قوة العالم العربي الناعمة في تراثه غير المادي
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
ينظر العالم إلى الشرق بوصفه كنزا من كنوز الحضارة الإنسانية.. كنز مليء بالأسرار ولكنه في الوقت نفسه مليء بمفردات التراث المادي وغير المادي. وإذا كانت الدول العربية قد اهتمت منذ وقت مبكر بالتراث المادي فإن التراث غير المادي لم تنتبه له بعضها، ولذلك ضاع الكثير منه عبر رحلة التحديث في هذه الدول والانتقال من طور إلى آخر.
وصدر أمس «إعلان مسقط» ليدق ناقوس الخطر حول الأخطار التي تحيط بالتراث العربي غير المادي وأهمية العمل الجاد من أجل صونه والحفاظ عليه.
ودعا إعلان مسقط إلى أهمية اعتماد استراتيجية عربية استرشادية لصون التراث غير المادي والحفاظ عليه بوصفه كنزا لا يقدر بثمن.
والتراث غير المادي هو شريان الحياة للثقافة ليس في العالم العربي فقط ولكنه في جميع بلدان العالم، وهو مظهر من مظاهر القوة الناعمة لدى دول العالم التي تقدر هذا الكنز الثقافي.. وهذا النوع من التراث يشكل معلما مهما من معالم الهُوية العربية التي توفر شعورا عميقا بالانتماء.. إنه باختصار شديد عصارة آلاف السنين من الإنتاج الثقافي للإنسان في العالم العربي.
ولا شك أن العالم العربي، الذي يُحتفل غالبًا بتاريخه الغني وعجائبه المعمارية العظيمة، يتمتع بتراث غير ملموس يتمثل في الموروث الغنائي والشعري والعادات والتقاليد والفنون الشعبية وفي الخطوات المعقدة للرقصات الشعبية، وفي المجالس الجماعية لرواية القصص والأخبار وفن الخط العربي وتقاليد القبائل البدوية، وهذه المظاهر كلها أو جلها مهددة بالكثير من الأخطار إذا لم يتم صونها والاعتناء بها خاصة في ظل التحديث الذي تشهده الدول العربية وما أثرت به العولمة الثقافية على هذه الدول.
وإذا كان بعض الشباب العربي اليوم على دراية، ولو كانت ضيقة، بالتراث العربي غير المادي فإن الأجيال القادمة أو الناشئة ستكون غائبة عن هذا التراث ناهيك عن قدرتها على نقله للأجيال القادمة. ومن هذا المنطلق تأتي أهمية بناء استراتيجية عربية لصون هذا التراث والحفاظ عليه.
إن الوتيرة المتسارعة للعصر الرقمي، رغم أنها تجلب العديد من الفوائد، فإنها تهدد أيضًا بإضعاف أو محو الممارسات التي تحدد الهوية العربية، ولذلك فإن إعلان مسقط يمكن النظر إليه اليوم أو بعد سنوات طويلة؛ بوصفه حدثا تاريخيا مهما بالنسبة لحماية التراث العربي غير المادي.
لكن لا بد من التأكيد على أمر مهم في هذا السياق، فالدعوة للحفاظ على التراث غير المادي لا تعني تجميد الثقافة ومحاصرتها بالمفردات التراثية، بل السماح لها بالتنفس والتطور والتكيف مع البقاء متجذرة في جوهرها.
ومن الممكن أن تضمن الأرشفة الرقمية، والمبادرات التعليمية، والتعاون مع المجتمعات المحلية في بقاء التراث غير المادي وحفظه وتناقله عبر الأجيال، بل وتطويره ليكون قادرا على الظهور بلباس حديث يتواكب مع معطيات المرحلة ومتطلباتها.
إن المرحلة التي تشهد الكثير من التغريب لحظة مهمة لتنظر فيها الدول العربية إلى ثرواتها الثقافية غير المادية وتستخدمها بوصفها قوة ناعمة من قواها الساحرة.. فالأغاني والقصص والرقصات والتقاليد ليست مجرد آثار من الماضي، ولكنها جسور إلى مستقبل تظل فيه الثقافة والهوية والتراث وحدة متماسكة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التراث غیر المادی العالم العربی
إقرأ أيضاً:
الجامعة العربية تؤكد دعمها الثابت لوكالة الأونروا
أكد الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة السفير الدكتور سعيد أبو علي، أن الجامعة العربية ستظل ثابتة في دعمها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، مطالبًا المجتمع الدولي بأن يتخذ إجراءات فورية وحاسمة ضد قانون حظر عملها، لحماية الوكالة وتجديد التفويض الدولي لها لمواصلة دورها الإنساني والسياسي كعنوان وشاهد على قضية اللاجئين.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها السفير أبو علي خلال الاجتماع المشترك بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي لدعم القضية الفلسطينية، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) بشأن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة، التي بدأت اليوم بمقر جامعة الدول العربية.
وجدد أبو على مطالبة جميع الدول بتحمل مسؤولياتها لوقف جريمة الإبادة الجماعية، وكل الجرائم الخطيرة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وفرض العقوبات الفعالة عليها، ووقف جميع أشكال الدعم والتعاون السياسي والعسكري المقدم إليها، بما يشمل التوقف الفوري عن عمليات بيع ونقل الأسلحة إليها، بما في ذلك تراخيص التصدير والمساعدات العسكرية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين.
وأعرب أبو علي عن تقديره البالغ لدور وجهود الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي في نصرة للشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل نيل كل حقوقه المشروعة التي تضمنها ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده وكل قراراته، وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.