس النيجر الأسير المنتخب ديمقراطيا، مثل مفاجأة لا سيما أنه أعلن أن بلاده  ستضع حدا للتعاون العسكري الثنائي مع النيجر، مفسرا هذا التحول بأن السلطات الجديدة "لم تعد ترغب في مكافحة الإرهاب".



وبين عامي 2013 و2022، قادت فرنسا عملية ضد الجهاديين في دول الساحل، بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر، بناء على طلبها، وبدعم من دول أوروبية أخرى، بما في ذلك بريطانيا وإستونيا والسويد.

بلغ عدد أفراد العملية في ذروتها أكثر من 5000 جندي فرنسي. وفي العام الماضي، قررت فرنسا إنهاء عملية برخان والانسحاب من مالي بعد أن قام القادة العسكريون هناك بانقلاب عسكري ثانٍ، واستعانوا بمرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية. انسحبت القوات الفرنسية بسبب ما بدا آنذاك أنه استقرار نسبي في النيجر المجاورة، حيث تحتفظ فرنسا بقاعدة عسكرية مزودة بطائرات مقاتلة ومسيرات من طراز ريبر، بحسب المقال.

وأضاف المقال أن المجلس العسكري في النيجر برر انقلابه بأنه رد على تزايد انعدام الأمن. وفي الواقع، تصاعد العنف السياسي منذ أن تولى قادة الانقلاب السلطة. ووفقا لمشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة والأحداث، وهي مجموعة بحثية مقرها في أمريكا، ارتفع العنف السياسي بنسبة 42 بالمئة في الشهر الأول من الحكم في ظل المجلس العسكري في النيجر مقارنة بالشهر السابق. على النقيض من ذلك، فإنه في الأشهر الستة الأولى من عام 2023، عندما تولى بازوم منصبه، انخفض بنسبة 39 بالمئة مقارنة بالأشهر الستة السابقة.


ورأى المقال أن القرار الفرنسي بالانسحاب من النيجر يدور حول ما هو أكثر من ذلك بكثير. وهو يشكل جزئيا اعترافا عمليا بأن المجلس العسكري لن يتزحزح، وأن دول المنطقة، على الرغم من تهديداتها، فمن غير المرجح أن تحاول إزاحته من السلطة. ويمثل القرار أيضا إدراكا مؤلما ومترددا في باريس بأن نفوذها في القارة قد تعرض لضربة شديدة.

وأضاف أنه تراجع في نظر جيل من الشباب النيجريين، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى كفاءة حملات التضليل الروسية، فإن فرنسا تعد الآن المشكلة وليس الحل، مشيرا إلى الاحتفاء بفرانسوا هولاند، سلف ماكرون، في باماكو عاصمة مالي عام 2013، بعد أن أرسل قوات فرنسية لصد توغل جهادي. واليوم تلوح الحشود على عجل بالأعلام الروسية، وتطالب فرنسا بالخروج.

والحقيقة غير المريحة بحسب المقال هي أنه على الرغم من إشارة الفرنسيين إلى نجاحاتهم التكتيكية في منطقة الساحل، فإن الصورة الأوسع منذ عام 2013 هي صورة انتشار العنف السياسي. وقد امتد هذا بسرعة إلى الدول الساحلية في غرب أفريقيا.

وعلى عكس القوى الاستعمارية السابقة الأخرى، فإنها تحتفظ فرنسا بوجود عسكري قوي في القارة، والذي يتكون من أربع قواعد دائمة أخرى، في جيبوتي والغابون وساحل العاج والسنغال. وهذا يجعلها هدفا جاهزا لإلقاء اللوم عليه واتهامه بالاحتلال الاستعماري الجديد. كان قرار مغادرة النيجر، الذي أعلنه المجلس العسكري بعد إعلان ماكرون، "لحظة تاريخية" بالنسبة لسيادة البلاد، على حد تعبير المقال.

وأوضح صاحب المقال أن ثقل تاريخ فرنسا يلقي بظلال طويلة من الشك على أنشطتها الأوسع في القارة. وفي خطاب تاريخي ألقاه في بوركينا فاسو عام 2017، وضع ماكرون خططه لإعادة ضبط العلاقات الفرنسية الأفريقية، إذ ستطوي فرنسا صفحة  "الفرانكفريقية"، وهي شبكة من الروابط المريحة بين باريس والزعماء الأفارقة الناطقين بالفرنسية، والتي أبقتهم في مناصبهم، وتدفقت الصفقات التجارية شمالا.


ولتوضيح هذه النقطة، أشار المقال إلى أن باريس أعادت أعمالا فنية من المتاحف الفرنسية، وطلبت الصفح عن الدور الذي لعبته في الإبادة الجماعية في رواندا. ومع ذلك، فإن هذا النهج الجديد، إلى جانب ماضيها الاستعماري، يعني أن فرنسا ملتزمة بمعايير لا تنطبق على القوى الخارجية الأخرى، بما في ذلك روسيا والصين وتركيا. وأمريكا أيضا لا تجتذب إلا القليل من المعارضة. وهي تدير قاعدة للطائرات المسيرة خارج أغاديز في النيجر، وقد قررت بهدوء البقاء على الرغم من تغير النظام، دون احتجاجات تذكر.

