النهار أونلاين:
2025-10-15@07:53:18 GMT

لأنني لا أتكلم ظنوا أنني لا أحس فتمادوا

تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT

لأنني لا أتكلم ظنوا أنني لا أحس فتمادوا

كيف السّلاك مع صمت سيقودني للهلاك؟
سيدتي من المؤسف أن أقف اليوم من خلال هذا المنبر وأنا أسوق لك قصتي المؤسفة التي أريد أن أجد لها حلا. حلا يريحني ويريح من حولي فلست أقوى على التحمل أكثر ولست أجرأ حتى على التحامل. على نفسي بالقدر الذي سيبقيني ضحية بين أناس إستباحوا الدّوس على كرامتي والعبث بطيبتي فقط لأنني جد متساهلة ومتسامحة.


صدقيني سيدتي، ليس لكلمة “لا” مكان في قاموسي، فأنا لا أرفض لأي كان طلبا وأيسّر للمعسرين أمورهم. سواءا أكان ذلك في البيت أم مع زملائي في العمل وحتى أصدقائي. ولم أحتسب يوما سوى العوض من الله . لكن مع مرور الوقت سيدتي. وجدت الناس من معارفي ومن هم أولى بأن يلتمسوا لي الأعذار ويجعلون لي بينهم مكانة طيبة يقررون في مكاني ما يناسبهم ويروق لهم مني من دون مشاورتي حتى إدراكا منهم أنني لن أرفض. لم تعد لي بين ليلة وضحاها سيدتي أحلام أو طموحات، فحتى البسيط مما اريد القيام به بات صعب المنال.
حسرتي كبيرة على نفسي سيدتي، فكيف لمن أوقدت لهم أصابعي العشرة نورا يرمونني بالتجاهل والصد. وكأن حقي في الإختيار متوقف أو ملغى تماما. إنهم يدركون تمام الإدراك من أنني النبراس الذي يستضيئون به من أجل أن يحيوا.
لازلت على صمتي وأنا أرى مسار حياتي مرهون بمدى قبولي التنازلات. فرفضي يوما ما وإستيقاظي من السبات الذي سيجعلني أرفض سيكون النهاية لا محالة.
أريد حلا لما أنا فيه فالنار تأكل أحشائي وأريد أن أنتفض لنفسي فطمع الناس في طيبتي. وجميل أخلاقي ونبل صفاتي لا حدود له.
التائهة ن.فريال من الغرب الجزائري.

الرد:

من الصعب على الإنسان عندما يقف موقف محاسبة الذات أن يجد أنه إستثمر الكثير. من دون أن يكون له من عائد أو فائدة تخدمه أو تناسبه.
ولعلها صفة مشينة تلك التي تجعل من نكن لهم الحب والإحترام يقذفوننا بسهام الغطرسة والعنجهية. دعيني في البدء أختاه أحييك على طيبتك قلبك التي تعكس حسن سريرتك. ولعلني من خلال هذا المنبر أبلغ رسالة للمتطاولين على الناس لسبب ما أو لحاجة ما أن يكفوا أذاهم على الطيبين منهم. فكل القلوب مليئة بما يكفيها، وكل الأفئدة مثقلة بالهموم وال,جاع.
من الجيد أنك كنت ولفترة ما خدومة متساهلة، لكن كان عليك كبح جماح هذا العطاء. الذي لم تقرنيه بحقك في الأخذ لدرجة بتّ فيها غبية في نظر من حولك، والدليل أنهم لازالوا ينهلون منك وكأنك بحر عميق لا تنضب مياهه.
ليس الأمر بالصعب، لكنه يحتاج قرارا نهائيا قطعيا منك أن تعلني التمرد لذاتك المهدورة. فأنت إنسان ذو كيان ولك الحق في أن تنعمي بفرص وتنازلات الناس مثلما فعلته أنت وكنت عنوانا له دائما.
توقعي السيء من ردات الفعل، فالجميع سيتجهم ويرفض في أن يكون لك رأي مخالف لا يخدمهم والأكثرية سيعلنون فك. رابطة الصداقة أو العلاقة معك، فلا تكترثي وأمضي قدما نحو إرساء نفسيتك المعطاءة على بر الأمان.
لست أختاه مجبرة أن تكوني الشّمعة المتقدة التي تضيء سبل الحيارى. فما أنت فيه من حيرة لن تكفيه شموع العالم لتجدي لما أنت فيه من حسرة وندم مخرجا. ليس العيب أن نرفض ما لا يخدمنا ولا يهمنا، لأن العيب هو الإسترسال في عطاء لدى أناس لا يشعرون، لا يفهمون وخاصة لا يقدرون ولهم بالمثل راضون.

ردت: “ب.س”

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

المصدر: النهار أونلاين

إقرأ أيضاً:

حين يتكلم الجاهل ويسكت الحكيم

 

 

حمود البطاشي

في إحدى القرى الهادئة التي كانت تُعرف بتكاتف أهلها وحبهم للعمل الجماعي، نشأ مجتمعٌ صغير تسوده البساطة ويغمره الأمل. كان الناس فيها يختلفون في الرأي، لكنهم يتفقون على محبة المكان والحرص على مصلحته. ومع مرور الأيام، تغيّر الحال، وبدأت الوجوه الجديدة تتصدر المشهد، وجوه لم تعرف معنى المسؤولية، ولا تحمل سوى حب الظهور والرغبة في التحكم بمصائر الآخرين.