ولم يكن لدى فرنسا خيارات جيدة في النيجر. ولو بقيت قواتها ودبلوماسيوها على الرغم من مطالب المجلس العسكري، لكان من الممكن أن يعجل ذلك في مواجهة سيئة، بحسب المقال. ومن خلال المغادرة، على حد تعبير فرانسوا هيسبورغ من مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية في باريس، فإنه "تم تحدي فرنسا [وكشف هشاشتها]، والتي يمكن أن ندفع ثمنا باهظا مقابلها في المستقبل".

وبالنسبة لفرنسا، فإن إعادة النظر بشكل جدي في سياستها تجاه أفريقيا واستدامة وجودها العسكري في القارة أصبحت الآن أمرا في محله. أما بالنسبة لشعب النيجر فإن العواقب المحتملة لهذا الحدث المؤسف هي أن العنف السياسي سوف يزداد سوءا، وفقا لما أورده المقال.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة ماكرون النيجر فرنسا القارة السمراء أفريقيا فرنسا النيجر أفريقيا القارة السمراء ماكرون صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجلس العسکری العنف السیاسی على الرغم من فی النیجر فی القارة

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس الاتحاد الأفريقي للشطرنج: مصر تتزعم القارة في اللعبة

أشادت السنغالية ناديجدا ماروكشينا، نائب رئيس الاتحاد الأفريقي للشطرنج، بالتنظيم الجيد للبطولة الأفريقية للشطرنج للرجال والسيدات المقامة في القاهرة حتى يوم الثلاثاء المقبل بمشاركة 17 دولة.

تابعت أن مصر تتزعم القارة الأفريقية في لعبة الشطرنج حيث تحتل المركز الأول بين دول القارة نظرا لوجود أساتذة مصريين في اللعبة، كما تضم عددا كبيرا من الممارسيين للعبة حتى تحولت إلى رياضة شعبية يقبل عليها الجميع من مختلف الأعمار مما جعل القاهرة تتعزم القارة السمراء في اللعبة.

أضافت نائب رئيس الاتحاد الأفريقي للشطرنج، أنه يتم العمل من جانب الاتحاد القاري للعبة على جذب أكبر عدد ممكن من اللاعبين في رياضة الشطرنج من خلال توسيع قاعدة المشاركة عبر تدريب أكبر عدد من المتدربين لتدريب الكثير من اللاعبين.

كشفت السنغالية ناديجدا ماروكشينا، نائب رئيس الاتحاد الأفريقي للشطرنج، أنه يتم العمل على زيادة إقامة البطولات للشطرنج حول العالم بهدف جذب انتباه المسئولين في اللجنة الأولمبية الدولية للبدء في أولى الخطوات الصحيحة لضم اللعبة حتى يتم اعتمادها ضمن الألعاب الأولمبية في أقرب فرصة ممكن وسوف يتم ذلك بالتنسيق المباشر مع الاتحاد الدولي للشطرنج.

ملامح صفقة القرن المنتظرة بين الزمالك وبيراميدز الزمالك ينتظم بمعسكر مغلق استعدادًا لمباريات الدوري والكأس

يشارك في منافسات البطولة الأفريقية للشطرنج للرجال والسيدات 17 دولة والمؤهلة لكأس العالم للشطرنج كل من الجزائر، المغرب، تونس، السودان، ليبيا، كوت ديفوار، الكاميرون، كينيا، مدغشقر، موريشيوس، جنوب إفريقيا، السنغال، الصومال، أوغندا، زامبيا، زيمبابوي بجانب مصر الدولة المستضيفة للحدث.

تستكمل باقي المنافسات اليوم وغدا الاثنين بداية من الساعة الساعة الخامسة مساءا حتى الحادية عشر مساءا على أن يكون حفل الختام يوم الثلاثاء المقبل الساعة السادسة مساء.

وتشارك مصر في منافسات البطولة الأفريقية بقائمة تضم 10 لاعبين بواقع 5 لاعبين و5 لاعبات وهم باسم أمين، أحمد عدلي، أدهم فوزي، ديڤيد جورج، حامد وفا، شروق وفا، شاهندة وفا، جوي روماني، جنى محمد زكي، ديمة علاء، بجانب مشاركة نحو 25 لاعب مصري في المنافسات للمنافسة على الألقاب الفردية.

مقالات مشابهة

  • العقوبات النفطية قد تقوِّض نفوذ الولايات المتحدة
  • الرئيس اللبناني: لا سلام دون انسحاب إسرائيل الكامل من أراضينا
  • تقرير بريطاني: الدبيبة خطط لتصفية الككلي ومخاوف من صراع شامل في طرابلس
  • عاجل| الرئيس السيسي: موقف مصر ثابت في دعم لبنان ويجب انسحاب إسرائيل من كل أراضيه
  • إيكونوميست: كيف فاز أحمد الشرع بسوريا؟
  • تراجع نفوذ
  • نائب رئيس الاتحاد الأفريقي للشطرنج: مصر تتزعم القارة في اللعبة
  • الدبيبة يقطع وعدا لليبيين بشأن "نفوذ الميليشيات"
  • ليبيا .. الدبيبة يتوعد بإنهاء نفوذ الميليشيات في طرابلس
  • الرئيس السيسي: يجب انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني واحترام سيادتها على أراضيها