كان “العم سالم” أحد كبار القرية، رجلًا حكيمًا تجاوز السبعين من عمره، عرفته الأجيال بأمانته وصدقه وحرصه على الصالح العام. عاش عمره بين الناس بالحق، لا يجامل أحدًا، ولا يسعى لمصلحة شخصية. كلما واجهت القرية أزمة، كان صوته حاضرًا، وكلمته تُحترم. لكن الزمن تغيّر، وبدأت فئة من الشباب- الذين لم يُختبروا بعد في المواقف الصعبة- تتصدر المجالس والقرارات، متذرعين بأنهم "جيل جديد" يعرف أكثر مما يعرف "الكبار".

ذات يوم، اجتمع أهل القرية لبحث موضوعٍ مهم: بناء ملعب عام للشباب. كانت الفكرة في ظاهرها جميلة، لكنها وُضعت في موقع خاطئ، وسط الأحياء السكنية وقريبًا من الجامع. لم يكن الموقع مناسبًا، وأدرك العم سالم ومن معه من العقلاء أن ذلك سيجلب الضرر للناس، لكن أصواتهم خُنقت وسط ضجيج من لا يفقهون.

قال أحدهم بصوتٍ مرتفع:

- أنتم جيل الماضي، لا تفهمون حاجات الشباب، نحن نعرف أين نبني وماذا نفعل!

ابتسم العم سالم بهدوء وقال:

- يا ولدي، نحن لا نمنع الخير، بل نحاول أن نضعه في مكانه الصحيح، فالمكان الخطأ يُحوِّل الخير إلى ضرر.

لكنهم لم يصغوا، فقد غلب عليهم العناد والرغبة في إثبات الذات.

مرّت الشهور، واكتمل بناء الملعب في المكان الذي أصرّوا عليه. لم تمضِ أيام حتى بدأت الشكاوى تتوالى: ضجيج في الليالي، سيارات تقف أمام البيوت، أطفال لا يستطيعون النوم، ومصلون يتذمرون من الأصوات المزعجة أثناء الصلاة. حينها، بدأ البعض يدرك أن صوت الحكمة الذي سُكت عنه لم يكن عبثًا، وأن من ظنّوا أنهم "جهلة قدامى" كانوا أكثر فهمًا وحرصًا.

اجتمعوا مرة أخرى، وهذه المرة كان الوجوم يملأ الوجوه.

تحدث أحد أولئك المتحمسين قائلًا بخجل:

-  يا عم سالم، يبدو أنك كنت على حق، لكننا ظننا أنك تعرقل المشروع.

أجابه سالم بنبرةٍ أبويةٍ هادئة:

- لا يهم من كان على حق، المهم أن نتعلم. المشكلة ليست في الخطأ، بل في الإصرار عليه.

ومنذ ذلك اليوم، تغيّر بعض أهل القرية، وأدركوا أن التسرّع في اتخاذ القرارات دون استشارة أهل الخبرة يُدمّر أكثر مما يُصلح. لكن، بقي هناك من لا يتعلم، يظن أن الصوت العالي دليل قوة، وأن كثرة الكلام تعني الحكمة. وهؤلاء هم سبب فوضى المجتمعات في هذا الزمان.

فالجاهل اليوم لا يحمل سيفًا، بل لسانًا يتحدث في كل شأن، يوزّع الأوامر والنواهي كأنه وصيٌّ على الناس. بينما أصحاب الفكر والرأي الصائب يلوذون بالصمت، لأنهم سئموا الجدال في زمنٍ لم يعد يُقدّر الكلمة الصادقة ولا يُنصت للعقلاء.

انتهت القصة، لكنّها في الواقع لم تنتهِ… فهي تتكرر في كل مكان.

في كل حيٍّ، وفي كل دائرة، وفي كل مجلسٍ تُهمَّش فيه العقول الناضجة، ويتصدر فيه أصحاب المظاهر والضجيج.

لقد قال العم سالم يومًا:

"حين يسكت العاقل خوفًا من الجاهل، تتحول الفوضى إلى قانون، والباطل إلى عادة.

ولذلك، سيبقى المجتمع في حاجةٍ إلى من يتكلم بالعقل، لا بالصوت العالي، إلى من يعمل بصمتٍ من أجل المصلحة العامة، لا من أجل صورته أمام الناس.

فما أكثر المتحدثين، وما أقل من يفهمون!

مقالات مشابهة

  • ربنا يكفينا شره.. خالد الجندي: احذروا من الجاهل الذي لا يعلم أنه جاهل
  • الحوكمة والرقمنة وتحقق العدالة الاجتماعية
  • عتاب صديق!
  • ترامب: لا أعتقد أنني سأدخل الجنة
  • ترامب: لا أعتقد أنني سأدخل الجنة.. نائبة بالكنيست الإسرائيلي: الرئيس الأمريكي يبيع شعبنا الوهم!
  • احذر من جاهل حفظ سطرين وفقير جمع قرشين
  • ترامب: لا أعتقد أنني سأدخل الجنة ولكنني أنقذت حياة كثيرين من الهلاك
  • دراسة: معظم الناس يواجهون صعوبة في التفريق بين الأصوات البشرية وتلك التي يولدها الذكاء الاصطناعي
  • شوبير يرد على منتقدي حسام حسن
  • حين يتكلم الجاهل ويسكت الحكيم